مليونيرة لمدة 72 ساعة فقط
كانت تحلم بأن تعيش حياة المليونيرات ولو يوماً واحداً، وحققت سلوى حلمها لكن الثمن كان باهظاً، دخلت السجن بعد 72 ساعة عاشتها كمليونيرة، حققت خلالها كل شيء كانت تحلم به، لكن النهاية لم تكن سعيدة، بل وجدت في انتظارها رجال المباحث لتدفع ثمن طموحها الجنوني.
زوجها أيضاً دفع ثمناً غالياً لسكوته عن تصرفات زوجته قوية الشخصية، بل وشاركها في جريمتها واستجاب لآرائها المدمرة، وعاش معها أجمل لحظات حياته ظناً منه أن جريمتهما نجحت، لكنه آفاق من الحلم الجميل على واقع مرير، والقيود الحديدية تحيط يديه، وانتهى الحلم بكابوس.
كانت على استعداد لأن تفعل أي شيء حتى تعيش حياة الأثرياء وسيدات المجتمع الراقي. كم تمنت سلوى الفقيرة أن تصبح واحدة من هؤلاء، وكانت تذهب كثيراً إلى المحافل التي تجمع سيدات الأعمال، لتراقب من بعيد هذا العالم الذي تعيشه في عقلها وقلبها. لكنها ظلت بعيدة كثيراً عن هذا الحلم، فهي مجرد مندوبة مبيعات، راتبها لا يتجاوز 500 جنيه شهرياً، وزوجها موظف بسيط في إحدى شركات القطاع العام، وإمكاناتهما لا تتجاوز حدود شقتهما المتواضعة بأحد شوارع محافظة الجيزة.
قبل سنوات ارتبطت بزوجها محسن، ظروفهما كانت متشابهة، فالزوج شاب بسيط بلا طموح، وهي ليست على قدر من الجمال، ولم تكن تستطيع أن تختار من هو أفضل من محسن، فلم يتقدم لخطبتها سواه... أكد لها أنه سيسعى لإسعادها، وشعرت سلوى بأنه طيب القلب، ولهذا قررت إتمام الزواج بسرعة وطموحها لا يفارقها. خلال الأيام الأولى للزواج بدأت سلوى رحلة تشكيل عقل زوجها المستسلم الذي وافقها تماماً على أفكارها، وراحت تؤكد له أن الأثرياء ليسوا أفضل منهما، لكن الزوج كان يحاول أن يقنع زوجته بالرضا بهذا الوضع، مؤكداً أن الفقر طريق مرسوم أمامهما ولا فرار منه. وفي المقابل كانت الزوجة تجزم بأنها تخطط حتى يهربا من طريق الفقر.
فكرة شيطانية
كانت سلوى بحكم عملها كمندوبة مبيعات تتنقل بين المنازل والفيلات والقصور، تدخل هذه الأماكن لتعرض بضاعتها على ربات البيوت، وكانت تصاب بالذهول حين تشاهد المستوى الاجتماعي الأسطوري الذي تعيشه بعض السيدات.
أخيراً أهداها الشيطان الفكرة. التي تحقق بها حلمها، فقررت أن تخطط للسرقة وتحقق ما أرادت، لكن كيف السبيل الى تحقيق هذا الحلم؟
في هذه الأثناء توطدت علاقتها بالسيدة شادية سيدة الأعمال المسنّة التي تعيش بمفردها في أحد القصور الفخمة بمنطقة المعادي. أبناؤها سافروا إلى الولايات المتحدة قبل سنوات، ورفضت شادية أن تترك مصر وفضلت العيش بمفردها مع خادمتها والحارس العجوز الذي أمضى حياته كلها في خدمة أسرة السيدة شادية.
درست سلوى القصر جيداً، وكانت العقبة الكبرى تتمثل في كلب الحراسة الضخم الذي كان يستعين به الحارس العجوز لمساعدته في مواجهة اللصوص.
كانت شادية تحتفظ بمجوهرات يتجاوز ثمنها ثلاثة أرباع مليون جنيه، بالإضافة إلى مبالغ مالية ضخمة.
زارت سلوى صديقتها العجوز مراراً، وأحست السيدة شادية بالارتياح تجاه مندوبة المبيعات المكافحة، فطلبت منها أن تزوها باستمرار. وبدأت الخطة تختمر في عقل مندوبة المبيعات أكثر فأكثر، ووضعت اللمسات الأخيرة لها، ودرست مداخل القصر بشكل جيد، وكذلك حددت أنسب موعد للتسلل إلى القصر. قصت على زوجها تفاصيل خطتها. وبدأت ترسم الخطة بالورقة والقلم، وأطلعت زوجها على مداخل القصر، واختارت أن تكون ساعة الصفر في الحادية عشرة ليلاً حين تكون العجوز وحارسها وخادمتها قد غرقوا في النوم. العجوز وخادمتها كانا ينامان في الطابق العلوي والحارس في الطابق الأرضي.
خزانة علي بابا
في مساء ذلك اليوم كانت سلوى قد نفذت الجزء الأول من خطتها، فدست السم الذي اشترته في قطعة لحم كان يتناولها الكلب وغادرت المكان، لكنها لم تذهب بعيداً عن منطقة المعادي. التقت زوجها، وظلا يحومان حول القصر ليشاركها زوجها في ملاحظاته. لم تفارق حالة الخوف الزوج الذي كان شبح السجن يحوم حوله، لكن شجاعة زوجته كانت تساعده في التخلص سريعاً من هذه الحالة، الزوجة كانت تؤكد له أنها مجرد ساعات ويصبحان ثريين. أكدت سلوى أن العجوز شادية تمتلك خزنة فيها أموال ومجوهرات من شأنها أن تنقلهما إلى عالم الأثرياء، وتشجع الزوج. ومضت الخطة كما أرادت، تسللا إلى فناء القصر، وكانت سلوى قد تركت نافذة غرفة المكتب مفتوحة، وبسهولة أصبح محسن وزوجته داخل الغرفة المقصودة. تمكن الزوج من خلع الخزنة من مكانها بسهولة وغادر المكان مع زوجته التي شاهدت في طريقها الهاتف المحمول للعجوز فسرقته دون أن تدرك أنه سيكون طريقها إلى السجن، واستقلا السيارة التي استأجرها محسن وانطلقا إلى منزلهما، وبدأت رحلتهما مع فتح الخزنة المستعصية، وبعد خمس ساعات كاملة انفتحت خزنة علي بابا العامرة بالمجوهرات والماس والأموال.
شهقت سلوى بقوة وهي لا تصدق أن الحلم تحقق، لم تضع وقتها بل سارعت الى الاتصال بأكبر فنادق مصر وحجزت جناحاً فخماً. حاول زوجها أن يثنيها عن هذا القرار ولو موقتاً، لكنها لم تستمع إليه. اختارت صاحب محل مجوهرات سيِّئ السمعة وباعته مجوهرات العجوز المسروقة، وأصبح معها مبلغ يقترب من المليوني جنيه، اتفقت مع زوجها على إيداع نصفه في البنك، وأكدت أنها ستنفق بقية الأموال على متعتها. وفشل الزوج في أن يسيطر على حالة الزهو التي انتابت زوجته التي اشترت ملابس غالية وسيارة أحدث موديل، وبدأت تتعامل مع رواد الفندق كسيدة أعمال لها باع طويل في عالم أولاء الذوات.
في المساء كانت تنزل إلى الديسكو لتنفق ببذخ، وهي تسترجع اللقطات التي شاهدتها كثيراً في التلفزيون. واستمرت الزوجة الطموحة ثلاثة أيام في عالم المليونيرات، ولم يتخيل أحد من العاملين أن سلوى هانم، كما كانوا ينادونها، مجرد مندوبة مبيعات سرقت حتى تعيش هذه الساعات.
في هذه الأثناء كانت أجهزة الأمن تتتبع المكالمات التي أجرتها المتهمة من هاتف العجوز، وكان هذا هو طرف الخيط الذي التقطه رئيس مباحث المعادي، وعرض على العجوز الأسماء المشكوك فيها، وتوقفت السيدة شادية عند اسم سلوى، وهي لم تتخيل أن هذه الشابة هي المجرمة التي سرقتها. واتجه رجال المباحث الى منزل سلوى التي لم تكن فيه، ولكن زوجها كان في هذه الأثناء يحضر بعض أغراضه من المنزل.
فوجيء الزوج برجال المباحث، وبشكل لا إرادي حاول الهرب، لكن الضباط تمكنوا من الإمساك به، وسألوه عن زوجته فأرشد الى مكانها في الفندق الشهير، وكانت مفاجأة قاسية للزوجة عندما وجدت نفسها أمام رجال الشرطة، لينتهي حلمها بفضيحة ثم بالسجن.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024