أياد نسائية 'غير ناعمة' على الطريق!
اتثبت الأرقام والإحصاءات أن المرأة أقل تهورا في القيادة من الرجل استنادا إلى مؤشرات الحوادث والمخالفات خصوصا في مدينة مثل دبي التي تراقب باهتمام سلوكيات السائقين وتفرض غرامات صارمة على المخالفين منهم، ولكن هذا لا يعكس على الإطلاق أن جميع النساء يتمتعن بسلوك ناعم على الطريق.
الدراسات النفسية والتحليلات التي أجرتها الجهات المعنية بالمرور في دبي توضح أن التزام المرأة على الطريق ناتج عن شعورها بالخوف من عواقب القيادة العدوانية، لكن في المقابل يختلف الوضع كليا مع المرأة التي تتمتع بقدر من الجرأة إذ أنها لا تقل تهورا عن الرجل وتستطيع أن تميزها من مجرد رؤية المركبة التي تقودها، فإذا كانت من السيارات السريعة أو الرباعية الدفع التي تستخدم في رحلات السفاري من الأفضل أن تحذر هذه المرأة على الطريق لأنها عادة لا تهاب شيئا ولا تتورع عن تحدي الرجل.
وترى دراسة أعدتها شرطة أبوظبي أن هناك عوامل تؤثر في قيادة النساء مثل الظروف الصحية الاستثنائية «الدورة الشهرية والحمل»، ففي هذه الحالة تكون المرأة في حالة مزاجية سيئة وتتصرف بعصبية وينعكس هذا على أسلوبها في القيادة وتعاملها مع غيرها من مستخدمي الطرق.
وترفض نساء التقتهن «لها» في هذا التحقيق النظرة الدونية التي يلاقينها من الرجال على الطريق باعتبارهن أقل خبرة وكفاءة، ويوضحن العوامل المؤثرة في قيادة المرأة السائقة. كما نعرض أرقاما وإحصاءات مهمة تحدد نسب تهور المرأة مقارنة بالرجل مدعومة برأي أحد أهم خبراء المرور والطرق اللواء المهندس محمد سيف الزفين مدير الإدارة العامة للمرور في شرطة دبي.
حوادث النساء
ارتكبت النساء 53 حادثا خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري بنسبة 9.78% من إجمالي الحوادث في دبي مما تسبب بوفاة 7 أشخاص وإصابة 102 بواقع 6 إصابات بليغة و34 متوسطة و55 إصابة بسيطة. فيما ارتكب الرجال في الفترة نفسها 481 حادثا بنسبة 88.75% من إجمالي الحوادث متسببين بوفاة 47 شخصا وإصابة 827 بإصابة متفاوتة ترواحت بين 66 إصابة بليغة و227 متوسطة و388 إصابة بسيطة.
وبلغ إجمالي الحوادث التي ارتكبتها نساء في دبي خلال العام الماضي 141 حادثا بنسبة 10.14% من إجمالي الحوادث متسببات بوفاة 7 أشخاص وإصابة 221 بإصابات متفاوتة تباينت بين 15 إصابة بليغة و53 متوسطة و46 إصابة متوسطة، مقابل 1239 حادثا ارتكبها رجال عام 2010 بنسبة 89.07% من إجمالي الحوادث وتسببوا بوفاة 144 شخصا وإصابة 1867 بإصابات متفاوتة تباينت بين 158 إصابة بليغة و506 إصابة متوسطة و1059 بسيطة.
واعتبر مدير الإدارة العامة للمرور في شرطة دبي اللواء المهندس محمد سيف الزفين أن النساء اللواتي يرتكبن حوادث ومخالفات يمثلن نسبة لا تزيد على 20٪ من إجمالي السائقات في الإمارة، عازياً ذلك إلى أن المرأة أقل تهوراً في القيادة من الرجل، وتفضل عادة القيادة الآمنة والالتزام بقوانين السير.
وقال الزفين لـ «لها» إن هناك ملاحظات على قيادة بعض النساء في الآونة الأخيرة بعدما تعرض بنفسه لبعض التجارب مع سائقات متهورات، لافتا إلى أن شابات ما بين 18 و25 عاماً يقدن أحياناً بسرعـة ويرتكبن مخالفـات خطرة مثل كسر الإشارة الحمراء أو تجاوز السرعات المقررة، وعادة ما يتسببن بحوادث سير، معتبراً أن هذه الفئة تمثل استثناءً بين النساء اللواتي يقدن السيارات.
وأوضح أن أسباب تهور بعض النساء في القيادة تختلف إلى حد ما عن الأسباب التي تقود الرجل إلى ذلك،، لأن الأخير، خصوصا من فئة الشباب، يميل غالبا إلى المغامرة والاستعراض فيما أن من ابرز أسباب تهور المرأة تحمّلها الدور الرئيسي في المنزل من حيث تولي مسؤولية استقبال أو إعادة الأطفال من المدرسة وإعداد الطعام قبل عودة الزوج من عمله، مما يجعلها تحاول العودة سريعاً إلى المنزل،. وأكد أن الظروف العائلية الخاصة لا يمكن اعتبارها مبرراً للتهور أو تعريض حياة الآخرين للخطر، وأن القيادة الآمنة أسرع في الوصول من القيادة العدوانية التي غالباً ما تؤدي إلى وقوع حوادث أو على الأقل توقيف الشخص نفسه وتحرير مخالفة له.
وأفاد أنه رصد بنفسه حالات استثنائية لسائقات لسن أقل تهورا من الرجال في القيادة مثل شابة كانت تقود سيارتها على شارع الاتحاد في دبي، ولاحظ أنها تتجاوز بطريقة خطرة للغاية وحين حاول تتبعها وإيقافها انحرفت بطريقة خطرة أمام سيارته، مشيراً إلى أنها تعاملت باستهتار بالغ، بداية من استخدام سيارة منتهية الترخيص والتأمين، إلى إثارتها الذعر على الطريق من خلال انتهاك قوانين السير وارتكاب مخالفات خطرة، مثل عدم الالتزام بخط السير الإلزامي والتجاوز بطريقة خطرة، فضلاً عن القيادة بسرعة زائدة على المسموح بها على الطريق.
وأشار إلى ان بعض النساء يثرن مبررات غريبة لارتكاب مخالفات أو القيادة بطريقة خطرة، مثل شابة كانت تسير بسرعة كبيرة للغاية وبطريقة متهورة وتجاوزت من على كتف الطريق «يمين الخط الأصفر»، وحين أوقفت قالت أنها كانت متعجلة لأنها في طريقها إلى حفلة وتحمل التورتة التي ستقدم هناك. وشدد على أن القانون لا يفرق في التعامل بين النساء والرجال في حالات التهور، لأن الهدف الأساسي هو ضبط أمن الطريق وحماية مستخدميه، موضحاً أنه تم حجز مركبتها لمدة شهرين.
وتذكر الزفين أن هناك نساء تصدرن أحيانا قوائم المخالفين مثل امرأة إماراتية في العقد الثالث من عمرها سجل عليها مخالفات قيمتها 146 ألف درهم ارتكبتها على مدار عام ونصف ولم تكن تدقق في سجلها المروري مما أدى إلى تراكم المخالفات عليها.
وكانت معظم المخالفات التي ارتكبتها تتمثل في تجاوز السرعة المقررة على الطريق في دبي وإمارة أخرى بسيارتها الرياضية، وكانت ضيفة يومية على أحد أجهزة الرادار الموجودة على شارع الشيخ زايد وأبدت نوعا من التجاوب بعد التواصل معها وسددت ما عليها من غرامات.
معيار الكفاءة والقيادة الآمنة
تقول اللبنانية ديزي تشيفتجان المقيمة في دبي إنها تفضل القيادة الآمنة لكنها ترفض اتهام النساء بالضعف أو أنهن أقل كفاءة من الرجال في القيادة، لأنها بكل بساطة ترى أن معيار الكفاءة يجب أن يعتمد على احترام قوانين السير والمرور ومراعاة سلامة مستخدمي الطريق.
وأشارت إلى إنها ارتكبت حادثاً حين صدمت سيارة «بيك اب» كانت تقف بشكل غير واضح في ساحة الانتظار، لكنها تقود يومياً من دبي إلى الشارقة ولا تعاني مشكلة على الإطلاق، ولم يلتقطها الرادار منذ حصولها على رخصة القيادة قبل نحو ثلاثة أعوام ونصف العام.
وأضافت أن التغيرات الهرمونية التي تطرأ على المرأة أحياناً تؤثر في حالتها المزاجية فقط، لكنها لا تراها سبباً لوقوع الحوادث، لأنها مثل غيرها من الأسباب التي تؤثر في الحالة المزاجية مثل ظروف العمل. وأعربت عن اعتقادها أن المرأة أكثر التزاماً من الرجل، ربما لتفضيلها القيادة الآمنة وعدم خوض مغامرات على الطريق، لافتة إلى أن أكثر ما يزعجها محاولات التجاوز الخاطئ.
وأوضحت أن تتعرض أحيانا لمعاكسات على الطريق خصوصا إذا كانت تفتح الغطاء العلوي لسيارتها الرياضية، لكنها تحاول تجاهل ذلك. كما تشعر أحيانا بأن بعض الرجال لا يحبون أن تتجاوزهم النساء ويتصرفون بطريقة متهورة وصبيانية.
وذكرت السائقة عالية إبراهيم أنها تقيم في أبوظبي وتعمل في دبي، لذا تقتضي ظروفها القيادة بين الإمارتين يومياً، مشيرة إلى أنها تكره القيادة أكثر من أي شيء آخر في حياتها، علماً أنها منضبطة إلى حد كبير سواء من حيث السرعة أو الالتزام بالمسار. وأضافت أنها تتعرض لمضايقات كثيرة على الطريق بسبب قيادتها الهادئة، لأن أغلبية الذين يقودون من دبي إلى أبوظبي أو العكس يفضلون القيادة السريعة، ولا يترك بعضهم مسافة أمان كافية بين سياراتهم والسيارات الأخرى.
وأشارت إلى أنها حفظت الطريق تقريباً بين الإمارتين، لكنها تتأثر سلباً بالحوادث التي تشاهدها على الطريق، إذ تعاني أثناء القيادة ولا تستطيع التركيز لفترة، خصوصاً أن أغلبية الحوادث التي تقع أمامها تكون خطيرة بسبب السرعات الزائدة.
وأفادت أن مزاجها الشخصي أثناء القيادة كان حاداً في فترة الحمل، بسبب تغير الهرمونات في الجسم والحاجة إلى الراحة، بالإضافة إلى أمور أخرى كانت تسبب لها قلقاً أثناء القيادة، خصوصاً في المسافات الطويلة.
وفي المقابل، ترى روان احمد ان المرأة لا تقل جرأة عن الرجل. وكما أن هناك نساء ضعيفات فهناك رجال يخافون من القيادة وتجدهم مهزوزين على الطريق لا يجيدون التعامل مع المواقف الطارئة ويسببون مشاكل كثيرة في حالة حدوث خطأ من سائق آخر.
وكشفت أنها تحب القيادة السريعة وإن كانت تتجنبها حاليا حتى لا تقع في فخ الرادارات التي باتت مكلفة للغاية، لكنها لا تفوت فرصة القيادة بطريقتها المفضلة على الطرق السريعة.
الرجال يقولون
حول رأي الجنس الآخر في قيادة النساء يقول علي ابراهيم إنه تعرض لموقف غريب جدا أخيرا إذ فوجئ أثناء قيادته فوق أحد الجسور بسيارة آتية بسرعة تتجاوز السيارات الأخرى بتهور وعدائية حتى أصبحت وراءه تماما وكانت شبه ملتصقة بسيارته، ولوح سائقها له بكشافات الإنارة الأمامية حتى يفسح له الطريق لكنه لم يتمكن من ذلك لوجود سيارات إلى جانبه. وبمجرد نزوله من الجسر فوجئ بالسيارة تتجاوزه من مسافة ضيقة للغاية على كتف الطريق الأيسار حتى أوشكت على الاصطدام به، وحين نظر إلى سائقها وجده شابة نظرت إليه بتحد وانطلقت مسرعة بسيارتها الحديثة، مشيرا إلى أنه لم يتخيل أن هناك نساء يقدن بهذه الطريقة لكنه أصبح حذراً تجاههن.
وقال مسؤول مروري، فضل عدم ذكر اسمه، إن بعض السائقات يتحدثن طويلاً في الهواتف الجوالة أثناء القيادة وبعضهن يستخدمن أدوات الماكياج عند الإشارات الضوئية، وأثناء القيادة في بعض الأحيان، مما قد يؤدي إلى الحوادث المرورية. وأوضح أن بعض النساء يقدن ببطء وحرص مبالغ فيه والبعض يقدن بطيش مبالغ فيه أيضاً، مطالباً السائقات بضرورة الالتزام بقوانين المرور وعدم الانشغال بغير الطريق أثناء القيادة لتجنب الحوادث والمخالفات.
إلى ذلك، أوردت دراسة أعدتها شرطة أبوظبي حول حوادث النساء المرورية في الإمارة أن زيادة أعداد المركبات النسائية، وقيادة المرأة لمسافات طويلة، وتفضيل بعض النساء قيادة السيارات ذات الدفع الرباعي والمركبات السريعة، بالإضافة إلى القيادة في ساعات الذروة تعتبر عوامل رئيسة في حوادث النساء. وأشارت إلى أن القيادة كذلك في ظروف صحية استثنائية مثل الحمل، تجعل المرأة تعاني أعراضاً مثل ارتفاع الضغط والصداع والتوتر والقلق والغثيان وحدة المزاج والآلام في الحوض والظهر، وغيرها من اضطرابات نفسية تدفع المرأة نحو التهوّر في القيادة.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024
شؤون الأسرة
اقتراحات تمييزية للتشويش على حق الأمهات اللبنانيات بإعطاء الجنسية لأطفالهن
شؤون الأسرة
عائلة حسام ورولا تنقل تفاصيل دقيقة عن الحياة في هولندا بكل صعوباتها وإيجابياتها
شؤون الأسرة