السيد محمد حسين فضل الله: الدين لا يلزم
قابلت «لها» العلامة السيد محمد حسين فضل الله لاستطلاع وجهة نظره حول راتب المرأة. وقد أجابنا عن أسئلة تتعلّق براتب الزوجة والأم والإبنة.
- هل من حقّ الزوج مطالبة زوجته المشاركة في المصاريف المعيشية؟
ليس للزوج مطالبة زوجته من ناحية شرعية قانونية المشاركة في المصاريف المعيشية إلا إذا اشترط عليها ذلك ضمن العقد، ولها الحقّ في مطالبة زوجها بالإنفاق عليها إلزاماً، حتى مع قدرتها على الإنفاق على نفسها من ناحية ما تملكه من المال.
ولعلّ هذه القضية هي التي لاحظها الشرع في تنصيف حصّتها عن حصّة الذكر في الإرث، انطلاقاً من مسؤولية الرجل ـ الزوج في الإنفاق عليها وعلى أولادها في إدارة حاجاتهم الخاصّة، ممّا يجعل القضيّة تتحرّك في دائرة التوازن في الحقوق والواجبات، وربّما كانت حصّة الزوجة في نتائجها ـ حتّى مع التنصيف ـ أكثر من حصّة الزوج الذي لا بدّ له من أن يدفع المهر والنفقة للزوجة من حصّته الوراثية ممّا لا تُكلّف به المرأة أو الزوجة.
إن الدين لا يطالب المرأة مشاركة زوجها الأعباء الحياتية من ناحية إلزامية شرعية، ولكنّه يشجعها على ذلك إذا كان الوضع العائلي بحاجة إلى التعاون في رعاية البيت الزوجي في الحالة التي لا يملك الزوج القدرة الكافية على القيام بالمسؤوليات الكاملة في إدارة الأسرة من الناحية المادية.
وخلاصة الفكرة، إن ما ذكرناه من الحكم الشرعي في عدم مسؤولية الزوجة عن الإنفاق على البيت الزوجي مما تملكه من المال، ينطلق من الاعتبارات القانونية في توزيع الحقوق والواجبات في المسؤولية في الالتزامات العقدية في عقد الزواج، ولكننا عندما ندرس المسألة من الناحية الأخلاقية الإنسانية التي لم يعتبر الشرع فيها الزواج شركة مادية بين الرجل والمرأة خاضعة للحسابات الدقيقة، بل أعتبره علاقة إنسانية قائمة على المودة والرحمة، الأمر الذي يفرض على الزوجين التعاون على تأسيس عائلة مستقرّة من خلال بذل كل واحد منهم جهده في رعاية الأسرة، ممّا قد لا يجب عليه من ناحية قانونية، فإذا لم يكن من مسؤولية المرأة القيام بشؤون البيت وخدماته وتربية الأولاد ورعايتهم، لأن ذلك من مسؤولية الرجل، إلا مع الشرط في ضمن العقد، فإن عليها من خلال المسؤولية الروحية والأخلاقية والإنسانية أن ترعى بيتها العائلي وتربي أولادها وتنفق من مالها وجهدها، ليكون ذلك عبادةً لله وطاعةً له وقرباً إليه، وانفتاحاً على زوجها بالمودة والرحمة والاندماج الكامل روحياً وجسدياً في المسؤولية الأخلاقية، ففي ذلك رضا الله ومحبته.
- هل من حقّ الأهل مطالبة إبنتهم المتزوجة العاملة بقسم من راتبها؟
ليس للأهل ـ إذا كانوا يملكون لنفقتهم في ضرورات عيشهم ـ الحقّ في مطالبة ابنتهم المتزوجة ـ أو غير المتزوجة ـ العاملة بقسم من راتبها، لأنّها ليست مسؤولة شرعاً عن الإنفاق عليهم في تلك الحالة، ولها الحقّ في الاحتفاظ براتبها في تدبير أمورها الخاصّة والعامّة.أمّا إذا كانوا فقراء فعلى الولدـ سواء أكان ابناً أم بنتاًـ الإنفاق على والديه المحتاجين. وفي كلّ الأحوال، فإنّ العلاقة التي ينبغي أن تحكم الأولاد مع والديهم هي علاقة الإحسان والبرّ بما يتجاوز المسألة الشرعية القانونيّة وينفتح على عالم الإيثار والمكافأة بالمعروف.
- هل يترتّب على المرأة العاملة (الزوجة والأم) واجبات مادية؟
لا يترتّب على المرأة العاملة (الزوجة والأم) أيّة واجبات ماليّة تجاه البيت الزوجي، لأنّ الشرع لم يحمّلها مسؤولية ذلك، بل استحبّ لها المشاركة في المصاريف العائلية من باب الإنفاق الإنساني القائم على القيمة الروحية الأخلاقية في التكامل الاجتماعي ولا سيّما في الدائرة العائلية.
- إذا كان رجل البيت عاطلاً عن العمل، ما مصير راتب الزوج؟
لا فرق في الحكم الشرعي الذي لا تتحمّل الزوجةـ من خلاله ـ أية مسؤولية شرعية في صرف راتبها على البيت الزوجي. وربّما يرى بعض الفقهاء ـ كما نرى ـ أن من واجبها الإنفاق على أولادها إذا لم يكن هناك من يتولى الإنفاق عليهم في حاجاتهم الضرورية أو شبه الضرورية، أما بالنسبة إلى الزوج فلا تتحمل أية مسؤولية ماليّة تجاهه إلا من باب المودّة والرحمة.
- هل ينحصر حقّ الزوج بسماح أو رفض عمل زوجته دون مطالبتها بما تجنيه؟
ليس للزوج أن يرفض عمل زوجته إذا كانت في حالة العقد عاملة أو موظفة وكان هناك شرط ضمني أو معلن في ضمن العقد باستمرارها في العمل أو في الوظيفة، وليس له الحقّ في المنع عن ذلك ـ حسب رأينا الفقهي ـ إذا لم يكن عملها منافياً أو مناقضاً لحقّه في الاستمتاع في الجانب الجنسي. أما في الحالات الأخرى فقد يكون له الحقّ في الرفض في صورة منافاة العمل للعلاقة الزوجية، بلحاظ الالتزام العقدي. ـ وله في هذه الحالةـ أن يطلب منها المشاركة في نتائج عملها أو في راتب وظيفتها في مقابل السماح لها في العمل، على أساس التعويض عن التنازل عن حقّه في المنع.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024