تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

طالبات وطلاب سعوديون في لبنان

يأتي العديد من الطالبات والطلاب السعوديين إلى لبنان للدراسة ضمن برنامج الإبتعاث الذي ترعاه الملحقية الثقافية السعودية من مقرّها في بيروت. ما هوالسبب الذي يدفعهم لإختيار لبنان؟ هل هوالسعي وراء مستوى تعليمي أفضل أم تجربة العيش في بلد آخر مختلف عن وطنهم الأم السعودية؟ وهل يجدون صعوبة في التأقلم مع طبيعة هذا البلد ومجتمعه؟ في التحقيق التالي سنقرأ شهادات طلاب وطالبات سعوديين أتوا إلى لبنان للدراسة وتقويمهم لتجربتهم الخاصة، بالإضافة إلى مقابلة خاصة مع الملحق الثقافي السعودي في لبنان، مساعد بن أحمد الجراح الذي يشرح لنا تفاصيل برنامج الإبتعاث وشروطه.


مساعد بن أحمد الجراح  الملحق الثقافي السعودي في لبنان:

- كيف تم الإعداد لبرنامج إبتعاث الطلبة السعوديين إلى الخارج؟
عام 2005/ 2006، بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، صدرت موافقة على إعتماد برامج الإبتعاث للطلبة السعوديين خارج المملكة ضمن برنامج خادم الحرمين الشرفين للإبتعاث، ويشمل طلبة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه. والتخصصات التي أقرت هي التي يحتاجها سوق العمل في المملكة في السنوات العشر المقبلة: الطب العام، طب الأسنان، الصيدلة، الهندسة، الحاسب الآلي بجميع فروعه، التسويق، الحقوق، وبعض العلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء، واختيرت بعض الدول المتميزة علمياً وأكاديمياً على مستوى جامعاتها لكي يقصدها الطلاب.

- كم عدد الطلاب السعوديين الذين استفادوا من هذا البرنامج حتى الآن؟
وصل عدد المبتعثين حتى الآن إلى مئة وخمسين ألف طالبة وطالب يدرسون في جامعات عريقة وإختصاصات مختلفة. وتعتبر الولايات المتحدة الوجهة الأكثر مقصدا من الطلاب السعوديين  الذين وصل تعدادهم هناك  إلى مئة ألف. أما في لبنان فهناك 350 طالبة وطالباً يدرسون في الجامعات اللبنانية في التخصصات الموصى بها من الملحقية الثقافية التي تشرف عليهم وتساعدهم على جميع الأصعدة. ويجدر الذكر أن جميع وسائل الإتصال بين الطالب والملحقية تتم عبر البوابة الإلكترونية لتوفير الوقت ومشقة الحضور على الطلاب وحرصا على دقة التنسيق وسرعته بين الملحقية والوزارة. بالإضافة إلى المنحة التي تصرف لكل طالب مبتعث والتي تغطي مصاريف إقامته ودراسته في لبنان، وتشمل أيضا التأمين الطبي الدولي الشامل، ومنح كل طالب تذكرة سفر سنوية لزيارة الأهل في المملكة. وهناك مكافأة مادية تصرف للطلاب المجتهدين آخر كل فصل. وأثبت العديد من الطلاب السعوديين تفوقهم على صعيد الدراسة في الجامعات اللبنانية وحققوا نجاحات تفخر بها المملكة. ويقام احتفال سنوي لتكريم الطلبة المتفوقين يحضره وزير التربية اللبنانية والسفير السعودي، توزَّع فيه شهادات التفوق وتتخلله عروض لفنون شعبية من تراث المملكة.

- هل تشجع الملحقية الثقافية السعودية الطالبات السعوديات على الإلتحاق ببرنامج البعثة؟
طبعاً، وزارة التعليم العالي تشجع الطالبات والطلاب السعوديين على السفر لمتابعة دراستهم بدون تمييز، والفتاة السعودية تحظى بنصيب كبير. التخصصات التي تميل إليها الطالبات السعودييات عامة هي:  الطب، الحاسب الآلي، التسويق، الهندسة الداخلية. والملحقية تساعد الطالبات على إختيار التخصصات المناسبة لهن. عدد الطالبات السعوديات في لبنان حتى الآن تخطى عدد الذكور وقد أثبتن  بجدارة تفوقهن على الصعيد الدراسي. كما أنصح شخصيا الفتاة السعودية بالإستفادة من الفرص المتاحة لها للدراسة في أرقى وأهم الجامعات في الخارج خاصة في أميركا وكندا وبريطانيا وأوستراليا، مع العلم أن المرأة السعودية قد أثبتت تميزها في التحصيل العلمي وهي محافظة على عاداتها وتقاليدها ضمن الشريعة الإسلامية.

- هل هنالك فرص عمل متوافرة للطالبة السعودية لدى عودتها إلى المملكة؟
طبعا، الطالبة السعودية التي تدرس في الخارج لديها فرص عديدة ومتنوعة  للعمل عندما تعود إلى بلدها، فهناك 34 جامعة وكلية خاصة في المملكة وكلها تحتاج إلى العنصر النسائي، إضافة إلى الجهات الحكومية والقطاع الخاص.


فرح الغريب طالبة سعودية:

- ما السبب الذي دفعك إلى إختيار لبنان لإكمال دراستك فيه؟
أردت أن أتخرج من جامعة عريقة، بلغة أبسط أن أتخرج من أفضل الجامعات في الشرق الاوسط فكانت أمنيتي أن أقبل في الجامعة الاميركية في بيروت.

- هل تقبل أهلك قرارك بسهولة؟
كان هذا قراري الشخصي إذ أنني رغبت في أن أحظى بشهادة جامعية متميزة، خاصة أنني كنت مجتهدة في دراستي المدرسية، ووجدت أن الجامعة الاميركية في بيروت ستلبي طموحاتي العلمية أكثر من غيرها فاخترتها رغم أنني قبلت في جامعة الدمام. أهلي تركوا لي حرية الخيار بما يتعلق بمستقبلي الجامعي والمهني، وفرحوا بقراري لأنهم يريدون لي الافضل مع من أن بعدي عنهم بالطبع أحزنهم.

- هل وجدت صعوبة في التأقلم في لبنان؟
في البداية، كان صعبا علي أن أفهم طبيعة المجتمع اللبناني فطريقة تعامل الناس مع بعضهم هنا مختلفة عما اعتدت عليه في السعودية. صحيح أن اللغة هي ذاتها، لكن كيفية إستخدام العبارات والجمل ومعناها الضمني تختلف، وكثيرا ما يسبب ذلك سوء تفاهم بيني وبين الناس، بالإضافة إلى أن كل المواد العلمية في السعودية ندرسها باللغة العربية فكان تحولاً جذرياً أن أتعلم كل المواد باللغة الإنكليزية. في السنتين الأولى والثانية اللتين عشتهما هنا عانيت الكثير من الصعوبات، كذلك مر لبنان بظروف أمنية وسياسية صعبة وتّرت الأجواء. لكن في السنة الثالثة من دراستي، بدأت بالتأقلم فعليا سواء أكاديميا أوإجتماعيا وكوّنت الكثير من الصداقات التي أعتز بها.

- ما إنطباعك عن المرأة اللبنانية؟
المرأة اللبنانية تواكب حياتها بنفسها ومستقلة في تحركاتها. أما المرأة السعودية وبحكم الظروف فتستعين بالرجل لكي تنجز امورها. لكن أيضا المرأة اللبنانية تتحمل الكثير من أعباء الحياة بمفردها أحيانا مما يرهقها.

- كيف تقوّمين تجربتك في لبنان بإيجابياتها وسلبياتها؟
الوحدة صعبة، وهناك لحظات كثيرة كنت أتمنى فيها العودة إلى السعودية لأكون محاطة بأهلي وبدفء العائلة. لكن تجربتي في لبنان علمتني كيف أواجه الصعاب بنفسي وكيف أكون مستقلة، مما ساهم في صقل شخصيتي وجعلني صلبة أكثر من الداخل ولا أخاف المواجهة. بالإضافة إلى أن السفر يوسع آفاق الإنسان وتجربة إكتشاف مجتمع آخر جعلتني منفتحة أكثر على إختلاف الثقافات وتعددها.


طلال الكحيمي طالب سعودي:

- ما هو السبب الذي دفعك للمجيء إلى لبنان وإكمال دراستك هنا؟
السبب الأساسي هو دعم والديّ أطال الله بعمرهما ونصيحة عمي حفظه الله بطلبي لعلوم الطب البشري في لبنان وبالتحديد في الجامعة الاميركية في بيروت، لما يعلمه هو من قوة التعليم الطبي هنا في لبنان ولما أثبته الأطباء اللبنانيون العاملين في السعودية من كفاءة ومهارة في ممارساتهم المهنية.

- عندما انتقلت من السعودية إلى لبنان للدراسة، هل وجدت صعوبة في التأقلم في البداية؟
في الحقيقة لقد واجهت صعوبات عدة ولا أزال أواجه الكثير منها إلى اليوم. ليس سهلاً العيش في بلد مختلف وبيئة جديدة ومجتمع غير الذي اعتدت عليه منذ نعومة أظافري.

- ما نوع الصعاب التي واجهتك؟
في البداية كانت معظمها محصورة بالإعتياد على العيش وحدي والاعتماد الشبه كلي على نفسي في إنهاء المهمات اليومية. لكن ومع تقدمي في دراستي بدأت أشعر بضغوط أكاديمية، فالجامعة الأميركية في بيروت أشهر من نار على علم في مدى جدية معلميها وصلابة مناهجها.

- هل وجدت إختلافاً في المستوى الدراسي؟
 لا أستطيع أن أقارن بين جامعتي هنا وجامعات المملكة، فإني لم أنتسب إلي أي منها لأعلم الفارق بينها وبين جامعتي هنا. إذاً لو قارنت بين خلفيتي الأكاديمية من التعليم المدرسي بخلفية أقراني هنا، لقلت إن هناك فرقاً شاسعاً بين خلفياتنا الأكاديمية. فهم يتقنون ألواناً عدة من المعارف التي لم نتعرض لها في تعليمنا المدرسي. بالإضافة إلى إتقانهم الانكليزية أو الفرنسية أوكليهما بعد العربية.

- إجتماعيا، هل تعامل معك بقية التلاميذ كغريب عنهم؟
هذا يعتمد على الشخص الذي أتعامل معه فالناس ليسوا سواسية. منهم من عاملني بلطف واحترام وتقدير ومنهم من أساء إلى شخصي أو معتقداتي. ولكن بشكل عام لم أعامل بطريقة عرقلت دراستي بشكل أو بآخر.

- كيف تختلف العادات الإجتماعية بين اللبنانيين والسعوديين؟
لا أستطيع أن ادعي أني خبير في عاداتنا أو عادات المجتمع اللبناني لأجيب إجابة مفيدة عن هذا السؤال، ولكن من الأمور التي لاحظتها هو عدد المجالات المفتوحة للمرأة هنا مقارنة بالسعودية. أنا لا أقول إنها أيسر أو أفضل، ولكني أسوق ملاحظة عن اختلافها هنا. فارق آخر هو إنشغال الناس بالسياسة التي تحتل جزءاً مهماً من الحياة اليومية للشعب اللبناني و أيضا دور الشباب الناشط في بناء المجتمع.

- هل استطعت أن تكوّن صداقات بسهولة في لبنان؟
هذا أيضاً يعتمد على الظروف والأشخاص ولكن بشكل عام لا أستطيع أن أصف صداقاتي بأنها كانت سهلة المنال. وهنا أرى أن الاختلاف الاجتماعي لعب دوراً أساسياً.

- هل عانيت من الوحدة أثناء فترة وجودك هنا؟
نعم للأسف وبشدة. ولكن طبيعة دراستي وصعوبتها شغلتاني عن التفكير بالوحدة.

- لدى العودة إلى السعودية، هل ستجد صعوبة في التأقلم من جديد؟
أحد المتطلبات الأساسية للنجاح في هذا الزمان هو القدرة على التأقلم مع المتغيرات. لهذا فأنا لا أبالي بمدى صعوبتها أو سهولتها.


ليلى الطبش طالبة سعودية:

- ما هوالسبب الذي دفعك للمجيء إلى لبنان وإكمال دراستك هنا؟
أردت أن أكون متميزة واخترت الجامعة اللبنانية الأميركية لأن صيتها مرموق وووجدت أنها ستلبي طموحاتي العلمية والمهنية أكثر من غيرها.

- هل وجدت صعوبة في إقناع أهلك برغبتك أوقرارك؟
لا، على العكس تماماً، أهلي هم من شجعوني على السفر للدراسة في الخارج لأنهم أرادوا لي الأفضل.

- عندما انتقلت من السعودية إلى لبنان للدراسة، ما هي الصعوبات التي واجهتك؟
الإبتعاد عن أهلي واضطراري للإعتماد الكلي على نفسي في لبنان، واضطراري لدراسة المناهج باللغة الإنكليزية. كل ذلك كان صعبا في البداية لكن أساتذتي وبقية الطلاب كانوا جد متعاطفين معي وخففوا من شعوري بالوحدة وسهلوا انخراطي في المجتمع اللبناني الذي يختلف بالطبع عن المجتمع السعودي في عاداته وتقاليده. والواقع أني كوّنت الكثير من الصداقات في لبنان مع أشخاص انسجمت معهم في الأفكار والتوجهات، فالمهم هوجوهر الإنسان الذي يتخطى الإختلافات. ورغم الصعوبات، إذا أردت تقويم تجربتي في لبنان فهي أكثر من رائعة بالفعل.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079