لم تمنعه إصابته من الفوز بجائزة دبي للأداء الحكومي المتميّز
لم يمنعه الحادث المروري الذي تعرّض له من إكمال مشواره مع الحياة بكل ما فيها من رغبة في العمل والإنتاج، فصوته الهادئ ونبراته الواثقة تشي بالكثير من الإدارة والتصميم على الرغم من خجله وهدوئه اللذين يميزان شخصيته، كذلك وداعة قسماته وهو يروي لنا حكاية تكريمه ونيله جائزة الجندي المجهول في برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز في دورتها الأخيرة، مؤكداً أنه لم يكن يتوقع هذا الفوز رغم معرفته بترشيحه الأولي لهذه الجائزة التي يصفها بالحافز الدائم له على تقديم الأفضل، متمنياً أمنية يترك البوح بها إلى نهاية لقائنا به.
28 كانون الأول/ديسمبر 2003، يوم لا ينسى في حياة محمد أحمد عيسى البلوشي لأنه تعرض فيه لحادث مروري في شارع الإمارات أو الطريق السريع بين إماراتي دبي والشارقة حيث صدمته شاحنة كبيرة من الخلف لتصطدم سيارته بالشاحنة الأخرى التي كانت أمامه مسببة له كسراً في الرقبة وشللاً رباعياً تحول على أثره طريح المرض والمعاناة أشهراً عدة ، قبل أن يسافر إلى المانيا ويخضع لجلسات العلاج الطبيعي التي ساعدته على أن يستعيد بعضاً مما فقده، وأن يشعر بيده اليمنى ويجلس على كرسي متحرك بعد أن أنهكه التمدد في سرير المرض.
ومع ذلك، لم يفقد محمد أمله في الشفاء وإن شعر بأن عودته الى العمل أصبحت شبه مستحيلة بعدما كان يعمل في مجال الطباعة الإلكترونية والغرافيك وجهاز «الاوتوكيو» الخاص بمذيعي النشرات في قناة دبي الاقتصادية، وذلك بعد التحاقه بدورة تدريبية خاصة ونيله الشهادة الثانوية العامة.
مرت سنوات على معاناته وخضوعه للعلاج، الى أن جاء اليوم الذي شجعه فيه ناصر بن طوق مدير الشؤون الإدارية والأفراد في مؤسسة دبي للإعلام على العودة إلى العمل والالتحاق بقناة «سما دبي»، فيما تولّى يوسف الحاي إعادة تدريبه كمنسق للخدمات الالكترونية في القناة، وهي مهمة تتضمن استقبال الرسائل النصية وتنسيق السحوبات والمسابقات الخاصة التي تتضمن أسئلة للجمهور، كذلك كل ما يتعلق بخدمة الرسائل القصيرة من خلال العمل على برنامج خاص للسحوبات.
ووصل محمد البلوشي إلى مهمة الإشراف على ست موظفات في القسم الذي يعمل فيه كمراقب ومنسق للخدمات الإلكترونية، يرتب جداول عملهن ومهماتهن، كما يشرف على «فلترة» الرسائل النصية ورصد الإجابات الصحيحة وتهيئتها للمشاركة في برنامج السحوبات والاختيار العشوائي، وحجز الحروف والأرقام الخاصة بهذه النوعية من المسابقات الجماهيرية، حيث يتابع عمله اليومي من خلال الـ «لاب توب» صديقه الدائم في المكتب والمنزل على الدوام.
يقول محمد أحمد البلوشي: «صحيح أن عدد ساعات دوامي في «سما دبي» لا يتجاوز أربعاً، إلا أنني وحالما أصل إلى البيت أكون مستعداً للعمل من الجديد وحل جميع المشاكل الصغيرة والعقبات التي تحدث في اللحظات الأخيرة، كما حدث مرة حين اتصلت بي إحدى المشرفات على أحد برامج المسابقات قبل البث على الهواء مباشرة بربع ساعة تعلمني عن خلل طارئ تمكنت من حله في التوقيت المناسب. فكم أشعر بالسعادة حين يتصل بي أحد المشرفين على برنامج مسابقات ويطلب مني المساعدة في حل مشكلة ما، لهذا السبب لا أحب كثيراً الإجازات الأسبوعية لأنها تشعرني بالملل فأهرب إلى البحر الذي أرى فيه مكاني الأثير في مثل هذه الحالات، من دون أن أنسى طموحي الدائم الىأن أكمل دراستي في مجال الإعلام الذي أحببته وتعلقت به أكثر من خلال إطلاعي اليومي على الكثير من تفاصيله وجوانبه المتعددة».
لحظات خالدة
يحلم محمد أحمد البلوشي بإنشاء إدارة خاصة بالخدمات الإلكترونية، لأن عدد برامج المسابقات في تزايد مستمر في ظل إقبال الجمهور على هذه النوعية من البرامج التي تتمتع عبر قناة «سما دبي» بالكثير من المصداقية، مؤكداً أن شهر رمضان الكريم يعتبر من أحب الشهور إلى قلبه، فعدا عن طابعه الديني والروحاني، فإنه شهر العمل والنشاط بالنسبة إليه، كذلك الحال بالنسبة إلى فترة الأعياد والمناسبات السعيدة.
وقبل أن نودعه كان لا بد من العودة إلى سؤاله عن أمنيته التي فضلّ الحديث أخيراً عنها حين قال: «كما قلت لكم، لم أكن أتوقع أن أنال هذه الجائزة، وقد تشرفت بالسلام على الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائي رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في موقف عظيم ملأ قلبي بالفرح والأمل بأن أكرم مرة أخرى وأقف للسلام عليه. فكما كرمني وأنا حبيس مقعدي المتحرك الذي كنت أخشى صرير عجلاته أن تشي بقلقي وتوتري،أتمنى أن يأتي يوم أقف فيه وأطالع وجهه مكرماً لي في مجال جديد من مجالات التميز والإبداع التي أدين بالفضل فيها لزملائي ومدرائي في قناة «سما دبي» ومؤسسة دبي للإعلام. كما لا أنسى فضل أهلي وأحبائي الذين وقفوا بجانبي دائماً وأمدوني بالأمل وحب الحياة لأعيش هذه اللحظات الخالدة».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024