رجال ونساء يتحدَّثون عن أسرار سعادتهم الزوجية
تركِّز التحقيقات والتقارير التي تُجرى، هنا وهناك، على المشاكل بين الأزواج، وعلى معدَّلات الطلاق المتزايدة. وقليلة هي المواضيع التي تتناول استقرار العلاقة الزوجية وديمومتها، وأقل من ذلك ما يتحدث منها عن أسرار السعادة الزوجية وعن الحياة الهانئة والمستقرة التي يتمتع بها العديد من الأزواج. بعض أسباب هذه السعادة يعود الى المزايا الشخصية للزوجين، وبعضها الآخر يعود الى الظروف التي تحيط بهما. وعن هذا وذاك مما يساهم في بناء إسرة مستقرة وسعيدة، يتحدث في هذا التحقيق عدد من الأزواج من أكثر من بلد عربي.
نبدأ من مصر
خديجة حامد: الصداقة قبل الزواج سر سعادتي
ستة أعوام كاملة أمضتها خديجة حامد في الجامعة لإنهاء الدراسة في كلية الطب التي تفرض على الفتاة بالذات تحدياً صعباً. منذ اليوم الأول استطاعت انتقاء أصدقائها بعناية، فهي من الشخصيات التي لا تعرف الحياة دون أصدقاء، لم تكن تعرف في عامها الثاني من دراسة الطب أن فتى أحلامها ضمن مجموعة أصدقائها.
قصة «خديحة»، الطبيبة بمستشفى الجامعة في محافظة الإسماعيلية، هي قصة الكثير من الفتيات اللواتي يعشن أثناء الدراسة حب الجامعة الذي يتحول في ما بعد إلى ارتباط وربما زواج في أفضل الظروف.
قبل أن تعترف لنفسها بهذا الحب جلست لرسم حياتها مع زوج المستقبل الذي لم تكن طباعه تشابه طباعها في معظم الأحيان، ووجدت أن عليها الصبر والتفكير في الأمر قبل الانجراف في مشاكل تعرفها وخلافات تنتهي أحياناً بالانفصال الذي أخرجته خديجة من حساباتها وقررت استكمال الرحلة التي نجحت واستمرت ست سنوات مع زوجها عبد الحليم الزيات، الطبيب في المستشفى الذي تعمل فيه، في تفاهم يشكل إحدى التجارب الناجحة لعلاقة زوجية وقفت أمام الظروف واجتازت صعاب الحياة.
«القصة بدأت بصداقة تحولت إلى حب ثم مودة واحترام»، هكذا بدأت خديجة حديثها عن قصة زواجها وأسرار نجاحه، وتقول: «العلاقة بدأت بصداقة وطيدة في الجامعة، وهو ما ساعدنا كثيراً على معرفة تفاصيل شخصياتنا، وأعطانا مساحة كبيرة لدرس طباعنا من خلال تعاملاتنا اليومية».
خديجة وعبد الحليم، الثنائي الناجح، حاولا وضع مجموعة من القواعد التي اتفقا عليها ونفذاها بصدق، فكانت وسيلة لتحقيق السعادة الزوجية. تقول خديجة: «الصراحة بين الزوجين أهم خطوات الزواج الناجح، لأنه في الكثير من العلاقات الزوجية التي أعرفها يفتقد أصحابها التحدّث بحرية في المشاكل، ويكتفي أحد الطرفين بالصمت أو الحديث مع أحد الأصدقاء والأقارب، مما يؤدي إلى زيادة حجم المشكلة، وهو ما تجنبته تماماً وحاولنا دائماً طرح أي مشكلة تواجهنا للمناقشة، كما اتفقنا منذ بداية علاقتنا على عدم ترك المشكلة ممتدة إلى يوم آخر، ومحاولة حلها في وقتها».
التحدي الأصعب
ظروف عمل مرتبكة ومواعيد قلما اتفقت، هي الظروف التي عاشها الثنائي في السنة الأولى من الزواج التي غالباً ما تشكل التحدي الأصعب الذي تحكي عنه «خديجة» قائلةً: «في بداية الزواج قلما اتفقت مواعيدنا نظراً إلى عملنا في المكان ذاته واختلاف مواعيد مناوبتنا في العمل، فكنت عادة أنهي عملي ويبدأ هو مناوبة أخرى. والغريب في الأمر أن هذه المواعيد المتوترة هي ما ساعدتنا في اجتياز السنة الأولى التي مرت وأنا أشعر أنها جزء من فترة الخطوبة، انتقلنا بعدها إلى تفهم ظروف أحدنا الآخر، كما أن الواجبات المنزلية التي تشكل عائقاً وشجاراً بين جميع الأزواج، لم تكن مشكلة تذكر، نظراً إلى تفهمنا حياة المشاركة والمساعدة التي قامت عليها علاقتنا منذ اليوم الأول».
وعن الأسباب التي ترى خديجة تأثيرها على معظم ما يحيط بها من تجارب تنتهي بالفشل، تقول: «تدخل الأهل في معظم الأحيان يتسبب في شرخ العلاقة الزوجين، وخاصةً في غياب التفاهم والحديث، كما أن إجادة فن الاختلاف بين الزوجين أكبر عناصر الحياة الزوجية السعيدة، فمن حقنا أن نختلف ونتشاجر، لكن علينا معرفة الطرق التي يصل بها أحدنا إلى الآخر واحترام حق الآخر في الطريقة التي يفضلها للصلح أو الوصول إلى حلول، وهو ما لا يفهمه معظم الأزواج، خاصةً في المراحل الأولى. كما أن تحمل الزوجين للمسئولية ورعاية كل منهما للآخر من الأمور الكفيلة بتحويل الحياة الزوجية إلى رحلة ناجحة يصعب تحطيمها أمام مشاكل الحياة والمجتمع».
دعاء حسام: تجربة انفصال والديّ وراء إصراري على النجاح في حياتي الزوجية
منذ البداية عرفت أن عليهما الخضوع لظروف الغربة. نظرت إلى حياتها السابقة وما حققته فيها من نجاحات في عملها كصحافية في إحدى الصحف الكبرى، كانت على يقين أنها بين اختيارين للسعادة، أولهما استكمال حياتها المهنية الناجحة، وثانيهما السفر وترك الحياة السابقة وراء ظهرها متطلعة إلى حياة أخرى مع حب حياتها الذي يعمل في إحدى الدول العربية. لم تخل حياتها السابقة من تجربة صعبة عانت من مرارتها طويلاً بعد انفصال والديها وتزوج كليهما من آخر، وهو ما دفعها للخوف الدائم من الفشل الذي لم تضع له مكاناً في حياتها. لم تتردد كثيراً في اختيار الوقوف بجانب حبيبها الذي تحول بعد قصة حب إلى زوج المستقبل في ظروف صعبة لا تستطيع الكثير من الفتيات احتمالها، مثلما فعلت دعاء حسام، وهي واحدة من الفتيات اللواتي أثبتن أن المرأة المصرية ما زالت تحمل من العقل والصبر ما يمكن من خلاله إقامة حياة زوجية ناجحة وعلاقة حب ناضجة تتحدى بها المشاكل. لم تنكر يوماً ما فعله شريك حياتها مصطفى الجيار» لمساعدتها على اتخاذ القرار الأصعب، ولم تغفل أثناء تفكيرها المستمر ما يستحقه هذا الشريك الذي أثبت قدرته على تقدير مغامرتها والسفر معه لاجتياز امتحان السنة الأولى بعيداً عن الجميع، وبداية تجربة الزواج في بلد لا تعرف فيه أحداً مع رجل تعيش معه للمرة الأولى.
«الكثير من الصبر والتحمل والرغبة في إنجاح التجربة»، هو ما يمكن به وصف تجربة دعاء ومصطفى كإحدى التجارب الزوجية الناجحة، فاستغلت خوفها من الفشل في تحويل بيتها إلى مكان هادئ، قد تدخله المشاكل، لكنها سرعان ما تنكسر على صخرة التفاهم التي وضعها كلا الزوجين أساساً لحياتهما.
عن حياتها وتجربتها تحكي بسعادة ونظرات تحمل الكثير من الإنجاز والانتصار في تحقيق ما تمنته طويلاً، قائلةً: «البنت غالباً ما تخطو نحو الزواج بالكثير من التوقعات التي تبتعد عن الواقع، وهو ما حاولت اجتنابه أثناء علاقتي بمصطفى، وأكثر ما كنت أخشاه أن يتبدل الشخص الذي أحببته قبل الزواج، لكني فوجئت بالشخص ذاته الذي أجبرني على حبه أكثر من فترة الخطوبة، ولا يعود هذا الشعور إلى الحب بقدر ما يرجع إلى الاحترام والتقدير والصبر التي يتميز بها».
الاقتصاد في الشكوى
أما عن تجربة الغربة والبعد التي اضطرت دعاء للتعايش معها فقالت: «الغربة والبعد عن الأهل هما أكثر الأمور التي وضع لها مصطفى حسباناً، فمنذ يومي الأول في الغربة وهو يحاول احتوائي ويشكل بالنسبة إلي الزوج والأخ والأب والأم. وكان دوماً ما يذكّرني قائلاً: «السنة الأولى صعبة وعلينا الصبر لاجتيازها»، وهو ما شجعني تماماً على اجتياز ما تبقي من التجربة. وأهم ما يجب أن تفعله الفتاة في السنة الأولى هو احترام زوجها وتحمل المسؤولية والبعد عن الشكوى المتكررة والتذمر وتجنب الخوض في المشاكل التي تؤدي إلى تدمير العلاقة شيئاً فشيئاً، كما أن خوفي من تجربة انفصال والدي هو ما جعلني أخاف بشكل أكبر على نجاح حياتي الزوجية والحفاظ عليها».
لم يختلف رأي الزوج مصطفى الذي قال: «أهم ما كان يشغلني هو إحساسي بالمسؤولية تجاهها، وخاصة في البداية. والشعور بالمسؤولية هو ما يدفع دائماً للابتعاد عن المشاكل التي قد تؤدي إلى الخلاف. ولا أستطيع أن أنكر أن دعاء ساعدتني على احتواء جميع المشاكل، ودائماً ما كانت تفكر في حلول وتحاول إرضائي، وأهم الأسباب لنجاح العلاقة هو خوفنا الدائم من إغضاب بعضنا، واهتمامنا بإصلاح المشكلة منذ بدايتها. كما أرى أن البعد عن الأهل في السنة الأولى من أسباب النجاح وليس الفشل، لأن تدخل الأهل كثيراً ما يأتي بنتائج عكسية».
إبراهيم بدوي: الاحترام بين الزوجين يساعدهما على اجتياز الصعوبات
منذ اللحظة الأولى كان الوضع غريباً على الطرفين، لقاء مدبر من إحدى الصديقات دفعها للجلوس مع أحد زملاء العمل. المقابلة الأولى لم تخل من نظرات خجولة وارتباك واضح، وإدعاء أن كلا الطرفين لا يفهم سر اللقاء الذي بدا مكشوفاً منذ بدايته... حياة نهاد فوزي قبل هذه اللحظة اقتصرت على شهادة جامعية حصلت عليها من جامعة المنصورة، المدينة التي لم تخرج منها أبداً سوى في بعض الزيارات أو محاولات الحصول على دبلوم ما بعد التخرج في جامعة القاهرة، حيث تعمل صديقتها صاحبة فكرة تدبير اللقاء بأحد الزملاء الذي وجدت فيه «عريس لُقْطة» لصديقتها. النصيب وحده هو ما يمكن أن يجمع بين طرفين لا يعرف أحدهما الآخر، كلاهما من مدينة لم يذهب إليها الطرف الآخر من قبل وكانت الصدفة هي ما جمعت بينهما، لتتحول إلى خطوة نحو بداية حياة جديدة اجتاز عامها الأول بنجاح كل من نهاد خريجة كلية الآداب قسم الإعلام، وإبراهيم بدوي الصحافي في إحدى الصحف العربية.
«زواج صالونات أو تقليدي» وصف ممكن لزواجهما الذي شهد الكثير من الصعاب قبل اكتماله، ظروف الزوج وعمله في الخارج، وتشدد أسرة الزوجة التي رفضت منذ اللحظة الأولى سفرها مع «رجل غريب»، هي ما أشارت إلى فشل مبكر لعلاقتهما التي بدأت بعيداً عن الجميع في إحدى الدول العربية التي انتقل إليها الزوج بعد عدة لقاءات مع خطيبته التي تعرفت عليه أكثر من خلال المكالمات الهاتفية وشاشة الكمبيوتر.
نجاح التجربة هو ما دعا للتساؤل عن الأسباب، رغم ارتباك الظروف منذ اللحظة الأولى، وغربة الزوجين عن بعضهما وعدم وجود معرفة تذكر بينهما. القصة كما يحب أن يسردها إبراهيم»لا تحمل تعقيدات، وعلى حد تعبيره فإن الحب يمكنه أن يقتحم حياتك دون استئذان، لكنه وحده ليس كافياً لنجاح الزواج: «المودة والتفاهم والرغبة في الاستقرار هي ما دفعنا نحو بعضنا بقوة... سر السعادة الزوجية يكمن في الاحترام والتفاهم، وقد يتعجب البعض لعدم حديثي عن الحب في المقام الأول، ولكني أؤمن بأن التفاهم أسمى معاني الحب بين الزوجين، وجود التفاهم والاحترام بين الزوجين هو وحده ما يمكنه مساعدة الطرفين على اجتياز صعوبات الحياة، خاصة في الغربة التي فرضتها علينا الظروف وجعلت من زوجتي كل شيء بالنسبة إلي، وأنا دائماً ما أعاملها على أنها طفلتي التي أسعى لإرضائها، ولا أنكر أنها ساعدتني كثيراً للوصول إلى هذه القناعة بتحملها للمسؤولية وطيبتها واحترامها لعلاقتنا منذ البداية».
أما عن الملل الذي يصيب الأزواج فهو من المشاكل التي وضعوها في الحسبان قبل بداية العلاقة بينهما، وكان الحل دائماً اللجوء إلى جديد يكسر الملل وعدم الاستسلام له.
سارة جلال: الرضا بالشريك أهم أسرار السعادة الزوجية
ترى سارة جلال (مدير عام) أن المصدر الأساسي للسعادة الزوجية هو الرضا بالشريك كما هو، والتأقلم مع عيوبه بأسلوب عملي يسمح بالتغلب عليها وليس تغييرها، وتوضح: «كم من الزيجات انتهت بالفشل، لأن كلا الطرفين يحاول تغيير عيوب الآخر، والحقيقة أن الطباع لا يمكن أن تتغير، لكن يمكننا العمل على تقويم السلوك، وهذا النهج نتبعه أنا وزوجي في التعامل مع عيوب كل منا، حتى نصل إلى نقطة تفاهم واتفاق بكل الرضا».
التخلي عن الأنانية أحد مصادر سعادة سارة مع زوجها محمد بدر. تقول: «قبل أي قرار أفكر في أنني أم وزوجة في المقام الأول، ولأن طبيعة عملي تفرض عليَّ السفر بين الحين والآخر، أفكر في ابنتي وكيفية العناية بها وقت السفر، يعاونني في ذلك زوجي محمد الذي يصر دائماً على تحمل مسؤوليتها كاملة أثناء سفري ويرفض أن تتولى أمي مسؤوليتها. لذا قبل أي قرار أرجع إليه، وإن لمست الرضا والموافقة منه أتخذ قراري، خاصة أن آخر رحلة كانت إلى الولايات المتحدة الأميركية، وكانت مدتها شهراً كاملاً، ترددت في قبولها، لكنه هو الذي دفعني إليها لأنه حريص على تطوير مهاراتي العملية وتكفل بعناية ابنتنا وحده دون اللجوء إلى أحد». وتضيف سارة أن السعادة الزوجية لا تتطلب كتيّب إرشادات، بل تحققها أمور بسيطة إذا توافر التفاهم والحرص على الاستقرار بين الزوجين، وتقول: «تختلف أسرار السعادة بين كل زوجين، فزوجي مثلاً دائماً ما يقول لي إن ضحكتي مصدر سعادته، وبالفعل ألاحظ أنه مغتبط طالما أنا سعيدة ولا يحب أن أكون مكتئبة، حينها تغيب عنه الابتسامة».
صفاء عصام: الإجازة الزوجية هي الحل
الزواج لا يخلو من الملل والروتين، والحب سرعان ما يتبدد بعد الزواج، لذا على الزوجين ابتكار أساليب مختلفة تحافظ على سعادتهما، يأتي في مقدمها «الإجازة الزوجية» لبعض الوقت من أجل تجديد مشاعر الحب والشوق من جديد، ويعقب تلك الإجازة سفر ولو حتى في نهاية الأسبوع إلى مكان هادئ يجمع الزوجين، هذا سر السعادة الزوجية بالنسبة إلى صفاء عصام (صحافية).
وتضيف: «لا جدال أن مجتمعنا الذكوري ساهم في تنشئة عدد كبير من الرجال الأنانيين، لكن الأنانية لا تخلق سعادة أسرية أو استقراراً، لذا السر في استمرار العلاقة الزوجية بقدر من السعادة هو تخلي كل طرف عن أنانيته وتحمل المسؤولية الواقعة عليه كاملة، سواء كانت مسؤولية تجاه الشريك أو المنزل أو الأبناء، مؤكدةً أن التخلي عن الأنانية هو السر الكبير للسعادة الزوجية».
الدكتورة هبة قطب: أنا وزوجي لا نتخطى سقف الاحترام المتبادل في علاقتنا
21 عامًا من السعادة والحب المستمر حصيلة زواج الدكتورة هبة قطب، استشارية العلاقات الزوجية، من الدكتور هشام عادل، أستاذ طب وجراحة العيون في جامعة القاهرة.
لم يغب التفاهم يوماً عن عش الدكتورة هبة قطب مع زوجها، ولم تحمل خلافاتهما الطارئة أي تجاوز لا باللفظ ولا الفعل، ويعود الفضل في ذلك، بحسب قطب، إلى حرص كليهما على عدم تخطي سقف الاحترام في علاقتهما، وإلى إتقان الدكتورة هبة لفن إدارة الخلافات الزوجية، مؤكدةً أن ذلك أحد أسرار سعادتهما.
وتلفت إلى أن السعادة الزوجية مرتبطة بالتنشئة والتربية، وتوضح: «ربتني أمي على ضرورة احترام الزوج مهما كان قدر المرأة، وعلى أنه يجب أن أمنحه قدره، ولو في أبسط الأمور. طبقت ذلك في حياتنا العملية والزوجية والشخصية، فحتى أزيائي أستشيره فيها، فأنا حريصة على اقتناء الألوان المحببة إليه. وفي العمل أستشيره في بعض القرارات وهو كذلك، وهذا الأمر يخلق نوعاً من السعادة لكلينا. أما في الواجبات الأسرية فاستشارته لا بد منها وله الكلمة الأولى، وإن اختلفنا نتناقش بالعقل والمنطق ونعود إلى شرع الله، فلا يجد أي منا غضاضة في التراجع عن رأيه إن كان رأي الآخر أكثر صواباً».
وتتابع: «علمتني أمي أن المرأة يجب أن تعد طعام زوجها بنفسها، وألا تسمح بوجود طاهٍ في منزلها، حتى لو كانت رئيسة جمهورية. وكان لها دائماً كلمة مأثورة ترن في أذني كلما فكرت الاستعانة بطاهٍ في العزومات الكبرى، فكانت تقول لي: «عندما يعجب ضيوفك بالطعام هل سيشكرونك أم يشكرون الطاهي؟»، وبالتالي حتى الآن أنا حريصة كل الحرص على إعداد العزومات بنفسي، حتى لو تجاوز عدد ضيوفنا 50 فردًا، وألاحظ دائماً أن ذلك مدعاة فخر زوجي أمام الضيوف، مما ينعكس علينا سعادة».
تشير الدكتورة هبة أيضاً إلى أن تنشئة زوجها لها عامل كبير أيضاً في سعادتهما، وتقول: «أعشق حماتي، فهي امرأة في منتهى الرقي أهدتني رجلاً يقدر زوجته، فحماتي أستاذة في كلية الطب، وربت زوجي على أن المرأة لها كل الاحترام، وهي ليست خادمة في المنزل وإنما إذا قامت بشيء من الواجبات المنزلية تكون متفضلة وليست مجبرة على ذلك. وبالتالي لا يطالبني هشام بتحضير كوب من الشاي أو فنجان من القهوة، وهو ما يجعلني أشد حرصاً على أن أسارع وأقضي طلباته بنفسي، لأني أجد في ذلك نوعاً من التقدير والدلال له، حتى وإن توافر لدينا عشرات الخادمات، فأسارع إلى الاستيقاظ قبله حتى أحضر له الإفطار والقهوة، وأسارع في مواعيد تناوله للشاي إلى إعداده بنفسي، وهذا يجعله دائما ممتناً لي ومقدراً لجهودي».
وتضيف الدكتورة هبة أن المرأة يجب ألا تنشغل عن زوجها مهما كانت مسؤولياتها كبيرة، خاصة في الواجبات العائلية المرتبطة بعائلته، وتقول: «الرجال يفكرون بطريقة مختلفة عنا، ولا ينتبهون إلى الواجبات العائلية وسط انشغالهم اليومي بالعمل، وبالتالي يجدني مبادرةً إلى دعوته للقيام بواجباته تجاه عائلته، سواء كانت زيارة مريض أو زيارة لمباركة عرس أو مولود جديد. وكذلك لا يحمل هم هدايا الزيارات ولا يفكر فيها، إذ يجدني دائماً أحضرها، وبالتالي هو يشعر بأنني أخفف عبئاً كبيراً عنه، مما يجعله أكثر سعادة وامتناناً».
في النهاية تقول استشارية العلاقات الزوجية: «أدوات السعادة الزوجية بسيطة جداً، لكنها مرهقة في التنفيذ، لذا يجب أن يتحلى كلا الطرفين بالصبر وطول البال، لأن الثمار تستحق المجهود».
إحصاءات
ارتفعت معدلات الطلاق بشكل ملحوظ في السنوات العشر الأخيرة، وأفادت الإحصائية الأخيرة لمركز التعبئة العامة والإحصاء بأن مصر شهدت أكثر من 75 ألف حالة طلاق العام الماضي، وحوالي 45 ألف حالة كان سببها انشغال الزوج بالإنترنت، إلى جانب 65 في المئة من هؤلاء انشغلوا بمشاهدة مواقع إباحية أصبحت بديلة للزوجة.
دراسة أخرى وضعت مصر على قمة العالم في معدلات الطلاق، هي الصادرة عن مركز معلومات دعم واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، وأفادت بأن مصر هي الأولى عالمياً في معدلات الطلاق، وأوضحت أن هذه ارتفعت في الخمسين سنة الأخيرة من 7 في المئة إلى 40 في المئة بمعدل 240 حالة طلاق في اليوم الواحد.
الدكتورة هالة حماد: مفتاح السعادة الأول إبعاد الأهل عن المشاكل الزوجية
كثيراً ما يدخل الزوجان إلى قفص السنة الأولى بالكثير من التوقعات الحالمة التي تبتعد عن الواقع، وتكون النتيجة الصدمة في حياة واقعية لم يتوقعها الطرفان. هذا ما تؤكده الدكتورة هالة حماد، أستاذ الطب النفسي وخبيرة العلاقات الأسرية والزوجية، وتقول: «الحياة الزوجية السعيدة لها مجموعة من الأسس التي يجب أن يراعيها الزوجان، وغالباً ما تغيب عن التفكير أثناء فترة الخطوبة والانشغال بتجهيز الشقة أو الإعداد للزواج. وأكثر العلاقات المعرضة للفشل هي التي تسبقها قصة حب خيالية بعيدة عن الواقع، والتي يصطدم بعدها أحد الطرفين بشخص آخر بعيداً عما رسمه في عقله من أحلام رومانسية تمحوها الحياة شيئاً فشيئاً، ويشعر وقتها أحد الطرفين بأن الآخر يخذله، وهنا تكمن معظم المشكلات».
وتبدأ الدكتورة هالة حديثها بأكبر المشاكل أهمية، وهي ثقافة الاختلاف بين الطرفين، وتقول: «على جميع الأزواج معرفة أننا جميعاً معرضون لاختلاف وجهات النظر، لكن ما يحدث فرقاً هو كيفية تقبلنا لهذا الاختلاف وكيفية معالجته كما يقتضي الأمر. والزواج المبني على العقل من أنجح ما يمكن لأنه يعتمد على التفاهم والوعي من الدرجة الأولى يأتي بعده الحب منذ بدايته دون اندفاع بمشاعر اللهفة الأولى، ويجب أن يكون هناك تقارب في المستويات الفكري والثقافي والديني مما يسهل وجود مبادئ حياة ناجحة بين طرفين يجمعهما مكان واحد للمرة الأولى».
وتضيف: «هناك أساسيات يجب الاتفاق عليها قبل الزواج أهم من الأمور المالية والشبكة والأثاث، وهي محاولة الفهم الصحيح للآخر ووضع أسس واضحة ومحددة لما يغضبني أو يغضب الطرف الآخر وكيفية علاجه، كما أن الاعتراف بالعيوب وتقبلها أولى خطوات النجاح، فجميع البشر فيهم عيوب لكن النقطة الفاصلة هي كيفية تقبلها والاعتراف بها».
أما تدخل الأهل في حياة أبنائهم الزوجية فهو كارثة تدق ناقوس الخطر في كل بيت. والمفتاح الأول للسعادة الزوجية هو عدم إقحام الأهل في المشاكل بين الزوجين، وبقاء المشاكل داخل البيوت المغلقة، وغالباً ما يتسبب تدخل الأهل بتفاقم المشكلة ووصولها إلى الذروة وإلى الطلاق في نهاية الأمر.
«الوعي والمناقشة والتفاهم» هي وصفة العلاج التي تقدمها الدكتورة هالة لجميع الأزواج، خاصة في السنة الأولى. كما أكدت أن عدم الصراحة بين الزوجين وإلقاء الاتهامات أو الاكتفاء بإثارة مشاجرة هي أكبر الأخطاء التي يقع فيها الأزواج حالياً. وشددت على ضرورة الوعي بالآخر والاحتواء ومراعاة مشاعر الطرفين.
أسرار السعادة الزوجية كما يراها أزواج مغاربة
وفي هذه الشهادات من المغرب نجد ان هناك أكثر من مدخل للحفاظ على استقرار الحياة الزوجية الهانئة
في السَّراء والضَّراء
بالإحترام المتبادل والصبر في السراء والضراء استطاع الحاج حمادي برفقة زوجته وتسعة أبناء و15حفيداً حتى الآن، أن يكونا مثالاً للأسرة المستقرة والسعيدة، فعلى مدى 45 سنة من العشرة الزوجية استطاعا ان يحافظا على هذا الميثاق رغم صعوبة الظروف وتقلبات الزمن. إلا أن السعادة التي تجمع بين الحاج حمادي وزوجته سناء، جعلت العديد من مقربيهم يجمعون على أن علاقتهم التي توجت بعشر سنوات من الزواج تشبه إلى حد ما فترات الحماسة والشوق والحب الملتهب التي تشهدها علاقات الشباب في أولها، وفي فترات الخطوبة، التي سرعان ما تختفي معالم التعبير فيها عن الحب والشوق بمجرد أن ينخرط الزوجان في متاهة الحياة الزوجية والبحث عن تأمين متطلبات الحياة. نموذج الحاج حمادي وزوجته، خرق القاعدة، وما زال الثنائي يحتفظ بطقوس الأحبة، فهما يضربان المواعيد في المقهى الذي شهد ميلاد حبهما في أول لقاء وسط المدينة، مباشرة بعد أن ينتهيا من العمل، ويرسلان رسائل قصيرة لبعضهما طوال اليوم، ويتبادلان الهدايا بمناسبة وغير مناسبة.
سياسة المفاجآت السارَّة
رشيد، الرجل الأربعيني، أب لثلاثة أبناء، كانت بداية حياته الزوجية مليئة بالحب والسعادة والتفاهم بينه وبين زوجته التي جمعته بها علاقة حب استمرت سنتين قبل أن ينتهي بهما المطاف في القفص الزوجي، ليزيد هذا الارتباط توثيق روابط محبتهما وتقاربهما.
ومع مرور السنوات، أراد رشيد أن يبعث الروح في علاقته بزوجته، ويخرجها من بؤرة الخطر والبرود، بإعادة الدفء إليها، وإعادة ترتيب حياتهما العاطفية وفق الوضع الجديد في وجود الأبناء، وذلك بالقيام بمبادرات كالتي كان يقوم بها في السابق. وبدأ يفاجئها بهدايا، يحس أنها ترغب فيها، ويحاول أن يحسسها بأنها أهم هدية منحه إياها الله.
لم يقف رشيد عند هذا الحد وإنما أصبح يأخذ زوجته بين الفينة والأخرى إلى أحد المطاعم بعيدا عن البيت ومشاكل الأبناء، أو يسافران بمفردهما حتى يستطيعا تجديد علاقتهما. لقد كانت هذه وصفة رشيد السحرية التي استطاع بها أن يستعيد نوعا من الحيوية في علاقته بزوجته، ونبهها بطريقة جميلة إلى عدم اهتمامها به، وانشغالها عنه ليطردا الملل من علاقتهما الزوجية ويعيشا في سعادة وراحة البال. من جهتها، تعترف لمياء بأن زوجها له الفضل الكبير في طرد الملل من حياتهما وإنقاذ زواجهمامن النكد. وبدأ يعطي أهمية للهدايا والمفاجآت السارة في العلاقة الزوجية. وتشرح ذلك بالقول: «يسعى في كل مرة إلى تقديم هدايا لي، فخلال سفرياته يفاجئني دائما بذوقه الرفيع».
بالصبر والثقة والتسامح
اسماعيل ايت احماد شرح أسرار السعادة الزوجية التي ينعم بها مع زوجته وأبنائه الخمسة قائلاً: «بالصبر والثقة والأمل وتحدي الصعاب وعدم السماح للأطراف الخارجية بالتدخل في حياتنا. فمنذ زواجنا عام 2002، حرصنا على أن نكون متفقين على اشياء من بينها أنه في الأسبوع الأخير من كل شهر وحسب وضعية الميزانية يجب تفادي كثرة طلبات التسوق، أي الاقتصاد في الميزانية مقابل السلام»، مستدلا بقول الفيلسوف ركسن «لا تبحث عن السعادة ولكن كن مستعداً دائماً لان تكون سعيداً».
«صداقتنا اكبر من زواجنا وهذا سر سعادتنا»
في المقابل، نجد أن من بين الفنانين الذين تزوجوا من الوسط الفني ويعيشون في سعادة، الفنانة ثريا العلوي التي قالت إن علاقتها بالممثل والمخرج نوفل براوي يطبعها الاحترام المتبادل، موضحة أنها تعيش إلى جانبه في سعادة بالغة.
تقول: «في الحقيقة لا توجد وصفة سحرية جاهزة، فنجاح أي علاقة مرتبط أساسا بالتسامح وبتقبل الآخر وتقبل اختلافه، فلكل شخص طباعه التي قد تختلف عن طباع الآخر، وعندما تؤمن بحتمية هذا الاختلاف يمكنك الاستمرار والتوصل للتوافق. لكن وإضافة إلى هذا كله هناك شيء آخر يمكن وصفه بالائتلاف بين روحين وقلبين وهو شيء لا نستطيع التحكم فيه، كما لا نستطيع أبدا اخضاعه للتفسير والتعليل. فلا أحد يستطيع تفسير لماذا هذا الشخص وليس غيره. أظن أن المسألة تتجاوز الذكاء البشري والتفسير، فالنجاح والائتلاف منحة من الله يرزق بها من يشاء. وكلها عوامل تجتمع لتحدد مدى نجاح أو فشل أي زوجين. فالغيرة ليست من طباعي، وبصراحة أمقت هذا الإحساس وأعتقد أن الغيرة من أسوأ الطباع التي قد يبتلى بها الإنسان، فهي إحساس ينخر روح الإنسان كما ينخر السوس العظام ليؤدي به إلى العذاب، والعذاب أفظع من الموت الذي يبقى أمراً طبيعياً وحتمياً. الغيرة ليست من طباعي سواء في علاقتي مع زوجي أو في العمل أو مع الأصدقاء، ولحسن الحظ فزوجي أيضا لا يعرف هذا الإحساس. وطبعا هذا لا يعني أننا لا نحب بعضنا، ولكن الثقة العمياء التي تجمعنا تنفي أي إحساس بالغيرة».
وأكدت أن الصداقة التي تربطهما إلى اليوم أكبر بكثير من الزواج، لأنها ترتاح إليه قائلة: «لو لم يكن نوفل في حياتي لما كنت ممثلة، وجل الأعمال التي قدمتها سواء في السينما أو التلفزيون كانت نتيجة تشجيعه لي. أحيانا أتردد في اختيار دور ما، لكنه يشجعني على أدائه، وأكتشف في نهاية الأمر أن العمل لقي إقبالا كبيراً».
السعادة في العطاء
من جهتها، توضح المخرجة فاطمة اكلاز أن العلاقة الزوجية هي رباط روحي بين رجل وامرأة. والحب هو الذي يجمع بينهما، وإذا أرادا العيش بسعادة فليس الأمر سهلا، لأن هناك أموراً خارج إرادتهما تتدخل، وقد تحول دون سعادتهما، منها العائلة أو ظروف الحياة ومتطلباتها والأصدقاء... وبحسب المخرجة فاطمة فالسعادة هي عطاء أكثر مما هي أخذ، وإذا كان كل واحد في هذه العلاقة الزوجية يعطي بسخاء، فإن ذلك كفيل بأن يمنحه الإحساس بالسعادة، وبالتالي فهو شخص يعطي شخصاً يحبه دون حساب، يمنحه المشاعر النبيلة ويغمره بالطمأنينة والأمان، ذلك هو السر في التوافق بين زوجين . إلا أن زوجها المسرحي نجيب عبد اللطيف يعتبر ان السعادة تكمن في سلامة القول وصراحة البوح و جمال الروح، وتكمن حتى في حلاوة الخصام والمعاشرة المفعمة بالحنان. وعلل قوله بأنه ذات مرة سئل جان جاك روسو عن السعادة فقال إنها «التمتع بالحياة». تشرب القهوة وأنت سعيد. تتنزه في الحديقة وأنت سعيد. تقرأ كتاباً وأنت سعيد. تتحدث وأنت سعيد... فإذا كان زوجان يتمتعان بهذه النظرة للحياة فدون شك، تكون السعادة هي بوصلة ترابطهما. فالحياة عموماً ليست كلها بساطاً من ورود، لكن البحث الدائم عن سر جمالها وتقاسمه مع النصف الآخر هما ما يقوي الإحساس بضرورة استمرار رابطة الزواج.
روح المسؤولية
الممثلة سعاد النجار تقول: «إن العائلة في حياة الفنان تجسد الاستقرار. وسعادتي تكمن في كوني زوجة للفنان محمد بسطاوي وأم لخمسة أبناء لهم ميول فنية في مجالات التمثيل والغناء، الأمر يتطلب مقداراً كبيراً من الحب ومن روح المسؤولية، وأنا أحب زوجي وأبنائي. وأحب عملي كممثلة ما زالت تتمنى تحقيق الكثير في مجال الفن. والتوفيق بين الجانبين لا يطرح بالنسبة إلي أي مشكلة». العلاقة الزوجية بين سعاد النجار والممثل محمد البسطاوي، جعلت منهما ثنائيا فنيا ناجحا في العديد من الأدوار، بالإضافة إلى حرصهما على الحضور معاً في مختلف اللقاءات الفنية.
التوافق بين الحياة الزوجية والحياة العملية
من جانبه، أكد الفنان المسرحي عبد الرزاق البدوي أن سر نجاح زواجهما أكثر من ثلاثة عقود يعود إلى علاقة الاحترام في ما بينهما، كما يحرصان على الفصل بين الحياة الفنية والحياة الزوجية. يتذكر أن أول لقاء له مع زوجته الفنانة عائشة ساجد كان عام 1965، أثناء اشتغالها داخل ورشة محترف الممثل التي كانت تخضع للتكوين بداخلها، قائلا: «بدأت العمل معي في المسرح، وكانت تربطنا علاقة الأستاذ بتلميذته، والممثل بزميلته والمخرج بالممثلة، إلى أن تولد بداخلي فضول يتمثل في اهتمامي المتزايد بها، خصوصاً أنها ابنة عائلة متواضعة ومحافظة، وتزوجنا عام 1972، بطريقة تقليدية، إذ أقمنا عرسا بكل الطقوس المغربية». وأضاف البدوي أنهما استقرا بعد ذلك في بيت الزوجية الذي بنياه خطوة خطوة، حسب ظروفهما المادية، مشيرا إلى أنهما أنجبا عام 1976 سفيان، وعام 1979 زكرياء، وكانت فاطمة الزهراء أخر العنقود عام 1982.
الثقة المتبادلة هي الأساس
الطبيب والمحلل النفسي عبدالله زيوزيو يعتبر أن الثقة بين الزوجين من أسس السعادة الزوجية المتكاملة، وحين تبدأ هذه الثقة في الاضمحلال والتراجع تبدأ المشاكل تطفو على السطح، خاصة أننا أصبحنا نعيش في عالم متغير جدا وظهرت بعض الوسائل الحديثة التي ساهمت في انعدام هذه الثقة كالأنترنت والرسائل القصيرة عبر الهاتف النقال والتي سهلت التعارف بين الناس، وأيضا ربط علاقات افتراضية بين الناس عبر الأنترنت. وهذه العلاقات هي التي تخلق الشك والغيرة والخلافات بين الزوجين مهما كانت هذه العلاقات بريئة، فالثقة يجب أن تبنى من خلال السلوكات والتصرفات بين الزوجين، فالثقة يجب أن تبدأ من اليوم الأول للزواج وليس من خلال بحث كل واحد من الزوجين في ماضي الطرف الآخر، حتى لا يتم اختلاق المشاكل والزج بالأبناء في هذه المشاكل لمجرد تفاهات لا أساس لها من الصحة. وهذه الصراعات والخلافات التي يجد الأبناء أنفسهم في دوامتها تؤثر على نفسيتهم وعلى شخصيتهم في المستقبل، وعلى محيطهم الأسري ككل.
وأكد زيوزيو أن الهدية في العلاقات الزوجية تدل على الحب بين الطرفين وعلى قيمة شريك الحياة، كما تعطي رسالة إيجابية قوية على ما يسمى «الاطمئنان الاجتماعي» ويؤسس ل «السعادة الزوجية «، فالزوجة حين تتلقى هدية من زوجها فإنها تحس بالاهتمام وكذلك بالاطمئنان في علاقتها بزوجها.
لحظات حميمة
الدكتورة أمل شباش الاختصاصية في علم النفس والجنس تؤكد أن الحياة الجنسية لدى الرجال والنساء تعرف مجموعة من التغيرات مع تقدمهما في السن وتجاوزهما الستين، فتؤدي تلك التغيرات إلى انخفاض وتيرة الممارسة الجنسية، كما تكون سببًا لنشوب الخلافات بين الزوجين، مما يهدد سعادتهما، إذ تختلف الحياة الجنسية لدى الأزواج باختلاف أعمارهم، فالنشاط الجنسي خلال مرحلة الستينات فما فوق لا يكون مماثلا للنشاط الجنسي في بداية الزواج في مرحلة العشرينات والثلاثينات، بل يتغير ويتطور مع مرور السنوات، ويكون بالتالي للحياة الجنسية بين كل زوجين نقط قوة ونقط ضعف.
مفاتيح السعادة الزوجية في شهادات من سورية
في ما يلي، خمس شهادات من سورية تلخّص أبرز الأسس التي يقوم عليها الزواج الناجح
الحبّ المتجدد
يطفئ شادي التلفزيون متناولاً علبةً فضية من جيب سترته، يمد يده بطريقة سينمائية نحو زوجته ميرال التي لا تلبث أن تضحك من قلبها عندما ترى زوجها الأربعيني يفتح غطاء العلبة، آخذاً يدها بين يديه، مقدماً لها بكل لباقة هدية عيد زواجهما العاشر، في تقليد اعتاده الزوجان منذ عقدٍ من الزمن. تقدم الزوجة الشابة التي تعمل في تصميم الأزياء وتدريسها في قسم السينوغرافيا بالمعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، بدورها هديتها لزوجها شادي، معلنةً بداية الحفلة التي دعت إليها مجموعة من الأصدقاء والأهل، ليشاركوا في هذه المناسبة. هدية ميرال عبارة عن ساعة يد أنيقة، تلبسها لزوجها الذي يبتسم الآن، مقبّلاً يدها كأمير إنكليزي، ومن ثم يعلن بداية الحفلة بدعابة خاصة مخاطباً الحضور: «تحدينا أنا وزوجتي كل تلك التحقيقات التي تجريها المجلات عادةً عن تجربة الزواج المريرة، عن الاختلافات التي لطالما فرّقت الكثير من المحبين والعشاق، وأنهت حياتهم الأسرية بأبغض الحلال عند الله تعالى»... ولكن كيف نسأل الزوج الفرحان بعيد زواجه العاشر فيجيب ضاحكاً: «سأقول لكم أيها الأصدقاء، لكن دعوني أولاً أجلب قالب الكيك الخاص بهذه المناسبة»...
تشويق يجعل زوجته ميرال في حالة من الضحك المتواصل، فريثما يذهب الزوج لتحضير شمعاته العشر على سطح قالب الحلوى، تتدخل ميرال فتقول: «شادي بقي الرجل الذي يتقن مفاجأتي، يعرف ماذا يقول لي عندما أغضب منه، أو من الأطفال، يمتص عصبيتي وثورات غضبي بهدوء، محيلاً كل الخلافات إلى قضايا تافهة لا تستحق التعليق. زوجي دائماً قادر على اختراع الطرفة ورواية النكتة، وهو يصغي جيداً إلى كل ما أقوله». يتدخل شادي قادماً من المطبخ وبيده قالب الحلوى المزين بالشمعات العشر: «أولاً أنا خطبت هذه الحسناء بعد حبٍ عنيف، حب عشته بكل تفاصيله، كنتُ أتلصص عليها من بعيد ونحن ما زلنا على مقاعد الجامعة، كانت طالبة نشيطة وجدية ومجتهدة، كان شعوري نحوها ينمو كأزهار ملونة وطبيعية، فمن أول لقاء بيننا تعهدنا الصدق والاحترام والثقة، وهي كما أعتقد دعائم أي زواج سعيد ومستقر. طبعاً هذا لا يعني أن لا مشاكل ككل المشاكل التي تحدث بين زوجين، لكن كما قلتُ لكم المهم هو الصدق، والإصغاء إلى الآخر، احترام رأيه ومناقشته في الأمور التي تختلف فيها معه»... هنا تطفئ ميرال أضواء الصالة لتتلألأ أضواء الشموع العشر، مترافقةً بموسيقى رومانسية هادئة يرقص عليها الزوجان السعيدان.
احترام خيارات ومشاعر الآخر
يبدو الزواج السعيد في تجربة شادي وميرال وكأنه ذو طابع مثالي، أقرب إلى الحلم منه إلى الحقيقة. لكن ما إن ندخل بيت بديع ومنال حتى نصدق أن على هذه الأرض ثمة تجارب زوجية مختلفة في توازنها، ومتانة علاقتها العاطفية، فـ «المثلُ إلى مثله ساكنٌ» كما يقول ابن حزم الأندلسي في كتابه الشهير «طوق الحمامة»، فهنا نطل على تجربة غاية في الوئام الزوجي، يعكس ذلك ترتيب البيت وشكل أثاثه والذوق الذي يضفي على المكان لمسة من دفء غريب يتسلل إلينا من كل مفردة. تجلس منال (34 عاماً) التي تعمل مدرّسة لغة إنكليزية قبالتنا، نسألها عن سر استمرار زواجها سعيداً وهادئاً فتجيب: «أنا وبديع خلقنا كلٌ من للآخر، تعلمنا معاً أن نحفظ الود والعهد ونحرص على صون بيتنا. البيت كما ترين هو مساحة من الجمال المشترك بيني وبين زوجي، هو هادئ وحنون وصبور ومتفانٍ في عمله، يصغي دائماً إلى ما أقوله، لا يغضب مني إزاء أي موقف أتخذه، بل يحترم خياراتي وحريتي ومساحتي الشخصية، مثلما أحترم بدوري مساحته الشخصية. بالنسبة إلينا الزواج ليس إلغاءً للشخصي عند الزوج أو الزوجة، على العكس تماماً، الشخصي يظل تلك المنطقة التي يجب احترامها وعدم المساس بها بحجة التشارك بين الزوجين... أليس كذلك يا بديع؟». تسأل منال ضاحكة زوجها المصغي باهتمام إلى كلامها فيقول الرجل الثلاثيني الذي يعمل في صحافياً في مجال الخبر الثقافي: «كلام منال صحيح للغاية. لكن دعيني أضيف شيئاً أعتقد أنه مهم لاستمرار أي تجربة زوجية، ألا وهو احترام هواجس الآخر، هذه الهواجس هي تلك المنطقة الخاصة جداً من نفس الزوج أو الزوجة، وقد تكون مخاوف معينة، أو تحفظات عن أشخاص أو أسلوب عيش، أو تحسّباً مبالغاً فيه نحو المستقبل أو المجهول. طبعاً هواجس الرجل غير هواجس المرأة، والعكس صحيح، لكن في كل الأحوال أنا وزوجتي نعيش حياة مستقرة وهانئة بسبب احترام كل شخص منا هواجس الطرف الآخر. قد تكون زوجتي تخاف من الحشرات، وقد يعتقد البعض أن هذا شيء سخيف، لكن برأيي هذا ليس سخيفاً على الإطلاق. قد أكون رجلاً لا يحب استقبال الضيوف حتى من الأقارب يوم العطل، وهذا ايضاً هاجس تحترمه زوجتي، وتقدرهز لذلك أعتقد أن التفاهم هو عنوان زواجنا المستمر منذ أحدا عشر عاماً، والحمد لله بكل صفاء ومحبة وتكافل».
تعاهدوا على الحب والاخلاص
ثنائي ثالث لا يقل نجاحاً نلتقيه في أحد مقاهي دمشق، ميس ورشيد برفقة ولدهما. يبدو على الزوجين الشابين شغف كبير بالحياة والحب والجمال، نجلس إلى مائدتهما، فيطلبان لنا طبقاً وعصير فاكهة ببشاشة وكرم لا تخفيانهما ملامحهما النبيلة. نسأل عن ذلك السر في استمرار علاقتهما الزوجية على ما نراه من قرب وود ومحبة، فيجيب رشيد، الرجل الأربعيني الذي يعمل مديراً لفرقة موسيقية تغني معه زوجته فيها: «الحقيقة ما من سر بيننا كزوجين حبيبين تعاهدا على الإخلاص والحب، أنا وميس ما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا، وهذا كافٍ برأيي لتكون الحياة بسيطة وقابلة للحياة والتجدد في كل لحظة. بيد أن المهم والجوهري في علاقتنا الزوجية هو قول ما في قلبينا لبعضنا البعض في نهاية كل يوم عمل مضنٍ، أو من تلك الأيام التي نخصصها لزيارة الأهل والأصدقاء في بيتنا أو في بيوتهم. فالأهم برأيي لاستمرار أي علاقة وخصوصاً الزواج هو الصراحة بين الزوجين، وقدرة كل منهما على تفهم موقف الآخر ومساعدته على اتخاذ قراراته التي تكون أحياناً مصيرية وحاسمة. فزوجتي ميس مغنية درست الموسيقى، وهي لديها طموح فني خضناه معاً على مسارح سورية وخارجها، أنا كمدير لفرقة موسيقية وهي كصوت غنائي خاص ومميز، استطعنا أن نبتعد عن كل ما يعيق مشروعنا في العمل، منصتين في المقابل إلى دواخلنا ورغباتنا، وطموحات كل منا، دون أنانية، أو رغبة في امتلاك الآخر أو الاستحواذ عليه، أو تأطيره».
بدورها قالت ميس: «لم أعرف يوماً أن الزواج استحواذ أو مصادرة لرأي الآخر. هذه تجربتي التي أعيشها بعد سنوات من الزواج مع رشيد، فهو شريك حياة ومشروع غنائي وموسيقي ننجزه معاً بحب وتعاون مستمرين... أعتقد أن سر استمرار نجاح أي زواج هو الإحساس بالشريك ومبادلته الهموم والأحزان قبل الأفراح والنجاحات، يعني كما يقولون عندنا في سورية «على السراء والضراء» والضراء قبل السراء، أضف إلى ذلك قدرة كل من الزوجين على امتصاص أي صدمة في العمل أو في البيت، واحتواء الآخر والتروي والحكمة في التعامل معه، من دون إسقاط أخطائه وتأنيبه على كل شاردة و واردة».
نصف قرن من السعادة
ثنائي آخر يفاجئك باستقراره العاطفي والأسري، لا سيما عندما نعرف أننا أمام زوجين يحتفلان بيوبيل عيد زواجهما الذهبي. «خمسون عاماً نزداد شباباً» يقول الزوج أنطون دوشي عندما نسأله عن عمرٍ أمضاه مع رفيقة عمره مريم عقل، مضيفاً: «أجل هو نصف قرن من السعادة، من التعب المشترك، من تربية الأولاد الذين علمناهم أفضل تعليم، وزوجناهم أفضل زواج، لنهنأ اليوم أنا ومريم بحياة هادئة، تتخللها زيارة أبنائنا الخمسة لنا برفقة عائلاتهم. الآن وبعد كل هذه السنين لا أتذكر إلا تلك اللحظة، تحديداً ذلك اليوم الربيعي من شهر نيسان/أبريل عندما تعرفت على مريم وهي مازالت طالبة في المدرسة الإعدادية. أحببتها من النظرة الأولى، فذهبت بجموح الشباب إلى بيت أهلها وخطبتها منهم. عشنا أوقاتاً قاسية وصعبة بحكم سفري المتواصل من أجل عملي كمهندس صيانة للسفن البحرية، أيام طويلة في عرض البحر أمضيتها برفقة صوت مريم الحبيبة، ولطالما كتبت لها رسائل بعثتها لها من كل مدينة وميناء بحري رست فيه سفني المبحرة في عباب البحار وأعاليها. اليوم أشعر بأننا أنا ومريم كلٌ لا يتجزأ، وسر هذه السعادة التي استمرت حتى اليوم هو الحب بكل بساطة، وإيمان كل منا بالآخر وثقته به، وخوفه عليه، وسعيه المستمر لإرضائه والوقوف على رغباته».
حديث أنطون الرجل السبعيني يحرّض زوجته مريم عقل على القول: « لا أذكر أنه في يوم من الأيام استمر خلاف بيننا أكثر من ساعة. كان أنطون حنوناً، متفانياً من أجل بيته وأسرته، ودوداً على الدوام، معشرانياً واجتماعياً وصبوح الوجه. رغم سفره وغيابه عن البيت في رحلاته البحرية، كان حريصاً على علاقته الزوجية، وعلى تربية أبنائه أفضل تربية. وأعتقد أن سر نجاح زواجنا هو البساطة وعدم التعقيد والحوار المستمر في كل شاردة وواردة، والبوح المستمر كل للآخر عن مشاعره وحبه، فلا يكفي أن تشعر بالحب نحو زوجك، بل يجب بين الحين والآخر أن تقول له صراحةً: أنا أحبك، فهذه الكلمة سحرية وقادرة على إبقاء جذوة الحب مشتعلة ما بقينا أحياء».
تقاسم المهمات وحُسن إدارة البيت والوقت
علاقة أنطون بمريم لا تقل دفئاً عن علاقة ليال برامي، فالزوجان السعيدان هما وجهان متشابهان في حبور واضح لا تخطئه العين. تقول ليال رداً على سؤالنا عن سر نجاح زواجها برامي: «التجربة الزوجية أولاً وأخيراً خبرة انفعالية وعاطفية مشتركة، فهي خبرة نكتسبها مع الحياة، خبرة في احتواء الآخر، والإفادة من عالمه الداخلي، وذلك بالإصغاء إلى كل محاولاته الملموس منها والمحسوس للاحتفاء بالحب. وفي هذا أعتقد أن تجربتي الزوجية ما زالت ناجحة ومستمرة على هذا النحو لأنني أؤمن بحرية خيارات زوجي، وباحترام وقته ومواعيده، ومساعدته على تحمل عبء العمل ومتاعب الحياة، لا أترك كل شيء على كاهله، متذرعةً بأنه هو الرجل وهو المسؤول عن كل شيء، أبداً. الزواج الناجح هو الزواج القائم على تقاسم المهمات، وحسن إدارة البيت والوقت وتربية الأطفال». هذا الكلام يعلق عليه رامي سلمان بقوله: «أتفق تماماً مع ما قالته زوجتي، ولكنني أريد أن أوضح نقطة جوهرية لها علاقة بنجاح أي تجربة زواج، ألا وهي قدرتنا، كزوجين، على المسامحة والحكمة في التعامل، لا المجاهرة بالبغض وإلقاء التبعة على الآخر، أو إهانة مشاعره، لا سيما أمام الآخرين».
شروط الزواج الناجح في شهادات من الإمارات
وهذه الشهادات تكشف جوانب جديدة من أسرار السعادة الزوجية
سعيد بالزوجتين
حسن المنصوري الذي يعمل في وزارة الزراعة الإماراتية متزوج من امرأتين، وقد عبر عن ارتياحه إلى ذلك بقوله: «سعادتي لا توصف، خاصة في ظل العلاقة بين الزوجتين، فنحن جميعا سعداء... الزوجة أساس سعادة الأسرة واستقرارها، وكذلك حكمة الرجل وصبره، مع قدرته على توفير متطلبات الحياة وزرع الألفة والمحبة داخل الأسرة».
وردا على سؤالنا عن سر السعادة في ظل وجود زوجتين قال: «أعدل تماماً بين الزوجتين، وكل منهما تبدع في سبيل إرضائي».
التفاهم والحب والحنان
وعبرت إيمان أرمان (ربة منزل) عن سعادتها بحياتها الزوجية بعد مرور سنة ونصف من عمر هذا الزواج، وتقول: «بالطبع صادفتنا بعض العقبات في بداية الطريق، ولكن الحياة مستقرة الآن اعتماداً على ثلاثة أشياء، وهي التفاهم مع زوجي، الذي يعمل مهندسا في أبو ظبي، على كل شيء وفي أدق الأمور، والود والمحبة. وعلى الزوجة توفير الحب والحنان للزوج، وفي المقابل عليه أن يبادلها ذلك بالمثل. وفي ظل التفاهم ولغة المحبة تبقى هناك صعوبات تواجه الاثنين في إدارة شؤون الأسرة، وهنا لا بد أن تكون الثقة بين الطرفين واضحة لتذليل هذه الصعوبات».
وتضيف إيمان: «قد يكون الزوج من النوع العنيد أو ذا مزاج معين، وهنا يأتي دور الزوجة بكلامها اللين الطيب والصبر. ومع مرور الوقت وتحمل الزوجة لنصفها الآخر وشريك حياتها استطيع أن أؤكد أن السعادة ستكون محلّقة داخل هذا المنزل». أما زوج ايمان رامي زياد الذي يعمل في شركة «توريندو» مديرا تنفيذيا في أبو ظبي، فهو عصبي وحنون في وقت واحد كما يقول عن نفسه، ولكن إيمان أدخلت على حياته «البهجة والسرور لصبرها وكياستها وحبها لأسرتها، والحمد الله نحن سعيدان جداً».
السرّ في المعاملة الصحيحة
وترى نيفين كرم التي مضى على زواجها 6 سنوات، أن السعادة الزوجية من الصعب تحقيقها إلا عن طريق التفاهم والثقة بين الزوجين. وعن تجربتها تقول: «كانت قاسية في البداية ولكن سرعان ما تفهمت زوجي العصبي ولكن الذي يهدأ بسرعة. وبعد تبادل الكلام بعصبية لبعض الوقت انسحب بهدوء إلى غرفتي ونعود بعد ساعة أو بعض الوقت لنتكلم بهدوء وينتهي الأمر». وتعتقد نيفين أن كلا الزوجين بأيديهما السعادة، لأن الزوجة الناضجة هي التي تصنع السعادة في البيت من خلال الابتسام في وجه زوجها، «وبالنسبة إلي بدأت أتفهم ما يريده، وهذا هو سر السعادة، ومن هنا استطيع أن أقول إن الحب والسعادة متلازمان، فالأسلوب الصحيح في المعاملة يمثل الأساس في تحديد طبيعة السعادة أو يحدد طبيعة العلاقة بين الزوجين». أما زوج نيفين الذي يعمل ساعات طويلة في شركة فيرى أن السعادة تعتمد على الزوجة التي يجب أن تكون في غاية بهجتها أثناء عودة الزوج من يوم عمل، فلا بد من الابتسامة لأنها سر السعادة وكذلك تلبية احتياجات الزوج والاحترام والتفاهم في كل القضايا التي تهم الأسرة.
السعادة في القناعة
ترى حنان محمود عمار، وهي معلمة في إحدى المدارس الخاصة في الشارقة، أن السعادة «أمر نسبي، أو هي القناعة التي تختلف من شخص إلى آخر. والقناعة بين الرجل والمرأة تجلب السعادة، إلا أن هناك أسساً ومعاييرَ لتلك السعادة وأهمها المحبة والألفة... أنا أحب زوجي كثيراً لأنه إنسان بسيط يعشق الحياة الزوجية، وهو من البيت إلى العمل فقط. لا يخلو الأمر من المشاكل بيننا، ولكن بشكل عام هو قليل الكلام، ويرضى بالقليل ولا يتدخل في شؤون البيت بطريقة سافرة».
الخوف من المستقبل
عبّرت أسيل ابو غازي التي تعمل سكرتيرة في شركة مقاولات والتي عقد قرانها قبل عن خوفها من المستقبل: «أسمع كلاماً كثيراً عن السعادة. فترة الخطوبة كلها سعادة، فهل تختلف أيام الخطوبة عن الزواج؟ هذا ما قالته لي إحدى زميلاتي في العمل عن تجربتها بعد أن كانت فترة خطوبتها اغلبها حب وغرام، ولكن انقلب الحال بعد الزواج، وسرعان ما بدأت الخلافات وخاصة بعد تدخلات أمها!».
تجديد الحياة
وتعتقد فدوى الحسني المتزوجة منذ 15 عاما أن المرأة هي المسؤولة عن السعادة الزوجية أو تردي العلاقة بينها وبين زوجها، فهي مطالبة بأن تجدد في حياتها وترضي زوجها بكل الوسائل. «أنا اتنازل كثيرا من اجل إسعاد زوجي... تحصل بعض المشاكل، ولكن نتوصل إلى حلول لها من خلال المناقشة والحوار. وفي نهاية المطاف أتنازل لكي تستمر حياتنا الزوجية ونكون سعيدين».
المشاعر الصادقة والعفوية هي الأساس
وتقول ناهد عبد الكريم، وهي سيدة أعمال في دبي، إن مراحل الزواج عديدة وتكون البداية حميمة بين الزوجين كامتداد لأيام الخطوبة، وسرعان ما يتبدد هذا الشعور لكثرة الأعمال وخاصة إذا كان الزوجان يعملان خارج البيت. وعن تجربتها تقول: «زوجي رجل عصامي ويحب القيادة، ومن الصعب التوافق من دون أخذ التنازلات الأسرية في الاعتبار حتى تكون هناك سعادة حقيقية... أنا أحيانا أكون متعبة أكثر منه لأني أبذل في العمل جهداً كبيراً، ولكنه لا يعترف بذلك، وهو ما يولّد في نفسي نوعاً من الحسرة». وترى ناهد أن العلاقة الحميمة العفوية والعاطفة قد تكونان عاملين أساسيين لتعزيز نجاح الزواج. «والغزل والغرام هما من العوامل الفعّالة التي تعزز السعادة بين الزوجين».
قد تكون أخطاء أحد الزوجين من صنع الآخر
تؤكد الخبيرة الأسرية نانسي أحمد أن السعادة أمر نسبي يختلف من شخص إلى آخر. وتقول: «قد تكون أخطاء الزوجة من صنع الزوج نفسه، بحيث يكون هو المتسبب بها وبافتعال المشكلات. فيكون التنافر وتغيب الأرضية المشتركة للسعادة المنشودة. وقد يكون الزوج كذلك من النوع الذي يضخّم الأخطاء وينسى المحاسن، فيجعل من الحبة قبة كما يقولون، ويبني من التصرفات العادية تلالاً من الأوهام والظنون الفاسدة والشكوك المدمرة. وعلى كل الأحوال فالصبر على أخطاء الزوجة وهفواتها أمر مطلوب، وكل إنسان معرض للخطأ والزلل والنسيان».
وتضيف نانسي أن «أشخاصاً كثراً يشعرون بأنهم كانوا في عزوبيتهم أسعد حالاً منهم بعد زواجهم، ويكفي أن نعرف أن زيجة من كل ثلاث تبوء بالفشل، وذلك للأخطاء التي يرتكبها الزوجان قبل الزواج وبعده. وتدل الزيادة المضطرّدة في نسب الطلاق- ناهيك بالخيانات الزوجية- على تعاظم هذه المشكلة وحاجتنا جميعا رجالاً ونساء إلى أسس واضحة يقوم عليها بناء الحياة الزوجية... هناك مفاتيح للسعادة الزوجية، منها تحديد وقت خاص بالزوجين للاهتمام بحجرة النوم وبالمظهر من جانب الزوجة، وخاصة بعد عودة الزوج من العمل. والملاطفة والابتعاد عن الصدام والمناقشة الحادة، والحرص على تناول الوجبات معا قدر الإمكان لتكون فرصة للحديث الهادئ الذي يؤدي إلى السعادة».
وهذه شهادات من الجزائر على الزواج المستقر والناجح تتضمَّن إشارة مهمة وهي ان الأولاد عامل مهم من عوامل الإلفة والمحبة بين الزوجين
من الجزائر
السيدة زوليخة بلوز: التفاهم أساس حياتنا الزوجيّة
تعرفت إلى زوجي في عملي، فقد كان زميلي في المؤسسة نفسها.. لم أكن أبادله الشعور لكنني تزوجته رغم ذلك لأنه كان شاباً وسيماً محترماً خلوقاً ذا مستوى جامعي. وبعد زواجنا توطدت معرفتي به وتعلقت به وأحببته أكثر لأنه كان يقدرني ويعاملني بكل حب. أنجبت منه أطفالاً، وحافظنا على المحبة والمودة وازدادت إلفتنا مع تربية الأولاد.
ورغم الخلافات الزوجية العادية المترتبة على مشكلات الحياة اليومية، ووجود نوع من الغيرة الناتجة عن غريزة الإنسان لأن زوجي كونه مهندساً في الإعلام الآلي ورجل أعمال، محاط بالنساء الجميلات، استمرّت حياتنا لأن التفاهم كان أساسها ولأنني كنت مؤمنة بمقولة شعبية جزائرية تقول: «في البيت هو زوجي لكنه خارج البيت هو رجل كل النساء»، ولأنني كنت مسلحة بالثقة التي منحتها إياه، وعشرتنا متواصلة منذ 35 سنة والحمد لله.
أما زوجها فيبتسم ويقول: «أنا ألخص لكم استمرارية العشرة الطويلة مع زوجتي بمقولة شهيرة في بلادنا: «إذا وجدت تفاهما كبيراً بين الزوجين فـ«الدرك» (الثقل) على واحد»، فتأكدي أن ثقلاً واقعاً على أحدهما، أو بعبارة أخرى أن الأمر يتعلق بتنازلات من هذا الطرف أو ذاك. ولكنني أصدقكم القول إن الثقل كان على زوجتي، وأقدّر لها ذلك».
السيدة حسينة شيخ: الانسجام سبب نجاحنا
«التوافق والانسجام بيني وبين زوجي جعلا عشرتنا تطول عشرين سنة. هذا التوافق عمّق الصلة بيننا مع تقدم السنين. لولا هذا لكانت حياتي جحيما. نحن نتخانق كثيراً بسبب تهرب زوجي من مسؤولية الأولاد، ومن أكثر الأمور التي أكرهها التقصير في واجبات الأولاد في فترة الدراسة، ويحصل هذا عدة مرات، فنتشاجر ونتخاصم وأؤنبه بالكلام، لكن نتصالح سريعا والحق يقال هو دائما من يبادر بالصلح حتى لو كنت أنا المخطئة». زوجها محي الدين يعترف بتقصيره في حق أسرته «التي تتحمل أعباءها زوجتي وحدها، فعملي الإداري يأخذ مني جل وقتي...».
السيدة زهرة موحوس: محسودان من معارفنا
«أعيش مع زوجي قصة حب وفية منذ ارتباطي به وأنا في سن الثامنة عشرة. لم يكن لي سابق معرفة به قبل الزواج لكني أحببته وأحبني إلى اليوم، فأصبح يضرب بي المثل في هذا الحب، رغم انني لست كاملة الأوصاف، وغدوت محل حسد مع معارفي الذين يتعجبون من قصتي. نسعى دائما إلى كسر روتين الحياة، وأن نخلق البهجة بيننا. زواجنا مستمر منذ 46 سنة. هو أول حب في قلبي وهو كل حياتي. أشعر بأن زوجي أفضل رجل في العالم.
والمفارقة العجيبة في زواجي أنني مرضت بمرض سرطان الثدي في 2004، لكنني بفضل الله وحب زوجي ورعايته تحديت المرض وشفيت منه، الأمر الذي احتار منه الأطباء المعالجون لي. وأؤكد لكم انه لولا زوجي، الذي منحني كل القوة الكامنة في حبه، لما تمكنت من التغلب على كل المعاناة البدنية والنفسية الناجمة عن هذا المرض الخبيث».
السيدة سامية بغالي: الصدق والتفاهم ضمان السعادة الزوجية
تقول السيدة سمية بغالي المتخصصة في علم النفس: «الحب الحقيقي والتفاهم هما سر السعادة الزوجية. حياتنا لم تخلُ من بعض المشكلات التي تم تجاوزها من خلال العقل الواعي، وقدرتي على استيعاب كل المواقف. أستطيع أن أصف حياتي الزوجية بالناجحة نتيجة الثقة والمعاملة الجيدة، والأهم الاحترام وتبادل الرأي والمشاركة في اتخاذ القرار، إلى جانب عامل ومعطى مهم أساسي وأعني به الحب الحقيقي الذي بدونه لا يمكن أن نصل إلى السعادة.
مضى على زواجنا 16 سنة. في البداية لم أتمكن من الإنجاب لمدة ثماني سنوات، كانت تلك الفترة بمثابة امتحان لي، واجهت فيها نظرات العائلة القاسية وأسئلتهم الكثيرة. لكنني وجدت كل الدعم المعنوي من زوجي الذي لم يحسسني أبدا يأنه يرغب في طفل، بل منحني الأمان و الأمل والحنان، بعدها أنجبت طفلة».
يعتقد سمير، زوجها (إعلامي) أن «سر نجاح زواجنا هو التفاهم والحب والمعاملة الحسنة والاحترام الذي يسود علاقتي بزوجتي.لا شك في وجود مطبات في الحياة الزوجية، لا شك في أن الغضب يزورنا أنا وزوجتي كثنائي، لكني آخذ الأمور مهما بلغ حجمها بروح رياضية، لأني أحبها وهي تحبني».
السيدة خديجة جلول: تضحية متواصلة
«قدمت الكثير من التنازلات لأبقي حياتنا الزوجية مدة 52 سنة، حتى على حساب كرامتي ومشاعري كزوجة لإرضاء زوجي. رغم حبي وتقديري له لم يكن يعيرني الاهتمام نفسه. تزوجنا بمقياس عاداتنا وتقاليدنا وأنجبت منه 5 أطفال. زوجي (تاجر كبير) أناني ويعشق الجمال، يعشق دائماً الزواج بامرأة تكون شبيهة الممثلة ليلى علوي. لأنني أعشقه قمت، على حساب أعصابي، بتزويجه 7 مرات بطلب منه. كنت أقوم شخصيا بمراسم الخطبة والزواج، بعدها يطلق ليتزوج ثانية. تزوج وطلق سبع مرات، ومن حسن حظه كنّ كلهن صغيرات في السن وذوات قدر من الجمال، لكنهن لم يكنّ على ذوقه، حتى أنني كنت أتساءل لماذا يقبلن به...
كان أهلي وأقاربي يلومونني في حب زوجي ويسخرون مما أقوم به، لكنني لم أكن اهتم بذلك، لأن حبي لزوجي كان بلا حدود. بعد مرور سنوات من زواجنا وبعد فشله في تعداد الزوجات، تغيّر زوجي إلى رجل آخر، وشيئا فشيئا توطدت علاقتنا بحيث أصبح لا يطيق فراقي. يستشيرني في كل كبيرة وصغيرة ونتهاتف يومياً ونتبادل الأخبار والآراء. لكن الحديث عن جمال ليلى علوي ما زال مستمرا...».
الكاتب أحمد الصراف قال:
«السعادة الزوجية ليست عملية سهلة المنال، ولا تصبح حتمية بمجرد أن شخصين ارتبطا برابط الزواج نتيجة علاقة حب أو أنهما ينتميان لبيئة واحدة وثقافة متقاربة أو مستوى مادي وتعليمي متقارب. ولكي تتحقق السعادة الزوجية يجب أن تبنى العلاقة بين الطرفين منذ البداية على الصداقة، فمن دونها تصبح السعادة بين الزوجين صعبة! فنحن نختار اصحابنا، إناثا أو ذكورا، بناء على مقدار السعادة التي نشعر بها ونحن معهم. فالإنسان لا يصادق اقرب الناس إليه، كأشقائه مثلا، بل قد يكون الصديق أبعد الناس عن بيئته وخلفيته. ولكن المشكلة أن الصداقة في الزواج صعبة في مجتمعاتنا، ولا تسبق الزواج بل غالباً ما تأتي بعده، أو على الأقل يتوقعها الزوجان هكذا. ولكن غالباً ما لا تأتي الصداقة مع الزواج، وهذا سيسبب تسلل الملل إلى العلاقة الزوجية والهرب من البيت إلى النادي أو إلى أصدقاء من خارج بيت الزوجية».
أضاف: «يمكن القول إنه نتيجة وتيرة الحياة المتسارعة التي تعيشها غالبيتنا فقد اختفت أو كادت أن تختفي فضيلة «التضحية» التي كانت أكثر بروزاً في الحياة الزوجية في السابق. فقد اصبح الجميع يدركون أن الحياة قصيرة وأن التضحية يجب أن تكون من الطرفين. كما أصبحت مسألة المساواة والندية في الحياة الزوجية عامل إزعاج و»تطفيش» لواحد أو لطرفي أي علاقة زوجية. كما أصبحت المصلحة الفردية، ورغبة كل طرف في أن يعيش حياته على النسق الذي يعجبه وليس على خاطر شريكها أوشريكته، سببين لهدم بيوت زوجية عديدة. وعاجلا أم آجلا ستصبح العلاقة الزوجية نوعاً من الاتفاق المصلحي بين الطرفين بهدف تكوين أسرة وإنجاب أطفال، وليقوما برعاية بعضهما البعض في الكبر، ولا بأس طبعا بأن تتضمن تلك العلاقة العملية مقداراً من السعادة. كما من المعروف أن معدلات الطلاق ترتفع في العالم أجمع. ولكن يقابلها زواج أكثر عددا! وكما قلنا فإن الطلاق يرتفع معدله لأسباب مختلفة باختلاف المجتمعات». وختم الصراف حديثه قائلا: «العلاقة بين الطرفين ومعرفة أحدهما للآخر عادة ما تكون شبه معدومة، بسبب ما تفرضه العادات والتقاليد من حجر تعرّف طرفي العلاقة، قبل اقترانهما رسميا. وهذا الجهل بالآخر كثيراً ما يتسبب بمفاجأة للزوج أو الزوجة بعادات الطرف الآخر، ويحدث التصادم نتيجة عدم رغبة طرف في التنازل عن رفاهيته للطرف الآخر، سواء في ما يتعلق بالطعام أو النوم أو الزيارات أو غيرها... وهنا يقع الطلاق لأسباب لا تعرفها المجتمعات الغربية التي تتوافر فيها فرصة كافية ليتعارف الشريكان قبل إقدامهما على الزواج. والخلاصة أن السعادة الزوجية بحاجة ماسة لفهم كل طرف للآخر.
وقالت منى الصقر رئيسة مجلس ادارة جمعية معا للتنمية الأسرية :
«تحقيق التوازن في كل ما تطمح إليه المرأة أمر يحتاج الى فن، وأعتقد ان المرأة الكويتية واعية وناضجة بما فيه الكفاية، وتسعد نفسها ولا تكون سعادتها على حساب بيتها وتحقق السعادة للأسرة التي تحمل على عاتقها مسؤوليتها».
أضافت: «العمل وتحقيق الذات يأخذان وقتاً كبيراً من المرأة، إنما هناك وقت يجب ان تخصصه تماماً لأسرتها الصغيرة والممتدة. واعتقد ان اهتمامها لا يعتمد على قدر الوقت الذي تجلس فيه بل بنوعيته وما تقدمه لهم. وغالباً ما يكون لدى المرأة التي تعمل وتحقق ذاتها حس اكبر تجاه اسرتها وشعور بالذنب بأنها أمضت وقتاً طويلاً بعيدا عنهم وتريد ان تعوض هذا الامر، وبالتالي يكون لديها إحساس بالذنب وتستطيع ان تستفيد من الدقيقة الواحدة».
ورأت الصقر أن الأمر «يعتمد بالدرجة الاولى على المرأة فهي مهما ارتفعت في المناصب لا بد ان تلقيها عند باب البيت وتدخل فقط بصفة الأم الحنون المحتوية والأنثى المحتوية، واذا وازنت وعرفت ما لها وما عليها داخل وخارج المنزل لن تكون هناك تأثرات على حياتها، والا ستفقد هذا الزوج، ولا بد ان يكون هناك نجاح داخل المنزل، فلا معنى ان تكون ناجحة في المجتمع وأولادها فاشلين، ويجب ان تكون متألقة داخل البيت أولا، ومن ثم تحقيق ذاتها ونفسها، خاصة انها ليست المسؤولة عن تحقيق النجاح المادي للأسرة بل الاجتماعي وعلى نفس الخط التحقيق الذاتي والذي يعتبر جزء منه تحقيق السعادة لأسرتها، ويقاس تأثيرها بالمجتمع بنجاحها في بيتها».
ومن ناحيتها قالت المهندسة عبير الحبيل، رئيسة رابطة مهندسات الكويت:
«من المشاكل التي تواجه السعادة الزوجية صعوبة التوفيق بين الجانبين، ولكن في النهاية الامر يرجع الى مدى ذكاء المرأة. وبالنسبة إلي كتجربة شخصية إذا وجدت زوجي أعصابه مشدودة لانشغالي بالأمور الثانية أحاول أن اعوضه «وارخي الحبل»، وفي بعض المرات يكون عندي مؤتمرات خارجية ولكنها تتعارض مع وقت امتحانات ابنائي وهنا لا اضحى بمستقبلهم، بل اتنازل عن حضور هذه المؤتمرات».
واضافت: «اتمنى ان يساعدنا المسؤولون والجهات التطوعية اكثر، وأن تجري مراعاة وضع المرأة والمسؤوليات الملقاة عليها من هذه الناحية وتوفير كل ما يلزم لها، وشخصيا ألتقي العديد من الكفاءات النسائية اللواتي يمتلكن أفكاراً رائعة ولكنهن لا يفلحن في العطاء بسبب الارتباطات الأسرية».
واعتبرت الحبيل ان التفاهم هو «المفتاح السري» للسعادة، وقالت موضحة: «التفاهم في العلاقة الزوجية بين الطرفين قد يجعلهما يقدمان تنازلات تأتي على حساب العمل وليس الاسرة. والأمر يعتمد على عنصر أساسي وهو الزوج وما إذا كان يستحق ان اقدم له التنازلات. ولكن اذا كان لا يقدرني أتنازل عن حياتي الزوجية من أجل عملي، فالسعادة الزوجية لا تكون إلا بشركة كلا الطرفين. ولكن ليس كل الرجال الكويتيين قادرين على تقديم تنازلات والتفاهم. وأعتقد ان جميع الرجال لديهم الطباع نفسها، وهذا الأمر اكتشفته من خلال المؤتمرات العالمية التي اذهب اليها بحكم طبيعة عملي، وحيث ألتقي مهندسات من دول مختلفة ووجدت انهن يعانين تقريباً المشكلة نفسها».
أما الدكتورة خالدة الخضر، إستشارية صحة عامة ودكتورة في رعاية الامومة والطفولة، فقالت:
«السعادة الزوجية ليس لها معادلة معينة او ثابتة، ومهما كان الحب قبل الزواج والتوافق بعد الزواج بالثقافة والشهادة، لن تكون هناك وصفة سحرية للسعادة الزوجية». وأكملت: «بعد سبعة وعشرين عاما من الحياة الزوجية السعيدة، أعترف بانها لا تخلو من بعض الهموم رغم المحبة. لكن بعض المنغصات تنتج من اختيارات الابناء التي جاءت نتيجة إعطائهم حرية كاملة في اتخاذ القرارات، ونجد ان اختياراتهم ان يستقروا خارج البلد وهذا يقلل من الحياة الأسرية. وهنا نتساءل هل أخطأنا بإعطائهم الحرية الكاملة؟ وفي النهاية نتعايش مع الوضع، فلست من النوع الذي يضغط على الابناء».
وتابعت الخضر: «يفترض بكل من تفكر في دخول الحياة الزوجية ان تعلم أنها ستقدم تضحيات، وان تستفيد من الخبرات القديمة في حياتها، وان تكون المرأة دائما مهتمة بنفسها مثل الوردة، وان يتذكر الزوج زوجته دائما بالرائحة الجميلة ولا ينظر إليها إلا ويرى أموراً يحبها. وفي النهاية الحياة الزوجية شراكة بين المرأة والرجل على الرغم من ان المسؤولية الكبرى تكون على عاتق المرأة، وعندما يجد الرجل المرأة تضحي بالطبع سيضحي هو الآخر».
وقالت الدكتورة حنان السعيد، وهي ناشطة تربوية وسياسية وعضو جمعية حقوق الانسان وجمعية المعلمين الكويتية ومرشحة سابقة لمجلس الامة:
«السعادة الزوجية مرهونة بطرفي العلاقة، الرجل والمرأة، فهما اللذان يحددان ما يريدان من بعضهما، وعليهما عدم تقديم المهم على الاهم. وبالتأكيد السعادة نسبية ومتباينة من بيئة الى أخرى، فهناك مجتمعات يكون أساس سعادتها ما يتوافر من كماليات، كالسفر وما الى ذلك. في حين أن هناك مجتمعات أخرى تُبنى فيها السعادة على أساس الالتزام الديني».
وأضافت إن «السعادة الزوجية أساسها الاتفاق بين الزوجين، ومحورها التنازل والتسامح بين الطرفين والرضا بما رزق الله من ماديات، ولهذا فنحن من نوجِد السعادة او التعاسة في حياتنا وباختيارنا».
واعتبرت ان مفردة العزوف عن الزواج لدى البنات غير موجودة، وشرحت: «ما نلتمسه كمتخصصين ان النسب مرتفعة، ولكن الاشكالية تكمن في عدم وضوح الاهداف، او في تقديم المهم على الاهم، وهذا ما يجعل المسألة ضبابية في الكثير من النواحي. كما يلعب غياب المصارحة دوراً سلبياً بين الطرفين. ولهذا انصح بالزواج الواعي، دون استعجال او استغفال».
وزادت قائلة: «الرجل الخليجي والمرأة الخليجية لم يتربيا على ان يقولا كلمات الاطراء والغزل، كما ان المصارحة هي أساس يجب توافره كون المشاكل البسيطة اذا تراكمت مع مرور الزمن تولّد مشاكل أكبر يصعب حلها، ومع الوقت تختفى المودة والعلاقات الحميمية والسعادة ويحدث البرود في العلاقة الزوجية».
وقال الكاتب والفنان التشكيلي عادل فهد المشعل:
«الحالة الزوجية تختلف من شخص إلى آخر، ومتطلبات الحياة اليوم تتطلب الكثير، ويترتب عليها عبء إضافي... عندما تطغى الماديات على حياة الأزواج والزوجات يصعب عليهم الاستمرار، خاصة اذا غالت المرأة في طلباتها المادية». وتابع قائلا: «كلامي لا أقصد به التحامل على المرأة، فهم يلقبونني بفنان المرأة من شدة تقديري لها، وزواجي استمر 37 سنة وكنت أتعامل مع زوجتي بالحب والرومانسية، وطوال هذه الفترة لم يكن بيننا خلاف رفعت فيه صوتي او يدي عليها. وبعد ان توفيت – رحمها الله، ارغب في الزواج، ولكن يجب أن أنتظر لأن ابنائي يحتاجون إلي». وتساءل: «كيف نسأل عن السعادة الزوجية ونحن نعيش في مجتمع ترتفع فيه نسبة الطلاق؟ واذا راقبنا معدلات الخيانة سنجدها خيالية».
الأكثر قراءة
إطلالات النجوم
ياسمين عبد العزيز تستعرض رشاقتها ببدلة كلاسيكية
أخبار النجوم
نجوى كرم وناصر القصبي وباسم يوسف يكسرون قواعد...
إطلالات النجوم
جينيفر لوبيز تتلألأ بـ Bodysuit في حفل إيلي صعب
أخبار النجوم
خاص "لها" - تطورات الحالة الصحيّة لمحمد منير
أخبار النجوم
منة شلبي تزيح ليلى علوي وأحمد عز من الصدارة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024