'جدة التاريخية' إلى اعتراف اليونيسكو
في الأزقة القديمة، والبيوت الشاهدة على عتاقة الماضي، وأصوات الباعة التي تبحث بين ربات المنازل عن "خالة فتو" و "عمة عيشة"، لشراء حاجيات البيت، وقطع القماش، و إصلاح أدوات المطبخ، مقابل عملات نقدية استخدموها قديماً... ومع ألحان "السقا" وهو يطوف الشوارع لبيع المياه في صفيحةٍ متواضعة، وبين بائع "البليلة" والحلويات الذي يطلب من الأطفال الاقتراب لتذوق ما يبتاعونه، يبقى الصدى جواباً واحداً لكل هؤلاء. فالبيوت الخاوية والنوافذ المغلقة عنوان عريض يتحدث عن مدينة جدة التاريخية التي أثر فيها التراث على المعالم الحضارية لمدينة جدة الحديثة.
وبمساعٍ جادة، ومحاولات حثيثة لتسجيل جدة التاريخية ضمن قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو، والاعتراف بما يحمله المكان وموقعه، شهدت محافظة جدة، قبل أيام مهرجان جدة التاريخي، بـعنوان "كنا كده"، وتزامنت اقامته مع عطلة نصف السنة في المدارس، الأمر الذي ساعد في استقطاب الزوار الذين قارب عددهم المليون زائر، من مختلف الأعمار والفئات.
وتم التركيز في المهرجان على حكاية أقدم مدينة تجارية في العالم، والنقلات النوعية التي حققتها منذ ما قبل الاسلام إلى أن انضمت إلى بلاد التوحيد على يدي المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود، وما عاصرته هذه المنطقة إلى يومنا الحالي.
وما كان لافتا في المهرجان مشاركة عدد من أصحاب المهن الحرفية كالساقي، والرمّاح، وصانع السُفن، والحداد، وعُمّد الأحياء القديمة، الذين اعتدنا رؤيتهم يجلسون على "دِكّة" مكسوة بالقماش، ومرصوص عليها وسائد للراحة أثناء الجلوس، وتوضع خارج البيت مُعدة لاستقبال الضيوف، وخصوصاً الجيران، وتُستخدم عادة للزيارات الخفيفة، والتي لا تستوجب ضيافة كثيرة، فإما احتساء الشاي، أو فنجان من القهوة، كما يُستخدم المجلس للزيارات الرسمية.
وذكرت الهيئة العامة للسياحة والآثار في منطقة مكة المكرمة في بيان أن لديها مؤشرات جيدة لقبول ملف المنطقة التاريخية ضمن قائمة التراث في اليونيسكو، وأن الملف يسير على خطى قريبة من موقع مدائن صالح والدرعيّة، لافتة إلى أن الملف قُدّم في كانون الثاني (يناير) العام الماضي، واحتوى على أهم العناصر المتعلقة بالجانبين الاقتصادي والحيوي للمنطقة.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024