خطأ طبي يتسبّب بنقل دم ملوّث بالإيدز إلى فتاة سعودية
أثار خطأ طبي فادح غضباً واستياء على نطاق واسع في السعودية، إذ نُقل دم ملوث بفيروس «HIV» المسبب لمرض نقص المناعة المكتسبة (ايدز) لفتاة تبلغ من العمر 12 عاماً في مستشفى جازان العام في جنوب السعودية. ووجه وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة بنقل الفتاة رهام حكمي إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي في مدينة الرياض للعلاج، وتأمين السكن لها ولأسرتها. واعترفت المديرية العامة للشؤون الصحية في منطقة جازان بنقل مستشفى جازان العام دماً من متبرع مصاب بفيروس (HIV) لمريضة، وذلك بـ»خطأ فردي» من أحد الفنيين العاملين في المستشفى، وأنه بعد اكتشاف الخطأ بإجراء المراجعة الفنية، تم استدعاء المريضة فوراً وإدخالها مستشفى الملك فهد في جازان حيث تخضع حالياً للعلاج النوعي وفقاً للأعراف والأصول الطبية المتبعة في هذه الحال.
تقول رهام الحكمي لـ«لها»: «أنا مريضة منذ ثمانية أشهر بمرض الأنيميا المنجلية. في بداية الأمر أحسست بألم في ظهري، وذهبنا للمستشفى كالعادة، وبعد إجراء الفحوص المعتادة أعطوني دماً، وبعدها وصل الدكتور وقال لوالدتي عليكم الذهاب الى الرياض، وركبنا الطائرة ووصلنا الى الرياض، والكل هنا مهتم بحالتي بشكل كبير».
وتقول والدتها بصوت حزين: «إن ما حدث لطفلتي شيء لا يصدق، واعتبره كابوساً مؤلماً لا أستطيع أن أفيق منه،. رهام لا تعلم عن الخطأ الذي وقع فيه الأطباء وتسبب بنقل مرض الإيدز إليها».
وتضيف أم رهام: «طفلتي تعاني مرض الأنيميا المنجلية منذ أن كان عمرها ثمانية أشهر، وكل عام ننقل إليها دماً مرتين إلى أن بلغت الثامنة من عمرها، وبعدها استقرت حالتها إلى أن تعرضت لبعض الآلام في الظهر. وبعد إجراء الفحوص، أبلغنا الدكتور بارتفاع نسبة الأنيميا المنجلية في الدم، وأمر الدكتور بتنويمها ونقل الدم إليها».
وتتابع: «في اليوم ذاته أجرى لها الطبيب فحوصاً للدم، وتأكد أن النتائج سليمة، وأذن لها بالخروج وغادرت بعد عصر ذلك اليوم. وفي اليوم نفسه اتصلوا بنا من المستشفى، وأخبرونا بأنه تم إرسال سيارة إسعاف خاصة، ومن الضروري نقل رهام إلى المستشفى لوجود خطأ في الدم»... وصلت سيارة الإسعاف إلى منزل العائلة عند الساعة الأولى من فجر الأربعاء واتجهت بهم إلى مستشفى جازان العام، الذي أحالهم على مستشفى الملك فهد، «وحينها كانت الفاجعة بمعرفة ما حدث من بنقل دم ملوث إلى طفلتي».
خطأ طبي أم قضية جنائية؟
قال القاضي السابق عضو مجلس الشورى محمد الدحيم إن النظر إلى هذه القضية من الناحية القانونية يكون من زاويتين، الأولى «توقيت الخطأ الطبي حتى نقول إن هذا من قبيل الخطأ الطبي، والثانية عقوبة هذا الخطأ الطبي أو العقوبة الجنائية. وقد صدر مرسوم ملكي في نظام مزاولة المهن الصحية في السعودية، وتنص المادة 27 منه على «كل خطأ مهني صحي صادر من الممارس الصحي وترتب عليه ضرر صحي للمريض» وذكرت ثماني حالات يكون فيها الخطأ».
وأضاف: «حالة رهام لا يحددها الإعلام ولا البرامج التلفزيونية، بل يحددها التحقيق المستقل. ولدينا هيئة مستقلّة للتحقيق في القضية جنائياً، فيما وزارة الصحة تتولّى التحقيق الإداري».
وتابع:» لا بد من التحقيق حتى يتبيّن ما إذا كنّا امام خطأ طبي أو قضية جنائية. وأدعو أن تأخذ القضية مجراها بعيداً عن الإعلام، ولدينا في السعودية جهات العدالة متكافئة وستتعامل مع القضية بكل حياد سواء القضاء الإداري أو الجنائي».
تقرير حقوق الإنسان
وأكد تقرير «حقوق الإنسان» حول قضية رهام أنها كانت مصابة بفقر الدم «الأنيميا»، وتعاني آلاماً في الظهر، وتشخيص الطبيب كان خاطئاً، ولم تكن في حاجة إلى نقل دم. وأورد أن هناك تقصيراً وإهمالاً من المسؤولين في مستشفى جازان، والطب الوقائي، والعاملين في المختبر في المستشفى، وضعفاً في الإجراءات الإدارية وفي الكوادر المؤهلة. وكشف أن الجهات الصحية كانت تعلم أن عينة المتبرع تحمل فيروس «الإيدز»، طبقاً لخطاب الطب الوقائي في المنطقة من مستشفى الملك فهد، في 27 محرم الماضي، ورغم ذلك سُمح له بالتبرع مرة أخرى في 29 ربيع الأول، ولم تُتخذ الإجراءات الطبية المعتمدة في حالات كهذه.
وزارة الصحة السعودية
وأصدرت وزارة الصحة السعودية بياناً جاء فيه: «إن وزارة الصحة وهي تعيش ألم الخطأ الجسيم الذي أصاب إحدى بنات الوطن من منطقة جازان تقدم عميق اعتذارها للطفلة العزيزة ووالديها وأسرتها والمجتمع السعودي الكريم, وتؤكد الوزارة التزامها بمحاسبة كل مقصر ومتهاون وحفظ حقوق الطفلة وأسرتها العامة والخاصة.
مشاهدات عن قضية رهام:
- نقلت الفتاة من غرفتها رقم 34 إلى 48 في الجناح ذاته في مستشفى الملك فيصل التخصصي حتى لا يعرف الإعلاميون مكانها.
- منع الطبيب المشرف على علاجها من زيارتها.
- وصلت إلى غرفة رهام ثلاثة أجهزة «آيباد» من أشخاص يتعاطفون معها.
- امتلأت غرفة رهام بباقات الورود والهدايا من شخصيات معروفة وغير معروفة.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024