تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

الجشع العائلي يسلب فتاة غزاوية حريتها

لم تعلم  الفتاة الفلسطينية (ا. ب.) أنها ستفقد حريتها عندما طلبت من إخوتها حقها في الميراث، ولم يظهر الأخوة حينها ما حاكوه لها من خديعة، فأقدموا أولا على فسخ خطبتها، ثم رموها في مكان غير مؤهل للإنسان أو الحيوان، ولم يقدم أحد من جيرانها على إنقاذها لأنهم كانوا يخافون من أهلها، فبقيت  مدة 14 عاما في «خشه» كما يطلق عليها الفلسطينيون، أي مكان يكاد لا يصلح لتربية الحيوانات، حتى جاءت لحظة الفرج عندما أصبحت في الخامسة والأربعين!


فسخ الخطبة

ذهب احد الجيران إلى مخفر الشرطة في غزة، وبلّغ عن وجود فتاة محتجزة منذ سنوات داخل مكان معد لتربية الدجاج، وأن إخوتها أقدموا على احتجازها عندما طالبت بميراثها من الأرض التي تركها والدهم، فقاموا بفسخ خطبتها من خطيبها الذي كان ينوي السفر برفقتها إلى إحدى الدول الأوروبية بعد إتمام مراسم الزواج، وذلك من أجل العمل والعيش هناك. وأكد الجار أن الفتاة (ا. ب.) كانت تتمتع بالسلامة العقلية والجسدية الكاملة.
وفي صباح اليوم التالي تحركت قوات الأمن إلى حيث يتم احتجاز الفتاة، لللتأكد مما رواه الجار للشرطة.

طرق أحد رجال الأمن منزل شقيق الفتاة، وهو الأخ الأكبر والمتهم باحتجاز أخته، وعندما فتح باب المنزل المكون من طابقين ويقع في غرب مدينة غزة، تم إبراز تصريح التفتيش وبعد قليل عُثر على الفتاة في وضع مزرٍ للغاية.
وجد أفراد الشرطة الفتاة (ا. ب) في مكان شبيه بزريبة للحيوانات، ومليء بالأوساخ والقاذورات. وكان هناك لوح خشبي على جسد الفتاة وهي نائمة تحته، وفوق رأسها سقف من الحديد الصدئ المليء بثقوب تدخل منها مياه الأمطار. وعلى الأرض كانت هناك أخشاب متلاصقة تشبه أخشاب البناء وضعت عليها فرشة بدون غطاء، وكانت الوسادة سوداء لأنها لم تغيَّر منذ 14 عاما، إضافة إلى الرائحة العفنة التي كانت تنبعث من المكان.


قريبة من الجنون

رفع احد رجال الأمن اللوح الخشبي الذي كان قد وضع على جسد الفتاة (ا. ب)، وكانت ردة فعلها الانكماش على نفسها وخبأت وجهها بين كفيها، وكانت حالتها النفسية سيئة جدا وقريبة من الجنون، ولم تصدر أي صوت، وكان شعرها طويلا بسبب احتجازها لسنوات عديدة في هذا المكان.
اتصلت الشرطة بالأخوات  الثلاث للفتاة (ا. ب) لكشف ملابسات القضية وذلك بعد أخذها إلى مصحة الأمراض النفسية في منطقة النصر في قطاع غزة.

وبوجه الذي لا يحمل أي معنى للشعور بالذنب أكد الأخ الأكبر انه احتجز أخته  لمدة 14 عاما، وانه لا يشعر بالخوف أو الندم على ما فعله. وأوضح أنه فعل كل ذلك بالتعاون مع أخيه الأصغر الذي سرق ذهبها وباعه واشترى سيارة بثمنه. أما الأخ الأكبر فقد طلقها من خطيبها، وحجزها في ذلك المكان لمدة 14 عاما.
واعترفت جميع أخواتها بأنهن كن يعرفن بما حصل لأختهن، الا أن واحدة منهن كانت تعتقد ان أختها تعيش في غرف البيت الأرضية وليس في ذلك المكان.


المحامية تدافع عن أبيها

توجهت ابنة المتهم، أي الأخ الأكبر للفتاة،  والتي تعمل محامية إلى قسم الشرطة، حيث كالت الاتهامات لبقية أفراد العائلة وحمّلتهم مسؤولية ما جرى لعمتها لأنهم لم يسألوا عنها طوال هذه السنوات، لكن الشرطة باشرت التحقيق معها بسبب علمها بما حصل لعمتها لأنها تعيش في المنزل نفسه.


صدمات نفسية متعددة

وفي مستشفى الأمراض النفسية حيث خضعت الفتاة  للعلاج، تم قص شعرها وترتيب شكلها، ولكنها بقيت تعاني النحول الشديد. ورغم صمتها كانت عيناها تنطقان ببشاعة ما عاشته طوال 14 عاما.
وأكد الطبيب المشرف على حالتها ان  لديها الكثير من الأمراض النفسية نتيجة تعرضها لصدمات متعددة، إضافة إلى الضرب. وسوف تبقى في المستشفى لأنه لا يمكن أن تعود إلى بيت أهلها...
ويبقى السؤال هنا: من سيعيد الصبا والميراث والخطيب إلى الفتاة التي هرمت وحجزت في مكان لا يليق بالبشر؟

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079