تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

تجميل الأسنان: من الألف إلى الياء!

د. اّمال خوري أبي نادر

د. اّمال خوري أبي نادر

د. كارول مهنا فتال

د. كارول مهنا فتال

د. جهاد خوري

د. جهاد خوري

تبقى البسمة هي التحيّة الأولى التي يبادر بها المرء إلى التخاطب مع الآخرين، وهي ما يجمّل الوجه برمّته ويكسر الجليد ما بين إثنين. بيد أنّ البسمة الجميلة مكوّنة من عناصر أساسيّة، ألا وهي: الشفاه واللثة والأسنان، إضافة إلى الحنك. فلا يجوز إهمال عنصر وتجميل آخر للحصول على النتيجة المتكاملة المطلوبة.
من جهة أخرى، على المرء أن ينظّم أولوياته. فتجميل الأسنان لا يقتصر فقط على الشكل الجميل، وإنما يشدّد الإختصاصيون على صحّة الأسنان واللثة والفم بشكل عام، إضافة إلى الشق التجميلي. ولا بدّ من التنويه إلى أنّ تجميل الأسنان مفهوم واسع يشمل تنظيف الأسنان، تبييضها، تقويمها، تلبيسه، وحتى زرعها، حسب ما تقتضيه الحاجة.  لهذا السبب، لا بدّ من زيارة طبيب الأسنان دورياً لمنع تفاقم المشاكل الصغيرة وتحوّلها إلى ما لا تُحمد عقباه، إثر الإهمال.


في عصر النجوم هذا، يتهافت الناس على التشبّه بالمشاهير، غير آبهين بسلامة الإجراء الذي يتّخذونه. وخير مثال على ذلك، الرغبة العارمة في الحصول على الأسنان المرصوفة البيضاء، التي تشبه الأسنان في الإعلانات! لكن هذا مفهوم خاطئ عن تجميل الأسنان بشكل عام. لذلك لا بدّ من تفصيل مراحل التجميل وأقسامه، ليُدرك كلّ إنسان ما يحتاج إليه، طبعاً بعد تشخيص الطبيب المختصّ، للحصول على البسمة المثالية التي يسمّيها البعض Hollywood Smile. إنّ هذه العبارة مجرّد أداة تسويقيّة لطبّ الأسنان الحديث، الذي بات يتخطّى مجرّد العلاج، بل ويمتدّ إلى الترميم والتجميل Aesthetic & Cosmetic Dentistry. من هذا المنطلق، بات بإماكان الجميع التمتّع بالثغر الجميل والبسمة الرائعة، بمجرّد الخضوع لإحدى تقنيّات تحسين شكل الشفاه والأسنان واللثة.
تشرح الدكتورة أمل خوري أبي نادر، إختصاصية في طبّ الأسنان عن العناية باللثة والأسنان، عارضةً لمختلف التقنيات الموجودة. كما تفسّر من جهتها الدكتورة كارول مهنّا فتّال، إختصاصية  في تقويم الأسنان Orthodontist عن التشخيص السليم والمعايير التي تؤخذ بعين الإعتبار قبل المباشرة بتجميل الأسنان وتقويمها. ويتطرّق الدكتور جهاد خوري، إختصاصيّ في أمراض الأذن والأنف والحنجرة وجراحتها وجراحة الترميم والفكّ والوجه عن التعاون بين طبيب الأسنان والجرّاح التجميليّ للحصول على البسمة المثالية.


تنظيف وعناية

تقول الدكتورة خوري: «إنّ مفهوم تجميل الأسنان يتضمّن عدّة أمور يمكن القيام بها، حسب الحاجة. فمن التنظيف، إلى التبييض، إلى تقويم الأسنان، إلى الإستعانة بالComposites أي الحشوة البيضاء، إلى التلبيس، وصولاً إلى الزرع... هذه التقنيات كلّها من شأنها أن تدخل ضمن هذا الوصف».
تقول: «بدايةً، يُعتبر تنظيف الأسنان من الأمور الجوهرية التي لا بدّ من تطبيقها كلّ ستّة أشهر في العيادة. وهو كناية عن إزالة الجير والبلاك من الأسنان والتخلّص من التلوّن الناتج عن الأكل والتدخين والكافيين، إضافةً إلى القضاء على البكتيريا المترسّبة مع مرور الوقت. إنّ تراكم الحفور والجير على سطح الأسنان يؤدّي إلى تخلخلها، ما يستوجب تنظيف سطح الأسنان، والمسافات في ما بينها، إضافةً إلى اللثة وتحتها بالUltra Sound». وهذا أمر صحيّ-تجميليّ في آنٍ واحد، إذ لا بدّ من المحافظة على سلامة الأسنان ولونها الأساسيّ.
وتجدر الإشارة إلى ضرورة المحافظة على الأسنان الصحّيّة السليمة عبر التخلّص من التسوّس الذي يتآكل السنّ بعد تذويب المينا. فيجب تدارك الأمر وتنظيف التسوّس والإستعانة بالحشوة. كما قد يتمّ إستعمال الحشوة في حال وجود كسر في الأسنان لتعبئة الفراغات. وفي حالات أكثر تفاقماً، يتمّ اللجوء إلى تلبيس السنّ Crown .


مشاكل اللثة

تشدّد الدكتورة خوري على أنّ «اللثة حسّاسة  وقد تتعرّض لمختلف المشاكل مثل تراكم الجير والبلاك والبكتيريا. وفي حالات أكثر تفاقماً، تظهر الإلتهابات الدامية أو حتى الخرّاجات (قيح) الناجمة عن التسوّس العميق، مما يؤثر على سلامة الفم والجسم معاً لأنّ عواقبها مؤذية للغاية. لذلك من المهمّ التنبه لهذا الأمر أيضاً عبر تنظيف اللثة دورياً في العيادة ومن خلال التنظيف اليوميّ للأسنان في البيت، لأنها جزء أساسيّ من الفم ولا يجوز إهمالها».


تبييض

تتابع خوري: «غالباً ما تكون الخطوة التالية في التجميل هي تبييض الأسنان. ولا بدّ من الاشارة الى أنّ السنّ هو ما يحدّد مقدار اللون الأبيض الذي يمكن الوصول إليه عبر تقنيات التبييض. يمكن اللجوء إلى تقنيات داخل عيادة الطبيب، أو في المنزل. امّا في العيادة، فتتمّ الإستعانة بماكنة ليزر خاصة، وتوضع مادة خاصة على السن، ليتمّ التبييض على جلستين. بينما تلقنية المنزلية تقضي بوضع Gouttiere لمدّة معيّنة يومياً للحصول على النتيجة المطلوبة. كما يمكن دمج التقنيتين معاً، للمحافظة على اللون المطلوب». إنّ تقنيّة الليزر أسرع  وقد تتطلّب صيانة منزلية للمحافظة على اللون، فيما الطريقة الأخرى تتطلّب تعاوناً من الشخص نفسه ومواظبة على الإستعمال اليوميّ. لكنها من جهة اخرى، تساعد في الحصول على اللون المطلوب.


تجميل الأسنان

تفسّر الدكتورة خوري «إنّ إستعمال ال Composite أي الحشوة البيضاء يكون عادةً في حال وجود تسوّس او تكسّر أو إعوجاج أو فراغات بين الأسنان، مما يستدعي الإستعانة بهذه الحشوة لتجميل المنظر. وذلك بعد تحضير السنّ في عيادة طبيب الأسنان في جلسة واحدة».
تضيف « نركّب ال Composite فوق السن كواجهة، وذلك لتصحيح شكل الأسنان ولونها. يقوم الطبيب ببرد نحو 0.5-1  مللمتر من السن بغية التمكّن من لصق الواجهة المكوّنة من مادة البورسولين الرقيقة التي لا يتغيّر لونها. قد تكون الواجهة المركّبة على عدد متوازٍ من الأسنان الأمامية للحصول على الضحكة الجميلة، عبر جلستين أو ثلاث على الأكثر». وتجدر الإشارة إلى أنّ مختلف هذه التقنيات تحتاج إلى دراسة وأخذ قياسات دقيقة للسن واللثة والحنك. كما ينصح الأطبّاء بعدم برد الأسنان كثيراً، خاصةً في عمر يافع، تخوّفاً من مشاكل لاحقة مع التقدّم في السن.
من جهة أخرى، نستعمل Veneers، وهي طبقة رقيقة من البورسلين توضع على الأسنان، وهي تقنيّة مبتكرة تعطي المظهر الجميل، مظهر الأسنان الطبيعية، دون الحاجة إلى إجراءات مؤلمة أو إستعانة بالمثقب أو حتى إستعمال التخدير.
يُستخدم الVeneers لترميم سنّ واحدة أو لأسنان متعدّدة لخلق Hollywood Makeover.
تُستعمل هذه التقنية في حالات عدّة أبرزها:

- تصحيح التباعد غير المنتظم بين الأسنان.

- إطالة الأسنان القصيرة.

- تقويم الأسنان البشعة.

- معالجة الأسنان التي تغيّر لونها بعد قطع العصب أو بسبب تناول الTetracycline.

يتمّ ذلك من دون حفر أو حقن إبر. وقد تحلّ مكان التلبيس وتتمّ خلال زيارتين لعيادة طبيب الأسنان».
ترى الدكتورة خوري أنّ «أولويّة طبيب الأسنان هي ضمان صحّة السنّ، والحفاظ على وظيفته، ومن ثمّ الإهتمام بتجميل الضحكة، فيما يفضّل الناس إيلاء التجميل الأولوية على حساب الصحّة وحتى الوظيفة!». وقد أثبتت مختلف الدراسات وجود علاقة ما بين سلامة الأسنان ومختلف الأمراض التي قد تصيب الجسم، من داء سكّري وإلتهابات وسواها... ومن هذا المنطلق، لم يعد طبّ الأسنان فناً، بل أصبح شقاً طبياً علمياً قائماً بحدّ ذاته.


متى التجميل؟

يجب الفصل ما بين Aesthetic Dentistry و Cosmetic Dentistry، إذ تقوم الأولى على ترميم سنّ مكسورة أو تقويم أسنان أو رفع لثّة وما شابه، لسبب صحّي خلقيّ تجميليّ. بيما تعمل الثانية على التجميل البحت حسب رغبة الشخص، من دون وجود داعٍ طبّي!
تؤكّد الدكتورة خوري «نحن ننصح الناس بتجميل الأسنان تبعاً لمعايير خاصة، مثل وجود عدد من الأسنان المرمّمة بحشوات قديمة، أو وجود تسوسات، أو وجود تلوّنات وبقع لا تزول، أو المعاناة من إعوجاج في الأسنان... وهذا يستدعي اللجوء إلى التجميل للتحسين الصحّي والجماليّ والنفسي».
إنّ الإهتمام بالضحكة ومنطقة الفم ككلّ له تأثير هائل على حياة الإنسان، كونه ينعكس إيجاباً على النفسيّة والمعنويّات، ويتيح للإنسان فرصة الثقة بالنفس، ليخوض علاقات شخصية وإجتماعية وعمليّة. والإهتمام بالضحكة يتوزّع ما بين الأسنان واللثة والشفاه والحنك.


تقويم الأسنان

تقول الدكتورة مهنّا: «تقويم الأسنان متفرّع ويشمل عدّة تقنيّات تمكّن الشخص من الحصول على أسنان مرصوفة طبيعياً، بعيداً عن الضحكة المصطنعة. إنّ هذا الشقّ من طبّ الأسنان     Orthodontics   لا يجمّل الأسنان فحسب، بل يُعنى بموقعها داخل الفم، لتكون متناسقة بعضها مع بعض ومع الفك الذي ترتكز عليه، إضافةً إلى تناسقها مع شكل الوجه وتكاوينه. يتمّ العمل على الأسنان، على الفكيين العلوي والسفليّ كلّ على حدا، وعليهما سويّة  لتصليح وظيفة العضّة وتحسين المنظر».
تتابع الدكتور مهنّا: «إنّ أبرز ما يزعج الناس بغية التوجّه عند طبيب تقويم الأسنان هي مشكلات ثلاث: أسنان بارزة إلى الأمام، لثّة ظاهرة وتراكب في الأسنان . بالنسبة إلى المشكلة الأولى، فإنّ الأهمّ يكمن في إجراء التشخيص المناسب للحالة، بين بروز الفك العلويّ أو تراجع الفك السفلي. وعلى أساسه، يتمّ العلاج بواسطة جهاز تقويم ثابت على الأسنان Braces، مع إمكان خلع لعدد منها أو إستعمال أجهزة شدّ خارجة عن الفك Head Gear. وأمّا بالنسبة إلى اللثة الظاهرة Gummy Smile، فتتم دراسة هذه الحالات لمعرفة ما إذا كانت سوف تتطلّب جراحة تجميلية للفك أو للشفة أو من خلال جهاز تقويم ثابت للأسنان. يتمّ عندها التصحيح من خلال إستعمال براغٍ خاصة Miniscrews للشدّ على جهاز التقويم عمودياً وذلك لغرز الأسنان العلوية وفقاً لمستوى البسمة. وهي حال تراكب الأسنان، يتمّ العلاج من خلال خلق مكان لرصفها، وذلك عبر قلع عدد منها في بعض الحالات.
تؤكّد الدكتورة مهنا: «عندما تكون اللثة سليمة ، يمكن العمل بتقويم الأسنان عند البالغين، كما هي الحالة عند المراهقين. أمّا إذا كانت المشكلة في الفك، فتكون طرق العلاج مختلفة، إذ لا يمكن الإستفادة من عامل النمو. ومن هنا، يمكن الإتجاه في بعض الحالات المعقّدة إلى جراحة تجميلية للفكّيّن». تتطلّب العلاجات التقويمية ما بين سنة ونصف إلى سنتين في الحالات العادية.


طبّ تجميليّ

يرى الدكتور جهاد خوري أنّ «البسمة المثالية هي تلك التي تكون فيها الشفة العلوية على حدود اللثة فتخبئها، وتكون الشفة السفلية Curved أي مقوّسة».
يقول الدكتور خوري: «قد يعاني البعض من مشكلة الGummy Smile حيث تكون اللثة بارزةً، أو على العكس قد تكون المشكلة هي الشفة التي تخبئ الأسنان.» في حالة الGummy smile، يمكن الإستعانة بحقن البوتوكس على الشفة العلوية ليرتخي العضل ويُشلّ وتنزل الشفة بالتالي لتغطية اللثة الظاهرة. يدوم هذا الإجراء من 4 إلى 6 أشهر، إلاّ أنه قد يؤثر سلباً عند بعض الناس لأنه يعيق القدرة على الصفير او «الشرق» أي سحب الهواء إلى الداخل كعملية التدخين مثلاً.». يضيف الدكتور خوري: «من جهة أخرى، يمكن اللجوء إلى القيام بجراحة V ثم Y. أي يتمّ القصّ بطريقة الV ومن ثمّ التقطيب بالY لإطالة الشفة مللمتر أو إثنين.» أمّا عندما تكون مشكلة اللثة الظاهرة «قويّة» أي انها تفوق ال5 مللمتر، فيجب الخضوع لعملية جراحية للفك العلويّ، لإزالة العظم الزائد من الفك وإعادة الفك إلى مكانه بعدها. يتابع «أمّا مشكلة الشفة التي تخبئ الأسنان، فنادراً ما يتمّ اللجوء إلى تحسينها، لأنها تستدعي جرحاً تحت الأنف لرفع الشفة، لكنه يبقى ظاهراً ويترك ندبات. لذا يفضّل القيام بها عند المتقدّمين في السن فقط».
بالإضافة إلى البوتوكس للشفة ومحيط الفم، يمكن أيضاً الإستعانة بتعبئة الفيلر للشفاه لإعطائها المظهر الممتلئ الجميل ولتحسين الحصول على البسمة المثالية.


تنسيق بين الأطباء

لا بدّ من التشديد على أهميّة التنسيق ما بين طبيب الأسنان وطبيب التقويم وحتى جرّاح التجميل للحصول على النتيجة الفضلى و»البسمة المثالية». فبعد التشخيص، يتمّ العمل على ضوء المشكلة. إذ يتولّى طبيب الأسنان مهمّة العناية بصحّة الأسنان واللثة والتأكّد من تنظيفها وإزالة التسوّس، ليباشر طبيب التقويم تركيب جهاز التقويم. وبعدها تتمّ الجراحة التجميلية المطلوبة، ليعاود طبيب التقويم بعدها وضع اللمسات الأخيرة والFinishing من حيث شكل الأسنان ووضعيتها على الحنك وتطبيق وظيفة العضة الصحيحة. لذلك، إنّ هذا العمل الجماعي هو ما يعطي النتيجة النهائية، بفضل جهود ثلاث إختصاصات، تنسّق فيما بينها لإكمال المهمّة.
إنّ البسمة المثالية هي تلك المتناسقة مع وجه الشخص وشكل الحنك من النواحي الثلاث 3D، لتحافظ على معالم الوجه وتكاوينه الأصلية.


نصائح

تؤكّد الدكتورة مهنا أنّ «مهنة طبّ الأسنان متشعّبة ولا بدّ من التعاون الوثيق بين مختلف الإختصاصات للحصول على الأسنان الطبيعيّة الصحيّة والجميلة، واللثة السليمة والشفاه المملؤة والحنك المتناسق، عبر أخذ مقاييس ودراسة وافرة لمنطقة الفم ككل للحصول على التجميل الصحّي».
تنوّه خوري «بوجوب زيارة الطبيب المختصّ، مرّتين سنوياً للحصول على التشخيص السليم، منعاً للإنجراف خلف الإعلانات الهوليووديّة التي لا تنفع في الحياة اليومية. وتبقى العناية بالأسنان وفركها يومياً وتفادي ما يؤذيها وزيارة الطبيب دورياً من أهمّ من يمكن القيام به للمحافظة على الأسنان، إضافةً إلى إختيار معجون الأسنان المناسب والإبتعاد عن كلّ الملوّثات والملوّنات والتدخين». كما أنّ العناية باللثة مهمّة، لأنّ تنظيفها يخفّف الإحمرار وخطر الإلتهابات وتراكم البكتيريا».

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079