تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

مدبرة المنزل 'المحلية' ليس لها مكان في البيت السعودي...

أشعلت تصريحات مدير صندوق تنمية الموارد البشرية إبراهيم المعيقل جدلاً واسعاً في الأوساط الاجتماعية السعودية. فقد أعلن في مؤتمر صحافي عقد على هامش توقيع اتفاق مع الجامعة العربية المفتوحة «أنه لا حرج في عمل المرأة السعودية عاملة نظافة إذا لم تجد وظيفة أخرى»، كاشفاً أن شركات تخطط لتشغيل سعوديات عاملات منازل برواتب يومية، وشهرية، مما أشعل فتيل هجمات قوية على مواقع التواصل الاجتماعي معلنة رفضها المبدأ جملة وتفصيلا. «لها» استطلعت آراء مختلفة من أهل الاختصاص والشارع السعودي ومكاتب الاستقدام لتقف على حقيقة الأمر الذي ما لبث أن تناقلته المواقع بنوع من الامتعاض والغضب.

استقبل الشارع السعودي تصريحات مدير صندوق تنمية الموارد البشرية إبراهيم المعيقل بنوع من الاستهزاء والغضب خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك، تويتر)، مع الاعلان عن رفض هذا النوع من الوظائف لأسباب عدة من أبرزها أن السعودية تعد من أهم الدول النفطية، مما يعني أنه لا حاجة للمواطن إلى العمل في وظائف دون المستوى، إضافة إلى كون المرأة السعودية لها خصوصية معينة.


رفض قاطع

وفي استطلاع سريع للآراء، رفض أحمد الحسني الفكرة حتى لو كانت السيدة العاملة عربية فما بالك لو كانت سعودية. وقال: «في المجتمع الحجازي كثيراً ما كانت السيدات يستعنّ بالجارات، أو من هن في وضع مالي ضعيف لمساعدة ربة المنزل في انجاز أعمال بيتها. ولكن حالياً الوضع مختلف تماما، إذ أن هناك خصوصية معينة في البيت من المستهجن أن تتطلع عليها عاملة عربية، ولعل الموضوع أصبح عادة أو تقليدا أن تكون العاملة لدينا من الجنسيات الشرق آسيوية».
وعن قدرة المرأة السعودية على القيام بالمهمات نفسها، قال: «نعم بالتأكيد هي قادرة على القيام بالعمل المنزلي على أكمل وجه، ويمكن أن أستأمنها أكثر من العاملة المستقدمة».

ندى حسين كان لها الرأي ذاته قائلة: «من المستحيل أن أتقبل عاملة في منزلي من الجنسية السعودية، فالسيدة السعودية لها مكان ووظيفة أفضل، وبراتب مجزٍ حتى وإن لم تكن من حاملات الشهادات العلمية. فلا أعتقد أننا وصلنا الى مثل هذه المرحلة لتكون المرأة السعودية عاملة في المنزل».
كما رفضت أن تكون ممرضة في البيت، أو جليسة أطفال، أو طباخة، أو عاملة بدوام جزئي فهي ترى أن كل المسميات واحدة مهما اختلفت.بمعنى أنها ترفض المبدأ جملة وتفصيلاً إذ أنها تلاحظ العاملة السعودية في الشركات الخاصة وطريقة معاملة الجميع لها، فما بالنا بعملها داخل الأسرة السعودية المتطلبة.

غسان كاتب لا يقبل أن تكون المرأة السعودية في هذا النوع من الوظائف رغم إقراره بأن العالم تغير، والثقافات أصبحت أكثر مرونة، وأن كثيرا من التوقعات يمكن أن تحدث إلا أن الفكرة حتى اللحظة مرفوضة لاعتبارات عدة... «لا توجد عائلة سعودية ستجعل من ابنتها عاملة لدى أسرة لديها عدد من الشباب والرجال وذلك لكثير من المبادئ الدينية والأخلاقية. الثقافة تماماً مختلفة في ما بيننا وبين الدول الأخرى».
وقال ان عمل السيدة طباخة أو جليسة أطفال قد يكون مقبولاً إذا كان تحت إشراف مؤسسة معتمدة من الدولة، وبنظام العمل الجزئي. إلا أنه شدد على رفضه التام أن تعمل المرأة السعودية مدبرة منزل.

دلال محمد توافق على العمل ولكن بشروط: «بعض النساء بحاجة ماسة إلى المال مما يدفعهن إلى التسول عند إشارات المرور، أو القيام بأعمال أخرى. ولكن إذا وجدت السيدة المعوزة هذا النوع من العمل أعتقد أنه سيكون أكثر شرفاً وحفظاً لكرامة السيدة أو الفتاة، ولكن بتنظيم معين، وليس بالوضع المتعارف عليه كالعمالة الأجنبية، لأن المجتمع لن يقبل بذلك أبداً».


النظرة الدونية

من جانبه، قال الأكاديمي الدكتور أبو بكر باقادر إن العمل المنزلي هذه الأيام وفي بعض البيوت هو نوع من الرق المقنن، بحيث أنه يأخذ صفة العمل غير المجد. وأضاف: «عرف أن الخادم الموفق يصبح جزءاً من الأسرة، وفي الجزء الأسوأ  يكون هو المسخر لإنجاز كل الأعمال المطلوبة منه في أي وقت وعليه أن يستجيب للطلبات، ولا يؤخذ رأيه في ذلك. لكن إذا كان العمل يجري بالوتيرة نفسها التي تحصل في التوصيف المهني للعمل في الشركات بساعات عمل محسوبة، وله مهمات محددة، وينتهي بالقيام بها، هنا يصبح الظرف مختلفا تماماً، وتأخذ الخدمة في بيت شكل العمل الوظيفي».

وبالنسبة الى الأنثى فإن المعايير المحلية تقتضي أن يصان عرضها، ويتوافر لها وقت تمارس فيه حياتها الخاصة. عندها من الممكن أن يكون وجود لهذا النوع من العمل، لأن هناك من هن محتاجات إلى العمل الشريف بدلا من التسول، أو أن يكنّ عالة على الناس. وأضاف: «هذا النوع من الأعمال كان قائماً، وتغير في الفترة النفطية، وأصبح هناك نوع من المساحة الاجتماعية، بين من يأتي للخدمة في المنزل والمواطن. ولكن قديماً كانت تأتي السيدات لغسل الملابس، أو للمساعدة في المناسبات، فكانت بعض الأسر الثرية تستخدم خدماً خصوصاً الأطفال وهم من نطلق عليهم الصبية، وكان هؤلاء الصبية يحرمون من التعليم ما يضطرهم لإيجاد محضن، وعادة ما كان داراً أو بيتاً وكان صاحب البيت يعتبر الصبي أحد أفراد الأسرة».
وأوضح الدكتور أبو بكر أن الظروف الراهنة من خروج المرأة للعمل، وخروج بناتها للدراسة والعمل والتخلي عن مساعدتها داخل المنزل، تتطلب وجود مساعدة على مدار الساعة، إضافة إلى إتساع مساحة البيوت عن السابق، مشيرا إلى أن أسلوب الحياة، وزيادة الرفاهية المالية، والتأثر بالدول الأخرى سمحت باستقدام العمالة من الخارج.
وقد أوجد ثلاثة شروط لتقبل العمل المهني المنزلي لخصها في ما يأتي:

  • تغير نظرة الناس الى أسلوب العمل المنزلي.
  • تحديد أوقات العمل بحيث لا يكون على مدار الساعة.
  • احترام من يزاول هذه المهنة.

مكاتب الاستقدام: لا طلب على السعوديات ولا يمكن أن يكون

تواصلت «لها» مع عدد من مكاتب الاستقدام التي توفر العاملات المنزليات، والسائقين. وفي ظل تردد شائعة مفادها أن هناك طلباً على عاملات من الجنسية السعودية، نفت مكاتب الاستقدام ذلك تماما.
وقال محمد سليمان من مكتب الخبرة للاستقدام في جدة: «المبدأ مرفوض تماماً في السعودية. وبحكم خبرتي الطويلة في الاستقدام، لم يمر علي أي حالة من حالات الطلب على عاملات سعوديات من جانب الأسر السعودية، حتى لو اختلفت المسميات بحيث يكون الطلب على طباخة، أو جليسة أطفال. والحياة داخل السعودية محكومة بكثير من العادات، والتقاليد، إضافة إلى الأعراف والاشتراعات الدينية».


سوزان المشهدي: علينا أن نتقبل التنظيم وأن نتجرد من الصورة النمطية للعاملة المنزلية

أوضحت الكاتبة سوزان المشهدي أن المجتمع السعودي عادة ما يرفض التنظيم قائلة: «عندما قنن وكيل الوزارة، ومن قبله وزير العمل الراحل غازي القصيبي العمل، واجها من المجتمع ثورة كبيرة ... ما قصد من الحديث أن من ترغب في العمل ولم تجد عملاً وهي من دون أي شهادة، ومن أسرة فقيرة سنوفر لها راتب 3500 ريال، ويكون لها حقوق، ويكون العمل عن طريق مؤسسات معتمدة من الدولة معترف بها ومرخصة، وبساعات عمل محددة. ولم يفرض المسؤول هذا النوع من الأعمال فرضاً على السعوديات، ولكن هو نوع من التنظيم لمنع استغلال حاجة الناس».


تصريح مدير صندوق تنمية الموارد البشرية للشقيقة «الحياة» الذي أثار الجدل...

قال مدير صندوق تنمية الموارد البشرية إبراهيم المعيقل، إنه لا يجد حرجاً في عمل المرأة السعودية «عاملة نظافة إذا لم تجد وظيفة أخرى». وأضاف - رداً على سؤال من الشقيقة  «الحياة» عن وجود عاملات نظافة سعوديات - أن «المرأة السعودية إذا وجدت وظيفة مناسبة غير عاملة نظافة، فهي أحق بها». وأعلن أن شركات تخطّط لتشغيل السعوديات عاملات منزليات برواتب يومية وشهرية، مشترطاً ألا يقل الراتب عن ثلاثة آلاف ريال. وكشف - في مؤتمر صحافي عقب توقيع «الصندوق» اتفاقاً مع الجامعة العربية المفتوحة لاستقطاب سعوديين من أجل العمل فيها - أن شركات لم يذكر أسماءها تعتزم فتح مشروع تشغيل عاملات منزليات بالأيام والأشهر، «وقد تتقدم الى مثل هذه الوظائف بعض السعوديات، وهذا لا يعد عيباً، إذ إن الإسلام حضّ على العمل، بدلاً من الجلوس وانتظار الأموال».

وأبدى امتعاضه ممن يقلل من قيمة عمل النساء. وقال: «حين وضعت جامعة نورة بنت عبد الرحمن قطاراً داخل الحرم الجامعي، هناك من انتقد أن تكون المرأة السعودية قائدة قطار». واعتبر المعيقل أن وسائل الإعلام أسهمت في خلق صورة ذهنية سلبية عن قبول بعض المهن، خصوصاً في مجال عمل المرأة، مضيفاً أن عملها في مختلف المهن كان عادياً قبل عقود، وكان العيب ألا تعمل. ودعا إلى عدم احتقار أي عمل شريف، مطالباً وسائل الإعلام بالإسهام في إعادة المجتمع السعودي إلى أصله ومساره الذي كان يقبل الأعمال الحرفية، مبدياً فخره بأنه كان حرفياً مدة طويلة.

وأوضح أن هناك نحو 6 ملايين من الأيدي العاملة الأجنبية في المملكة لا يحملون مؤهلات، ويمكن أن يحل مكانهم سعوديون، غير أن «الصندوق» في خططه الراهنة يستهدف حملة الشهادة الثانوية وما فوق لتوطين وظائفهم. ولفت إلى أن بعض من يستشهدون بتجارب بعض الدول مثل كوريا في إيجاد فرص عمل لمواطنيها في قطاع اقتصاد المعرفة، يهملون الجانب الآخر، وهو أن كوريا لديها أيضاً عمالة من مواطنيها في كل مجال، ولا تعاني ثقافة رفض الحرف اليدوية.
وذكر أن عدد المستفيدين من معونات برنامج «حافز» فاق المليون والنصف المليون شاب وفتاة.

مدير صندوق تنمية الموارد البشرية إبراهيم المعيقل بعد نشر الخبر:
إن ما ذكرته كان لتوضيح مبدأ شرف المهنة بإعطاء عدد من الأمثلة منها أنه لو وجدت شركات تخطط لتشغيل السعوديات عاملات منزليات برواتب مجزية وهناك من يقبل العمل بها فما الضرر في ذلك؟ بيد أن المحرر يبدو انه اختلط عليه فهم إجابتي، حيث ذكرت ان سوق العمل السعودي مفتوح، وكل الوظائف والمهن تطرح من خلال القطاع الخاص، كما أن الشركات والمؤسسات تستطيع طرح كل الوظائف المتاحة لديها أو تلك التي تخطط في الاستثمار بها والنظام لا يمنع أو يخالف من يعمل بذلك، علماً ان صندوق تنمية الموارد البشرية يحترم ويدعم المهن الشريفة وان مبلغ  3000ريال يعتبر الحد الأدنى للفرص الوظيفية المدعومة من الصندوق وليس راتباً مقترحاً أو مُقراً للعاملات المنزليات كما ذكر في التصريح.
كما جاء في التصريح أن المستفيدين من برنامج إعانة الباحثين عن عمل «حافز» فاق المليون ونصف وهو رقم غير صحيح ، والصحيح ما ذكر سابقاً وتناقلته وسائل الإعلام وهو مليون ومئة وثلاثة وخمسين ألف مستفيد.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078