تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

أريج خضور: غياب نجوم وفنانين عن سورية فرصة كبيرة لوجوه جديدة

أريج خضور فنانة، تملك موهبة أصيلة وطاقات إبداعية كبيرة، سعت من خلال الشخصيات التي قدمتها إلى التنويع وعدم التقوقع ضمن إطار معين، فبرزت كنجمة تمسك بأدواتها التعبيرية وتسجل حضوراً مؤثراً.
واستطاعت عبر أدوارها أنسنة الكلمات بشفافية عالية وبث الحياة فيها، فانسلت من خلال ما قدمت من شخصيات إلى قلوب المشاهدين وعقولهم... معها كان هذا اللقاء:


- ما الذي امتلكته شخصية سوسن التي أديتها في «حائرات» من سمات لجذب المشاهد إليها؟
هناك سمة الانسانية ومحاولة أن يمس الدور شريحة الفتيات البدينات في المجتمع وعرض معاناتهن، فهو يطرح مشكلة الكثيرات خاصة في الوطن العربي، إضافة إلى سمة الطرافة البسيطة خاصة أن البدناء عادة ما يكونون ظرفاء وقريبين من القلب، مع أن العمل لا يحتمل أن يكون طريفاً أصلاً. ولكن شخصية سوسن كانت بعيدة عن الأحداث إلى حد ما، كما أن همها انصب على الزواج، وهذا ما أغراني فيها.

- كيف تصفين العلاقة الإنسانية داخل عائلة سوسن؟ ألم يكن فيها نوع من المبالغة؟
لم يكن هناك مبالغة أبداً، فتركيبة العائلة لم استغربها وأرى أنها نموذج موجود فعلاً في حياتنا، بما فيها المشكلات بين الأب والأم والأخ الذي لا يعرف ما يريد ويتعاطف مع الأم بطريقة غريزية.
أما الأب فيبدو ذاك المتسلط الحاقد، في حين أنه يحاول تنشئة أولاده كما نشأ هو. وهناك الأخ الذي يعمل على تهدئة النفوس، أضف أن طريقة الزواج التي تزوجت بها سوسن موجودة في مجتمعنا كثيراً.

- إلى أي مدى عبّرت من خلال الأعمال الاجتماعية المعاصرة التي شاركت فيها عن مشكلات بنات جيلك وهمومهنّ؟
أعتقد أنني عبرت عنهن بدرجة كبيرة، فعلى سبيل المثال هناك فتاة بدينة تحدثت معي وهي تبكي قائلة إن هناك مشاهد قدمتها في «حائرات» مستها بشكل كبير وأثرت فيها وأبكتها، الأمر الذي اعتبرته شهادة لي بأن ما أردت إيصاله قد وصل فعلاً.


الدراما والأزمة السورية

- ما مدى خصوصية الحالة المطروحة عبر شخصية ربى التي جسدتها في «الصمت» إحدى ثلاثيات «تحت سماء الوطن» التي كانت تعيش حياتين منفصلتين؟
ربى شخصية مركبة تعمل مضيفة طيران، تتعرض لمشكلة إثر نقاشها مع احدى زميلاتها فتصل الأمور بينهما إلى الضرب مما يؤدي إلى طردها، وهي نتاج طلاق أب يحاول أن يكون متوازناً مع نفسه. وتتزوّج ربى من شاب خليجي بعقد عرفي، وتصل إلى مرحلة من الاستقلالية الذاتية فلم يعد يهمها أحد وإنما تبحث عن الحب والحنان اللذين فقدتهما ما بين والدها ووالدتها، فالأم تزوجت والأب تزوج وعاشت عند خالتها.
كما نتابع علاقتها مع زوجة الأب التي أخذت شكل صداقة، وبالنتيجة هي انسانة متصالحة مع ذاتها... وكنت أفضل أن تكون مساحة وجود أكبر ليتم إلقاء الضوء أكثر على جوانب شخصيتها المتعددة.

- عديدة هي الأعمال التي تناولت موضوع الأزمة في سورية، منها ما كان مباشراً ومنها ما اكتفى بها كخلفية للحدث الدرامي الاجتماعي... كيف تقرئين واقع ما قدم خلالها؟
الأزمة هي تاريخ، بمعنى أنه يمكن تناولها بعد مرور الوقت حين تظهر نتائجها، فكثيرون عندما شاهدوا هذه الأعمال قالوا «ألا يكفي أننا نعيش الأزمة... وسنراها في المسلسلات أيضاً؟».
ولكن مسلسل «تحت سماء الوطن» ضم عبر كل ثلاثية منه تذكيراً بحب الوطن وشوارعه وتناول الأزمة بطريقة أحببتها، فلم يحكِ عن وجع فقط وإنما ذكّر بالمحبة وبإنسانيتنا وبالعلاقات العائلية.

- إلى أي مدى يتم تكريس عادات وتقاليد إنتاجية تتجه نحو «البزنس» أكثر من الابداع؟
بات المسلسل مشروعاً تجارياً لدى بعض المنتجين، وللأسف هناك من يرى في الدراما مشروعاً رابحاً من كل النواحي المادية وغيرها، وهذا ما يحدث أحياناً. وهنا لا أعمم، فهناك من يقدم أعمالاً فنية راقية ويستعين باختصاصيين.

- كيف تحصنون أنفسكم كممثلين شباب من هذا التوجه الموجود لدى البعض الذين لم يدخلوا عملية الإنتاجية بهدف فني ابداعي؟
أنا بعيدة عن الوسط، وليس لي صداقات فيه إلا صديقتان قريبتان مني، حتى أنني أصور دوري وأعود إلى حمص أو طرطوس.
ولكن أرى أنه ضمن العمل كل شخص يفرض احترامه وشخصيته، وأحياناً قد تضطر لأن تخسر أعمالاً لتحمي نفسك، وبالمقابل «أجاكر هؤلاء الاشخاص» وأظهر مدى شغلي وجهدي على الشخصية التي أقدمها بطريقة مهنية، فأنا لا أركض وراء الشكل أو الظهور بشكل جميل على الشاشة، لأن هذا الأمر بات شبه تسويق، رغم أن الدراما السورية ليست في حاجة إلى هذا الأمر، وهي الفكرة التي لم يفهمها كثيرون حتى الآن.
للأسف البعض يظهر على الشاشة ليستعرض نفسه فقط، لا بل هناك ممثلون شباب يتعاملون مع مجموعة العمل في التصوير بطريقة مخجلة بسبب غرورهم، وأرى أن هؤلاء كالفقاعات التي تنتهي بسرعة.

- ماذا عن مسلسل «أيام الدراسة» ومشكلة مشاركتك فيه؟
لم أكمل عملي في المسلسل، فحجم دوري كان عشرين مشهداً فقط، وقد بدأنا التصوير وكان الاتفاق أنه بمجرد انتهائي من مشاهدي أسافر إلى طرطوس وعندما يحين موعد استكمال تصويري يخبرونني قبل ثلاثة أيام لأستطيع الحضور، ولكن ما فعلوه أنهم اتصلوا بي وقالوا لي «غداً موعد التصوير».
ورغم محاولتي الحضور إلا أن الطريق كان مقطوعاً عندها، فلم أستطع موافاتهم وإذ بهم يصورون من دوني، وهو أمر يعبّر عن الكثير من الأمور، فقد كنت إحدى ثلاث ضرائر في المسلسل والحدث يستوجب اجتماعنا نحن الثلاث في المنزل... لم أندم على الشخصية التي قدمتها ولكني أندم على مشاركتي في العمل، وقد كان الجزء الأول منه متابَعاً من فئة المراهقين والأطفال، ثم طُرحت أفكار في الجزء الثاني لا تتناسب مع أعمارهم ومن الخطأ أن يروها، وأرى أن ما أقدموا عليه في هذا الاتجاه كان خطأً.


المنتجون وهمّ التسويق

- سبق أن قلت «إن أردنا التحرر فليكن في فكر الإنسان و ليس في إباحيته»... ما نسبة وجود النص الذي يحقق هذه المعادلة؟ وهل هي معادلة مرّضية في عملية التسويق؟
النصوص التي تحقق ذلك قليلة، ولكن هذا الكلام لا يرضي الكثير من المنتجين خاصة من يكون همهم التسويق فقط، في حين أن لدينا شركات إنتاج كثيرة تعمل بطريقة سليمة وتقدم نتائج صحيحة، فأنا ضد الإباحية في الملابس والشكل، وهنا استذكر السينما الإيرانية وكيف تقدم دور المرأة السيئة دون أن نرى شيئاً من جسمها، وفي الوقت نفسه تقنعنا.
أضف إلى ذلك أن مسلسلاتنا تعرض في شهر رمضان والتلفزيون يدخل كل مكان، وبالتالي هناك من تجرحهم بما تقدم، لذلك أنا ضده. ومن يريد تقديم مثل هذه الأعمال فليصور مسلسله ويقول إنه غير صالح للعرض في شهر رمضان!

- هل تقبلين تأدية الدور الشرير؟ وما شروطك لتأديته؟
بالطبع أؤديه لأنه يبرز الدور الخيّر، ويهمني أن تكون نتيجته انتصار الخير وأن يقدم بصيغة لا تؤدي إلى اعتياد المشاهد على الأمور الخطأ دون أن يشعر بما تقدمه هذه الأدوار.

- هل تؤدين تبرير الدور الشرير من خلال تقديمه ضمن لبوس إنساني؟
ليس هناك شرير إنساني إلا بلحظات، فعندما أظهر سبب الشر أكون قد عالجت المشكلة ونبهت الناس إلى السبب كي لا يصلوا إلى هذه النتيجة.

- هل ترفضين العمل خارج سورية ؟
ليس لدي مانع من العمل في الخارج، فالدراما السورية على مر السنين كانت تصور خارج البلد، وهو أمر ليس بجديد، ولكن أرى أن الأعمال التي صورت خارج سورية لم يكن من داعٍ لتفعل ذلك، وأقول أنه ليس هناك منطقة في دمشق إلا صورنا فيها، والأعمال تشهد على ذلك... وافتخر أنني في هذه الظروف لم أخرج من سورية، علماً أن هناك أكثر من 25 مسلسلاً صورت فيها.

- هل فرض غياب نجوم وفنانين عن سورية حالة إيجابية تجاه الفنانين الشباب ليظهروا مواهبهم؟
قدم فرصة كبيرة لوجوه جديدة كي تظهر، ولكن في الوقت نفسه قدم أشخاصاً دخلاء على الوسط، ولكن تتم غربلتهم مع الوقت، فالمشاهد ذكي، أضف إلى ذلك أن الشباب عادة ما يمنحون العمل روحاً مختلفة.

- كيف تنظرين إلى الأعمال التي صورت خارج سورية؟ هل تنعكس سلباً على الانتاج الدرامي أم تشكل حالة تكاملية معه؟
الأعمال التي صورت خارج سورية لا تشكل حالة تكاملية مع الإنتاج الدرامي السوري، ولا أراها حالة صحيحة، لا بل هي حالة أخرى، فإنتاج أي مسلسل داخل سورية يساهم في إعالة خمسين عائلة يعمل أبناؤها فيه، وبالتالي من المهم أن يحدث هذا الأمر في هذا الوقت.

- كيف تنظرين إلى مشاركة الفنان السوري في عمل عربي، خاصة إن أدى فيه شخصية غير سورية؟
انتقدت كثيراً فنانين صوروا معنا مسلسلات شامية وهم من خارج سورية وكان لديهم مشكلة في اللهجة، ولكن بما أن سورية منفتحة على الجميع وعلى مختلف الثقافات أكثر من غيرها، بات لدينا معرفة باللهجات كلها فهي ليست بغريبة علينا، وبالتالي الممثل السوري قادر على تجاوز موضوع اللهجة، كما أن الممثل بشكل عام من المفترض معرفته التحدث بلهجات أخرى، وهو جزء من الدراسة في المعهد المسرحي.


الشائعة في حياة الفنان

- أين الشائعة في حياتك؟ وكيف تتعاملين معها؟
هذه السنة قالوا إنني تزوجت وسافرت إلى أميركا! عادة لا تهمني الشائعات ولا أعيرها اهتماماً، والحمد لله أنني لم أتعرض بعد للشائعات المؤذية كشائعة الموت والحوادث.

- سبق أن قلت «أتمنى أن يكون لدينا مشروع فني شامل ينهض بالمسرح»... ما طبيعة هذا المشروع؟
هو محاولة لإحياء الطقس الذي كان موجوداً قديماً في سورية عندما كانت ترتدي العائلة أفضل ما لديها من ثياب للذهاب إلى السينما أو المسرح، فأنا أغار من تلك المرحلة وأتمنى أن يُعاد طقسها.
والمشروع الذي أتحدث عنه هو مشروع مسرحي أسبابه الظاهرية قد تكون تجارية، لكن شرطه ألا يقدم ضمنه إلا العمل الجدي والحقيقي... 

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078