تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

أمير الطرب العربي صابر الرباعي: تاريخي الفني كله عند والدي الذي رحل أخيراً

بحرقة قلب وتأثّر، استرجع معنا طفولته والبذرة الفنية الأولى التي زرعت فيه... عاش جواً خيالياً في منزله، تعلّم عزف العود على يد والده، وترك الإطراء والمجاملة وأصغى إلى انتقاداته. هو أمير الطرب العربي صابر الرباعي، الذي خسر والده قبل أيام قليلة من انطلاقة الموسم الثاني من برنامج the Voice الذي يؤدي فيه دور المدّرب. عن أبرز محطات حياته مع والده، عن علاقته بالكرسي وألبومه الجديد. يحدّثنا صابر بشفافية وعفوية في هذا اللقاء...


- كيف تلقيت خبر وفاة والدك؟
والدي إستثنائي، نعتبر أننا خسرناه منذ سنوات لأنه تعذّب كثيراً على فراش المرض. والدي علّمني العزف على آلة العود، هو الذي زرع في داخلي البذرة الفنية الأولى، كان يعزف على العود ويغني ولكن في الإطار العائلي فقط. كما أن أمي كانت تردد معنا بعض الأغنيات، كنا نقيم جواً خيالياً في المنزل، في إطار كفوء لكي تنتج أرضية خصبة.

- ما هي أبرز محطات حياتك مع والدك؟
علمني العود وكتب بدلاً مني أول رسالة لنادي المواهب في تونس لكي أشارك وحصلت على الجائزة الأولى حينها، وهو الذي أخذني إلى برنامج نجيب الخطاب، حيث قطعت مراحل مهمة، وهو الذي لم يكن راضياً عني عندما كنت أتحدث في وسائل الإعلام وكان يقول لي دائماً: «لا، لم تصل بعد». تركت الإطراء والمجاملة وذهبت إلى الإنسان الذي لا يضحك في وجهي لأنه الأصدق. كان على ثقة بأني أستطيع تقديم الأفضل، وفي مرحلة من المراحل بعد 10 أو 12 سنة من دخولي المجال الفني، وجد أني أصبحت متحدثاً جيداً وقال لي «جيد، بدأت تعرف كيف تتحدث وسوف تصل...». ولم يقل اطمأننت عليك وانتهى. والدي سجّل لي كل كلماتي وحركاتي وأغنياتي وكل خطوة خطوتها في حياتي الفنية وهي موجودة على الكاسيت والفيديو... لديّ خزانة مليئة بالكاسيتات والفيديوهات فيها البرامج الأولى التي تقدمت إليها وكلها بالتاريخ والوقت، لقاءاتي الإذاعية والتلفزيونية كلها مسجلة. تاريخي الفني كله عند والدي.

- ما هي أغنيتك المفضلة لديه؟
أغنية «الأب» كان يبكي عندما يستمع إليها.

- هل تذكر أنك أخطأت يوماً بحقه؟
لا أبداً، والدي كان إستثنائياً فهو لم يكن يعطي مجالاً للمناقشة أو للجدال في شيء لأنه كان متحدثاً لبقاً، وبالتالي كنا نخجل من أنفسنا أمامه.

- هل كان قاسياً في التعامل معكم؟
أبداً، وأنا أتبع مع أولادي الأسلوب الذي تربّيت عليه، من خلال النقاش والحوار. كان والدي الأب الحنون الذي يوجّه أولاده وكان المدرّس المثالي. ولسنا فقط من يقول هذه الصفات عنه، هناك عدد كبير من الأشخاص الذين اتصلوا بي عندما توفي.

- ما كانت مهنته؟
كان مدير مدرسة، في السابق كانت المدرسة قسمين وتطورت وكبرت على يديه. بقي مديراً لمدة ست وعشرين سنة في المدرسة نفسها، وسُمّيت المدرسة باسمه «مدرسة هادي الرباعي».

- هل تعلّمت في مدرسة والدك؟
طبعاً...

- هل شخصيته كوالد طغت على التدريس أم شخصيته كمدرّس طغت على البيت؟
والدي كان يفصل بين المدرّس والأب في البيت، هو الأب المثالي ولا أذكر يوماً أنه رفع صوته، كان هادئاً جداً، اسماً على مسمّى...

- ما هي الطباع التي ورثتها عن والدك؟
الهدوء، أعتبر نفسي هادئاً، لست متسرعاً وإذا كنت ملتزماً بشيء ما، إذا حدث يا أهلا وسهلا واذا لم يحدث ليست بكارثة.

- كيف تقوّم إنطلاقة هذا الموسم من the voice؟
كمّ الأصوت الجميلة أفضل من السنة الماضية وهذا شيء مشجّع ونتمنى في الحلقات المباشرة أن يرتاحوا أكثر ويتأقلموا مع المسرح ومعنا لدى تأديتنا الدويتوهات والتريوهات معاً.

- ما هي المعايير التي اخترت على أساسها فريقك؟
المعيار الوحيد كان الصوت، فلا الشكل ولا الجنسية كانت معروفة.

- كيف هو شكل الصوت الذي تختاره؟
صوت يمسّني ويجمع بين تقنيات الغناء والإحساس، حتى لو أخفق في الغناء في مكان ما، بحكم تجربتي، أدرك إن كان الصوت متمكناً وإن كان بإمكانه المواجهة والمتابعة للوصول إلى النهائية أم لا. فقد مرّت بعض الأصوات مرور الكرام وشعرت بأنها صغيرة ومكانها ليس مسرحthe Voice .

- مرّت بعض الأصوات الجميلة ولم تدر لها كرسيك.
هناك أصوات حلوة ولكن بالنسبة إليّ ليست من نوعية الأصوات التي أبحث عنها.

- حافظت على استراتيجيتك التي اعتمدتها في الموسم الأول من البرنامج وتروّيت في عملية انتقاء الاصوات، وكنت قد ذكرت لنا في الحلقة الأولى أن أكثر ما لفتك كانت الأصوات الغربية...
بشكل عام الغناء الأجنبي لديه «سكة واحدة» أو طريق واحد، والمطلوب من المغنّي الغربي أن يقتصر على التمتّع بالطاقة الصوتية والغناء بشكل صحيح على النوتة، بينما في الغناء الشرقي، يحتاج المغنّي إلى التوفيق بين خامة صوته وإحساسه وتقنياته وأدائه ومخارج حروفه وتلويناته الغنائية، ما يجعل مهمته في إقناع المستمع أصعب. ولكن الأصوات الشرقية والغربية كانت مميزة جداً في هذا الموسم وقد انتقيت أفضلها!

- هل يمكن أن تختار صوتاً غربياً لا يتقن الغناء الشرقي خلال مرحلة المواجهة؟
بالتأكيد، المشارك الذي يغني عربي مكسب لفريقي وللبرنامج، ولكن الـ Show الذي يقدّم مع الأغنيات الغربية في الحلقات المباشرة مهم بالنسبة إليّ.

- أي أن اختيارك للموهبة في مرحلة المواجهة غير مرتبط بالشخص الذي يغني الشرقي والغربي معاً؟
لا، ولكن اختياري سيعتمد على ما سيقدمه، ولكني كنت أفضّل أن يقدّموا معادلة خاصة بالغناء الغربي، وفي هذه الحالة كنا اخترنا أصواتاً غربية أكثر من تلك التي نأخذها الآن. وهناك احتمال أن يحوز اللقب من يغني غربي في هذا الموسم. وبعيداً عن اللقب، بالنسبة إليّ الصوت الذي يتعدى المرحلتين الأولى والثانية ويصل إلى المرحلة المباشرة يعني أنه اختصر مسافات دون الرجوع إلى الجوائز. والدليل أن كريس جر التي شاركت في الموسم الأول وانضمت إلى فريق كاظم، وصلت إلى المباشر ولم تفز باللقب، إلاّ أنها فازت بجائزة النجم العالمي كوينسي جونز وتعاونا معاً في عمل فني.

- تعاون كاظم مع يسرا في أغنية «ساعة»، هل سنشهد تعاوناً بينك وبين قصي أو أحد أعضاء فريقك في الموسم الأول؟
ليس شرطاً أن نسجل أغنية معاً، فإذا حصل التعاون بيني وبين قصيّ أو أي من أعضاء فريقي السابق أو لم يحصل، أنا أقف بجانبهم وأدعمهم وأجتمع معهم في برامج تلفزيونية وحفلات غنائية. فبعد أيام قليلة، ستشاركني مريم الشجيري التي خرجت في مرحلة المواجهة أمام لمياء الزايدي، في حلقة من برنامج «صولا» مع أصالة. كما كان من المفترض أن ألتقي يسرا في حفلة في تونس، ولكن في اللحظة الأخيرة تبدّلت وغنت فتاة أخرى مكانها.


كيف تصف فِرَق:

  • عاصي: فكر قليلاً ونوّع في خياراته أكثر من الموسم الماضي
  • شيرين: حافظت على «التكتيك» نفسه الذي اعتمدته في الموسم الأول، فإذا لمست الإحساس في أي صوت تدير كرسيها فوراً
  • كاظم: فريق متنوع وشخصياته متنوعة


- هل تعتبر أنه حصل توافق بينك وبين شيرين في اختيار الأصوات؟
لا أبداً، شيرين في بداية الحلقات كانت تدور بمفردها، التففنا معاً مرتين أو ثلاثاً عندما اكتمل فريق كاظم وحين كان عاصي يبحث عن بعض الأصوات المختلفة، ولا يمنع أني في الحلقات الأولى قلت لها «اهدي شوية» ونصحتها بالتروّي لأن المزيد من الأصوات كانت تنتظر دورها في الحلقات التالية لنسمعها. ولا أخفي أن عين شيرين كانت على بعض الأصوات التي انضمت إلى فريقي.

- لم يكن بينكم تحالفات في هذا الموسم، كالموسم الأول.
هي لعبة ويجب ألا نخرجها من إطارها، وكل واحد منا يحب أن يربح. مثلاً عاصي يتمنى أن يفوز في الموسم الثاني من «أحلى صوت»، ونحن نحاول أن نأخذ الصوت الذي يكسبنا. وكل واحد لديه فريق يدعمه ويشجعه ليصل إلى اللقب.

- أي أن هناك روح تنافس حقيقي بينكم؟
بلا شك.

- هناك أصوات قوية جداً انضمت إلى فريق عاصي!
يمكن أن تصيب إختيارات المشاركين ويمكن أن تخطئ، ويمكن أن يفوز عاصي من جديد، ليس لأن عاصي المدرّب بل لأن الصوت جميل، فالتصويت لن يكون لعاصي بل لصاحب الصوت. المكسب في the Voice غير مرتبط بأشخاص المدربين بل بأصوات المشاركين.

- لكن المشارك هو الذي يختار المدرب!
نعم، ولكن نحن لا نحّول إنساناً لم يغنِّ في حياته إلى نجم ونمنحه جائزة... فمن شارك في the Voice هم أشخاص لديهم أسس صحيحة في الغناء ويعرفون كيف يغنّون ودورنا كمدربين هو توجيههم بالتعاون مع مدربي الصوت Vocal Coaches، للغناء بالطريقة الصحيحة وتسهيل عملية إندماجهم في الحياة الفنية.


صابر الرباعي... أجمل مختصر

- ماذا عن الألبوم الجديد؟
يحمل عنوان صابر الرباعي «أجمل مختصر»، سلّمته قبل أيام إلى شركة «روتانا» ومن المقرّر أن نصدره بعد مرور أربعين يوماً على وفاة والدي إحتراماً لروحه، أي أواخر كانون الثاني/ يناير.

- كم أغنية يتضمن؟
10 أغنيات.

- «أجمل مختصر»، عنوان جميل، من كتب الأغنية ولحنها؟
كتبها ولحنها صلاح الكردي، وهي باللهجة اللبنانية.

- على ماذا ارتكزت في هذا الألبوم؟ ومع من تعاملت من الشعراء والملحنين؟
يضمّ الألبوم 5 أغنيات لبنانية، أغنية تونسية-عراقية، وأخرى تونسية-مغربية، وأغنية تكريمية لوردة الجزائرية تحمل إسم «وردة» وهي من ألحاني، بالإضافة إلى أغنية خليجية إسمها «يا مفتري» من ألحان فايز سعيد، كما أني تعاملت مع هشام بولس وسليم عساف وصلاح الكردي وعادل العراقي وغازي العبّادي.

- أي من الأغنيات تتوقع لها أن تتصدر أغنيات الألبوم؟
لا أريد أن أظلم أي أغنية فكل واحدة منهم لها ستايل معين، «وين وين» أغنية تونسية-عراقية لها ستايلها، «مبروك عليَ» ستايل آخر، «أجمل مختصر» أغنية رائعة، الشرقي كذلك في «انت الوحيدة» صابر «رقص الهوانم» مؤثّر جداً، و«يا مفتري» تحمل طابعاً مميزاً في كلامها ولحنها، كما تتميّز أغنية «وردة» في تنوّع المقامات والثقل في الأداء.

- كيف هي العلاقة مع روتانا؟
هذا آخر ألبوم مع روتانا وفق العقد.

- كم فيديو كليب ستصور؟
سأصوّر اثنين على الأقل.

- هل تحضر لكليب الآن؟
لغاية الآن لا.

- ماذا عن الكليب الذي صورته في دبي؟
هذا الكليب لأغنية خليجية «يللي بيته من زجاج» ولكن إطلاقه مؤجل ولن يعرض على شاشات التلفزيون حالياً.

- متى سيصدر الألبوم الخليجي؟
قد يصدر بداية الصيف المقبل.

- كيف وجدت أصداء أغنية وكليب «كش ملك» الذي جمعك بزوجتك إخلاص؟
جميلة جداً، كانت ردود الفعل إيجابية جداً على مشاركة زوجتي في الكليب وعلى فكرة الأغنية، لكننا مع الأسف أصبحنا نتذوق الأغنيات ولا نشبع. وتأتي بعدها أغنية أخرى، ولم يعد هناك أزمة إنتاج أو كثافة إنتاج غنائي، بل أزمة سمع ونوعية غناء. 

- ألم تتأثر أعمالك بالأزمة التي نعيشها في العالم العربي؟
كلنا تأثرنا وكلنا يتمنى أن يستقر الوضع، نريد أن نعيش. هل نحن ملزمون أن نتحمل هذه المهاترات السياسية؟! ولكن المغلوب على أمره دائماً هو الشعب. السياسة للسياسيين الذين يملكون الخبرة فقط، لكن لا أن يجعلونا كالكرة بيدهم.


الكرسي

- كيف وجدت الكرسي في البرنامج؟
حلو يدور.

- ألا تبدّله بكرسي سياسي؟
لا أبداً.

- هل تعتقد أن الفنان يصل إلى الشعب أسرع من السياسي؟
نعم هذا صحيح. لأن السياسيين يتكلمون من دون جدوى وأحببنا أو لم نحب البلدان العربية تبقى دائماً لا حول لها ولا قوة أمام الغول الأجنبي.

- هل أنت مستعد لأن تحمل قضية معينة وتعمل من أجلها؟
بعيداً عن السياسة، نعم مستعد لأن أتابع القضايا الإنسانية، مثلاً قضية الأطفال الذين لا يستطيعون الوصول إلى المدرسة والمجبرين على البقاء في منازلهم. هؤلاء هم جيل المستقبل. تخيّلوا جيل المستقبل لا يقرأ... إضافة إلى القضايا الإنسانية التي تستغل الطفولة كوسيلة لتبليغ رسائل سياسية، رسائل طائفية وأن يعلموهم أشياء أكبر من أعمارهم. عندما نرى في فيديو طفلاً يضع على رأسه شعاراً ويحمل بندقية أكبر منه ويردد هتافات علموه إياها، أهذا هو جيل المستقبل؟!

- هل ما تراه يدفعك إلى التشدّد مع أولادك؟
بالطبع، الأصحاب والمحيط والنقود، لست قاسياً معهم ولكني حريص على ألا يفلتوا مني خصوصاً في ظروفي الإجتماعية والفنية. شيء مقرف ما نعيشه من ناحية المتاجرة بالدين وهؤلاء المدسوسين في المجتمعات الإسلامية والعربية لكي يفرقونا، من خلال سياسة فرّق تسد. هم يعرفون من أين تؤكل الكتف والتلاعب بعواطفنا وغرائزنا، ففي فرنسا مثلاً هناك العديد من الطوائف التي تعيش مع بعضها جنباً إلى جنب وليس هناك أي نوع من المشاكل، الإنتماءات هذه غير موجودة في الغرب. هناك تعايش للديانات مع بعضها. هؤلاء يزرعون فينا لغة الحقد، لا يحق لأحد أن يزرع في بلادي الفتنة ولا يجوز لأحد أن يفرض علينا أفكاره.

- غنّيت «الله على الدنيا»، كيف تجدها اليوم؟
يردّد الأغنية، «ان مرة صفيتلك، كم مرة، كم مرة ما تصفى، يا دنيا ملّينا يا دنيا جراح فوق جراح، مرة تضحكنا مرة تبكينا...». اسمها دنيا، أي السفلى، ما يعني أننا نعيش في الأسفل...


غرّد...

أتمنى على الإعلام الموقر أن ينساني قليلاً في أموري الخاصة وأن يهتم بأموري الفنية أكثر، لأن هناك نوعاً من المتاجرة بالناس وبأعراضها وهذا شيء مزعج. باستطاعة الإعلام أن يأخذ خبراً عني ولكن أن يهتم به أكثر مما يهتمّ بما أقدمه من أعمال فنية، فهو أمر مؤسف! حاولت أن أبعد حياتي الشخصية عن الأضواء ولكن في النهاية نحن نعيش مع الناس ويحبون أن يعرفوا عن حياتنا. لكن أمنيتي هي أن ينسوا حياتي الإجتماعية قليلاً ولينشغلوا بحياتي الفنية...

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077