أسرار مذبحة الضابط القطري
أسرار عديدة تكشفها «لها» في حادث الضابط القطري بطل مذبحة العجوزة التي راحت ضحيتها شقيقته وأصيبت شقيقته الصغرى، قبل أن يلقى الضابط حتفه. التحقيقات كشفت أن الجريمة ليست وليدة الصدفة، فالضابط غادر الشقة التي استأجرها في عمارات شركة البترول، ووضع الحقائب في أحد الفنادق تمهيداً لهروبه فوراً. وتبيّن أيضاً أن الضابط محمد جابر الفهيد ظن أنه سيهرب بعد تهديد السكان بمسدسه، ولم يتوقع السيناريو الذي حدث بعدما قذفه الأهالي بالحجارة، مما أدى الى نقله إلى المستشفى قبل أن يتسلل إليه ابن خالة الأختين ويقتله.
تؤكد أوراق القضية أن الجريمة معدة مسبقاً، فأسرة الضابط القطري كانت تكره أسرة القتيلة عفراء وشقيقتها جواهر، وتتبرأ من زواج الأب بوالدتهما، ورغم ذلك كان محمد يواظب على زيارة الأسرة سنوياً ليعطيها بعض الأموال.
ورغم بداية اللقاء الذي استمرّ ساعتين بالضحكات والأشواق، فإن الشواهد كانت تؤكد أن الأخ أعد العدّة لهذه الجريمة، فحزم حقائبه وغادر الشقة التي يقيم بها، واستعد للسفر الى قطر بعد الجريمة، وأخفى حقائبه في أحد الفنادق. لكن السيناريو لم يتم بسبب الحجر الذي ألقته إحدى جارات القتيلة وأصاب القطري أثناء هروبه مما أدى الى نقله الى المستشفى.
إرث الدم
قالت جواهر جابر (20 سنة) الناجية من الحادث وشقيقة القتيلة إن محمد أخاها من والدها لم تكن تربطهما به أي صلة منذ عام 1993. وأضافت: «خلال الثلاث السنوات الماضية بدأت زياراته السنوية تزيد لنا. ونشبت عدة مشاكل بيننا بسبب الميراث، حتى جاء اليوم الذي وقع فيه الحادث. وبالتحديد عندما اتصل بنا في المنزل وأخبرنا أنه موجود في أحد الفنادق الشهيرة في مصر، ويرغب في زيارتنا. فطلبت من خالي عاطف التوجه إليه لاصطحابه، وبالفعل ذهب إليه واصطحبه إلينا، وأعدت له شقيقتي عفراء المجني عليها الفطور. إلا أنه فور تناوله الطعام دار بينه وبين شقيقتي حديث حول الميراث، ورغبته في الحصول على توقيعها وتوقيعي على توكيل رسمي يعطيه الحق في التصرف بكل ثروة أبيه، إلا أننا رفضنا ذلك».
وأضافت جواهر: «توجه إلى الحمام بعد تناول الفطور، ثم خرج سريعاً شاهراً في يده سلاحاً نارياً، وأطلق النار على عفراء التي كانت جالسة بالصالة بصحبة أطفالها الثلاثة، ثم أطلق النار نحوي فأصابني في وجهي وسارع الى الهرب. لم أشعر بأي شيء بسبب إصابتي الخطيرة، لكنني علمت بعد ذلك أن الجيران أمسكوا به وأصابوه إصابات بالغة، ثم استطاع ابن خالتي قتله وهو يرقد في المستشفى».
«أغلى ما أملك»
تروي نعمة والدة الضحيتين في التحقيقات أن القصة بدأت منذ أعوام، وتقول: «تزوجت من رجل أعمال عربي قبل 28 عاماً، وكان يمتلك شركة كبيرة لتصنيع منتجات البترول. أنجبت منه عفراء وجواهر، وهما كل ما أملك في الحياة، وكان متزوجاً من امرأة غيري، وأنجب منها 6 فتيات وصبياً واحداً هو محمد.
وتُكمل نعمة كلامها: «منذ سنوات عديدة توفي زوجي، وحاولت العودة بابنتيّ إلى مصر، لكن فوجئت باعتراض أسرة زوجي بحجة أن ابنتيّ تحملان جنسية والدهما. إلا أنني تمكنت من التغلب على اعتراضاتهم. وهربت بهما عائدة إلى مصر، واستطعت أن اشتري منزلاً وأقمت فيه. إلا أن الخلافات بدأت تزداد بيني وبين أسرة زوجي بسبب هروبي، ورغبتهم في الحصول على الطفلتين».
تتنهد الأم ثم تضيف: «كبرت ابنتاي عفراء وجواهر، ورغب أخوهما محمد في تزويجهما من رجلي أعمال عربيين، إلا أنني رفضت طلبه بسبب معرفتي بنيته الاستيلاء على ميراث والده المقدر بالملايين».
توكيل عام
تكمل الأم: «خلال تلك الفترة كان محمد قد اعتاد على زيارة أختيه كل عام لمدة 3 أيام ليعطيهما مبالغ مالية تراوحت خلال كل زيارة ما بين 30 و50 ألف جنيه. وفي آخر زيارة لهما أعطاهما 9 آلاف جنيه، إلا أن تلك الزيارة شهدت تطوراً من جانب آخر وهو رغبته في الحصول منهما على توقيع لتوكيله بالتصرف بأموالهما بحيث يحق له بيع جميع الممتلكات من الميراث، وهو ما رفضته اختاه. ونشبت بينهم مشادة كلامية بسبب رفضهما توكيله، بعدها دخل إلى الحمام لغسل يديه ثم شهر سلاحاً نارياً، وأطلق النار على عفراء التي فارقت الحياة وفشل في قتل جواهر التي أصيبت بجرح في وجهها».
وبتأثر اختتمت الأم كلامها قائلة: «صرخت عدة صرخات مدوية من هول الموقف، وبسببها تجمع الأهالي والجيران، واستطاع الأهالي ضبطه قبل هروبه، وتعدوا عليه بالضرب، وأصابوه اصابات خطيرة. وفور نقله إلى مستشفى إمبابة العام لتلقي العلاج تسلل نجل شقيقتي إلى المستشفى وقتل محمد بعدة طعنات من مطواة كانت في حوزته، وتم ضبطه قبل هروبه».
الانتقام
أمام النيابة اعترف ابن خالة المجني عليها تفصيلياً بجريمته قائلاً: «تلقيت مكالمة هاتفية بعد الحادث مباشرة، وعلمت أن محمد قتل ابنة خالتي. على الفور اتجهت إلى الشارع واشتريت سكيناً وخبأتها بين طيات ملابسي، وعلمت أن رجال الإسعاف سوف يذهبون به إلى مستشفى إمبابة العام، وعلى الفور ذهبت إلى هناك واختبأت، حتى وصل، ورغم أنني علمت أن الجيران ضربوه بعد الحادث وأصابوه إصابات بالغة، لم أعدل عن قراري وانتظرت حتى دخل إحدى غرف المستشفى. غافلت الأطباء ثم انهلت عليه بالسكين بكل قوتي، حتى تأكدت من موته، إلا أن الأطباء ورجال الأمن أمسكوا بي واقتادوني إلى قسم الشرطة».
من ناحية أخرى استمع كل من عبد الرحمن حزين رئيس النيابة وعبد الحميد الجرف وكيل أول النيابة إلى أقوال 13 شاهداً، منهم والدة المجني عليهما وخالهما و3 أطباء في مستشفى إمبابة العام شهدوا واقعة مقتل المتهم أثناء تلقيه العلاج من إصابات تعرّض لها على أيدي الأهالي عقب ارتكابه الجريمة.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024