تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

قتلت حبيبها وجلست الى جانبه تبكي عليه

الحب والسمعة والدم. ثلاث كلمات كانت وراء واحدة من أغرب وأبشع الجرائم التي وقعت في مصر أخيراً. صابرين كانت الضحية والقاتلة في الوقت نفسه، فقد عاشت قصة حب لكنها وجدت حبيبها يهددها فقالت لنفسها: «إلا سمعتي»، وقررت أن تنتقم فأخذت السكين وذهبت إلى الحبيب القديم وفي عز النهار طعنته، والمثير أنها هي من طلبت له الإسعاف بعد ذلك، وجلست تبكي بجواره.


امتزجت كلمات الحب بالدماء والصرخات لتنتهي قصة الحب الكبير بين محمد وصابرين نهاية درامية لم تكن متوقعة قبل ست سنوات، حينما كانا يلتقيان، وتمتزج أحلامهما بطموحات لا حدود لها، لكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن!
المشهد لم يكن في حاجة إلى تعليق، الفتاة ابنة التاسعة عشرة تمسك بيدها سكيناً يقطر دماء، تبكي وهي تقف فوق جثمان محمد، الذي كان يوماً حبيبها، لم تكن تتخيل في لحظة ما أن تنتهي حياة حبيبها هذه النهاية البشعة، وصلت الشرطة لتقتاد «العروس» الشابة إلى السجن، وهي تجترّ ذكرياتها الأليمة! جريمتها هزّت المشاعر والقلوب، ليس لأنها وقعت نهاراً، وأمام المئات من المارة في منطقة شعبية، ولكن لأن القتيل كان يوماً خطيب القاتلة، قصة حبهما كانت مثار حديث أهالي المنطقة كلها. لم يتخيّل أحدهم لحظة أن محمد سيلقى مصرعه على يد حبيبته القديمة، أرادت أسرته أن تهدم الحب، وتصدّت الأسرة كلها لرغبات ابنها لتقف حائلاً بينه وبين إتمام زواجه من صابرين.
لم يقتنع محمد بمبررات أسرته في رفضها لهذا الزواج، ولم تكن الأسباب التي أعلنها والده حاسمة. فالأب كان يردد أن مستوى أسرة صابرين لا يناسب مستوى أسرته، وتذّكر الأب بعض الخلافات بينه وبين والدها الذي رحل عن دنيانا قبل سنوات. حاول محمد أن يُقنع أسرته بقبول صابرين كزوجة، لكنه فشل في ظل إصرار أسرته المستمر، وتهديدات والديه بمقاطعته في حالة إتمامه هذه الزيجة. وقف الشاب محمد حائراً ما بين حبه وبين تهديدات أسرته، وفي ظل هذه الظروف اتخذت حبيبته القرار، رفضت أن تظل حبيسة الانتظار، وقررت أن تنهي علاقتها بمحمد بهدوء، رغم حبها لهذا الشاب، لكن كرامتها كانت فوق كل اعتبار.

الكابوس
كانت مفاجأة قاسية لمحمد حينما طلبت منه صابرين قطع علاقتهما تماماً، أكد لها أنه لا يستطيع الاستغناء عنها، بكى وهو يعلن عن حبه الشديد لها، لكن صابرين كانت شديدة الواقعية، أكدت أنها تبادله المشاعر نفسها، لكنها في الوقت نفسه لم تكن صاحبة المبادرة في إنهاء علاقتهما.
حمّلت صابرين أسرة حبيبها مسؤولية إنهاء قصة حبهما هذه النهاية. وفي مشهد درامي طلبت منه أن يتركها تعيش حياتها بشكل طبيعي، وتمنّت له حياة سعيدة مع أي امرأة أخرى. لم يصدق نفسه، تخيّل أنه يعيش كابوساً وسيفيق منه بعد قليل ليجد صابرين أمامه وهي ترتدي فستان الفرح استعداداً للزفاف، لكنه أدرك مع مرور الوقت أن صابرين تركته إلى الأبد.
عاش محمد هذا الكابوس، وفشل في أن يفيق منه ظل يطاردها في كل مكان، لكنه أدرك أنها أغلقت بالفعل هذه الصفحة من حياتها، وبدأت تفكر في مستقبلها، وازداد غضب محمد حينما أدرك أن حبيبته السابقة بدأت تستقبل الراغبين في الارتباط بها. جن جنون محمد، أقسم أنها لن تكون لأحد غيره، قرر أن يقتلها إذا حاولت أن تتزوج بأي شخص سواه، ونقل لها هذه الرسالة. في البداية اعتقدت صابرين أنه مازال يعاني آثار الانفصال بينهما، وحاولت أن تقنعه بعدم جدوى ما يفعل، لكنه لم يكن يعرف المزاح.
خاضت الفتاة تجربة مريرة حينما فشلت خطبتها بسبب تهديدات محمد لخطيبها، وإنذاره له في حالة إتمام الخطوبة. وهرب الشاب ليترك لصابرين الآلام، ولكنها أرسلت الى حبيبها السابق رسالة ترجوه فيها أن يبتعد عنها. أرسل محمد لها رسالة يُخبرها فيها بأنه لن يتركها تهنأ بحياتها بعيداً عنه، وظل يطاردها في كل مكان، وأدركت صابرين أنها تعيش أزمة حقيقية، وفشلت محاولات أقاربها في إقناع حبيبها السابق بالابتعاد عنها.
وفشلت الخطوبة الثانية بسبب اقتحام محمد لحياة صابرين وخطيبها، وتعديه عليها في الشارع أمام خطيبها الذي انسحب بهدوء، لأنه لم يرغب في أن يدخل معركة غير مضمونة. حاولت صابرين أن تبلّغ الشرطة حتى تحصل على تعهد بعدم تعرّض محمد لها، لكن هذه المحاولات لم تفلح أيضاً في إبعاد محمد عن طريقها، وبدأت صابرين تفكر في شيئين، إما الانتحار أو قتل محمد.

البديل صفر
لم يكن أمامها الاختيار، بدأت تفكر جدياً في وسيلة التخلص من محمد، رغم أنها تعرف أنها قد تدخل بقدميها إلى الجحيم بهذا التصرف. لكن لم يكن ثمة ما تبكي عليه، وبدأت تتلقى رسائل تهديد مجنونة من محمد. تقدم لخطبتها شاب وسيم تتمناه كل فتاة، كانت صريحة معه حينما أخبرته بما يفعله محمد، وتحمس الشاب للاستمرار في خطوبته، لكن محمد كان يقاتل بشراسة، رفض أن يستسلم بسهولة وظل يواصل مطارداته ومضايقاته لصابرين وخطيبها، وبدأت الخطوبة الثالثة تنهار لتلقى نفس مصير سابقيها.
لم تصدق صابرين نفسها، ظلت تفكر وماذا بعد؟ استيقظت من نومها لتجد محمد قد أرسل إليها أربع رسائل تهديد وتأكيد بأنها لن تكون لأحد سواه حتى لو شوّه سمعتها بأكاذيب وادعاءات. بكت بحرقة وهي تنعي حظها العاثر، فشلت في الوصول إلى حلّ لمشكلتها. وقعت عيناها على سكين كبير كانت والدتها تستخدمه في تقطيع اللحوم، وحسمت صابرين أمرها، كانت تعلم أنها ستجد محمد في طريقها إلى عملها بشركة الديكور، وأخفت السكين في حقيبتها. طوال الطريق المؤدية الى عملها كانت تسترجع شريط الذكريات، وتؤكد لنفسها أنها  لم تخطئ في حقه، لكنه دمّر حياتها، والآن يهددها بتشويه سمعتها وهو ما لا يمكن أن تسمح به أبداً.
فجأة ظهر محمد أمامها، تذّكرت صابرين شيئاً واحداً، هو أنها أصبحت بلا أمل، طالما بقي محمد على قيد الحياة، فهي لن تعيش. حاولت أن تتحدث إليه بهدوء وهي تضع أمامها الأمل الأخير، لكن محمد حسم الأمر، أكد لها أنه لن يتركها تهنأ بحياتها بعيداً عنه.
لم يكن أمامها اختيارات كثيرة، أخرجت السكين من حقيبتها وانهالت بها على جسد محمد وسط ذهول المارة. وسقط محمد أرضاً مضرّجاً بدمائه ليلفظ أنفاسه الأخيرة أمام الجميع. استسلمت صابرين للأمر الواقع، ظلت تبكي وهي تمسك السكين التي قتلت بها حبيبها السابق وهي تردد:
«أنت الذي أجبرتني على قتلك»، فأنا أتحمّل أي شيء إلا الاقتراب من سمعتي.
وصلت الشرطة، واقتادت الفتاة إلى السجن، واعترفت المتهمة بارتكابها هذه الجريمة حتى تتخلّص من مطاردات محمد، الذي حاصرها في كل مكان، ونفذ تهديده بأنه سيدمّر حياتها وسيحرمها الزواج إلى الأبد.
قررت النيابة حبسها بتهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد.

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077