تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

على غرار مسلسل 'رقم مجهول'...

على غرار مسلسل «رقم مجهول»، قررت فاتن أن تكرر السيناريو. كانت مدفوعة بالرغبة في جني المال، وعرضت على حبيبها الفكرة الجهنمية التي يربحان عن طريقها ثلاثة ملايين جنيه، وعلى الفور شرعا في تنفيذها فوراً، والضحية هو رجل أعمال شديد الثراء في العمارة التي تعمل فيها. مسلسل رعب عاشه رجل الأعمال على يد المتهمة وشريكها، وأحداث مثيرة شهدتها إحدى البنايات الراقية، وكانت الأحداث المتتابعة محل حوار جميع سكان المنطقة الذين أصابهم الذعر خوفاً من ارتكاب جرائم قتل وخطف، حتى جاءت النهاية غير المتوقعة لفاتن وشريكها.


فوجئ رجل الأعمال عماد برنين مستمر من هاتفه المحمول الخاص، كان يدرك أن أشخاصاً معدودين يعرفون هذا الرقم السري الذي خصصه لتلقي مكالمات أسرته فقط. تعجب من وجود رقم غريب لا يعرفه، فقرر عدم الرد على المكالمة معتقداً أنها جاءت بطريق الخطأ... لم تمض لحظات حتى تلقى رجل الأعمال مكالمة أخرى من الرقم فأجاب وبدأ الحوار:

هل أنت السيد عماد؟

رد رجل الأعمال العجوز بتحفظ: نعم، لكن من أنت، ومن أين حصلت على هذا الرقم السري؟
رد المتصل بغضب: هذا ليس شأنك، لكنني أعرف عنك كل شيء، أملاكك ومشاريعك واستثماراتك وأرصدتك في البنك، ومشاكلك مع شركائك.
قال رجل الأعمال بعصبية: أنت تكذب، أرجوك أن تنهي المكالمة وأحذرك من أن تكررها حتى لا أبلغ الشرطة ضدك.
فرد المتصل: قبل أن تثور عليك أن تعرف أنني لا أكذب، وإنما بالفعل كل أسرارك لديَّ، والدليل عملية الغردقة والمليون جنيه.
أنهى المتصل المكالمة تاركاً رجل الأعمال في ذهول، الرجل يبدو بالفعل أنه يعرف عنه الكثير، والدليل الرقم السري للمحمول الخاص الذي استطاع الحصول عليه، وكذلك سر عملية الغردقة الذي لا يعرفه سوى أقرب المقربين من رجل الأعمال الذي يعشق بطبيعته السرية والتكتم.
وهاجمت الأسئلة الحائرة الرجل، من صاحب المكالمة؟ وماذا يريد؟ ومن أين حصل على هذه المعلومات؟
لم يستطع رجل الأعمال العجوز أن ينام ليلته، رغم اعتياده النوم مبكراً، وارتباطه بموعد مهم في الصباح الباكر، فالمكالمة المجهولة قلبت حياة عماد رأساً على عقب، وراح يتوقع اتصالات أخرى من المتهم الذي لم يقل كلمته بعد، فمن المؤكد أنه يريد أن يملي شروطه. وبعد الفجر بدقائق غلب التعب رجل الأعمال الذي استسلم للنوم.


ابتزاز

في الصباح استرجع رجل الأعمال المكالمة، وحسب أن صاحبها هو رجل أعمال منافس يريد أن يوقف مسار صفقاته، ولهذا السبب قرر أن ينسى المكالمة وينصرف إلى عمله. وطوال الصباح انشغل عماد في الصفقات التجارية التي يعقدها، وتجاهل تماماً ما حدث في منتصف ليل الأمس، وعاد إلى منزله مرهقاً بعد يوم عمل طويل، متمنياً نوماً عميقاً ليعوضه متاعب اليوم السابق. استلقى على مقعده وأغمض عينيه للحظات، لكنه أفاق على صوت حفيدته الصغيرة إنجي التي كانت تمثل كل حياة رجل الأعمال العجوز.
نسي عماد تعبه وأخذ يلاعب حفيدته الصغرى، لكنه انتفض فجأة على رنين الهاتف الخاص، هذه المرة كانت المكالمة من رقم مجهول، انزعج رجل الأعمال وسارع بالرد، ودار الحوار...

الشخص المجهول: هل فكرت في ما دار بيننا أمس؟
رجل الأعمال: أرجو أن تفصح عن شخصيتك، ومرادك أو تنهي المكالمة.
الشخص المجهول: أرجو منك يا سيد عماد أن تتخلى عن عصبيتك، ليست كل المشكلات تحل بهذه الوسيلة.
رجل الأعمال: أرجو أن تكون واضحاً، ماذا تريد؟ ومن أعطاك هذا الرقم الخاص بي؟ ومن أين حصلت على المعلومات الخاصة بصفقاتي؟
الشخص المجهول: كل هذه الأسئلة ليس عندي إجابة لها، لكنني أطلب منك أن تشتري لحفيدتك إنجي الآيس كريم الذي تطلبه منك، وأن تعطي والدها اختصاصات أكبر في شركاتك.

تلعثم عماد، كان يهم بالرد على المتصل المجهول، لكنه أنهى المكالمة فجأة مثل المرة الأولى، تاركاً رجل الأعمال في حيرته الممزوجة بالغضب العارم، فقد أدرك أن المتصل أخطر مما توقع، وأنه يملك معلومات شخصية شديدة الدقة عن حياته الخاصة لا يعرفها سوى المقربين منه. وعلى مدار عدة أيام توالت اتصالات المتهم، في كل مرة كان يتحدث من رقم مختلف أو من كابينة عمومية تظهر الاتصال بدون رقم أو رقم خاص، حتى لا يستطيع رجل الأعمال تتبعه أو الوصول إلى أي دليل يقود الشرطة إليه. تدفق سيل المعلومات الخاصة التي يملكها المتهم عن أرصدة رجل الأعمال في بعض البنوك، وخلافاته مع رجال أعمال ينتمون إلى مجاله، وكذلك الأماكن التي يحبها مثل الغردقة وبعض منتجعاتها. أصاب الذهول رجل الأعمال من فرط دقة المعلومات التي وصلت إلى تحديد الملابس التي يرتديها في منزله، وقرر إبلاغ الشرطة بعد أن تردد كثيراً بسبب عدم وجود طلبات واضحة من المتهم، لكنه قرر عدم الانتظار.

اتجه رجل الأعمال إلى قسم شرطة النزهة، والتقى المقدم طه فودة رئيس المباحث وعرض عليه الأمر، رغم أن المكالمات لم تكن قد ارتقت بعد إلى درجة الجريمة، لكن ضابط المباحث توقع أن يبدأ المتهم ابتزازه وتحديد مطالبه خلال أيام، فقرر إخضاع الهاتف الخاص برجل الأعمال للمراقبة.

بالفعل بدأ المتهم يحدد مطالبه، وأكد لرجل الأعمال أنه خطط لخطف ابنه الأكبر ناجي وحفيدته إنجي، لافتاً إلى أن الذين استطاعوا أن يحصلوا على كل المعلومات الدقيقة عن حياته قادرون أن يدخلوا بيته في أي لحظة ليفعلوا ما يشاؤون. وبصوت مرتعش سأل رجل الأعمال المتهم عن مراده، فأجاب أنه يريد ثلاثة ملايين جنيه حتى يتراجع عن خطة خطف ابنه وحفيدته. وبعفوية سأله رجل الأعمال: ومن يضمن لي أن تبتعدوا عن طريقي بعد دفع هذا المبلغ؟ وبتهكم أكد المتهم أنه لا ضمان سوى كلمة الشرف.

لم ينس المتهم أن يطالب رجل الأعمال بعدم إبلاغ الشرطة وإلا، وأضاف أنه سيعاود اتصاله بعد ساعات... بعدها اتصل رئيس مباحث النزهة وأكد انه حدد بشكل مبدئي موقع المكالمة، وطلب من رجل الأعمال أن يجاري المتهم وأن يوهمه بالموافقة على طلبه، مع التفاوض على المبلغ الذي طلبه. واستمرت المفاوضات بين رجل الأعمال والمتهم الذي رفض خفض المبلغ، وأخيراً نجحت الشرطة في التوصل إلى المتهم الذي اتضح أنه صاحب محل في المنطقة التي يسكنها رجل الأعمال... أسقط في يديه بعد أن دهم رجال الشرطة شقته، وأكد أنه لم يرتكب جريمة، لكن الأدلة كانت تدينه.

في قسم الشرطة بدأت التحقيقات مع المتهم، فأبلغه ضابط المباحث أن الأدلة تدينه، وطلب منه أن يعترف بجريمته لأن الإنكار لا يفيد. فأقر المتهم حسن بأنه قرر ابتزاز رجل الأعمال على غرار مسلسل «رقم مجهول» بعدما راقته الفكرة. وفجر المتهم المفاجأة حين أكد أن فاتن، التي تعمل حارسة في العمارة التي يسكنها رجل الأعمال، هي المخطط الأول لهذه الجريمة، فهي بحكم ترددها على جميع المنازل في العمارة تعرف كل أسرار السكان، فعرضت الفكرة على حسن الذي تربطها به قصه حب، وطلبت منه ابتزاز رجل الأعمال على غرار مسلسل «رقم مجهول». وألقت الشرطة القبض على المتهمة وتمت مواجهتها باعترافات المتهم، فلم تجد أمامها سوى الاعتراف بجريمتها، وقررت النيابة حبس الإثنين.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079