تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

اللاجئة الفلسطينية ميسون الغاوي...

كل صباح ترفع غطاء الخيمة التي أقامتها أمام منزلها لكي تشاهده، وتنهمر دموعها لأنها تحن إليه ولا تستطيع أن تدخله، فالمستوطنون الإسرائيليون احتلّوا منزلها وطردوها منه بعد أن فجّروا نوافذه وأبوابه، وكتبوا عليه شعاراً باللغة العبرية مفاده أن هذا بيتهم وان الأولاد يعودون إلى بيتهم دائماً... ميسون الغاوي من القدس هي الآن مع أطفالها في الشارع، لا تغادر خيمتها، وتنتظر العودة إلى منزلها بالرغم من انه تم سلبه، التقت لها ميسون الغاوي التي هجرت من بيتها ونصبت خيمة أمامه والتي تتعرض للعنف هي وأهلها على أيدي المستوطنين.


أمام الخيمة وقفت ميسون الغاوي تحدثنا عن حرقة قلبها وهي ترى المستوطنين في منزلها مع أطفالهم. بدأت حديثها عن كيفية إخراجها من بيتها مع أسرتها فقالت: «أنا لاجئة من حي الشيخ جراح في القدس، وقبل ذلك هجر جدي وجدتي من قرية صرفند. أنا أم لخمسة أولاد، أكبرهم يبلغ من العمر 19 سنة وأصغرهم 3 سنوات. ولديّ عائلة كبيرة تتكوّن من الأقارب ويبلغ عددهم 37 شخصاً، بينهم 12 طفلاً، وكنا نسكن في منزل واحد. وبالنسبة إلى عملية الإخلاء من منزلي، فقد كانت عملية قيصرية ووحشية ولا إنسانية، فقد فجّر جيش الاحتلال الأبواب والشبابيك».

وتابعت ميسون قولها: «عندما كنت أحاول الخروج من غرفة نومي أمسكني جنود الاحتلال من ذراعي، وصرخت وقلت لهم: لا أريد شيئاً إلا أن أحمل ابنتي التي كان عمرها في ذلك الوقت سنة وعشرة شهور، وابني الذي كان عمره أربع سنوات. خرجنا من المنزل والجنود يضربوننا. وعدت أصرخ من جديد لأنني لم أر بقية أولادي، وكان الحي منطقة عسكرية مغلقة، وفوجئت بعد مضي أربع ساعات بصوت الإسعاف، فقد نقل إبني فيها لأنه أصيب بفعل التفجير الذي حصل داخل المنزل».

وعما حصل مع ميسون وعائلتها بعد تهجيرهم قالت: «عشت مع عائلتي في الخيمة التي أقمتها أمام منزلي، وصارت حياتنا بدائية جداً. وبالنسبة إلى المحيطين بي فهم يتفقدونني بين حين آخر. الرصيف أكل من جنبي، قد تقولون إنني أبالغ ولكن هذه هي الحقيقة. والخيمة لا تحمينا من برد الشتاء وحرّ الصيف، وجيراني يقولون لي إن أحداً لا يستطيع تحمّل ما تحمّلت، لأن أولادي صغار في السن، وتمّ تدميرنا نفسياً ومعنوياً وإقتصادياً ومن كل النواحي. وقلت في نفسي هذا ابتلاء من عند الله وصبرت وتحملت والحمد لله. ونحن سكان القدس نعاني دائماً، ونتمنى أن نلاقي اهتماماً أكبر بنا».

وشرحت لنا ميسون الغاوي طبيعة حياتها اليومية داخل الخيمة بقولها: «حياتي في الخيمة بدائية. أستعمل أنبوبة غاز صغيرة وخزان ماء صغيراً، وكانون النار، لأنني أسخن الخبز على الكانون لكي أطعم أولادي قبل ذهابهم إلى المدرسة. كما أن عملية التهجير أثّرت على أولادي نفسياً، وهم يسألونني دائماً متى سنعود إلى بيتنا لأنهم لا يشعرون بالأمن والاستقرار وفقدوا أغلى ما يملكون وهو البيت».

وأضافت الغاوي تقول: «فطورنا الصباحي غالباً ما يكون عبارة عن فول وفلافل، وقد صمنا رمضان الماضي ونحن في الشارع، ولم يفرح أولادي بقدوم العيد أو رأس السنة لأننا كنا نسكن في الخيمة ولم نستطع شراء ملابس العيد لهم. وفي أحيان كثير أجعلهم يستحمّون في الشارع. ولا أستطيع شراء ألعاب لهم لأنه لا يتوافر لديّ نقود، وأولادي لا يستطيعون اللعب أمام الخيمة لأنهم يتعرّضون للإعتداء بالضرب أو الرشق بالحجارة من أبناء المستوطنين الذين احتلّوا بيتنا. ونحن الآن أصبحنا لاجئين في وطننا وأرضنا، ولكننا نمتلك قوة الإرادة والصبر».

وتابعت: «عندما أرى بيتي المحتل أشعر بالموت مليون مرة لأن المستوطنة الإسرائيلية تحتلّ بيتي مع أطفالها، وأنا وأطفالي نسكن على الرصيف».
وروت ميسون أن زوجها الذي اعتقلته الشرطة الإسرائيلية خضع لاحقاً لعملية قلب مفتوح، ويعيش الآن على الأدوية. وأنا أنتظر فرج الله والنصر من عند الله. الإيمان والصبر والتحدّي هي الحل لكل مقدسي، والله سيعيد إلينا ما سلب منا».

 

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080