تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

حكاية الفتاة التي نشرت صورها عارية على الفيسبوك

مراهقة نحيلة تصدرت اهتمامات المصريين على الفيسبوك والتويتر بصورتها العارية لتتهافت عليها التعليقات بالآلاف بين معارض ومندهش. هي «علياء ماجدة المهدي» كما تطلق على نفسها أو علياء المهدي كما يطلق عليها رواد الشبكة العنكبوتية. البداية كانت بصورة عارية تكتب عليها في مدونتها «مذكرات ثائرة»، وتطور الأمر بنشر صور أخرى وفيديو مع صديقها كريم عامر وهو يقبلها. والسؤال الذي تطرحه قضية الفتاة الصادمة للمجتمع: هل هي فتاة طبيعية أم مريضة نفسياً؟ هل تواجه عقدة ما مع ذاتها أو أحد أفراد أسرتها؟ ولماذا اشتعل الأمر في هذا الوقت الحرج الذي تعاني فيه مصر من ثورة لم تكتمل؟


تفسير

يجيب على تلك التساؤلات الدكتور هاني حامد، أستاذ الطب النفسي في جامعة بني سويف، مؤكداً أن تصرف علياء المهدي غريب لا يمكن تفسيره بعلم النفس بسهولة، ويجب استخدام أكثر من مدرسة نفسية وسلوكية لتفسيره. ويضيف: «في رأيي أنه تصرف غريب في وقت أغرب، فلها صور على الإنترنت ترفع شعار «لا للمحاكمات العسكرية» في قلب «ميدان التحرير»، وهذا مهانة لميدان التحرير وتشويه للثورة، فالانطباع الذي سيسود هو تعميم حالتها على جميع شباب الثورة». ويؤكد أستاذ الطب النفسي رفضه التعجل في الحكم على ما فعلته علياء، وأنها في حاجة إلى طبيب نفسي يدعمها ويرشد سلوكها.


الأسرة
والأصدقاء

الصور العارية لم تُختلس لعلياء المهدي، والفيديو صوّره صديقها كريم عامر، ومع كل انتقاد ومهاجمة من المجتمع تخرج الفتاة لتكتب على مدونتها أنها حرة في جسدها وفي تصرفاتها . لكن الدكتور هاني حامد لا يرى أن الحرية والشهرة مبرر أو دافع لتفريط الإنسان السوي بجسده، ويضيف: «في عصر الإنترنت أصبحت الشهرة سهلة، فكل إنسان يمتلك مدونة يعرض عليها كتاباته وأفكاره دون الحاجة إلى تعرية جسده، ولكن يبدو أنها تبحث عن شهرة متفردة بصورها ونسب نفسها إلى اسم أمها».

ويفيد بأن هناك نظريات علمية أخرى لتفسير تصرف علياء، ترتبط بأسباب بيولوجية، فقد تعاني من خلل في النقاط العصبية يجعل تصرفاتها تتميز بالاندفاعية والتذبذب في السلوك، ويتساءل عن ظروف نشأتها وأسرتها وموقف أسرتها منها. أين أبوها وأمها وصديقاتها؟ فهل من الطبيعي أن تكون بمفردها في الحياة وأهلها لا يشعرون بها؟! أم أنها تعرضت في صغرها لحادث عنيف أثر على حكمها على الأمور؟


حرية
ثائرة

للدكتور أحمد عبدالله، أستاذ الطب النفسي في جامعة الزقازيق واستشاري العلاقات الأسرية، تفسير نفسي مختلف، مشيراً إلى أن ما قامت به الفتاة نوع من حب الظهور مغلف بإطار خيبة الأمل، لأن الثورة لم تحقق ما كان متوقعاً منها، وبالتالي أصبح لدى علياء وصديقها كريم إحساس بأنها ثورة مختصرة وناقصة مفتقدة للتغيير الحقيقي. فهي كانت ثائرة حقاً في الميدان وصورها تؤكد ذلك، وبالتالي كانت عرضة للقتل، ومع اختزال الثورة أصيبت بخيبة أمل أصيب بها الكثير من الشباب الذين لم يجدوا لهم دوراً أو مكاناً بعد انتهاء الثورة وعدم تحقيق التغيير المنشود، فأرادت أن تقيم ثورة من مفهومها تضرب المجتمع بقنبلة على سبيل العقاب وإثبات الذات، فنشرت صورها العارية وصورها التي يقبلها فيها صديقها كريم مؤكدة حريتها، خاصة أن أول شعارات الثورة هو الحرية ويليها العدالة الاجتماعية.

 ويتابع: «علياء ليست الأخيرة التي ستخرج علينا بقنبلة ثقافية وربما دينية مصحوبة بشذوذ جنسي أو إلحاد تحت مسمى الحرية، فكثير من شباب مثلها يعاني من خيبة الأمل. والمشكلة الكبرى أن المجتمع غير حاضر بأسلوب حوار مختلف يناسب مرحلة الحرية، فالثورة لا يختزل معناها في الحرية السياسية فقط، بل حرية اجتماعية وفكرية أيضاً، ولكننا غير مؤهلين لذلك وغير مؤهلين للردود المنطقية والحوار المنطقي كلٌ يلهث وراء الإدانة أولاً».

ويرجع عبدالله في تحليله التهافت الكبير على صورة علياء وزيادة أعداد التعليقات عليها وزيادة نسبة الدخول لمدونتها، إلى أن الإدانة السهلة جزء من ثقافتنا كشعوب عربية، فضلاً عن كونها مادة خصبة للتهكم والنميمة وسط كل هذا الزخم من الأحداث السياسية، فضلاً عن أنها بدعة جديدة خاصة أنها لها وجهة نظر في ما تفعله. ويقول: «في رأيي أن هذا كله مشهد زائف، سواء كان في الفعل أو ردود الفعل المحاطة به، ولن يكون الأخير في مصر وفي كل الدول العربية التي شهدت ثورات، لأن الثورة التي كسرت القيود السياسية كسرت معها القيود الفكرية، وعلينا التحلي بأسلوب حوار منطقي لنستطيع إقناع شبابنا بمدى الحرية ومفهومها».


فوضى
عارمة

تتفق معه في الرأي الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع، وترجع تفكير علياء في الحرية الجسدية إلى فوضى الحرية التي تتبع الثورات. وتقول: «كان من الأجدر قبل النداء بالحرية تقنينها أو شرح مفهومها، فما حدث نتاج طبيعي لفوضى الحرية، كل يفسرها حسب أهوائه دون النظر إلى الحفاظ على هويتنا كدولة عربية إسلامية، فبعد صور علياء لا نندهش إذا خرج المثليون في تظاهرات مطالبين بالزواج وتبني الأطفال». وتشير إلى أنه إن «لم يتم تحديد مفهوم الحرية، علينا ألا نندهش مما سنواجهه في ما بعد من أفكار متطرفة، رغم أن الحرية تنتهي عند حدود الآخرين، حتى ولو بمنظر يؤذي العيون مثل صورة علياء».

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080