تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

لماذا لم نقع بعد في الحُبّ؟

في السعودية مصالحة بين واقع الحياة وأحلام الحبّ
تسود في الاجابات التي تلقيناها من السعودية النظرة الواقعية الى موضوع الحب
، وإن كانت المثالية لا تزال تجد لها انصاراً

الجدعاني
: ابتعدت عن الحب خوفاً على مستقبلي وعملي
عزت شهد الجدعاني (24 سنة) المعلمة في مدرسة خاصة - عدم وقوعها في الحب إلى خوفها من عدم إكمال دراستها وحياتها بحجة أنها ستنسى نفسها مع الحب، وقالت: «لا أُنكر وجود الحب في الحياة بل وأهميته، لكني أعتقد أني سأنسى عالمي كله مع هذا الحب ولن أستطيع إكمال دراستي وعملي. ومن الأسباب التي تبعدني عن الحب عدم وجود رجال مناسبين وجادين في هذا الموضوع، بل أشعر بأن أكثرهم يتلاعبون بمشاعر الفتيات باحثين عن التسلية لا الاستقرار».

بوقس: فكرة الحب تندرج تحت عنوان المصلحة
 قال سامي عبد السلام بوقس (30 سنة) مصمم صفحات في إحدى الشركات -  إنه لم يقع في الحب بمعناه الصحيح. «لم يصل الأمر معي إلى الحب بل كان فقط في حدود الإعجاب. تعرفت ذات يوم على فتاة وأعجبت بها وقمت بخطبتها إلا أن النصيب لم يُكمل مشواره معنا، وصٍدقا لم أشعر تجاهها إلا بالإعجاب. واعتقد أن فكرة الحب خاصة بالنسبة إلى شباب وفتيات هذا الجيل تندرج تحت المصلحة فقط لا الجدية والارتباط».
وعن عزوف بعض الشباب عن الحب تابع بوقس حديثه قائلاً: «الانفتاح والتكنولوجيا والانترنت جعلت التعارف أسهل بين الشباب والفتيات، وأصبح بإمكان الشاب أن يتحدث مع أي فتاة من خلال الانترنت أو مواقع التواصل الاجتماعي، الأمر الذي اقنع البعض من كلا الجنسين بأن لا مجال للحب بين شاب وفتاة تعارفا عن طريق الانترنت واقتصر الأمر بينهما على الصداقة فقط لا غير. وأجد أيضاً من الأسباب أن الشاب لا يبحث اليوم عن الاستقرار الأسري كما فعل، ولا يأخذ الأمر على محمل الجد».

بركات: الفشل وعدم الجدية منعاني من طرق باب الحب
نور بركات (26 سنة) الموظفة في شركة تقول: «لم أجد رجلا مناسباً أشاركه مشاعري. والحب شعور عفوي وفطري ينشأ بين طرفين، لكني لم أقتنع يوماً بأي شخصٍ من حولي ولم أعبر عن إحساس الحب تجاه أحدٍ ما. وألاحظ انعدام الجدية في أي علاقة بين شاب وفتاة».
وتضيف: «أعرف فتيات تربين على أن التفكير في الحب أمر معيب ولا يجوز للفتاة أن ترتبط إلا بمن يأتي لخطبتها عن طريق العادات والتقاليد. وبنظري هذا النوع من الزواج هو الأصح في هذه الآونة إلا أن شعور الحب ليس عيباً أو حراماً إن كان القصد من وراءه الارتباط والزواج». 

زهران: الحب روحاني وقد نشعر به أثناء بحثنا عن شيء آخر
حمّل فوزان زهران (33 سنة) المرأة مسؤولية فشل العلاقات العاطفية في المجتمع السعودي، خاصة أن لديها «خيارات أكثر من تلك المتاحة للرجل. أنا وقعت في حب فتاة وكانت تجربتي الأولى والصادقة في الوقت نفسه، إلا أنها لم تبادلني هذا الحب لذلك لم تتوج علاقتنا. وهنا لا بد أن أوضح أن مفهوم الحب الذي تغيّر لدى البعض، فالعلاقات العابرة بين أي شاب وفتاة بات يُطلق عليها حباً وهو ليس كذلك، فالحب روحاني أو فلسفة داخلية تنشأ داخل الإنسان بعيدا عن التوقيت والمكان والزمان. وحتى أثناء بحثنا ربما عن شيء آخر قد نجد الحب».

هتّان: نوعية علاقاتك مع الآخرين هي انعكاس لنوعية علاقتك مع نفسك
شرحت الاختصاصية النفسية سماح هتّان أن «الحب هو أمر طبيعي يحدث لكل إنسان، حتى بين أولئك الذين لم يعودوا يؤمنون به، فالحب هو جزء من المشاعر الإيجابية التي نحتاجها في حياتنا، فهو يشعرنا بالثقة بالنفس  والسرور  والبهجة  والحماسة».
وقالت: «لا يستطيع أن يعيش الإنسان بدون الحب فمن يتجنب الحب هم أكثر الناس عرضة للمرض والاكتئاب والشعور بالضغط والإحباط. ويجب أن ندرك أن المشاعر الإيجابية التي تمنح الدفء هي مفتاح النمو البدني والعاطفي والعقلي والروحي، ومعها يستطيع كل إنسان أن يجد الشخص المناسب له وذلك من خلال القضاء على المخاوف و تغيير المعتقدات السلبية، وان يبدأ  بحبه لنفسه، واهتمامه بنفسه ليشعر بعدها بحب المجتمع ومن حوله نحوه».

وأضافت: «ثمة معتقدات تمنع الناس من محبة بعضهم البعض، فهناك من يعتقد  أن الحب نوع من أنواع الضعف والرضوخ للطرف الآخر، أو معاناة بحد ذاتها، والبعض يقول انه في الحب  يخسر حريته، وهناك من يتسرب إليه إحساس الخوف من التعلق بشخص وفقدانه بعد ذلك فتجده يبتعد عن الأمر برمته. ولا ننسى أيضاً التجارب المؤلمة التي مر بها الشخص نفسه أو احد أصدقائه والتي تولد لديه الخوف من الارتباط لأنه يخشى الألم أو الخيانة أو الخذلان من الطرف الآخر».

وتابعت: «كل العلاقات الإنسانية تتطلب مقدارا معينا من المشاركة العاطفية ولكن الناس الذين يعانون من philophobia  - أو الخوف من الحب - غالبا ما يكونون غير قادرين على هذه المشاركة فيتجنبون الناس الذين من الممكن أن يثيروا لديهم مشاعر الحب. ومن الأعراض الجسدية التي تصاحب هؤلاء الأشخاص العصبية الزائدة أو التململ في حضور الجنس الآخر، وتسلل مشاعر الرهبة المطلقة في احتمال اجتماع شخصي مع الطرف الآخر. وفي الحالات الأكثر تطرفاً ، يمكن أن يسبب الـ philophobia نوبة الذعر الكاملة والتي تتمثل في  التعرق وعدم انتظام ضربات القلب، وضيق في التنفس والغثيان والحاجة الشديدة الى الهروب من وجود الحبيب المحتمل».
وختمت هتّان حديثها: «إذا كنت تريد المزيد من الحب في حياتك، تعلم أن تشعر به فهو ينمو داخل نفسك. ويجب أن نعرف أن نوعية علاقاتك مع الآخرين هي انعكاس لنوعية علاقتك مع نفسك، بمعنى أنه كلما كان لديك مشاعر إيجابية عن نفسك كنت أكثر ايجابية وأكثر نجاحاً وأكثر شعوراُ بالحب».




من الإمارات في انتظار الحب الأسطوري
وهذه شهادات من الإمارات لا تختلف في مضمونها عما لاحظناه من قبل
:

تقول منى ياسين: «أنتظر الحب الأسطوري وأرفض «الصيني».
وبالفعل يسألني كثيرون بشكل ملح ومتكرر، كيف لم تمري بتجربة عاطفية من قبل؟ وعندما أجيب بـ «لا» اقابل بموجة شديدة من السخرية والتكذيب والاستغراب تكاد تشككني في نفسي وفي صدق إجابتي. ويقولون لي باستنكار: معقول؟! هل هناك شخص في الدنيا لم يمر بتجربة عاطفية؟».
وتضيف منى: «ردود الفعل دفعتني إلى درس هذه الظاهرة يوماً بعد يوم وعكفت على إجابة تساؤلات منها، هل يجب على أي فتاة أو شاب أن يمر حتماً بتجربة حب؟ ولماذا يصنّف كل من يقول أنه لم يمر بهذه التجربة العاطفية باعتباره إما  كاذبا أو مجنونا أو مريضا. واكتشفت أن البعض يعتبر أنه  من غير المنطقي في مجتمعنا أن تصل فتاة إلى العقد الثالث من عمرها ولم تمر بتجربة حب حقيقي».
وتضيف: «بهذه المناسبة أعترف بأني لم أمر بهذه التجربة حتى الآن، ليس لأنني أملك قوة وجمود إنسان آلي متجرد من المشاعر العاطفية، كما أني لا أحتقر هذا النوع من المشاعر النبيلة والإنسانية، ولكن بكل  بساطة لم ألتق الرجل المناسب الذي استطاع أن يخطف قلبي ويسرق مشاعري».

وترى منى أن الحب الحقيقي يختلف عن التجارب العاطفية، مؤكدة أن ما  يشعر به معظم الشباب والفتيات في العصر الحالي وخصوصا في المجتمعات الشرقية مجرد «تجارب عاطفية» وليست حبا بالمعني الحقيقي. فالحب من وجهة نظرها رباط «مقدس وأبدي» اذا ظهر لا يختفي إلا بالموت، ولا يفنى تحت أي ظروف أو ضغوط طالما هناك دستور يحميه تتضمن مواده «التضحية والتنازل والاخلاص». وتقول: «ما نراه في عصرنا الحالي أحاسيس عابرة رخيصة الثمن تجعلني أقول أن الحب في 2012 هو حب «صيني» مستحدث! حكمي على هذه العاطفة حاليا يشعرني كثيرا بالخوف من خوض تجربة رخيصة فاشلة مثل تلك التي أراقبها واشارك فيها كشاهد على تجارب صديقاتي وأصدقائي التي خلفت سمعة سلبية للحب جعلته سببا للعذاب والآلام.

ولا أزال أحلم حتى الآن  بالحب القديم  كما ورد في «الكتالوغ»، الحب الاسطوري كما كنا نراه في زمن الرومانسية القديم الحب الذي ينتهي بالموت وليس بالخيانة او الأنانية أو الغدر والفراق... اتمنى أن أحب شخصاً أذوب وإياه في عقل واحد وقلب واحد، لا  يفرّق بيننا إلا الموت ولا يأتي علينا يوماً يقول أحدنا للاخر «عفوا لقد نفد رصيدك». واذا لم أقابل هذا الحب الاسطورة فأفضّل ان أتزوج بشكل تقليدي شأني في ذلك شأن 90% من فتيات المجتمع الشرقي الذي يتعامل فيه الانسان مع الحب وكانه تجربة عابرة، سعادة لحظية، متعة وقتية، يستطيع بكل سهولة ان يبدله ويتنقل بين الفتيات والشباب وبين قصص الحب وتجارب الغرام وتعدد العلاقات. هم يسمونها «حب»، لكنها في النهاية هي نزوات وتجارب عاطفية تنتهي مع الوقت بحسب قوة ارادة الطرفين».

العنود ابراهيم: حلم بعيد المنال
وترى العنود ابراهيم أن الحب أصبح حلما بعيد المنال إذ فقدت الثقة كليا بنفسها وتعتقد أنها متوسطة الجمال ولا تتمتع بالجاذبية الكافية للوقوع في هذه التجربة الجميلة التي تحسد كثيرا من صديقاتها عليها رغم أن غالبية التجارب التي رأتها انتهت بالفشل.
وتقول: «في ظل انغلاق المجتمع الذي نعيش فيها رغم تقنيات التواصل الحديثة من مواقع للتواصل الاجتماع وهواتف حديثة تسهل عملية الاتصال، أخاف من التجربة ولا أشعر بالثقة كثيرا في الطرف الآخر لأن غالبية الشباب يريدون التسلية ولا يفكرون في إقامة علاقة حقيقية تستند إلى الاحترام والمشاعر النبيلة والرومانسية».
وتضيف: «لا أتوقع بعد وصولي إلى سن 28 عاما أن أخوض تجربة الحب وأعتقد أن مصيري سيكون الزواج من أحد الأقارب أو المعارف وأنجب كغيري أطفالا من علاقة عادية»، مشيرة إلى أن هذا لا يعني زوال رغبتها في علاقة حب عاصفة تسهرها الليل في التفكير في حبيبها.

خليل: المستقبل للزواج التقليدي
من جانبه يقول خليل اسماعيل: «لا أعتقد أن ما أمر بها هو الحب الذي كنا نشاهده في الأفلام المصرية القديمة أو تصوره القصص الرومانسية. ولا أنكر أنني أعجبت بكثير من الفتيات اللواتي ارتبطت بهن لكن لا أعتقد أن العلاقة تعمقت أكثر من ذلك فلم أتورط في يوم ما في علاقة بفتاة محددة».
ويضيف: «أشعر أحيانا بالزهق من هذه الحياة وأقرر التركيز على علاقة واحدة والإخلاص لأكثر الفتيات جاذبية، لكن للأسف الشديد لا يستمر الحال كثيرا حتى أني فكرت في استشارة طبيب نفسي لكن لاحظت أن غالبية أصدقائي يمرون بمثل حالتي لذا أدركت أن هذا هو حال جيلنا، يحب على طريقة الوجبات السريعة التي نفضلها جميعها وتناسب طبيعة حياتنا».
ويشير إلى أنه يدرك جيدا أن مصيره سينتهي بزواج تقليدي مع فتاة إماراتية مناسبة تنتمي إلى أسرة جيدة وتتمتع بمقدار معقول من الجمال والتعليم، لكنه لا يضمن إن كان سيحبها في المستقبل أم أنها ستكون مجرد زوجة لائقة تستطيع التكيف مع طريقة تفكيره ونمط حياته.

محمد: مفاتيح للعلاقة الناجحة
«لم أجد الوقت الكافي لممارسة رفاهية الحب». بهذه العبارة يبرر محمد (32 عاماً) عدم وقوعه في الحب حتى الآن مستدركا إنه يشعر أحيانا بعدم القدرة على الدخول في علاقة عاطفية لأنه لا يملك مفاتيحها من الأساس لكنه يتعذر بعامل الوقت لإخفاء عجزه.
محمد يجد مشكلة - على حد قوله- في اتخاذ الخطوة الأولى إذ لا يمكنه بدء التعارف مع امرأة أو التعبير عن إعجابه بفتاة يراها مناسبة، مشيرا إلى أنه عاش التجربة كثيرا في أحلام اليقظة وتمنى لو تحدث مع فتيات تزامل معه في الدراسة والعمل لكنه لم يملك الجرأة الكافية للتعبير عن عواطفه لإحساسه بأنه لا يملك الأدوات اللازمة لإنجاح العلاقة.
ويقول: «حرصت على الغرق في عملي طوال الوقت حتى لا أنشغل بهذه الأمور. لكن بكل صراحة تمنيت من كل قلبي أن أتورط في علاقة عاطفية وأكتب رسائل لفتاة أحبها، لكن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه»، معربا عن أمله في أن يحب المرأة التي سيتزوجها.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078