هل النجاح يعني السعادة ؟
عندما تحققين أهدافك، تشعرين بالسعادة، أليس كذلك؟ لا يبدو الأمر هكذا. فحسب خبراء السعادة، لا تكمن السعادة الحقيقية في المقصد وإنما في الرحلة إلى ذلك المقصد.
يظن البعض أن السعادة تأتي نتيجة الحصول على أشياء معينة، مثل المهنة الجيدة، والزوج المثالي، والأولاد الرائعين، والرصيد المصرفي المهم وما شابه. لكن هؤلاء الأشخاص يصابون بالصدمة غالباً حين يجدون أن الحياة لم تنعم عليهم بالسعادة التي كانوا يحلمون بها على رغم تحقيق كل تلك الأهداف. فالحصول على هدف معين، مثل التخلص من الوزن الزائد أو إنجاب طفل أو الحصول على وظيفة الأحلام مع راتب مغرٍ، لا يترافق بالضرورة مع السعادة. ليس الأمر مماثلاً للضمانة الممكن الحصول عليها عند شراء ثلاجة أو فرن غاز.
بالفعل، تبدو السعادة في الحصول على ما نريده سريعة الزوال. حين تكون الفتاة عازبة، تظن أن السعادة تكمن في العثور على الزوج المناسب. وبعد الزواج، تصبح السعادة كامنة في إنجاب الأولاد. باختصار، كلما حصلنا على الهدف الذي كنا ننشده، نجد أنه لا يزال أمامنا أهداف أخرى يجب تحقيقها. هناك دوماً شيء آخر نريده أو نظن أننا بحاجة إليه.
واللافت أن بعض الأشخاص يجدون في النجاح مصدراً للبؤس بدل السعادة. فعندما يحددون هدفاً معيناً، يظنون أنهم سيشعرون بالسعادة عند تحقيقه. لكنهم يكتشفون عكس ذلك، إذ يسيطر عليهم الاستياء. من الخطأ الظن أن حصد الجوائز يمنح الشعور بالسعادة. فلن يكون الإنسان غنياً كفاية، مهما كان غنياً. ثمة شخص آخر في هذا الكون أكثر غنى منه. وعندما نحقق أهدافنا، نظن خطأ أن الارتياح الذي نشعر به هو سعادة. الارتياح هو تجربة ممتعة، لكنه ليس السعادة.
نعرف اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، ما الذي يجعلنا سعداء وغير سعداء. نعرف مثلاً أن جيلنا الحالي ليس سعيداً مثلما كان الجيل الذي قبله على رغم نيله المزيد من التحصيل العلمي وجنيه المزيد من المال. كما نعرف أن الطلاق والمرض وموت الأهل هي من الأمور التي تؤثر سلباً في السعادة. وتشير الدراسات إلى أن الأشخاص السعداء يعيشون لوقت أطول من الأشخاص المكتئبين. فاليأس قد يحذف لغاية تسع سنوات من عمرك، أو ربما أكثر إذا كنت من المدخنين. ويقول بعض الخبراء إن الأشخاص يكونون سعداء بقدر ما يقررون ذلك. إنه مبدأ «التفاؤل المكتسب» الذي يولّد السعادة. يعني ذلك أنه إذا ولدت بطبعك متشائمة وتنظرين إلى النصف الفارغ من الكأس، يمكنك تدريب نفسك لرؤية النصف الممتلئ من الكأس.
لكن على رغم وجود بعض المبادئ العامة، لا يوجد بعد أي حل شامل يلائم الجميع لناحية الحصول على السعادة. فما يجعلك أنت سعيدة قد لا يجعل الآخرين سعداء، والعكس صحيح. لكن تبين أن بعض ظروف الحياة تؤثر في رفاهتنا. فالضجيج، مثلاً، خصوصاً إذا كان متقطعاً أو متفاوتاً، يسبب التوتر، فيما يجدي نفعاً العيش في شارع هادئ بعيد عن الطريق العام. كما أن المسافة الطويلة الفاصلة بين العمل والمنزل تؤثر سلباً في السعادة الطويلة الأمد، خصوصاً في حال المعاناة من زحمة السير يومياً. وفيما لا يشعر بالضرورة الأشخاص الجذابون بسعادة أكبر من الأشخاص غير الجذابين، فإن الذين يخضعون لعمليات التجميل سعياً لتحسين مظهرهم يشعرون بقلق واكتئاب أقل بعد نجاح العملية وتتحسن كثيراً نوعية حياتهم.
من جهة أخرى، يبدو أن الأشياء الكبيرة لا تجعلنا سعداء بالضرورة. فقد كشفت الدراسات أن الذين يربحون الجائزة الكبرى في اليانصيب أو اللوتو يعودون إلى مستويات التعاسة السابقة بعد مرور خمس سنوات فقط على ربح الجائزة. وتبقى العلاقات الاجتماعية، ولاسيما العلاقات مع العائلة والأصدقاء، المؤشر الأساسي لرفاهتنا. فقد وجد الباحثون أن رؤية أفراد العائلة والأصدقاء كل يوم قد توازي الملايين في المصرف العاطفي.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024
شؤون الأسرة
اقتراحات تمييزية للتشويش على حق الأمهات اللبنانيات بإعطاء الجنسية لأطفالهن
شؤون الأسرة
عائلة حسام ورولا تنقل تفاصيل دقيقة عن الحياة في هولندا بكل صعوباتها وإيجابياتها
شؤون الأسرة