تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

الزوجة: زوجي هرب وتركني أدفع ثمن جريمته!

جريمة مثيرة بطلتها زوجة ضحّى بها زوجها وهرب أثناء تفتيش الشرطة لمنزله وضبط كمية من المخدرات داخل حجرته، لتتحمل هي مسؤولية جرائمه، وتصبح تاجرة مخدرات في نظر القانون. المثير في الموضوع أن هذا الزوج، رغم علمه أن الشرطة قبضت على زوجته، لم يسلم نفسه ليبرئ ساحتها من الجريمة، بل تركها تواجه مصيرها المجهول، ولم يتعاطف مع أطفاله الثلاثة الذين يعيشون بلا أمٍّ ترعاهم، بعد أن وجدت نفسها مطالبة بأن تدفع ثمن جريمة زوج بلا قلب!


الساعة كانت تقترب من الأولى صباحاً، الهدوء بدأ يفرض سطوته على الحي الشعبي الذي تسكن فيه سعاد التي تبلغ من العمر 34 سنة.
أطفالها الثلاثة يستعدون للخلود إلى النوم، لكنها كانت تنتظر عودة زوجها جمال، كانت تشعر بقلق يراودها من حين إلى آخر على زوجها، وفجأة سمعت صوتاً خارج الشقة يطرق بعنف ويأمرها بفتح الباب ويقول: «شرطة»، أسرعت سعاد وفتحت الباب، قلبها ينبض، وعلامات القلق والخوف على وجهها.

يأمر المقدم وائل متولي، رئيس المباحث، القوة المصاحبة له بتفتيش المنزل، فوجدوا حجرة مغلقة، سأل الضابط الزوجة التي كانت ترتجف خوفاً وتحتضن رضيعها بين صدرها، لماذا هذه الحجرة مغلقة؟
أجابت الزوجة بكلمات متقطعة ونبرة صوت خافتة: «لا أعرف سبب غلقها، لكنها حجرة تخص زوجي ولا أعلم عنها شيئاً»، كلمات قالتها سعاد ودموعها تنهمر من عينيها بغزارة، وطفلاها أحمد (ثلاثة أعوام) وإبراهيم (عامان) يبكيان.
عاد الضابط ليسأل سعاد عن زوجها وأين ذهب، فقالت: «لا أعلم أين ذهب، لكنه كان قبل ساعات في المنزل أثناء الاحتفال بطفلنا الجديد مع الأسرة والأهل والأصحاب، وخرج مع صديقه جمال ولم يعد».


مشهد مؤثر

أعطى الضابط أمراً إلى أمين الشرطة، الذي كان واقفاً أمام الحجرة المغلقة بكسر الباب، وأثناء التفتيش عثر رجال المباحث على سبعة آلاف قرص مخدر وكمية من مادة الحشيش.
خرج الضابط إلى سعاد يحمل المضبوطات ويسألها: «لمن هذه المخدرات؟».
صمتت الزوجة لفترة من الوقت ثم قالت وهي تبكي: «لا أعرف يا حضرة الضابط، سبق أن قلت لك إن هذه حجرة زوجي، وهو يغلقها عندما لا يكون في المنزل».

يأمر الضابط بالقبض على الزوجة التي تطلق صرخاتها وهي تحمل رضيعها وتضمه إلى صدرها، تتوسل إلى الضابط أن يتركها من أجل مولودها الجديد، تحاول إقناعه بعدم وجود علاقة لها بهذه المخدرات، وأن زوجها هو من قام بوضعها في المنزل وتركها وهرب ليفلت من السجن. لكن ضابط المباحث يجيبها بأنه يطبق القانون، وأنه عثر على المخدرات أثناء وجودها في المنزل، وأنه أيضاً لن يترك الزوج وسوف يقبض عليه ولن يدعه يهرب من العدالة.

تترك الأم المتهمة طفلها الرضيع مع زوجة شقيقها، تربت على كتفها وتوصيها أن تهتم بطفلها ودموعها تسبق كلماتها، ثم تقبل طفليها الآخرين وترحل وهي مكبلة بالقيود الحديدية، وطفلاها يناديان عليها، في مشهد مأساوي مؤثر أبكى الحاضرين من الأقارب والجيران.


داخل سيارة الشرطة

استقلت سعاد سيارة الشرطة وتسأل: «هل مصيري السجن رغم أنني ليس لي علاقة بهذه المخدرات، أم أن القبض على زوجي سوف يخفف الحكم عليَّ وأخرج إلى أطفالي؟».
أسئلة كثيرة كانت تتوجه بها إلى رجل الشرطة الموجود معها في السيارة ليبعث داخلها رسالة طمأنينة، لكنه لم يستطع الرد عليها سوى بكلمات قليلة: «اتركي الأمر لله هو القادر على كل شيء».
كانت صورة الأطفال أمام الأم دائماً، وخاصة رضيعها زياد الذي لم تتوقف عن التفكير فيه، حتى وصلت السيارة إلى قسم الشرطة وجلست سعاد أمام العميد محمد نجم مأمور القسم الذي سألها عدة أسئلة عن سبب تجارتها في المخدرات، إلا أنها نفت أي علاقة لها بتلك التجارة.


حكايتي مع زوجي!  

لم يعرف النوم الطريق إلى عيني سعاد في أول ليلة تبيت فيها داخل تخشيبة قسم شرطة المطرية، القلق، الحيرة، الخوف، مشاعر أفقدتها الإحساس بالأمان، إضافة إلى أنها الليلة الأولى لها في مكان لم تكن تتخيل أبداً في يوم من الأيام أنها سوف تنام فيه ليلة واحدة.
مر الوقت ببطء على سعاد حتى ساعات الصباح الأولى، عندما جاء أحد أفراد الشرطة وفتح باب الحجز ونادى عليها حتى تذهب إلى النيابة للتحقيق معها.
أثناء وقوفها أمام مكتب وكيل النيابة التقينا بها، سألناها:

لماذا هرب زوجك وتركك تواجهين هذا المصير المجهول؟
لا أعرف لماذا فعل ذلك، لكن المهم أنني بريئة وليست لي علاقة بالمخدرات، كما أنني فوجئت بالشرطة وهي تخرجها من حجرة زوجي، فأنا في هذا اليوم كنت أحتفل بسبوع طفلي زياد، وزوجي خرج ولا أعلم هل علم عند عودته بوجود الشرطة فهرب؟ لا أستطيع أن أجزم، لكنه في كل الحالات هرب وتركني أواجه مصير السجن المجهول.

ماهي طبيعة علاقتك بزوجك؟
لم يكن أمامي حرية اختيار زوجي، فقد كنت فتاة بسيطة، والدي ووالدتي توفيا في شهر واحد، مما كان صفعة قوية لي. حاولت أن أجد فرصة عمل حتى أنفق على نفسي وأتحمل المسؤولية مبكراً، لكن حين كنت أجد الفرصة لم أكن أجد المقابل المادي الكافي فكنت أترك العمل... أخذتني الحياة بمتاعبها وشقائها من أفكار كثيرة عادةً ما ترتبط بجيل الشباب وسن المراهقة، إلى أن فوجئت بجمال يتقدم إلى شقيقي الأكبر ويطلبني للزواج. ترددت في البداية، خاصةً أنني كنت أسمع أنه مريض نفسي ويعاني من انفصام في الشخصية، لكنني في النهاية وافقت. وبمرور الأيام أنجبنا ثلاثة أطفال، كنت أعيش معه مثل أي زوجة تراعي الله في زوجها، لكن بعد مرور الوقت اكتشفت فعلاً أنه مريض بانفصام في الشخصية، ويتحدث أثناء سيره في الطريق، كما أنه يتشاجر مع الناس وله خلافات وعداءات كثيرة بسبب هذا المرض، ودائماً منطوٍ ومنعزل عن الناس يفضل الجلوس بمفرده دائماً، وتصيبه حالات نفسية من وقت لآخر.

زوجك تاجر مخدرات، هل كنت تساعدينه في هذه التجارة الممنوعة؟
زوجي مريض نفسي، وكنت أتعامل معه بحذر، وكان يحب أن يكون له خصوصية، ولا أتطفل عليه، لأن رد فعله يكون عنيفاً يصل إلى ضربي، والحجرة التي تم ضبط المخدرات فيها لم أكن أجرؤ على دخولها إلا إذا طلب مني هو هذا، حتى أنظفها أو أنسق محتوياتها. وكان دائماً يغلقها فكيف أعرف أنه يتاجر بالمخدرات؟ لو كنت أعلم أن زوجي تاجر مخدرات، وأنه سوف يلقي بي لمواجهة السجن ويهرب لما ظللت لحظة واحدة زوجة له، لأن هذا يعد غدراً ولا آمن على نفسي معه بعد اليوم. الشيء الوحيد الذي يقطع قلبي هو زياد طفلي الرضيع وشقيقاه الصغيران، فهم الآن يعيشون بلا أب ولا أم.

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077