سيطري على مزاج طفلك المتقلّب
بدأ هاني (6 سنوات) يعلن أنه أصبح كبيرًا ويحقّ له فعل ما يحلو له، وإذا لم تنصعْ والدته لرغبته يبدأ البكاء وأحيانًا الصراخ حتى يحوز ما يريده.
والأم تقف حائرة، فقد استنفدت كل قواها وتبدأ بدورها الصراخ. فيبدو الموقف مشهد معركة بين اثنين يتنافسان على امتلاك الكلمة
الفصل إلى ماذا يشير مزاج الطفل المتقلب والمشاكس؟
إنه تعبير عن توتر حاد يشعر به الطفل. فهو لا يريد الخضوع لقرارات والديه، أو لا يقبل رفضهما، فيعبّر عن ذلك بنوبة غضب. وعمومًا يتعلق الأمر بتصرف متكرر. ونادرًا ما يوجد طفل يقوم بنوبة غضب مرة واحدة.
هل هناك سن معينة تظهر فيها نوبات الغضب؟
نوبات الغضب أو المشاكسة الفعلية تظهر بين السنة ونصف السنة والأربع سنوات، فقبل السنة لا يمكن القول إن الطفل يشاكس لأن هذا الصغير يعبّر عن حاجة أو شعور بالإنزعاج.
لذا في هذه السن يجب الإستماع إلى صرخاته على أن لديه حاجة وعلى الأم محاولة تلبيتها. بينما بدءًا من السنتين يعبّر عن رغبة بنوبة غضب ليشعر بالغبطة، ويمكن الأم تأجيلها أو رفضها.
هل نوبات الغضب والمشاكسة تصرّفات عادية؟
نعم كل الأطفال يمرّون بها، وهي مؤشر لبعض الدينامية في شخصية الطفل وإعلان جيد عن الأنا. فالطفل الذي لا يشاكس أبدًا يكون طفلاً خاضعًا لوالديه و لايعبّر عن رغباته الخاصة.
كيف يمكن التحكم في غضب الطفل في مكان عام؟
عندما يقوم الطفل بنوبة غضب في السوبرماركت، فهو يدرك تمامًا أن صراخه يحرج والدته وبالتالي يزيد حدّته ليضغط عليها. وهنا الأمر يعود إلى الأم ألا تدخل في لعبة الإبتزاز التي يمارسها، وتبرهن له أنه يزعج الآخرين بصراخه وبأنها لا تشعر بالخجل بل هو من عليه أن يخجل.
نصائح الإختصاصيين للسيطرة على نوبات غضب الطفل
1 توقّع نوبات غضبه وعرض البديل
تدرك الأم مسبقًا أن بعض المواقف تنتهي بنوبات غضب طفلها. مثلاً كل مساء يرفض الطفل التوقّف عن اللعب والذهاب إلى الفراش للنوم، أو أنه يطلب شراء الحلوى في كل مرة تصحبه والدته إلى السوبرماركت، وتنتابه نوبات الغضب إذا لم يحصل عليها. إذًا الأم تعرف ما ينتظرها، لذا عليها إزالة الأسباب فورًا وتحضير طفلها لعدم تلبية طلباته.
كأن تقول له: «بعد اللعب عليك توضيب ألعابك عند السابعة والذهاب إلى السرير». أو وضع قواعد وتطبيقها بنبرة صارمة ومقنعة في آن واحد، كأن تقول له مثلاً: «هيا سوف نذهب إلى السوق ولكن لن أشتري لك الحلوى مهما حاولت».
فبهذه الطريقة تجعل الطفل يتوقّع ما ينتظره إذا ما رغب في شيء ولم ينفّذ. من المؤكد أن سيحاول، ولكن على الأم أن تكون حازمة معه وتذكّره بأنها نبّهته.
ولكي تتجنب توتّره فالطريقة المثلى أن تعرض عليه فورًا شيء آخر: «لا لن تشتري الحلوى أعدها إلى الرف، ولكن أنت من سيختار نوع الجبن». هكذا تتمكن من إلهائه عن مطلبه الأساسي وفي الوقت نفسه تشعره بأن في إمكانه مساعدتها في التسوّق.
2 لعبة عكس الصورة
يمكن الأم التحدّث عن نفسها عندما كانت في سن طفلها مثلاً كأن تقول له: «أنا أيضًا عندما كنت طفلة كنت أغضب عندما كانت جدتك تطلب مني النزول عن الحصان الخشبي والذهاب إلى النوم، وكنت أحاول كل شيء حتى لا أذهب إلى الفراش ولكن جدتك كانت توبخّني».
يحب الطفل عمومًا أن يتحدث والداه عن طفولتهما حين كانا يرتكبان الحماقات وكيف أنهما كانا يتعرّضا مثله للتأنيب، فهذا يشعره بالطمأنينة.
3 الشرح له لماذا ترفض
عندما تنتاب الطفل نوبة الغضب على الأم أن تقف على مستوى طوله وتنظر إلى عينيه وجهًا لوجه وتتحدث إليه بهدوء بأنه لا مجال لتلبية طلبه، وفي الوقت نفسه تسويغ الأسباب.
كأن تقول الأم مثلا:» لست موافقة على أن تأكل الشوكولا الآن، لأنك ستشعر بالشبع وبالتالي لن تستطيع تناول العشاء اللذيذ الذي حضّرته»، على أن تكون مقتنعة بما تقوله، فكلما قل شعورها بالذنب كان لنبرة صوتها ونظرتها الوقع الإيجابي في الطفل، ويشعر بأن والدته لن ترضخ له.
4 إتفاق الوالدين على رأي واحد
عندما تقول الأم «لا» لا يجوز للأب أن يقول «نعم»، أو العكس. يحق للوالدين أن يختلفا في وجهة النظر ولكن لا يجوز أن يختلفا أمام الطفل، بل عليهما مناقشة إختلاف وجهتي نظرهما في ما بينهما وعلى انفراد، ولكن أمام الطفل يجب أن يبقيًا صوتًا واحدًا.
5 مساعدة الطفل على استعادة هدوئه
يحمّر وجه الطفل و يصرخ إلى حد لا يستطيع التقاط أنفاسه، وتكرار كلمة إهدأ لن تنفع. وبدل ذلك على الأم أن تحضن طفلها وتضمّه بين ذراعيها. هذا هو الحل الأمثل للإنتقال إلى الخطوة الثانية.
وقد يرفض حضنها ويحاول الابتعاد عنها ومع ذلك عليها الإستمرار في التكلم معه بهدوء، بجمل قصيرة. ومتابعة ما كانت تطلب منه كأن شيئاً لم يحدث، فهكذا تؤكد له أن لا تأثير فعلياً لصراخه وأن الأمور ستبقى كما هي.
6 تحذيره مما ينتظره وتنفيذ العقاب على أن يكون واقعيًا
إذا لم يتوقف الطفل عن الصراخ فورًا، يمكن الأم بالطبع إرساله إلى غرفته، ولكن في الوقت نفسه يمكنها أن تطلب منه الجلوس على كرسي بالقرب منها ومنعه من النهوض عنها قبل أن يهدأ.
وإذا لم يكتف فقط بالصراخ وبدأ يتدحرج على الأرض ويركل برجليه، عندها على الأم أن تؤكد له أن تصرفه غير مقبول وأنه سيعاقب، كأن تهدّده بحرمانه من شيء يحبه مثلا مشاهدة برنامجه الكرتوني المفضّل.
شرط أن تنفّذ العقاب الذي هدّدت به طفلها، ولكن في الوقت نفسه يجب أن يكون واقعيًا. مثلا لا يمكن الأم أن تهدّد طفلها بتركه وحيدًا في الشارع لأنه يتدحرج على الأرض ويصرخ، فهذا عقاب غير واقعي.
7 عدم الخضوع لمشاكسة الطفل لمجرد الحصول على الهدوء
من الطبيعي أن يثير صراخ الطفل توتر الأم واستياءها إلى درجة أنها قد تنصاع لرغبته للحصول على الهدوء والسكينة، وهذا حل غير مجدٍ، لأنه لا يضمن هدوء الطفل، فضلاً عن أنه يشعره بالتشوّش، فيسأل نفسه كيف كانت الماما ترفض وتقول لا ثم عادت وقبلت! هل لدي سلطة عليها إذا ماصرخت بشكل قوي وكافٍ؟ وإذا تأكد من شكوكه سرعان ما يعيد التجربة.
سؤال و جواب
كيف تحدّين من نوبات بكاء طفلتك
سؤال: ابنتي (5 سنوات) طفلة ذكية جداً وسلوكها جيد. والمشكلة الوحيدة أنها تصبح مزعجة حين تبدأ بنوبات البكاء. كيف يمكنني أن أمنعها من البكاء المستمر؟ دنيا- بيروت
جواب: الطريقة الوحيدة لتبعدي طفلتك عن هذه العادة هي أن تتجاهليها ولا تعيريها أي اهتمام عندما تبدأ بنوبات البكاء.
ويبدو هذا الحل سهلاً لكنه يتطلب منك الكثير من الصبر. وعندما تكون ابنتك هادئة قولي لها:» لن أسمح لك بالنحيب، هل تدركين كيف يكون صوتك حين تبكين؟» ومن ثم قلّديها.
وبعد ذلك قولي لها:» هل تعرفين كيف هو صوتك حين تتكلمين بطريقة عادية؟»، ودعيها تدرك صوتها. ومن ثم أكّدي لها أنها عندما تبدأ بالبكاء لا تستطيعين التحدث إليها، وأنك سوف تكلمينها فقط حين تستخدم صوتها العادي».
أما إذا استمرت بنوبات البكاء، فلا تلتفتي إليها ولا تنظري إليها وقولي لها:» لا أستطيع التكلم إليك» وعندما تهدأ تحدثي إليها فوراً.
ومن الطبيعي أن تختبر ابنتك طريقتك الجديدة في التعامل معها وقد تزيد نوبات البكاء كي تتأكد من قدرتك على تحملها، لذا تمسكي بموقفك حتى تنصاع للأمر.
وتوقعي منها أن تغضب ليس لأنها تريد البكاء فقط بل لأنها لا تحب الطريقة الجديدة التي تتبعينها في التعامل معها.
لذا عليك أن تكوني صبورة وحازمة ولا تترددي في اتباع أسلوبك الجديد. وتأكدي أنها سوف تغير عادتها في أقل من أسبوع عندما تعرف أن نحيبها لن يجديها نفعاً.
ابني عنيد
سؤال: ابني ( 4 سنوات) ذكي جداً أكاديمياً لكن مربية الصف تشكو دائماً من حركته المفرطة، وهو لا يخضع للأوامر فإذا طلبت منه أن يقوم بعمل معين يفعل العكس، وإذا طلبت منه أن يتوقف عن مشاغبته يبدأ بالبكاء.
وقد اقترحت علي أن أعرضه على معالج نفسي. هل أعمل بهذه النصيحة؟ أليس من الطبيعي أن يقوم الأطفال في هذا العمر بمثل هذه التصرفات؟ هو يقوم بمثلها في المنزل ولكنه يطيع الأوامر في أغلب الأحيان، وهو يغضب فقط عندما أمارس معه القوة. ما الذي تنصحيني به؟ جهاد- أبو ظبي
جواب: تعاون مع مربية الصف تعاوناً متماسكاً، لملاحظة كل تصرفاته من خلال إعداد ملف تسجلان فيه كل الأمور التي تحدث في المنزل وفي المدرسة.
متى وأين يتصرف بعدوانية ما الذي يثير هذا السلوك مثلاً. تأكد جيداً من هذه المعلومات لتفهم جيداً الهدف من سلوكه وأسبابه.
هل السبب عضوي كالشعور بالتعب أو الجوع أو مرض يؤثر على سلوكه؟ هل يشعر بالتوتر أو الضجر أو تجنب مشاركة شخص ما بنشاط معين، أو أنه يهدف إلى السيطرة؟ هل يجد صعوبة في التعبير عن مشاعره بالكلام؟ هل يريد لفت الانتباه أو يريد أن يكون وحيداً؟ هل يرفض القيام بنشاط معين؟
المعروف أن مزاج الطفل دائم التقلب. لذا يمكنك وضع برنامج آخذة بالاعتبار مزاج طفلك ونموه النفسي على أن يطبّق هذا البرنامج في البيت والمدرسة.
ولكي تتحقق استجابته لهذا الأمر يجب إيجاد عادات جديدة ومكان هادئ يتمرن فيه على تطوير قدرات جديدة كاستخدام العبارات للتعبير عن مشاعره وعن حاجاته. وفي حال عدم تجاوبه مع هذه التدابير عليك عرض الأمر على معالج نفسي تربوي.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024