تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

حاولت إنقاذ زوجها من السجن فلحقت به

من أجل حبها لزوجها غامرت ولاء بنفسها، وعرضت نفسها للسجن والمخاطرة من أجل أن تنقذ زوجها من خطر السجن، بعد أن اقترب كثيراً من القضبان بسبب سوء تقديره واختياراته غير الموفقة التي أهدرت أمواله، وعرضته للمساءلة القانونية والسجن متهماً في 20 قضية تبديد. تفتق ذهن الزوجة عن فكرة لإنقاذ زوجها، ولم تكن تتصور أن خطتها ستفشل وتخسر كل شيء وتلحق بزوجها الى السجن لينهار الحلم، وتستيقظ على كابوس.


بكت الزوجة الشابة أمام رئيس النيابة وهي تقول: «لست نادمة على فعلتي، كنت أعلم جيداً أن الوسيلة لإنقاذ زوجي من السجن هي اختراع قصة وهمية من شأنها أن تبتز خصوم زوجي وتدفعهم إلى التنازل عن قضاياهم ضده».
وتواصل حديثها مؤكدة أنها تحب زوجها بجنون، وهي على استعداد لأن تدخل السجن بدلاً منه. وحبها هذا دفعها إلى اختراع جريمة وهمية حتى تجبر خصوم زوجها على التنازل عن حقوقهم.

تبكي ولاء وتقول: «كنت أعلم خطورة فعلتي، وكم تردد زوجي أثناء استعراض هذه الخطة، مؤكداً أن الشرطة سوف تكشفها، لكنني أصررت لأنه لم يكن أمامي حل آخر لهذه الأزمة».
وتواصل: «لم أعد أخشى السجن، لأن حبس زوجي ووالد أبنائي كان يعني بالنسبة إلي الموت، فما فائدة الحياة بحرية وزوجي محبوس لسنوات قد تتجاوز العشر؟... قررت أن أخاطر إما بالنجاح أو هدم المعبد على رؤوسنا جميعاً، وكادت تنجح الخطة، لكن غلطة ارتكبها شقيق زوجي كشفت كل شيء، وأجهزت على خطتي التي دربت زوجي عليها أسابيع، وكنت واثقة من نجاحها ولكن الحظ عاندنا».

كانت القيود الحديدية تحيط معصمها وزوجها وهما يتبادلان النظرات، الزوج كان في حالة انهيار وهو لا يصدق ما حدث، وراح يعاتب زوجته قائلاً: «الآن ضاعت الأسرة كلها، كنت سأدخل السجن بمفردي وسأترك لك مهمة تربية الأبناء ورعايتهم، لكنك الآن ستصبحين شريكتي في الجريمة والسجن، وسيضيع مستقبل الأبناء».

ترد الزوجة والدموع تنهمر من عينيها: «لا داعي لهذا الحديث، لأن حبك يعني بالنسبة إلي نهاية العالم، فلم يعد يهم إن كنت سأعيش داخل السجن أم خارجه، أما الأبناء فلهم الله، وأسرتي التي ستتولى شؤونهم».
تكمل الزوجة ولاء وهي تنعم النظر في وجه زوجها: «صدقني يا عزت حبي الشديد لك دفعني إلى المغامرة بنفسي ومستقبلي ولست نادمة، لأننا كنا على أعتاب النجاح في الخطة، لكن الله أراد أن تكشف الشرطة كل شيء، وفي النهاية لم يكن أمامي سوى المجازفة بأي شيء في سبيل إنقاذك».


القصة

... القصة ترويها أوراق القضية التي بدأت ببلاغ مقيد من ولاء الزوجة الشابة التي تجاوزت عامها الخامس والثلاثين.
كانت في حالة يرثى لها من الارتباك والقلق حين دخلت مكتب رئيس المباحث، انهارت وهي تبكي بحرقة وتطالب الشرطة بإنقاذها من خاطفين، فطلب منها رئيس المباحث أن تهدأ وتقص ما حدث.

أخذت الزوجة تسرد تفاصيل بلاغها وانهمك ضابط المباحث بتدوين ملاحظاته، وأكدت ولاء أن زوجها عزت يعمل مدير مبيعات في إحدى شركات صنع الأدوية وتوزيعها، وكانت تعيش معه حياة مستقرة.
التقطت الزوجة أنفاسها وواصلت حديثها قائلة: «حدثت بعض المشكلات في العمل بين زوجي وصاحب شركة الدواء الدكتور مهاب الذي أقسم على الانتقام من زوجي وتوريطه في عدة قضايا، فقرر زوجي ترك العمل فوراً في هذه الشركة والبحث عن شركة أخرى. لكن الدكتور مهاب لم يتركه لحال سبيله، وراح يطارده بتهمة إفشاء أسرار الشركة، رغم أن زوجي كان ملتزماً وشديد الحرص في ما يتعلق بأسرار شركته. وظل الدكتور مهاب يتابع زوجي بعد التحاقه بوظيفة في شركة دواء أخرى، وحاول أن يجبر أصحاب هذه الشركة على فصل عزت من عمله لكنهم رفضوا وتمسكوا بزوجي».

تواصل الزوجة كلامها: «هدد زوجي الدكتور مهاب بإبلاغ الشرطة ضده بسبب تهديداته وإبلاغ الصحف بهذا الأمر، فأقسم الدكتور مهاب على الانتقام من عزت وفي أقرب وقت. لم أتصور أنه جاد في تهديده... تلقى زوجي مكالمة من شخص زعم أنه صاحب شركة أدوية، وطلب لقاءه للاتفاق على صفقة، فارتدى عزت ملابسه على الفور واتجه إلى مكتب صاحب الشركة، دون أن يتخيل أنه ذاهب بقدميه إلى فخ. اختفى زوجي وتم إغلاق هاتفه، وأصابني قلق شديد، وبعد ساعات فوجئت بمكالمة من مجهول يطلب مني توفير 50 ألف جنيه وتسليمها إلى الدكتور مهاب مقابل إعادة عزت، وأبلغني أنهم أجبروه على توقيع أربعة إيصالات أمانة على بياض».


واقعة وهمية

أنهت الزوجة بلاغها وقدمت العنوان المحتجز فيه زوجها إلى رجال المباحث، لكنها لم تدر قبل أن تنصرف أن ضابط المباحث وضعها تحت المراقبة كإجراء احترازي، وربما كانت خبرة الضابط هي السبب في اتجاهه إلى الشك في الزوجة رغم إتقانها سرد روايتها.

بعد ساعات تلقى رئيس المباحث تقريراً كشف كل أسرار القضية، وألقى الضوء على خطة الزوجة الشيطانية التي أرادت إنقاذ زوجها من ورطة لتُلقي برجل بريء في السجن.

فقد رصدت أجهزة الاتصالات في وزارة الداخلية مكالمة بين الزوجة وشقيق زوجها، كشفت خلالها تفاصيل خطتها، وطلبت من شقيق زوجها أن يتجه إلى مكتب الدكتور مهاب مع الزوج ويختلق واقعة احتجازه.
على الفور تحرك رجال المباحث إلى عنوان شركة الدكتور مهاب وراقبوا الموقف، وتمكنوا من رصد شخص في الثلاثين من عمره يحوم حول الشركة، وتم القبض عليه واتضح أنه شقيق الزوج عزت.

ودهم رجال المباحث مكتب الدكتور مهاب ليعثروا على الزوج وهو يحاول أن يدعي اختطافه وسط ذهول الجميع، وبادر صاحب الشركة رجال المباحث متهماً عزت باختلاق هذه الواقعة الوهمية للنجاة من السجن.
وقدم الدكتور مهاب لرجال المباحث مستندات تؤكد حصوله على أحكام بالسجن ضد عزت بلغت عشرين حكماً، بسبب قيامه بتبديد عهدته خلال فترة عمله بالشركة، وقال الدكتور مهاب إن عزت وقّع إيصالات أمانة ولم يسددها فصدرت ضده أحكام بالسجن، لكنه راح يماطل في سداد مديونيته.

ولم يجد عزت سوى الاعتراف بجريمته، مؤكداً أنه بدد عهدته بسبب محاولته السمسرة في صفقات الدواء، ولكنه خسر معظم رأسماله فلجأ إلى الاستدانة من عهدته، فازدادت خسائره واضطر لإبلاغ صاحب الشركة بهذه الخسائر وتحرير إيصالات أمانة. وحين تراكمت الأحكام القضائية ضده قرر الهرب، لكن زوجته اقترحت عليه اختراع قصة تعرضه للخطف وتحرير إيصالات أمانة بالإكراه ضد الدكتور مهاب لابتزازه وإجباره على التنازل عن الأحكام التي صدرت لصالحه.
تم القبض على الزوجة التي كانت في حالة ذهول، لأنها كانت تدرك أن الفشل يعني السجن لها ولزوجها...

أمام النيابة اعترفت بأن حبها لزوجها دفعها إلى محاولة حمايته من السجن بكل السبل، وقالت إنه اعترض في البداية على المشاركة في هذه التمثيلية، لكنها أقنعته بأنها الحل الوحيد لإنقاذه، فاستسلم لمشيئتها.
قررت النيابة حبس الزوجين وشقيق الزوج بتهمة البلاغ الكاذب والابتزاز.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079