المسلسل الدرامي 'تـكي' يسلط الضوء على حياة الشباب برؤية مختلفة
صُنف كأول عمل درامي سعودي على اليوتيوب، حقق أرقاماً عالية في نسب المشاهدة منذ عرض الحلقة الأولى. مسلسل «تكّي» الذي يحكي قصة شاب يحلم بأن يصبح مخرجاً سينمائياً في بلد لا يوجد فيه سينما، تدور أحداثه حول أخطاء مجموعه من الشباب وكيفية تعاملهم معها وتعلمهم منها.
وحرص مخرج العمل على جمع شخصيات جديدة لطرح قضايا مختلفة، وأحداث حقيقة موجودة في المجتمع السعودي وتحديداً في مدينة جدة.
وتختلف كل شخصية في المسلسل عن الأخرى فهي قصة تُروى بحبكة درامية، يُترك فيها للمشاهد استخلاص الرسالة في كل حلقة لا تتجاوز مدتها 10 إلى 15 دقيقة.
كما يلعب التشويق دوراً كبيراً يفتح المجال لتفاعل المشاهدين من خلال طرح الأسئلة، أو من خلال التعليقات أسفل الفيديو والتواصل مع أبطال العمل.
وعلى المدى البعيد يرى مخرج العمل وكاتبه أن الشباب قد يتعلمون من أخطاء «تكّي» ليتداركوها في الواقع. «لها» استضافت مخرج المسلسل محمد مكي وأبطاله مؤيد الثقفي ورضوان الريمي وهند الصباغ وعلي الشريف وعادل رضوان للحديث عن هذا العمل...
حرص صاحب الفكرة وكاتب العمل على تصوير مشاهد جديدة تتطلب الإخراج والحبكة الدرامية والعمل الجماعي، والبحث عن الفكرة التي تخرج باحتراف وفي الوقت نفسه تدرّ أرباحاً. فكان «تكّي» باكورة أفكاره لصنع مسلسل درامي صُورت الحلقة الأولى منه وعُرضت على اليوتيوب من خلال شركة يوتيرن للدعاية والإعلان.
لتتوالى الحلقات من بعدها، وتزداد نسبة المتابعة ويحصد هذا العمل نسبة عالية من المشاهدة في وقت قصير جداً.
محمد مكي خريج جامعة الملك عبد العزيز، درس في كلية الإدارة والاقتصاد - قسم إدارة الأعمال. مخرج أول مسلسل درامي على اليوتيوب، لا يتجاوز عمره 24 سنة.
بدأ صناعة الأفلام والتصوير منذ أن كان عمره 15 سنة، فكانت الهواية التي لازمته حتى أثناء فترة الدراسة الجامعية.
ليمتد شغفه في هذا المجال إلى تصوير الاحتفالات والأعراس وغيرها من المناسبات العائلية ومناسبات الأصدقاء. رافق مكي الكثير من المخرجين والمصورين وتعلم منهم أساسيات العمل.
لم يجد قبولاً من أهله عمله محترفاً في مجال التصوير، مقتنعين بأنها هواية لن يكون لها أي مستقبل في المجتمع السعودي، وبأن شهادة إدارة الأعمال كافية ليضمن مستقبله.
عمل مكي على انتاج أفلام قصيرة وشارك من خلالها في مهرجان الخليج السينمائي في دبي وفاز بالمركز الثالث، وبعد سنة شارك في فيلم آخر في مسابقة الشباب للأعمال التنافسية في الفن والإبداع في السعودية. وحصل على المركز الأول في مسابقات محلية.
يقول: «يتشابه جوهر قصة مسلسل «تكّي» مع قصة حياتي، وتُشبهني شخصية البطل كثيراً، وهي لشاب يحلم بأن يُصبح مخرجاً سينمائياً، وهو مُعجب بفتاة تعمل مقدمة برامج، ويكتشف لاحقاً أنها خطيبة صديقه.
وتدور الأحداث حول هذه القصة الأساسية مع بعض الإضافات من وحي الخيال، واندماج أبطال العمل في المشاهد منح المسلسل الكثير من المصداقية، فالمواقف التي تحدّث عنها المسلسل هي ما يحدث مع فئات مختلفة من الشباب في المجتمع السعودي، وبالأخص في مجتمع مدينة جدة.
استغرق التفكير في كتابة الحلقة الأولى من العمل ثمانية أشهر، وعند الانتهاء من الكتابة أجلس مع فريق لمناقشة سيناريو الحلقة، والخروج بما هو عليه المسلسل اليوم».
اختار مكي أبطال المسلسل من فئات شبابية وأعمار تتراوح بين 22 و28 سنة، لأنهم لن يطلبوا أجراً كبيراً، إضافة إلى رغبته في أن يحكي هذا العمل وجهات نظر شبابية حقيقية: «عند اختيار الشخصيات تقدمت أعداد كبيرة من الشباب والفتيات للعمل في المسلسل، وتم إطلاق إعلانات من خلال مواقع التواصل الاجتماعية والأجهزة الهاتفية.
وقع الاختيار على الممثلة خيرية أبو لبن لأني لمست إبداعها من خلال تجارب الأداء، وآمنت بموهبتها وقدرتها على التألق والتميز، أما مؤيد الثقفي فشاهدته من خلال الفيسبوك وأرسلت له رسالة أطلب منه المشاركة في المسلسل، فوافق ورحب بالفكرة كثيراً وتقدم لتجارب الأداء، وكان كما توقعته وربما أفضل فتم اختياره لتجسيد دور بطل المسلسل.
والأمر نفسه ينطبق على سائر أبطال العمل».
يعتقد مكي أن كل شخصية من شخصيات المسلسل تُجسد فئة مختلفة من فئات المجتمع السعودي، وهم يجسدون الفئة «شبه كوول، وهي التي تقع بين فئة البداوة وفئة التحضر.
وهو عمل قصصي في نهاية الأمر يقدّم العظة والعبر، يبدأ بتشكيل عقد ومشاكل تنتهي بانتهاء الموسم، أي في الحلقة الـ 15، وقد يستمر العرض مواسم مقبلة بحسب رغبة الجمهور».
وحول سبب تسمية المسلسل بهذا الاسم، قال إن هذا المصطلح متداول بين شباب مجتمع مدينة جدة، ويعني الجلوس أو الذهاب إلى مكان ما للترفيه، «هو مصطلح باللهجة العامية يتداوله شباب جدة، كأن نقول امشي نتكّي في مكان أو مجمع تجاري وما إلى ذلك».
وأضاف: «هناك صعوبات مازلنا نواجهها منذ بداية العمل إلى الوقت الحالي. على سبيل المثال فريق الإنتاج يفتقد الخبرة، فنحن هواة لم ندرس هذا المجال، والإنتاج لا يقتصر على الإخراج والتمثيل بل الأمر يتعدى ذلك إلى تشعبات كثيرة وتخصصات كثيرة تحتاج إلى فريق متكامل يعمل بطريقة احترافية عن دراسة وممارسة.
ورغم هذه الصعوبات ما زلنا نتعلم من خلال بعضنا البعض ونستفيد من خبرة بعضنا البعض وأخطائنا، وما زلنا مستمرين».
الثقفي: سنستمر ما دمنا نحقق نجاحات
مؤيد أحمد الثقفي (24 سنة) يدرس الطب وهو في مرحلة الامتياز الآن، لم يسبق له التمثيل، وكان يهوى منذ الطفولة التقرب من الميكروفون والأضواء وحب الظهور.
مارس كرة القدم، وتدرج بين الناشئين والشباب في النادي الأهلي، وعاد إلى المسرح من خلال فرقة تقدم أعمالاً للأطفال في المراكز التجارية.
دخل عالم اليوتيوب من خلال مشاركته في بعض حلقات «ع الطاير». وعرضت عليه شركة يوتيرن تقديم برنامج خاص به، ليبدأ برنامج «لا تسدد» من تقديم مؤيد الثقفي على اليوتيوب.
رسالة عن طريق الفيسبوك وصلت إلى الثقفي تطلب منه المشاركة في مسلسل «تكّي»، فوافق وتقدم لتجارب الأداء، وتم قبوله لتجسيد الشخصية الرئيسية، مالك، الشاب الذي يبحث عن فرصة في مجال السينما.
قال الثقفي: «تعرفت على أبطال العمل، وأصبح بيننا انسجام خلال وقت قصير. بدأنا التعلم بين بعضنا البعض، ونُحسّن أداءنا من خلال الحلقات.
هناك الكثير من النقد البنّاء الذي يُشجعنا كمبتدئين في التمثيل على المُضي بقوة وثقة والاستمرار في ما نقدم، أما النقد السلبي فكان يتلخص في السب والشتم ولا أدري لماذا؟ وبكل صدق لا ألتفت إلى أي نقد سلبي غير بناّء وغير متحضر. هناك بعض النقد الذي وصل من خلال مخرجين وكُتّاب، وأخذنا ملاحظاتهم في الاعتبار رغبة منا في التميّز».
وأكد وجود مواسم أخرى «ما دام المسلسل يُحقق نجاحات، وإذا شعرنا بأن موسماً من المواسم لم يحقق ما نصبو إليه سنتوقف».
وحول شخصية مالك، ذكر أنها شخصية مخرج العمل محمد مكي الذي طلب منه تقليده في كل شيء: «شخصية مالك هي شخصية مكي الذي طلب مني عند البدء بتصوير المشاهد أن أعمل على تقليده، وتلك الشخصية تختلف عن شخصيتي الحقيقية ولا تمثلني إلا بنسبة أقل من 20 في المئة».
أضاف: «هناك الكثير من الصعوبات التي واجهتنا خلال تصوير حلقات الموسم الأول، والتي تتمثل في منع بعض الجهات من التصوير فيها، كأن يُمنع التصوير في مركز شرطة إلا بتصريح خاص من وزارة الاعلام أو ما شابه.
إضافة إلى عدم تفرغنا بشكل كامل لتصوير حلقات المسلسل لأنه يتضارب مع وظائفنا وأشغالنا. والمهم أننا صوّرنا حلقات الموسم الأول بشكل كامل وهي 15 حلقة، نتمنى أن تحوز على رضا الجمهور واستحسان المجتمع في جدة».
الشريف: شعرت بالاكتئاب بعد وصف البعض أدائي بالركيك في الحلقة الأولى
علي الشريف الذي يؤدي شخصية ماجد (24 سنة) خريج إدارة أعمال، قسم المحاسبة، من كلية إدارة الأعمال (CBA) ويعمل في شركة تابعة لأرامكو. لم يسبق له التمثيل إلا في مراحل الطفولة.
اهتم بالموسيقى ووسائط الإعلام المتعددة إلا أن الأهل أشاروا عليه بدراسة المحاسبة. يعمل حالياً الى جانب الوظيفة في توزيع الموسيقى ويملك استديو في المنزل. قدم عرض أزياء لأثواب لومار، وعمل متطوعاً في تصوير الإعلانات التجارية.
عام 2010 دخل عالم التمثيل من خلال بطولة فيلم سعودي، إلا أن ميزانية الفيلم لم تسمح بإكماله.
ومن ثم عرف عن المسلسل من خلال أحد الأصدقاء، فتقدم لتجارب الأداء وتمت الموافقة عليه لتجسيد شخصية ماجد.
صوّر ماجد الحلقة الأولى من المسلسل ومن ثم أخبر عائلته، الأمر الذي أسعدهم ولم يكن هناك أي اعتراض منهم.
وحول الشخصية التي يؤديها تحدث قائلاً: «عندما عُرض عليّ الدور لم أكن أشعر بأن ماجد يُشبهني، لكن عند تصوير الحلقة رأيت أنه يُشبهني في أمور كثيرة منها العصبية مع ردود فعل طائشة نوعاً ما».
أضاف: «ماجد شاب من الطبقة الراقية، تعترض عائلته على ارتباطه بفتاة من مهنة معينة كأن تكون إعلامية أو طبيبة أو أياً من المهن المحظور الاقتراب منها، كما يعتقد بعض الأهالي، كما أن ماجد من الفئة التي تعيش صراعاً مع المجتمع حول قضايا رئيسية في حياته».
بعد الحلقة الأولى من «تكي» انتقد البعض أداءه ووصفوه بالركيك، وهذا ما أعطاه دافعاً للاستمرار «والخروج من قوقعة الخجل إلى التمثيل بصدق لتصل الرسالة المرجوة من المشهد والعمل بشكل عام».
الصباغ: بعض الأخطاء السائدة في المجتمع بدأت تتغير بفضل «تكّي»
هند الصباغ (27 سنة) تدرس علم الاجتماع، عملت في مجالات متعددة تختلف عن مجال التمثيل. ووصلت إلى هذا المجال بعد ترشيح مخرج العمل لها ورؤيتها في برنامج «شلتنا» على قناة «الآن». بدأت تصوير الحلقة الأولى للمسلسل بعد تجارب الأداء، وكان لها دور لمى، وهي ابنة خالة الإعلامية بيان، التي تؤدي دورها الممثلة خيرية أبو لبن.
لم تخبر عائلتها، وبدأت التصوير. تقول: «أجسد شخصية لمى التي تكون بمثابة حلقة الوصل بين ماجد وبيان وهي قريبتها وأيضاً تمت بصلة لماجد،وفي الوقت نفسه تعمل على نصح بيان لكنها تشعر بالغيرة منها، وتتوالى الأحداث بينهما في المسلسل».
وأضافت: «لم أتعرف على شخصية لمى من خلال السكريبت، وهي لا تُشبهني بأي شكل من الأشكال، وهناك بعض اللقطات التي استطعت تجسيد شخصيتي فيها تحت اسم شخصية لمى، فكانت بعض المشاهد تُروى من هند الحقيقية إلى لمى في المسلسل».
ذكرت الصباغ أن بعض ردود الفعل وصفتهم بالليبرالية وسوء الأدب: «تباينت الآراء بين المؤيدين والمعارضين وهي أمور طبيعية باتت تواجه أي عمل حديث، لكن ما أود أن أطلع عليه المشاهدين أن من تؤدي دور والدة بيان في المسلسل هي والدتي أنا.
فبدأ المشاهدون يستوعبون أني أقدم عملاً أحترم به العادات والتقاليد وترافقني والدتي. لكن من الأمور الايجابية هي أن الناس بدأوا يتعرفون علينا على أرض الواقع، وبعض الأخطاء التي كان المجتمع يعتقد أنها أخطاء كارثية بدأت تُصبح أموراً عادية منذ البدء بعرض حلقات المسلسل».
الريمي: شخصية بدر تشبهني
رضوان الريمي (28 سنة) بدأ التمثيل منذ الصغر من خلال اتحاد الشباب الاريتري، كون والدته اريترية، فكان الاحتكاك بينه وبين بعض الشباب من هذه الجنسية كبيراً، حتى وصل إلى منصب مسؤول الثقافة والإعلام في الإتحاد.
اكتشفت موهبته إحدى المصورات وأشارت عليه بالتمثيل في التلفزيون، فكانت مشاركته الأولى في إحدى حلقات سلسلة «الساكنات في قلوبنا» على MBC ، كما شارك في مسلسل «بيني وبينك». قال: «لم أرتح كثيراً في العمل على شاشة التلفزيون، فعدت إلى المسرح وعملت على تقديم أعمال مسرحية للأطفال.
تعرفت على محمد مكي في إحدى المناسبات، وبعد فترة اتصل بي ليخبرني عن رغبته في العمل معه في المسلسل فوافقت وتقدمت لتجارب الأداء، وتم قبولي في شخصية بدر».
شخصية بدر تمثل فئة الشباب من الفئة المتوسطة التي تبحث عن العمل، وهو غير سعودي ومقيم في السعودية، لديه مسؤوليات وحب لعائلته.
«تُشبهني شخصية بدر في المستوى المعيشي والبيئة التي أعيش فيها، ووجود شباب الحي، والبحث عن لقمة العيش ووظيفة مناسبة، وهو ما أشعرني بأن هذه الشخصية تمثلني في بعض الأمور».
أضاف: «في بداية الأمر لم أكن معتاداً على الانتقاد السلبي واتهام المجتمع لنا بشيء ليس فينا، وكنت أتساءل بيني وبين نفسي لماذا لم يُنظر إلى العمل على أنه عمل شبابي يقرأ ما بين السطور.
وبدأنا التحدث مع بعضنا البعض كأبطال للعمل للتخفيف من وطأة الانتقادات السلبية التي سرعان ما بدأت التلاشي مع عرض بقية الحلقات».
وحول تميز «تكي» عن غيره من الأعمال على يوتيوب ذكر الريمي أن «العمل يخلو من التكلف والبيروقراطية في الأداء وتعامل المخرج مع الممثلين وتمييز ممثل عن آخر كما هو متعارف عليه في الاعلام التقليدي أو في التلفزيون، ففي اليوتيوب هناك مساحات كبيرة من الحرية، إضافة إلى أبطال العمل والمخرج وهم أشخاص لم يسبق لهم التمثيل، إلا أنهم استطاعوا التمثيل وإتقان أدوارهم والخروج بأفضل النتائج».
رضوان: فكرة جديدة فتحت أبواب واسعة أمام الشباب
عادل نضال رضوان (23 سنة) يدرس في السنة الأخيرة في كلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز، لم يسبق له التمثيل قبل المشاركة في «تكّي».
اطّلع على الفرصة من خلال إعلان لتجارب الأداء، فاختير لتجسيد دور عبدالله، الشاب الذي يُمثل الطبقة المتوسطة في مجتمع جدة، «وهو إنسان بسيط عفوي وطبيعي، يبحث عن فرصة عمل، لديه مشاكل مع حافز وهي الشخصية التي تُمثل فئة كبيرة من المجتمع».
وعلّق على اختيار شخصيات جديدة للمشاركة في هذا المسلسل قائلاً: «هي فكرة جديدة تفتح أبواباً واسعة أمام شباب وفتيات يملكون موهبة ويحتاجون إلى الظهور، إضافة إلى أنها تمنح العمل الكثير من المصداقية والواقعية».
وأوضح أن هناك تواصلاً كبيراً مع الجمهور من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، «وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على نجاح العمل، فالأخطاء التي يعرضها المسلسل تصحيحها ليس شرطاً في العمل إنما من خلال البحث فيها وفي تفاصيلها أوصل إلى المشاهد الرسالة التي نريد أن نقدمها له».
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024