نساء 'القاعدة' في السعودية: من هنّ؟
برزت نساء سعوديات بشكل مؤثر في نشاطات الجماعات الإرهابية، وظهرت أسماؤهن بشكل صريح منذ نحو السنتين، ومنها هيلة القصير، ووفاء الشهري، وحنان سمري، ونجوى الصاعدي، ووفاء اليحيا، وأروى بغدادي، قبل أن تفرّ الأخيرة إلى اليمن لتنضم إلى عناصر «القاعدة» هناك. ويأتي توظيف النساء في العمل مع «القاعدة»، بسبب حساسية وضع المرأة في المجتمع السعودي حيث تحاط بسياج من الوقار الذي يصل إلى درجة من الغموض. وكانت الخصوصية الثقافية لوضع المرأة في المجتمعات المسلمة المحافظة الثغرة الأمنية التي حاولت العناصر الإرهابية توظيفها لمصلحتها، وكثيرا ما كانت المداهمات لمواقع الجماعات الإرهابية تعثر على ملابس نسائية (عباءة، وغطاء وجه...) يتنكر بها المنفذون الرجال التابعون للتنظيم.
هيلة القصير:
تحمل مؤهلا جامعيا، وقد ألقت الأجهزة الأمنية القبض عليها في 6-3-1431هـ بسبب انضمامها إلى تنظيم «القاعدة»، ووجه المدعي العام إليها 18 تهمة منها: الانضمام إلى «القاعدة»، تقديم خدمات للتنظيم واعتناقها للمنهج التكفيري ومذهب الخوارج، جمع أكثر من مليون ريال وذهب وتسليمه لعناصر من تنظيم «القاعدة» داخل السعودية وخارجها، ومساهمتها في نقل أجهزة اتصال لاسلكي وتمور من منطقة القصيم إلى المنطقة الجنوبية بهدف إيصالها إلى عناصر تنظيم «القاعدة» في اليمن، وكذلك تسليمها مسدسين عائدين إلى زوجها السابق إلى اثنين من المطلوبين.
وكانت القصير طالبة في قسم الجغرافيا بكلية التربية في بريدة، وارتبط بها عدد من الطالبات اللواتي يرغبن في حفظ القرآن الكريم داخل أروقة كلية البنات في بريدة حيث حاولت الإيقاع بهن، قبل أن تمزق وثيقة تخرجها.
عاشت مع والدتها التي تزوجت من جديد بعد وفاة زوجها. هي من عائلة منفتحة ويشغل أخوتها الذين يحملون درجات علمية عالية مواقع مرموقة.
وفاء اليحيا:
اعتقلت وفاء اليحيا في شهر رجب من عام 1426هـ (آب/أغسطس 2005)
أوقفت أشهراً، ثم أطلق سراحها، ثم أعيد اعتقالها. وفي المرة الثانية اعتقلت في الرياض هي وأبناؤها الثلاثة.
من مواليد 1388هـ (1968م). تحمل بكالوريوس في الدراسات الإسلامية، ودرجة الماجستير في الفقه الإسلامي، وتعمل محاضرة في جامعة الملك سعود، وهي مطلقة وأم لفتاتين وصبي.
ظهر اهتمام وفاء بمسائل القتال في أفغانستان مبكرا، وكان جميع أفرد أسرتها يعلمون ذلك لتصريحها الدائم وإعلان محبتها «للمجاهدين».
في أواخر عام 1425هـ (2005م) أخذت تتعامل مع شبكة الإنترنت بشكل متزايد. بدأت بالمشاركة من خلال الردود والتعليقات على المواضيع التي تطرح في بعض المنتديات الخاصة بمواضيع الجهاد وأخبار المجاهدين، وما لبث أن تطور الأمر حتى أصبحت تشارك في بعض المنتديات المتطرفة بكنى مجهولة منها: «المدوّية»، و«البارقة»، و«بارقة السيوف»، وفي بعض المواقع المتطرفة مثل: «الفوائد الإسلامية»، و«التجديد»، «القلعة»، و«الأنصار»، و«الإصلاح». شملت مشاركاتها التعليق على ما حصل من تغيير في مواقف الدول تجاه «المجاهدين»، وكانت تكتب عن مناصرة المجاهدين في العراق وأفغانستان، ووصل الأمر إلى مناصرة أعمال «القاعدة» وعملياتها في الأراضي السعودية والإشادة بها.
تعرفت من خلال هذه المواقع على من يكني نفسه «أبو طلحة البيحاني»، وعرض عليها «أبو طلحة» في رسالة لها فكرة الالتحاق بالمقاتلين في العراق للعمل في اللجان الشرعية لوجود حاجة إليها بحجة تخصصها العلمي (الفقه)، وقد طلبت منه وفاء مهلة للتفكير.
وبعد تحديد تاريخ متفق عليه مع كل من كان يتواصل معها، استعدّت للسفر إلى العراق عن طريق سورية، إلا أن جوازات سفر أبنائها كانت موجودة لدى طليقها الذي لم يرغب في إعطائهم إياها، وحاولت استخراج جوازات لهم من خلال تكليف قريب لها بمراجعة جوازات منطقة الرياض للقيام بذلك، وزودته الأوراق والصور المطلوبة لاستصدار جوازات سفر لأطفالها وتم ذلك بالفعل. وكانت وفاء في هذه الأثناء تخضع للمراقبة الأمنية بسبب اتصالاتها مع قيادات «القاعدة في العراق» ونشطائها، وأدرجت في تلك المرحلة احترازياً على قائمة المنع من السفر.
وحجزت وفاء لها ولأبنائها، إلا أنها ألغت حجوزات أبنائها خوفاً من انكشاف أمرها وأبقت حجزها فقط، وبدأت الاستعداد فعليا للسفر إلى سورية بذريعة البحث العلمي. وعند ذهابها إلى مطار الملك عبد العزيز في جدة منعت من السفر كون اسمها مدرجا على قائمة المنع من السفر.
وفي9 آذار/مارس 2005 استُدعيت عن طريق ذويها وتم التحفظ عليها لـ«خطورة الفعل الذي قامت به» وفق تصور الجهات الأمنية، هذه الخطورة تجسدت في تواصلها مع عناصر تنظيم «القاعدة» في العراق عبر شبكة الإنترنت وتحديدا قائده السابق أبو مصعب الزرقاوي. وذكرت بعض المصادر أن أن وفاء تزوجت في العراق من الزرقاوي.
وفي نيسان/أبريل 2005 تم تسليمها لذويها بعد أخذ «التعهدات اللازمة» عليها. وتقول المصادر إن هذا الإجراء حصل «تقديرا لأسرتها، ولأن ولاة الأمر حريصون على إنهاء القضايا التي يكون أحد أطرافها امرأة».
وأوضحت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية أنها حصلت على المعلومات من خلال أقوال الأشخاص الذين شاركوا في تهريب وفاء اليحيا عبر الحدود السعودية - اليمنية، ثم انتقلت من اليمن إلى العراق عن طريق سورية. وقالت إن المعلومات التي حصلت عليها الجمعية من الجهات الأمنية وبعض العائدين من العراق تفيد بمقتلها هناك، فيما لا يزال مصير أبنائها الذين غادروا برفقتها مجهولا. وأشارت إلى أن انضمام اليحيا إلى «القاعدة» في العراق ثبت خلال لقائها بعض الفتيات اللواتي أكدن ذلك، ومن خلال الرسائل الإلكترونية التي كانت تتخاطب بها مع آخرين في تنظيم «القاعدة» في العراق بقيادة الزرقاوي قبل مقتله.
وفاء الشهري:
هربت من السعودية إلى اليمن للحاق بزوجها الثالث سعيد الشهري، وكانت تواجه عدة ادعاءات باختطاف ابنها يوسف الذي أنجبته من زوجها الأول سعود القحطاني، وابنتها وصايف التي أنجبتها من زوجها الثاني عبد الرحمن الغامدي الذي قتل في مواجهة أمنية في الطائف.
وعملت أم هاجر الأزدي، وهي الكنية التي تسمت بها وفاء الشهري قبل هروبها إلى اليمن والتحاقها بـ«القاعدة»، على إرسال شقيقها يوسف الذي قتلته قوات الأمن السعودية عند محاولته التسلل إلى السعودية من اليمن هو وأحد زملائه المدرجين في قائمة الـ85 إلى مركز محمد بن نايف للمناصحة، ليحاول الحصول لها على ورقة مصدقة من وزارة الداخلية تفيد بأن زوجها غير موجود، حتى تستطيع استخدامها في التقدّم للجهات الخدمية، وتستطيع التنقل بها دون محرم. لكن محاولته باءت بالفشل قبل أن يستخدم هو وشقيقته وأبناؤها الثلاثة طريقة غير مشروعة للتسلل إلى اليمن، والالتحاق بعناصر تنظيم «القاعدة» هناك. وغادرت مسكن والدها في حي النسيم شرق الرياض إلى اليمن يوم العاصفة الترابية التي شهدتها العاصمة السعودية، وحجبت الرؤية كليا لتختفي مع أبنائها الثلاثة ولتظهر في ما بعد في اليمن في حوار بث عبر الانترنت في أحد المواقع القريبة من «القاعدة» في جزيرة العرب» وأطلقت على نفسها «أم هاجر الازدي».
وفاء الشهري لم تكمل تعليمها وتركت المدرسة في المرحلة المتوسطة، تزوجت من سعود آل شايع القحطاني.
حنان سمكري:
اعتقلت في 18/ 1/ 1432هـ، وسيقت ضدها تهم اعتناق الفكر التكفيري وتدريسه والترويج له في المجتمع النسائي، التحريض على الخروج على ولاة الأمر، تأييد الأعمال الإرهابية بالداخل، إقامة علاقات قوية واتصالات مباشرة مع «القاعدة»، تلقي التعليمات والتوجيهات من التنظيم في أفغانستان، جمع التبرعات وإرسالها إلى التنظيم في أفغانستان، صرف مساعدات مالية وعينية لأُسـَر المسجونين في قضايا الإرهاب وأُسـر المقتولين في مواجهات أمنية مع السلطات السعودية، تجهيز الشباب المغرر بهم بالمال والهويات المزورة والجوازات وبعثهم إلى مناطق القتال، تحريض ابنيها تركي ونواف وإرسالهما إلى مناطق القتال في العراق وأفغانستان، تكوين خلية إرهابية في الداخل وتزويج ابنها القاصر «اليزن» في التستر، إيواء المطلوبين أمنيا واستئجار الشقق السكنية لهم وتسهيل عملية تعليمهم داخل مدن المملكة مستغلة بطاقة العائلة الخاصة بزوجها، فصل أبنائها من المقاعد الدراسية في المدارس الحكومية وتحريمها من ناحية منظورها الشرعي، وتزويج عدد من الفتيات المغرر بهن بمساجين في قضايا إرهابية.
هيفاء الاحمدي:
اعتُقلت في ١٧ رجب ١٤٣٢هـ، الموافق ١٨ حزيران/يونيو ٢٠١١م ، وكان نشاطها بارزا في العمل مع أسر المعتقلين السياسيين لسنين طويلة في سجون المباحث العامة.
الزهراني: استغلال النساء في «القاعدة» ليس بغريب
أوضح الخبير الأمني وعضو مجلس الشورى اللواء الدكتور صالح الزهراني أن استغلال العنصر النسائي في تنظيم «القاعدة» ليس بمستغرب، لافتا إلى أن التنظيم كلما يتم ضربه في جبهة معينة يحاول النفاذ منها بالبحث عن جبهة أخرى. وقال: «العنصر النسائي في المجتمع السعودي أكثر قدرة على التخفي والتحرك من الرجال، وذلك نظراً إلى خصوصية المرأة السعودية واحترامها. وهو ما شجع المسؤولين في «القاعدة» على الاستفادة من هذه الخصوصية، ولا بد من أخذ ذلك في الاعتبار».
وأكد أن العنصر الرجالي ازداد الوعي لديه بخطورة الإرهاب وأفكار التطرف والخروج عن طاعة ولي الأمر والشذوذ في المجتمع، ولهذا وجد مسؤولو «القاعدة» صعوبة في تجنيد الرجال، مما جعلهم يبحثون عن ساحات ومنافذ أخرى للتجنيد ومنها استغلال وضع المرأة السعودية ومكانتها في المجتمع، نافيا أن يكون هذا العمل خارقا للعادة، بل هو عمل منتظر للصيد في أي اتجاه.
وحول أدوار المرأة في «القاعدة» استبعد اللواء الزهراني أن يكون لها دور قتالي في التنظيم داخل المملكة على عكس دورها في بعض الدول مثل العراق، موضحاً أن دورها يكمن في الخطوط الخلفية من خلال التجنيد وجمع الأموال واكتشاف العناصر الصالحة للتجنيد. وعن إفلاس «القاعدة» وجمود حركتها ونشاطاتها داخل المملكة، بيّن أن «شوكة «القاعدة» كسرت وقدرتها على الحركة والتهديد والتخطيط والتنفيذ أصبحت ضعيفة جداً نتيجة الضربات الأمنية التي توجه إليها في كل موقع في أراضي المملكة»، مضيفا أنه «لا يمكن اعتبار أن التنظيم قد مات، فهو لا يزال حيا وبإمكانه من خلال فروعه المتعددة التي لا تكون روابطها قوية، توجيه الفكرة بأنهم قادرون في بعض الأحيان على تنفيذ أعمال في أماكن أخرى، مما يدعو إلى أخذ هذا الخطر في الحسبان. فبقايا التنظيم موجودة ولا بد من الاستعداد التام لمواجهته»، وأكد أن القضاء على الإرهاب فكريا قبل القضاء عليه أمنيا مسألة وقت.
الانتقام:
وكشف عضو لجنة المناصحة الدكتور الشيخ علي المالكي أن هيلة القصير وأثناء مناصحتها من قبل لجنة المناصحة ذكرت أنها تريد من هذه الأعمال التي قامت بها التشفي من قاتل زوجها.
وقال: «إن هيلة القصير لا تحمل من أبجديات العلم الشرعي شيئاً ولكن تسعى للتشفي والانتقام من قاتل زوجها وكذلك الشهرة»، مؤكداً أن «ليس هناك خلافات حول المفهوم الشرعي أو العقائدي ولكن هذه دائماً أعمال الخوارج». وأشار «إلى أن الفئة الضالة اختارت هذا الوقت وفق أجندة دول خارجية بحكم أن هناك من الإخوة من هوبحاجة إلينا ولدعمنا، وهم أهل غزة، فلماذا سعيد الشهري وغيره لم يوجهوا سهامهم الى إسرائيل؟ لماذا اختاروا النساء في هذا الوقت وقبل فترة اختاروا الأطفال لتجنيدهم؟».
ولفت الى أنهم «يسعون لتحريك الشعوب ضد القيادات، ويجب علينا متابعة أبنائنا لكي لا يكونوا ضحية لغيرهم حيث ان خفافيش الظلام دائماً يعملون في الظلام ويسعون للصيد في المياه العكرة حتى ولو على حساب النساء والأطفال».
وأكّد المالكي أن «المملكة تحترم الأسر ولا تعلن الأسماء بهدف عدم إحراج أهاليهم، ولا يؤخذ جريرة أحد بما عمله ابن أو بنت من الأسرة»، مؤكداً أن تنظيم «القاعدة» دائماً «يسعى الى أن يبيّن أنه قوي حتى ولو على حساب النساء والأطفال وكبار السن».
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024