طفلي يتأتئ غنج أم مشكلة عضوية أم نفسية
«أريد ... أريد لعلعبة»، «أنا أنا أنا عطشان»... هكذا يتكلم عمر أحيانًا. في البداية عندما بدأ عمر التأتأة في الثانية
كان والداه سعيدين بكلامه وأحيانًا يجاريانه في تأتأته. ولكنه أصبح في الخامسة ولا يزال يتكلّم في بعض الأحيان بهذه الطريقة، واللافت أنه حين يغني أو يلعب مع أصدقائه لا يتأتئ.
فلماذا يتأتئ عمر؟ وهل الغنج هو سبب التأتأة؟ وماذا يجدر بالأهل القيام به لتخليص طفلهم من التأتأة؟
لها التقت الإختصاصية في علم نفس الطفل فرح تميم التي أجابت عن هذه الأسئلة.
كيف يمكن تحديد التأتأة عند الطفل؟
التأتأة هي إضطراب في الكلام يظهر بتكرار الأصوات أو تكرار الكلمة، أو مط الأحرف، أو تقطيعها في الكلمة نفسها. فتكوّن النحو واستحضار الكلمات وتنظيم الصوت، أي خصائص اللغة السليمة ليست واضحة بعد بالنسبة إلى الطفل.
متى تظهر التأتأة عند الطفل؟
تظهر عندما يبدأ الطفل الكلام بين الثانية والرابعة. الصعوبة هي في إدراك التأتأة قبل أن تصبح عادة يصعب التخلّص منها.
ماذا يمكن أن يكون سبب التأتأة؟
قد يكون أحيانًا سببها الغنج، فكما ذكرت سابقًا عندما يبدأ الطفل الكلام يكون تركيب الجملة أو الكلمة غير صحيح، فأحيانًا عندما يريد أن يعبّر عن شيء ما يبحث عن الكلمة ربما بصوت عالٍ ويكون الأمر مضحكًا للأهل.
فمن دون أن تشعر تقلّد الأم طفلها عندما يتحدث إليها، مثلاً عندما يقول « أريد أريد ماء» ترد عليها « تتريد ماء» يظن الطفل أنه أمر جذّاب لافت، وهكذا من حيث لا تدري تعلّمه التأتأة. ولكن من جهة أخرى قد تكون التأتأة سببها مشكلة عضوية.
ولكن التأتأة يمكن أن تكون عابرة في السنة الأولى من اكتساب الطفل اللغة أو قد تستمر خلال فترة الحضانة أو قد تبدأ في السنة الأولى المدرسية، أو قد تظهر قبل مرحلة المراهقة.
ذكرت أنها قد تظهر مع اكتساب الطفل الكلام وتكون في الغالب عابرة. ولكن لماذا تظهر عندما يصبح الطفل متمكنًا من اللغة أي الكلام؟ وإلى ماذا تشير؟
بالفعل على الأهل أن يتنبّهوا ما إذا ظهرت التأتأة فجأة، فهذا مؤشر لمشكلة يعانيها الطفل، فقد يكون تلقى صدمة، مثلاً رأى حدثًا مروعًا أمامه أو فقد أحدهم أو يخاف من المعلمة أو يتعرّض للتنمر Bullying في المدرسة أو ربما يشعر بالخوف.
فالظهور المفاجئ للتأتأة يشير إلى أمور عدة وما على الأهل سوى التحقق من الأمر. ولكن أحياناً، يكون الأمر بسيطًا جدًا فقد يكون الطفل يقلد زميلاً له في المدرسة، أو يقلّد أخاه الصغير الذي يجذب الأنظار.
ماذا على الأهل أن يفعلوا؟
في كل الأحوال على الأهل أن يعرفوا السبب الرئيسي الذي يدفع طفلهم للتأتأة. في بداية اكتسابه الكلام عليهم تصحيح تأتأته بإعادة ما يقول بشكل صحيح، فبدل أن تقلد الأم طفلها عندما يقول لها «بدبدبدي ماء» عليها أن تقول « تريد ماء؟».
هكذا يتنبّه الطفل إلى خطأه في الكلام. أما إذا استمر في التأتأة ولم يتمكّن الطفل التخلّص منها فبدل الإستهزاء به أو تأنيبه، على الأم استشارة اختصاصي في تقويم اللغة لأنه الوحيد المخوّل تصحيح نطقه.
أما إذا ظهرت التأتأة في سن متأخرة أي في الخامسة أو قبل مرحلة المراهقة، فهذا مؤشر لاضطراب نفسي.
كيف تعالَج مشكلة التأتأة؟
العلاج يكون بتدخل طبيب الأطفال وإختصاصي تقويم النطق وقد يحتاج إلى اختصاصي علم نفس الطفل. طبيب الأطفال يتحقق مما إذا كان هناك عامل وراثي ويقدّر ما إذا كان له انعكاس نفسي على الطفل.
وإعادة تقويم الكلام تكون من عمل إختصاصي تقويم النطق. والإختصاصي النفسي يتدخل إذا أدت التأتأة إلى اضطراب في سلوك الطفل. وفي كل الأحوال من المفضل أن يتجنب الأهل الضغط في شأن لغة الطفل فالقلق يزيد حدة التأتأة.
وعليهم أن يبادروا إلى مساعدته عن طريق التحدث إليه ببطء وبطريقة سهلة، وإعطائه وقتًا للتكلم دون التذمر.
ولكن من الملاحظ أن الطفل لا يتأتئ عندما يقرأ أو يتلو شعرًا أو ينشد أغنية؟
بالفعل، لأن التأتأة تظهر عند المحادثة فقط مما يشير إلى أن الطفل اعتاد التحدث بهذه الطريقة.
هل التأتأة تشير إلى معدّل ذكاء الطفل؟
بالتأكيد لا، فالطفل الذي يتأتئ مشكلته في النطق لا في معدّل ذكائه.
ماذا يحدث إذا لم تعالج مشكلة التأتأة عند الطفل؟
قد يؤدي إهمال هذه المشكلة إلى اضطرب نفسي، خصوصًا إذا تعرّض الطفل إلى تهكّم الآخرين ولا سيما في المدرسة مثل زملاء الصف أو المعلّمة، فقد ينطوي على نفسه ويفقد ثقته بنفسه، وقد يتراجع أداؤه المدرسي، فهو مثلاً في الصف يتجنب السؤال إذا لم يفهم شرح المعلّمة لأنه يخشى تهكم رفاقه أو نفاد صبر المعلّمة لأنه يأخذ وقتًا ليطرح السؤال.
ما الإرشادات التي على الأهل اتباعها أثناء العلاج التخلص من التأتأة؟
يجدر أن يكون هناك تعاون بين اختصاصي تقويم النطق والأهل والمدرسة
في المنزل: خفض الواجبات في شكل موقت. قد تكون الأم غير متطلبة ولكن الطفل راهنًا يحتاج إلى خفض حدة الضغط الذي يمارس عليه، ضغط الوقت والسلوك والمواقف العاطفية مثل فراق من يحب أو المنافسة بينه وبين أخيه، بأن تكون أقل تواترًا. كما عليها ألا تجاريه في التأتأة لأن تصبح وسيلة للفت الأنظار.
في المدرسة: على الأم التحدث إلى المعلمة حول مشكلة ابنها وعن العلاج النطقي الذي يخضع له، فربما كان تصرف الطفل في الصف مختلفًا عما هو في المنزل، وعليها التحدث إلى الشخص الذي يتواصل مع طفلها طوال النهار المدرسي، فهو يساعدها في توضيح بعض الصعاب التي يواجهها حاليًا. ومن الضروري ألا تشعر الأم بالخجل من ذلك.
ماذا تعرفين عن التأتأة
- التأتأة اضطراب يصيب ثلاثة صبيان مقابل بنت واحدة
- التأتأة لا علاقة لها بمستوى الذكاء.
- يمكن أن تبدأ التأتأة لحظة اكتساب اللغة من سن السنتين ونصف السنة، ويمكن أن تكون عابرة أو تستمر خلال مرحلة الحضانة، أو قد تبدأ في السنة الأولى الإبتدائية أو قبل بدء مرحلة المراهقة.
- لا يعرف الشخص كيف يتأتئ، بل يصبح متأتئاً.
- لا تتعزز التأتأة إلا إذا كانت ردود فعل الطفل والمحيطين بها تساهم في تفاقمها. كأن يجدها الطفل تجذب إليه الإنتباه حين يجاريه والداه في التأتأة.
- قد يكون سببها صعوبة في اكتساب اللغة.
- كلما عالج الأهل المشكلة مبكرًا ساهموا في اختفائها بسرعة.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024