'نادية' من الجنود المجهولين
حكاية امرأة في السابعة والثلاثين بجسد فتاة في العاشرة.
نادية عبد القادر حميد اسم تردد إعلامياً خلال الأيام الماضية في الإمارات ليس لأنها فنانة كبيرة أو لأنها ارتكبت جريمة ما، ولكن لأنها فتاة تميزت وظيفياً رغم ما تعانيه من إعاقة جسدية التصقت بها منذ ساعات الولادة الأولى.
نادية كرمها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي من بين 32 مكرما آخرين، وأطلق عليهم اسم الجنود المجهولين في إطار برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز.
ونادية رغم إعاقتها الجسدية فتاة مبتسمة دائماً، ووجه يشع نضارة وأملاً. تحب عملها وتتقنه ، وتزاول حياتها بشكل طبيعي متناسية كل همومها ومشاكلها، ولذلك استحقت لقب الجندي المجهول لأنها تعمل ولا تنتظر المقابل.
تروي نادية لـ «لها» قصة إعاقتها وقصة مرضها الذي تعانيه ومشوارها مع العلاج. تقول: «ولدت منذ 37 عاماً بخلل جيني أدى الى نموي بشكل بطيء للغاية، وقد أثر ذلك على نمو ذراعي وأصابعي، وأيضاً على نمو جسدي بالكامل، فرغم عمري إلا أن طولي لا يزيد عن 148 سنتيمتر ووزني يبلغ 28 كيلوغراماً، وهو وزن طفل يمكن أن يكون في الخامسة أو العاشرة من عمره.
رغم أن أسرتي حاولت مراراً إيجاد علاج لحالتي فإن العلاج كان مكلفا للغاية ، لذلك تم الاكتفاء بالمتابعة الدورية عبر عدد من المستشفيات في الإمارات. ومع كل هذا التحقت بالدراسة واستطعت أن أحصل على الثانوية العامة، ومن ثم التحقت بالعمل في شرطة دبي في البداية كموظفة بدالة، ثم سكرتيرة في مركز شرطة القصيص. بعدها عملت مساعدة باحث اجتماعي ، ثم مدخلة بيانات في الإدارة العامة للموارد البشرية».
وتضيف: «أعمل منذ 11 عاما في شرطة دبي، وأتابع حالتي الصحية على كل الصُعُد العلاجية في الداخل والخارج. وفي احد المستشفيات البريطانية أكد لي الأطباء انه يمكن أن تتم زراعة جينات لي تساعد في نموي بشكل طبيعي، إلا أن هذا الأمر يحتاج الى مبلغ مالي كبير يفوق المليون درهم إماراتي».
مدخلة بيانات دون كف
مع أن نادية لا تملك أصابع في ذراعيها لأن الذراعين ضامرتان ولا توجد فيهما كفان، فإنها تعمل مدخلة بيانات على الكمبيوتر، وهو ما دفعنا لسؤالها عن كيفية التعامل مع جهاز الكمبيوتر فقالت: «هذا الأمر لا يشكل لي أية مشكلة، فقد دربت نفسي على استخدام ذراعيّ في الكتابة على الكمبيوتر، بل وأقوم بذلك بالسرعة المطلوبة. كما أنني أمسك الهاتف، وأقود سيارة عادية وليست سيارة خاصة لذوي الاحتياجات الخاصة، وأتناول طعامي بمفردي، وأقوم بالأمور اليومية العادية دون أن يساعدني أحد. فأنا قادرة على التعامل مع كل الأشياء ولا انظر لإعاقتي على الإطلاق».
حلم الحياة
عن مستقبلها وأحلامها قالت نادية: «أنوي الالتحاق بالجامعة لدراسة الحقوق لأن لدي رغبة قوية في أن أكون محامية. كما أتمنى أن أجد من يساعدني ويقف معي من أجل أن أتمكن من زراعة الجينات المطلوبة، حتى أعاود النمو وأصبح فتاة طبيعية مثل كل فتيات جيلي».
وعن الجائزة التي حصلت عليها تؤكد أن هذا التكريم أو تلك اللحظة بالذات أسعدتها كثيراً، وسوف تبذل المزيد من الجهد من أجل مزيد من التفوق.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024