'فنانات الأعراس' في السعودية... بعضهن جامعيّات...
«فنانات الأعراس» ظاهرة فنية موجودة في السعودية وتدور حولها الكثير من الأقاويل والأخبار، وربما المغالطات. هناك من يسميها مهنة «الطقاقات»، لتحقيق هدفي «الوناسة» و «المادة»، عوضاً عن العمل المكتبي المتعب والدخل الشهري المحدود، إلا أن أصحاب المهنة ينفون صحة الكلام عن المدخول المليوني الذي يُزعم أن الفرق تتقاضاه... «لها» تحدثت إلى بعض «فنانات الأعراس» فكان هذا التحقيق.
هذه «الطقاقة» لمن لا يعرف هي مطربة الأفراح. و«الطق» هو الغناء في الحفلات العادية وحفلات الزواج... مهنة تدرّ مالاً تتباين التقديرات حوله، وقد ترتفع الكلفة في ظل تزايد الطلب على هذه الفرق التي انتشرت في المجتمع الخليجي، وحسب العدد والآلات المصاحبة لها، وسعر الفرقة التي غالبا ما تتألف من ست منتسبات ومطربة.
قالت مشاعل (22 عاماً) الطالبة في إحدى الكليات الأهلية والتي تعمل في الأفراح ليلاً، إن «البرقع» صار رفيقاً لها منذ بدأت هذه المهنة قبل سبع سنوات في أول عام جامعي لها. تقول: «منعاً للحرج أرتدي البرقع حتى لا تتعرف إلي زميلاتي في الجامعة وبعض أقاربي، علماً أن عدداً كبيراً من الجامعيات يلتحقن بهذا العمل».
وأوضحت أن مبلغ الليلة يتفاوت من منطقة إلى أخرى، ففي المدن الصغيرة يتراوح سعر الفرقة بين 7 آلاف و11 ألف ريال، بينما في المدن الكبيرة قد تصل المبالغ إلى 100 ألف، ولكن المتوسط لا يتعدى 35 ألفاً في الغالب.
ورغم هذه المبالغ، لا يبلغ نصيب «الطقاقة» إلا القليل، إذ أوضحت أن المبلغ يقسم على أعضاء الفرقة المكونة من أكثر من تسعة أفراد، هم المسؤولون عن العدة: بنت الطبلة، بنت المرد، مرد التشكيلة، الأزيار، المرجاف، الهاجر، العازف. وهي آلات خاصة تستخدم في إحياء الليلة، والفنانة التي تقود الفرقة، إذ يقسم المبلغ بينهم إضافة إلى سعر إيجار أجهزة المكبرات الصوتية الذي يصل إلى 2000 ريال لليلة الواحدة، وسائق الفرقة الذي يجب أن يكون له نصيب من سعر الحفلة في كل ليلة من تركيب السماعات الصوتية والنظام الصوتي المتكامل بإشراف مهندس صوت، كما أشارت «الطقاقة» مشاعل، يقابله أجر خاص يصل معدله إلى خمسة آلاف ريال، إضافة إلى بعض الخدمات الأخرى بحسب طلبات أصحاب حفلة الزفاف.
وبدأت فتيات من جنسيات أخرى غير سعودية غزو عالم «الطق». وفسرت منى حكمي انتشار هذه الظاهرة بندرة الوظائف وارتفاع نسبة البطالة وانتظار المتخرجات سنوات طويلة للحصول على وظائف دون طائل. ولفتت إلى أن فنانة الأعراس قد تحصل في أسبوع واحد على راتب متخرجة جامعية لمدة سنة كاملة.
وعن بعض المشاكل التي تواجهها الفتيات تضيف منى: «تحدث أحيانا خلافات بين أهل الزوج وأهل الزوجة حول من يدفع بدل الفرقة الغنائية لليلة الزواج، لهذا نحرص على معرفة المكلّف بالدفع مسبقاً حتى لا تضيع حقوقنا».
أسعار وأسماء
من جهة أخرى، قالت منسّقة حفلات الأفراح السيدة خلود حسون إن شكل إحياء الزفاف يتوقف على رغبة العميل أو ميزانيته، مؤكدة أن السعوديين تفوقوا على الكثيرين في وظيفة تنظيم الحفلات بسبب توافر الإمكانات.
وعن أسعار المطربات تقول: «رغم كثرة عدد الفرق الفنية لا يزال الطلب يزداد، والأجور في تزايد ملحوظ، ومن يرغب في الاستعانة بفرقة عليه الحجز قبل موعد المناسبة بفترات طويلة تصل إلى عام كامل أحياناً». وتضيف:»يتم الدفع مقدماً بعقد شفهي دون أوراق تثبت ما وصل من مبالغ أو عقد يضمن حقوق الطرفين. إلا أن العادة جرت في هذه الاتفاقات أن يجري الالتزام بالكلمة دون ضوابط وشروط أو حتى عقود أو شهود».
وتؤكد «نور البدر»، إحدى «فنانات الأعراس»، أن المبالغ التي تحصل عليها الفنانات ليست كبيرة كما يدعي البعض وذلك لارتفاع أسعار الأجهزة والآلات الموسيقية التي تستخدم في الأفراح، لافتة إلى أن المبلغ يوزَّع على عدد كبير من الأشخاص.
وتعمد غالبية مطربات الأعراس إلى تغيير أسمائهن والتخفي وراء أسماء مركبة. وتقول «نور البدر»: «تغيير الاسم يأتي نتيجة الكثير من الأسباب التي تخص كل فنانة فبعضهن يعتقدن أن الأسماء المركبة والرنانة تساعد في الانتشار والشهرة، والبعض الآخر يرى أن تغيير الاسم هو نوع من التخفي والهروب من النظرة الدونية التي يمكن التعرض لها في المجتمع».
وتزخر صفحات الانترنت بأرقام وعناوين للطقاقات من مختلف مدن الخليج حيث تتوحد هذه الثقافة في ليلة الزفاف. وتتبادل الفتيات عبر منتديات الإنترنت أخبار «الطقاقات»، وتشكل مواقع التواصل الاجاتماعي وسيلة لترويج العمل عبر نشر أرقام الهاتف ومعلومات عن الفنانات.
مشاهير المطربين
لا يقف الغناء في حفلات الزفاف على «الطقاقات»، بل يشارك مطربون لامعون من الخليج وسائر أنحاء العالم العربي في إحياء حفلات الزفاف بأجور عالية جداً تشمل أحياناً تكاليف السفر للفنان مع الفرقة والإقامة في أحد الفنادق الراقية. وتنتشر بعد العرس تسجيلات الأغاني التي صدحت بترديد اسم الأسرة واسمي العروسين عبر المواقع وفي الاستوديوهات الغنائية.
ومن اللافت أيضاً أن «الطق» لم يعد مقصوراً على صالات النساء وحفلاتهن، بل أصبح الرجال ينافسون بقوة في إحياء حفلة العريس بصورة متكاملة بجلب مطرب يحييها. ونادرا ما تقام حفلة الرجال مع حفلة النساء إلا إذا كان خفض التكاليف ضرورياً.
وتتنوع الرغبات في فرق الرقص بين الخبيتي، وفرق الرقص الجنوبية، أو الاستعانة بأولاد مدربين على الرقصات التراثية بشكل منظم وبلباس موحد مما يضفي على الحفلة «مهرجانية» خاصة ترضي أطراف الزواج.
«زبيدة بخيت» على «تويتر»!
لطالما ارتدت شخصية «الطقاقة» طابعاً كوميدياً نوعاً ما كما تتناولها الجلسات والمسلسلات. وهناك شخص يغرّد على «تويتر» باسم «زبيدة بخيت»، ويتابع التغريدات أكثر من 235968 متابع. و»زبيدة بخيت» هو اسم إحدى المطربات القديمات، ومن يستعمل الاسم يضع – أو تضع -صورة لشخصية ليست حقيقية تستعرض مشاكل «الطقاقات» في حفلات الزفاف وبعض المواقف التي يتعرضن لها من المدعوين في قالب من السخرية والفكاهة.
وتشارك «زبيدة بخيت» في الكثير من «الهاشتاقات» أو الأوسمة وتخوض نقاشات كثيرة لمحاولة إثبات أن «الطقاقة» ليست مهمتها فقط «الطق» في الحفلات، بل هي من أكثر الشخصيات دراية بما يدور في أوساط الأسر والفتيات.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024