تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

في ليبيا التحرش اللفظي: ظاهرة مرضية تبدأ بالمجاملة... وتصل إلى الاعتداء

علي مروان

علي مروان

انتصار فتح الله

انتصار فتح الله

بسمة عبد المجيد

بسمة عبد المجيد

حليمة الفداوي

حليمة الفداوي

ردينة عامر

ردينة عامر

سكينة عبد الحكيم

سكينة عبد الحكيم

صفاء

صفاء

«خودي رقمي.. ـ ما شاء الله عليك.. ـ ربي يصون ـ تتربى في عزك يا حاجة ـ سروالك واسع زيدي ضيقي فيه ـ و..و.. الخ...». عبارات تعودنا أن نسمعها كل يوم في الشوارع، في المدارس والجامعات، في العمل، وفي سيارات الأجرة، وكل ذلك في وضح النهار وأمام الناس، تعليقات نسمعها ولا نعيرها اهتماماً، حتى التي تتضمن كلمات جارحة. ازدادت هذه الظاهرة في المجتمع الليبي أخيراً مع وجود السلاح وغياب الأمن. بعض الفتيات اللواتي تعرّضن لهذا النوع من التحرّش فضلن الصمت، أخريات رأين الأمر إطراء، والباقيات انزعجن من ألفاظ طالت سمعتهن فوصل الأمر إلى الانتقام. تعددت الكلمات، وازدادت التسميات، وتوالت الحكايات، والظاهرة واحدة: «التحرش اللفظي». «لها» التقت بعض الليبيات ضحايا هذا المرض.


انتصار فتح الله: الأمر يتكرر

تقول انتصار فتح الله (موظفة في جامعة طرابلس): «أتعرض لكثير من المضايقات بحكم مكان عملي، وأصبح الأمر يتكرر، فالشباب لا يتركون أي فتاة مهما كان عمرها إلا يتوجهون إليها بتعليقات تكون أحياناً مسيئة، ويصعب سماعها بدون الرد عليها. وبحكم الوضع الحالي الذي نعيشه من انتشار السلاح وغياب الأمن في البلاد حتى إن حاولت الذهاب لأشتكي لا أجد من يسمعني».
وتعاتب انتصار وسائل الإعلام التي يفترض أن يكون لها دور في توعية الشباب عن أخطار هذه الظاهرة على مجتمعنا، وذلك بتقديم دورات في الأخلاق الدينية، بالإضافة إلى توفير أعمال تشغل الشباب وتبعدهم عن الفراغ الذي يجعلهم يعيشون وفق هذا النمط السيّئ.


صفاء: أصبح الأمر روتينياً

من جهتها، تقول الموظفة صفاء الجنفاوي: «الأمر أصبح روتينياً في مجتمعنا، فالعبارات التي يقولها المتحرش للفتاة لا تفسَّر، ويصل الأمر أحياناً إلى اللّمس. وأريد أن ألفت الانتباه إلى أن المتحرشين هم من كل الفئات العمرية وهناك من لم يبلغ 10 سنوات وهذا أمر سيئ جداً». وتضيف: «يقع اللّوم دائماً على الفتاة بحجّة ملابسها، ولكن الشباب لا يتركون أي فتاة محجبة كانت أو غير محجبة تنجو من كلماتهم».


سكينة عبد الحكيم: أحياناً لا أكترث وأحياناً أُجبر على الرد

تقول سكينة عبد الحكيم (طالبة جامعية): «السبب الأول والأخير لانتشار هذه الظاهرة هي الدولة لعدم إنشائها أماكن مخصصة للتّرفيه، هذا ما جعل معظم الشباب يمضون أوقاتهم بين المدارس والجامعات لوجود الكثير من الفتيات، مما يجعل الفتاة عرضة للمضايقات خصوصاً اللفظية».
وتتحدث سكينة عن نفسها قائلة: «أحياناً لا أكترث، وأحياناً أُجبر على الرد مما يؤدّي إلى تبادل عبارات، فيصل البعض إلى تصنيفك بأنك غير محترمة خصوصاً عندما يكون المتحرش مع أصدقائه فيشعر بأنه تعرض للإهانة أمامهم، وبأن رجولته ضاعت».


ردينة عامر:
المساومة بالمال

أما ردينة عامر وهي طالبة، فيختلف رأيها عن سكينة وتقول: «بما أنني أستقل حافلة عندما أذهب إلى الجامعة، أتعرض كثيراً للتحرّش اللّفظي، فيبدأ الأمر بمغازلة جسدي ويصل إلى المساومة بالمال. أحياناً أجد من يدافع عنّي وأحياناً أخرى لا أجد، لذلك ولكي أتجنّب المشاكل أصبحت أضع سماعتين وأستمع إلى الأغاني بدلاً من الألفاظ البذيئة».


حليمة الفداوي:
الكل يتعامل بالسلاح وبالألفاظ السيئة

تشير حليمة الفداوي (موظفة) إلى أنها لم تتعرّض للتحرش أثناء عملها، ولكن ذلك لم يمنع من أن يطالها التحرش خارج المكتب.
تقول: «عندما أكون في الأماكن العامة أتعرض للتحرّش كثيراً، خصوصاً أنني غير محجبة، وفي المجتمع اللّيبي عندما يرون امرأة غير محجبة يزداد التحرش بها». وفي السياق نفسه تقول: «أحاول أن أبقى صامتة لأن في ليبيا الكل يتعامل بالسلاح وبالألفاظ السيئة، ولو كنت في دولة أخرى لحاولت أخذ حقي».


رانيا إدريس:
الرصاصة لم تكن بعيدة

لا يختلف رأي رانيا إدريس عن رأي حليمة، فوجود السلاح مع المتحرش يجعلها تختار الصمت.
أخبرتنا رانيا عن حادثة تعرضت لها وهي أن شاباً كان يلاحقها ويريد التحدث معها لكنها لم تعره اهتماماً، فبدأ بشتمها ووصل إلى سحب مسدسه وتوجيهه صوبها، فبدأت ترتجف خوفاً منه، فالرصاصة لم تكن بعيدة عنها ولم يكن هناك أحد لمساعدتها خصوصاً في غياب الشرطة، فطلب منها أن تعطيه رقمها الخاص وبدون تردد أعطته الرقم ولم يذهب حتى تأكد أنه رقمها الصحيح، وأصبحت على تواصل معه هاتفياً إلى أن غيّرت رقمها حتى لا يلاحقها مرة أخرى.


فيعة قحمان: الظاهرة ملحوظة

حول هذا الموضوع تقول الاختصاصيّة الاجتماعيّة رفيعة قحمان: «التحرّش اللّفظي في ازدياد ويشمل كل المدارس والجامعات والشوارع والأسواق العامة. أصبحت الظاهرة ملحوظة وتتضايق منها كثير من النساء».
وعن اختيار الفتاة الصمت تقول: «كثيرات يفضلن السكوت عن التحرش، لعدم وجود جهة أمنية تحاسب المتحرّشين. بالإضافة إلى أن هناك بعض الفتيات يخفن إخبار أهلهنّ بذلك لأنهم سيجبرونهن على البقاء في البيت، وفي بعض الأحيان تفضل الفتاة الاعتراف لصديقاتها أو الذهاب إلى اختصاصيّة اجتماعيّة لتروي لها ما حدث».


بسمة عبد المجيد: بعض الفتيات يعرضن مفاتنهن

ترى الاختصاصيّة النفسيّة بسمة عبد المجيد الرويمي، أن «الظاهرة ازدادت بنسبة 85 في المئة نتيجة الضغوط التي يتعرّض لها الشاب الليبي، منها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إضافة إلى الانترنت خصوصاً الفيسبوك الذي أفسد الشباب. وللفتيات دور في زيادة التحرش فهناك من يعرضن مفاتنهن للشباب، ليصبحن عرضة للسخرية. لا بد من مراقبة الشباب من جهة الأهل أولاً والدولة ثانياً، وحتى الإعلام له دور كبير في توجيهنا لاستخدام التكنولوجيا بطريقة صحيحة».


علي مروان: التحرّش اللّفظي جرم في القانون

ومن الجهة القانونية يقول المحامي علي مروان إن التحرش اللفظي هو صورة من الاعتداء اللفظي وقد يصنّف جرماً، إذ ان القانون يجرّم الاعتداء اللفظي وهناك نصوص قانونية تتعلق بجرائم السب التي جعل لها القانون عقوبة السجن نتيجة ارتكاب هذه الأفعال. وأضاف: «قد يكون التحرّش اللّفظي بتوجيه عبارات السّب للشّخص مباشرة، وقد يكون عبر إحدى وسائل الاتصال. وبالتالي فالسّب يُصنَّف جرماً في القانون لأنّه يعتبر أنه يجب ألّا يُحط من قيمة الانسان».
وأشار إلى أن المشكلة التي تواجهها ليبيا تتمثّل في الجهات المعنيّة التي يمكنها القبض على الشخص الذي خرق القانون، والتي لا تقوم بمهمتها لوجود اضطراب أمني في البلاد.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079