بعد مقتل طفلة على يد خادمة...
تعود قضية غياب مراكز رعاية الأطفال، أو Day Care Centers، تحت السن المدرسية إلى الواجهة في السعودية بعد مقتل الطفلة تالا الشهري التي صدمت قصتها المجتمع السعودي عندما عادت والدتها إلى المنزل لتفجع بمنظر ابنتها غارقة في دمائها على سريرها مذبوحة وهي نائمة.
عام 2008 أجرت «لها» تحقيقاً عن جهود فردية تسعى لإنشاء دور للرعاية النهارية للأطفال، واستعداد الشؤون الاجتماعية لإصدار تصاريح لإنشاء هذه المراكز. ولكن حتى وقت إعداد هذا التحقيق لم تُصدر أي تصاريح لدور الحضانة، وما زالت الجهود الفردية تناشد الجهات الحكومية الإسراع في إصدار التراخيص لتسهيل عمل المرأة أو خروجها للدراسة، ولتوفر لأطفالها مكاناً آمناً يساهم في تنمية قدرات الطفل وتطويرها أثناء غيابه عن والدته.
يلزم قانون العمل السعودي المؤسسات التي يزيد عدد النساء فيها عن 50 موظفة بإنشاء دار حضانة لرعاية أطفالهن، وهو ما لا تلتزم به العديد من المؤسسات والشركات في القطاع الخاص. وبعد ازدياد حالات عنف بعض الخادمات على الأطفال، باتت صرخات المطالبين بإنشاء دور حضانة في المدارس أو الأحياء ضرورة لردع قلق الأمهات العاملات وربات البيوت على أولادهن من خطر يمكن أن تتسبب به بعض العاملات المنزليات. وطالبت المعلمات من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والصحف بتوفير الحضانات لأطفالهن في المدارس، واعتبرن أن فاجعة الطفلة تالا هي جرس إنذار. «لها» تسأل المسؤولين عن وضع دور الحضانة لأبناء العاملات أو مراكز لرعاية الأطفال محاولةً معرفة الجهة المسؤولة عن إنشائها أو إصدار تراخيص لها.
آل طاوي: لا علاقة للشؤون الاجتماعية بإصدار تصاريح لدور حضانة الأطفال
بداية، نفى المدير العام للشؤون الاجتماعية في مكة المكرمة عبد الله آل طاوي علاقة الشؤون الاجتماعية بإصدار التصاريح الخاصة لإنشــاء دور حضانة للأطفال سواء في المدارس أو في مراكز الأحياء، مُرجعاً الأمر إلى وزارة التربية والتعليم لأنها «الوحيدة التي تُصرح وتصدر التراخيص حول هذا الأمر». وحول موقف وزارة الشؤون الاجتماعية من إنشاء دور حضانة في المدارس أو الأحياء، أيد آل طاوي الفكرة ورحب بها بما يتوافق مع اختصاصات الوزارة، وقال: «أي أمر يتعلق بتراخيص إنشاء الروضة أو الحضانة، يُعطى من جانب وزارة التربية والتعليم. ونحن نؤيد أن تعمد المعلمة التي تخرج إلى عملها في المدرسة إلى وضع ابنها أو ابنتها في حضانة يستفيد منها الأطفال في التواصل مع من هم في أعمارهم وتوجهاتهم، لأن بقاء الأطفال مع العاملات المنزليات يؤثر على طباع الأطفال ولغتهم وعاداتهم وغيرها». ولفت إلى أن لا علم لديه عن توقيت استصدار تراخيص لهذه الدور وأن السؤال لا بد أن يوجه الى المختصين.
المسعود: 4 حضانات في القطاع الحكومي في جدة لا تكفي حاجة المعلمات ولا المدارس
من جانبها، أكدت المنسقة الإعلامية في وزارة التربية والتعليم ومشرفة الإعلام التربوي في جدة منيرة المسعود حاجة المجتمع السعودي لحضانات وروضات باعتبارها حق للمعلمة ولكل موظفة تغادر منزلها لتؤدي عملها أو رسالتها التعليمية في الجامعات أو المدارس، موضحة «أن العدد الموجود من الحضانات والمتمثل في 4 حضانات في القطاع الحكومي تحت إشراف رياض الأطفال، لا يكفي لسد الطلب».
وأضافت: «وجود الحاضنات هي أحد الشروط لتوفير البيئة الآمنة والمستقرة للمعلمة لتتمكن من تأدية رسالتها، وليس فقط المعلمة بل الموظفات في القطاعات الحكومية والقطاعات الخاصة، والمرأة بشكل عام إذا خرجت لسوق العمل، من حقها أن تضع أبناءها في حضانة، ولا يتوافر في السعودية هذا الأمر».
د.المُعبي: يجب الإسراع باستخراج التصاريح لنتمكن من إنشاء دور حضانة للأطفال داخل الأسر
طالبت المستشارة الأسرية النفسية المعتمدة من مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، ومديرة شعبة الخدمات المدرسية في التربية والتعليم سابقاً الدكتورة زهرة المعبي بسرعة إصدار تصاريح لإنشاء دور حضانة داخل الأسر، معللة ذلك بوجود «سيدات في المنازل لديهن الرغبة في استضافة أطفال المعلمات والموظفات، لكن عائق استخراج التصاريح يحول دون البدء في هذه المشاريع». ولفتت إلى أن تأخر التربية والتعليم في توفير أماكن للحضانة داخل المدارس، ينبع من عدم وجود شواغر أو «غرف» فارغة تخصص لوجود أطفال المعلمات معهن في المدرسة. وعن أهمية وجود دار الحضانة في المجتمع السعودي قالت المعبي: «لا بد أن نتعرض لكارثة لنتحرك ونسعى جاهدين لتحقيق مطالبنا، وعند أول عائق، نقف مكتوفي الأيدي لا نُحرك ساكناً. أستطيع أنا إنشاء دار حضانة، لكن دون إصدار التصاريح سيتم إغلاقها».
حريري: دور الحضانة تمنح الأم الأمان وتكافح البطالة النســائية
أشارت العضو المؤسس للجمعية السعودية لحماية الطفولة والاستشارية النفسية الدكتورة مها أحمد حريري إلى أن كل مشكلة تحدث في المجتمع السعودي «تُثار حولها المطالبات بالإصلاحات والضجة الإعلامية، وتبدأ الوعود، والدراسات، وإنشاء اللجان، وبعد فترة تهدأ الأمور ولا يحدث شيء. وهي الصورة ذاتها التي تتكرر اليوم في إطلاق الحملات والمناشدات لضرورة وجود مكان آمن للأطفال أثناء ساعات عمل المرأة. لكن أيضا هذه الحملات جاءت وبقوة بعد أن أُزهقت روح بريئة للطفلة تالا على يد العاملة الاندونيسية. لذلك نأمل من الجهات الحكومية ونطالبها بالسماح بوجود دور حضانة للأطفال في الأحياء والمدارس لتسهيل عمل المرأة العاملة ومساعدتها في الحفاظ على أبنائها من أي خطر قد يُحدق بهم، سواء كان في المنزل عاملة أو لا».
وأضافت أن دور حضانة للأطفال في المدارس ومراكز الأحياء لن تستقبل فقط أبناء المعلمات بل أيضاً أبناء العاملات ممن يقطنّ في الحي نفسه، وبذلك تقدم خدمة اجتماعية بتوفير الأمن النفسي للأمهات والأطفال. كما تفيد هذه المراكز في توظيف العاطلات عن العمل وتكافح البطالة النسائية.
الغامدي: هناك توجه لإنشاء مزيد من الحضانات قريباً
قال مدير الإعلام التربوي في جدة عبد المجيد الغامدي: «لدينا حضانات حكومية، وهناك بعض المدارس فيها حضانات أنشئت بجهود فردية من خلال إدارة المدرسة، لاستقبال أبناء المعلمات أو العاملات في المدارس. وهي تجارب ناجحة». وأكد حاجة المجتمع السعودي إلى هذه الحضانات، وأن هناك توجهاً لإنشاء مزيد من الحضانات في القريب العاجل.
التربية والتعليم ترد: «حاضنات المدارس» فكرة قابلة للتطوير حسب ظروف الوزارة، وتعليم الشرقية يستعد لدراسة شاملة عن إنشاء الحاضنات
نشرت الصحف المحلية عن لسان نائب وزير التربية والتعليم نورة الفايز أن اقتراح إنشاء حضانات في المدارس لأبناء المعلمات قابل للدراسة والتطوير حسب ظروف الوزارة، وأنها تخضع لعوامل قد تتطور وتنفذ، وقد تتوقف، أبرزها تقديم تسهيلات للمرأة السعودية. وقد اتصلت «لها» بنائب وزير التربية والتعليم لشؤون البنات نورة الفايز للوقوف على صحة الأمر، ومدى استعداد الوزارة للقيام بهذا النوع من المشاريع، ولماذا لم تتمكن الوزارة حتى اليوم من افتتاح حضانات لأبناء المعلمات أو إصدار تراخيص لمراكز رعاية للأطفال؟ ولكنها اعتذرت عن عدم الرد والمشاركة في الموضوع لانشغالها.
من جهتها تستعد إدارة التربية والتعليم في المنطقة الشرقية خلال الفترة المقبلة لتقديم دراسة شاملة لوزارة التربية والتعليم حول إمكان إنشاء حضانات أطفال في مدارس التعليم العام، أسوة بعدد من دول العالم.
البند التاسع من نظام العمل السعودي باب تشغيل النسـاء
يحدد البند التاسع من باب تشغيل النساء المادة الـ 59 بعد المئة في الفقرة (1) نصاً يفيد بأنه: على كل صاحب عمل يُشغل خمسين عاملة أو أكثر أن يُهيئ مكاناً مناسباً يتوافر فيه العدد الكافي من المربيات، لرعاية أطفال العاملات الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات وذلك إذا بلغ عدد الأطفال عشرة أو أكثر.
وتنص الفقرة (2) من المادة نفسها بأنه: يجوز للوزير أن يُلزم صاحب العمل الذي يستخدم مئة عاملة أو أكثر في مدينة واحدة أن يُنشئ داراً للحضانة بنفسه، أو بالمشاركة مع أصحاب عمل آخرين في المدينة نفسها، أو يتعاقد مع دار للحضانة قائمة لرعاية أطفال العاملات الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات وذلك أثناء فترات العمل. وفي هذه الحالة يوفر يحدد الوزير الشروط والأوضاع التي تنظم هذه الدار، كما يقرر نسبة التكاليف التي تفرض على العاملات المستفيدات من هذه الخدمة.
مغردون يطلقون حملة لإنشاء حضانة في كل مدرسة ودعوة إلى وطن دون خادمــات
أطلق مغردون على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) حملة # إنشاء حضانة في كل مدرسة، بعد حادث قتل الطفلة تالا الشهري. وطالبت بعض المغردات في هذه الحملة بتوفير حضانات في كل قطاع حكومي وأهلي لتشعر الأم والمعلمة والموظفة بالراحة النفسية. كما طالب البعض بوجود الحضانات ليس فقط في المدارس بل في أي جهة توظف النساء للحرص على إبقاء أطفالهن أمام أعينهن بشكل آمن وسليم.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024
شؤون الأسرة
اقتراحات تمييزية للتشويش على حق الأمهات اللبنانيات بإعطاء الجنسية لأطفالهن
شؤون الأسرة
عائلة حسام ورولا تنقل تفاصيل دقيقة عن الحياة في هولندا بكل صعوباتها وإيجابياتها
شؤون الأسرة