بين أمل وعواطف طفل المدينة عبد الله لا أمّ له
لا تعلم أين الحقيقة في حديث سجلته «لها» مع الأطراف المعنية بواقعة غريبة حصلت في المدينة المنورة: عبد الله طفل السبع السنوات الذي تتنازع عليه سيدتان وأسرة قامت بتربيته، وعبد الله بطل القصة الضائع لا يعلم عن متاهته سوى أنه بعد عمر سيقرأ ما كتب عنه، وكيف أصبح أشهر من ممثلي السينما، أو المسلسلات التلفزيونية. تابعنا قصة عبد الله ما بين جدة والمدينة، في حين لم نستطع التواصل مع الأب الموجود في الطائف والذي رفض التحدث الى المجلة حتى تظهر حقيقة ما حصل بالتفصيل. وبالاجتماع والحديث مع عواطف المدعى عليها في قضية خطف الطفل عبد الله، وأمل التي تدعي أنها الأم الشرعية والحقيقية له، وبين عائلة أبو هيثم تاهت الحكاية، وباتت ملامحها مشوشة الى ان تقر هيئة الادعاء والتحقيق استدعاء جميع الأطراف، وتقر تحليل DNA الذي طالبت به أمل لتؤكد أنها الأم الحقيقة لعبد الله وأن عواطف اختطفت طفلها عندما كان في شهره الخامس. السطور المقبلة ستحمل معها كثيراً من علامات الاستفهام، أولاها أين دور مراكز الشرطة في الموضوع؟ إضافة إلى التناقضات في حديث كل طرف. «لها» تابعت القصة من المدينة المنورة وجدة التي تقيم فيها المدعى عليها، محاولة الوقوف على حقيقة اللغز، فيما توقعت بعض الجهات أن يكون خلف هذه الحكاية متاجرة بالأطفال.
هبطت طائرتنا ظهراً ليكون زميلنا من جريدة «المدينة» الذي أثار القضية على صفحاتها في استقبالنا ليقلنا إلى بيت أبي هيثم، الشخص الذي تولى، على حد ما ذكر في اللقاء، تربية الطفل عبد الله من شهوره الأولى حين تسلمه من عواطف. توقفنا أمام بيت يحمل البساطة في مبناه، ما ينم عن وجود عائلة مستورة الحال فيه. استقبلنا أبو هيثم، وهيثم ولده البكر، لندخل غرفة شهدت حواراً استغرق أكثر من ثلاث ساعات مع أطراف عدة.
أبو هيثم رجل تظهر عليه علامات الطيبة، وما عرفناه خلال اللقاء أن عبد الله لم يكن أول الأطفال الذي يتولى تربيتهم، بل كانت له حكاية سابقة عندما احتضن طفلتين بعد وفاة والدتهما، وإحدى الفتاتين حالياً زوجة هيثم، بل وهو جد لمالك الذي تظهر صوره مع عبد الله.
أم هيثم: حتى اللحظة لا أصدق أن عبد الله ليس ابن عواطف
طلبنا من أبي هيثم الجلوس مع زوجته وهي أصل المعرفة بعواطف كما علمنا. وبدأت أم هيثم تروي كيف تعرفت على عواطف في أحد الأفراح، قائلة: «كنت قد دعيت إلى زواج إحدى الصديقات. وخلال وجودنا في الحفلة التقيت عواطف، وكان ذلك قبل حوالي أحد عشر عاماً. التقيتها مرة أخرى في زواج آخر، مما جعل علاقة ود تنشأ بيننا. وبعدها زرت والدتها، وزرت عواطف في بيت والدها وزوجة والدها كون والدتها مطلقة من الأب وكانت عواطف تعيش مع زوجة أبيها. وخلال معرفتي بها كانت دائماً ما تشتكي من المعاملة السيئة التي تتعرض لها من ذويها، ومن زوجها عندما كانت متزوجة، وكان الزوج لديه زوجة سابقة (تحتفظ المجلة باسم الزوج) مما جعلها تشعر بالاضطهاد، خصوصاً أن زواجها تم سراً دون علم الزوجة الأولى. وبقيت العلاقة قائمة بيننا حتى جاءت يوماً وأخبرتني أنها انتقلت من منزلها الواقع في منطقة باب الأعمدة إلى منطقة أخرى تسمى العوالي، وبعدها بأيام عدة دعتني الى منزلها الجديد لأن والدتها في زيارة لها، وبالفعل ذهبت لتلبية الدعوة مع بناتي إلى الغداء، وخلال الزيارة كان مظهرها مجهداً وحين سألتها عن السبب ذكرت أنها حامل منذ شهرين».
بعد هذه الزيارة لم تلتقِ أم هيثم عواطف مدة طويلة جداً حتى عاودت الأخيرة الظهور ومعها طفل لم يتجاوز الأربعة أو الخمسة أشهر.
أم هيثم أم لسبعة أطفال، وقد توفي طفل لها، وأسلبت توأمين، وتوافق قدوم عبد الله مع الفقدان حين جعل الحليب يتكون في صدرها وكان من نصيب عبد الله بحسب قولها، مضيفة: «كنت على علم مسبق بأن عواطف لديها بنت وولد من زواج سابق، وكنت على علم منها خلال زياراتي أنها أرملة من زوجها الأول، ومطلقة من زوج ثانٍ، فيما كان والد عبد الله زوجها الثالث. وعندما أعطتني عبد الله ذكرت أنها التحقت بوظيفة في الصحة ما بين جدة ومكة، وطلبت مني الاعتناء بعبد الله خلال وجودها في عملها. وقد أرضعته عوضاً عن التوأمين، وبذلك اعتبرت أن عبد الله ولدي وزوجي والده. وكانت في فترة وجود عبد الله لدينا قد ذكرت أنها قد انفصلت عن زوجها وتتابع حياتها في عملها، وأنها تحتاج الينا في تربية الطفل أثناء غيابها في العمل، وبالفعل وافقت على ذلك. وكانت دائمة السؤال عن الطفل، وعرضت أن تدفع مبلغاً مالياً كمصروف لعبد الله، لكني وزوجي رفضنا ذلك لأن تربية عبد الله احتسبناها لوجه الله تعالى، ولم نرضَ بتلقي أي مبلغ منها».
وذكرت أم هيثم أن عواطف كانت تتغيب عدداً من الأيام بين حين وآخر لا تسأل عن عبد الله، إلا أنها لم يساورها الشك أبداً في أن يكون الطفل ليس طفلها، وحتى عند غيابها لم تكلف أم هيثم نفسها سؤال والدة عواطف عنها، أو تتصل ببيت والدها وزوجته علما أنها على معرفة بهما كما أخبرتنا سابقاً. وحتى في حال امتناع عواطف عن السؤال عن طفلها أياماً أو أشهراً لم يأتِ في بال أم هيثم أن تتواصل مع ذويها وتخبرهم عن وجود عبد الله لديها وأنه طفل عواطف الذي تركته قبل أشهر كأمانة لأن عملها لا يجعلها متفرغة لتربيته، وذلك على حد قول أم هيثم.
دخول أمل على الخط
مرت السنوات وكبر الطفل عبد الله في كنف أبي هيثم لا يعرف أماً سوى أم هيثم. وكانت منى أبنة أبي هيثم المسؤول الأول عن عبد الله في كل شيء، هي الابنة التي ارتبطت به ارتباطاً وثيقاً، وكانت كلما جاءت عواطف الى المدينة للسؤال عنه أو لأخذه أياماً ينفطر قلبها عليه، وتبدأ البكاء اشتياقاً له. ولكن ما حصل هي الفاجعة بعينها كما روتها أم هيثم قائلة: «حتى اللحظة لا أستطيع أن أصدق أن عبد الله طفل لا يمت الى عواطف بصلة سوى أنها خاطفة له من والدته، لأن كل ما كان يدور ويحدث كان يؤكد أن عواطف هي الأم. ولكن ما حدث أنه قبل عدة أيام كان لولدي هيثم صديق يدعى سفر، وكان قد عقد قرانه وأحب أن يعرف زوجته علينا. عائلة سفر بينها وبين أمل صلة قرابة، وعند حضور زوجة سفر إلى منزلنا تعرفت علي وعلى بناتي، وكان عبد الله موجوداً. وعندما سألت عنه بمحض الصدفة قائلة انه طفل جميل واجتماعي أخبرها أنه ولد سيدة تدعى عواطف بكامل اسمها، وذكرنا اسم والده أيضاً، وثم انتهت الزيارة وغادرت زوجة سفر إلى منزلها، وبعد أيام وردني اتصال من أهل سفر بأن لهم رغبة في زيارتنا، وبالفعل قدموا إلى المنزل وأيضاً سألوا من هو عبد الله. وللصدفة كانت عواطف موجودة في المنزل لدينا، وكانت إحدى السيدات قد ذكرت لابنتي أن عبد الله ليس بطفل عواطف ولديه أم حقيقية تدعى أمل وحين ذكرنا الموضوع لأبي هيثم شكك في أمر هذه العائلة، وسألنا إن كانوا قد تعرفوا على عواطف بحكم وجودها في بيتنا حينها، أو ان عواطف قد عرفتهم. ولكن لم يكن ورد أي تصرف وقتها يشي بأن أياً من الطرفين يعرف الآخر . ولم تعد النسوة إلى بيتنا مرة أخرى، وسأل أبو هيثم عواطف هل أنت على معرفة بالسيدات اللواتي حضرن، فأجابت نافية. وفجأة بعد أيام لا أكثر جاءت أمل مع عدد من السيدات مدعية أن عبد الله هو طفلها المفقود من سبع سنوات. فيما أكدت عواطف التي كانت موجودة في البيت أنه طفلها وأنها لا تعلم عن هذه السيدة شيئاً».
أبو هيثم: ارتباك عواطف وانقطاعها عن عبد الله مدة عامين جعلاني أشك في أمومتها
الأب الذي تكفل بتربية عبد الله، وامتنع عن تسليم الصغير لأي جهة، أو أي من الأطراف المتنازعة حتى يثبت الحق ويبريء ذمته أمام الله، أعلن أنه واذا لم تتمكن الجهات من الوصول إلى الحقيقة سيبقى عبد الله ابنه. ولكن الحكاية متناقضة جداً ما بين ما ذكره أبو هيثم الذي استقبل الطفل وهو لا يتجاوز بضعة أشهر، وبين ما روته عواطف لـ«لها». ليقول أبو هيثم مفندا سطور القصة كما حدثت: «منذ أكثر من عشر سنوات تعرفت أم هيثم على عواطف في مناسبة زواج في قصر البادية في المدينة المنورة، وأصبح بينهما ود، وتكررت الزيارات بينهما خصوصاً بعد ما عرفته أم هيثم من ظروف تمر بها عواطف من سوء معاملة من والديها، ثم من زوجها المدعو عصام الذي كان متزوجاً من أخرى ولديه أطفال. وبعد ذلك غابت فترة اسبوعين تقريباً، ومن ثم عاودت عواطف الاتصال بأم هيثم، وكانت عواطف تريد زيارة منزلنا. وبالفعل، أصبح هناك تبادل زيارات بين عواطف وأم هيثم وبناتي. وبعد سنة تقريباً أخبرت عواطف أم هيثم أنها انتقلت من منزلها إلى منزل آخر ودعتها اليه، فأذنت لها بالزيارة. وحينها كانت عواطف كما ذكرت حاملاً. وبعد هذه الزيارة اختفت تماماً أشهراً لتعود ومعها طفل لا يتجاوز الخمسة شهور. وفي البداية كانت تتردد علينا كزائرة فقط، وكل ما نعلمه أن هذا الصغير أنجبته عواطف من زوجها عصام. وخلال الزيارات أيضا علمنا منها أن لديها طفلاً وطفلة من زواج سابق انتهى بوفاة زوجها، وأن الولدين عند والدها، لأن زوجها لا يريد أن يمكثا معها».
وأضاف أبو هيثم: «قبل سبع سنوات قامت عواطف بزيارتنا وطلبت منا أن يبقى عبد الله الصغير لدينا وهو لم يتجاوز عدداً من الأشهر. وعندما قلنا لها أن تبقيه لدى والدها تعللت بأنه ربى طفليها السابقين، إضافة إلى المشاكل التي بينهما. وكان سبب بقاء عبد الله رغبتها في حضور حفلة زواج، ومن ثم عادت وأخذت الصغير. وأخذت تتردد علينا مدة شهرين تقريباً وذات يوم جاءت إلينا وطلبت أن أقلها إلى الوحدة الصحية لأنها قدمت طلب وظيفة هناك وبالفعل قمت بذلك. ثم طلبت أن نوصلها إلى مستشفى الملك فهد لسبب ما والأغلب لأن وظيفتها هناك، بعد ذلك أصبحت تتردد علينا بحجة أن يبقى عبد الله في بيتنا مدة عملها في المستشفى ومن ثم تعود إلينا وتأخذ الطفل معها. وبقينا على هذا الحال أشهراً، إلى أن جاء يوم وقالت إنها تحولت إلى مركز صحي ما بين جدة ومكة، وطلبت أن يبقى عبد الله لدينا حتى انتهاء موسم الحج، وعرضت مبلغاً مالياً علينا للصرف على عبد الله، ولكن رفضنا المال ووافقت أن يبقى عبد الله فترة موسم الحج خصوصاً أن زوجتي كانت قد أرضعته خلال وجوده لدينا في الفترات السابقة. وغابت عواطف حتى أول أيام العيد ومن ثم قدمت إلى المدينة مكثت فيها يومين ومن ثم عادت وتركت لنا عبد الله حتى أبلغتنا أنها حصلت على وظيفة ممرضة في إحدى المستشفيات الخاصة في جدة، وطلبت أن يبقى عبد الله لدينا حتى ترتب نفسها في جدة، ووافقت بالطبع على ذلك وكانت هي في اتصال يومي معنا، تسأل عنه وعن طلباته، وإن كنا بحاجة إلى أي شيء لعبد الله، وبعد فترة طلبت أن تأخذ عبد الله معها لتعرفه على صديقاتها في جدة. وبالفعل أخذته، وأوصلها أولادي الى المطار، وبعد أسبوعين عادت إلى المدينة وتركت عبد الله لدينا. ومرت أشهر عدة لتعود وتقول أنها ستقترن بشاب، وبالفعل قام بزيارتنا هو ومعها أخ لها كما ادعت وقالت أنه يعمل في المرور. وأضافت أنها تزوجت من هذا الشاب (تحتفظ المجلة باسم الزوج الأخير) وكان عبد الله في ذلك الوقت قد بلغ من العمر سنة وأربعة أشهر، وتركته لدينا وذهبت. وبعدها بفترة حضرت إلى المدينة وكانت أيضا بصحبة أخيها وقالت إنها تريد عبد الله لأنها مدعوة الى وليمة عند أخيها الثاني، وتريد أن تأخذ عبد الله معها. وبالفعل دخلت وقامت بتجهيز عبد الله، ولكن عبد الله رفض الخروج معها، إلا أن أخاها أجبره على الخروج، ثم ردته لنا بعد العشاء».
ويشير أبو هيثم الى أن عبد الله «ليس له أي أوراق ثبوتية، وكانت عواطف تتذرع بأن والده لا يريد استخراج الأوراق له، وأنها كل يوم تتصل به لاستخراج الأوراق اللازمة إلا أنها لا تخرج معه لا بحق ولا باطل، وكانت دائماً ما تتحجج بوجود زوجته الثانية وأنه لا يريدها أن تعلم عن زواجه ولا عن طفله من عواطف».
فصل جديد في معاناة عبد الله الصغير
بعد أشهر من زواج عواطف حضرت إلى المدينة هي وزوجها الذي يعمل في الجوازات لتصطحب عبد الله معها ومع زوجها إلى جدة، فاتصلت بأبي هيثم لهذه الغاية. وبالفعل كان لها ما أرادت وكان أبو هيثم على اتصال يومي بها في تلك الفترة لمعرفة أخبار الصغير، وكانت كل الأمور جيدة. وبقي عبد الله معها مدة أسبوعين، لتعود إلى المدينة مع زوجها تاركة عبد الله لأبي هيثم من جديد. لكن الحكاية أخذت منحى آخر. «بعد عودة عبد الله من زيارته لجدة، دخلت أخته منى القائمة على شؤونه لتغير له ملابسه وكانت المفاجأة وجدت أثار حروق في فخد عبد الله وتحديداً ثلاثة حروق، وكأنها لسعات. وعندما سألت عواطف عن ذلك أجابت ان خلافات وقعت بينها وبين زوجها خلال فترة وجود عبد الله ومن المحتمل أن يكون قدأحرق الولد في رجليه من غضبه وعصبيته. عالجنا الولد وطلبت منها أن تتركه لدينا حتى تحل مشكلاتها مع زوجها. وبقيت على اتصال بنا، وكانت تزورنا كل شهر أو شهرين. وبقينا على هذا الوضع فترة طويلة حتى غابت عنا أربعة أشهر انتقلت خلالها أنا وأسرتي من منزلنا إلى منزل آخر. وعندما اتصلت بعد أربعة أشهر أعطيتها العنوان الجديد لأنها كانت تريد الحضور لأخذ عبد الله لحضور زواج أخيها. وحضرت الينا بعد العشاء للزيارة وسلمت على عبد الله، ومن ثم تركته لدينا على أساس أنها ستعود عصر اليوم التالي، إلا أنها لم تعد. وعندا اتصلت كانت قد عادت إلى جدة، ومن تلك الزيارة وحتى عام كامل لم تزر عواطف عبد الله ولم يكن بيننا وبينها سوى الاتصالات الهاتفية».
عواطف في مواجهة أمل
بعد المكالمة السابقة اختفت عواطف عشرة أيام كاملة، مما دفع بأم هيثم الى الذهاب إلى والدتها والحصول على أرقامها الجديدة لأنها كانت قد غيرت أرقامها السابقة. إلا أن الأم لم يكن لديها الرقم الجديد. وبعد اسبوع من الزيارة أو أقل هاتفت عواطف أبو هيثم وأخبرته أنها في زيارة للمدينة وأنها تريد من يقلها من المطار إليه مباشرة لأنها تريد البقاء في منزله لتنهي أوراق عبد الله خلال فترة إجازتها. وبالفعل قدمت عواطف من جدة إلى المدينة ومكثت في بيت أبو هيثم، وحصلت زيارة أهل سفر صديق هيثم، وعائلته خلال وجود عواطف في منزل أبي هيثم. وبعد اخبار أمل بوجود ولدها في بيت أبي هيثم وفي زيارة مفاجئة، دخلت أمل ومعها عدد من النسوة إلى البيت لتتعرف إلى عواطف، وليشهد عبد الله أصعب موقف في حياته كما رواه أبو هيثم قائلا: «دخلت أمل ومعها عدد من النسوة مؤكدة أن هذا الطفل هو ولدها الذي اختطفته عواطف منها. وبدأت عواطف والأم المزعومة تبادل الصراخ، وراحت كل منهما تجذب الطفل إلى جهتها، وعبد الله لا يعرف من هي الصادقة ، وأنا في حيرة من أمري، لا أعرف عن القصة شيئاً. حتى خرجت عواطف من المنزل متجهة إلى قسم الشرطة ومبلغة عن أمل وهجومها عليها، وكان البلاغ في شرطة الفيصلية، وهنا تم استدعائي مع الطفل، فاتجهنا إلى قسم الشرطة التي حررت محضراً بالواقعة وطالبت بتسليم الطفل، إلا أني رفضت ذلك تماماً حتى يتم التحقيق في الموضوع ومعرفة الحقيقة لأن عبد الله أصبح في حكم ولدي وأخاً لأبنائي شرعاً».
وحتى الوقت الحالي يعيش أبو هيثم حالة من الذهول. وذكر أنه هاتف الرجل الذي ادعت عواطف أنه والد الطفل المدعو عصام، وبالحديث مع أبو هيثم اتضح أنه لا يعرف عواطف ولم تربطه بها أي علاقة سوى أنه ساعدها مرتين بمبالغ مالية، مؤكداً أنه لا يعرف عن الطفل عبد الله شيئاً وانه ليس أبا الطفل.
أمل: عواطف خطفت عبد الله مني في جدة وقالت لي إنها ستحرق قلبي
في حوار طويل مع أمل التي تدعي انها والدة عبد الله الحقيقية، كانت مجلة «لها» شاهداً على جمود مشاعرها لحظة روايتها للقصة، حتى أنها لم تذرف دمعة وهي تذكر أحداث اختطاف عبد الله، إضافة إلى كثير من المغالطات التي توقفنا خصوصاً في كيفية انتقال أمل مع عواطف إلى جدة دون أن يعترض ذووها على السفر.
«تروي أمل: «تزوجت وأنا في الثانية عشرة وكنت متخرجة حديثاً من المرحلة الابتدائية. وانتقلت مع زوجي إلى مدينة الطائف التي كان يعمل فيها. ولم أكن أعرف عن معنى الزواج شيئاً. أقمت مدة سنة كاملة مع زوجي وهو والد عبد الله واسمه عادل، وخلال تلك السنة تذوقت ألوان العذاب من الاضطهاد، والضرب، والمعاملة السيئة، وكانت أقل كلمة تقال لي إن أهلي هم من باعوني له، وكنت أعتقد اني بزواجي سأتخلص من المعاملة السيئة التي نلتها من زوجة أبي ولكن الوضع مع زوجي كان أسوأ».
بعد سنة من العذاب طالبت أمل بالانفصال عن زوجها، والهروب إلى عذاب زوجة أبيها الرحيم مقارنة بما وجدته في بيت الزوجية... «تزوجت عام 1421 هجري، وولدت عبد الله في شهر تسعة 1422 هجري، مما يعني أن عبد الله حاليا يبلغ من العمر سبع سنوات (بحسب التاريخ المعطى من أمل يجب أن يكون عمر عبد الله حاليا تسع سنوات وليس سبع سنوات). وعندما انجبت عبد الله لم أعد أتحمل ويلات العذاب، مما دفعني إلى طلب الانفصال والعودة إلى المدينة. وبالفعل كنت على وشك الحصول على الطلاق من عادل وكان عمر عبد الله لا يتجاوز الأربعة أو الخمسة أشهر. وذات يوم كنت قد خرجت مع أخت زوجة أبي إلى حديقة في المدينة كنوع من الترفيه. هناك تعرفت الى عواطف ورحت أروي لها قصة زواجي، وعودتي من الطائف وأني سأحصل على الطلاق من زوجي بسبب ما تعرضت له من أذى نفسي وجسدي. ونشأت بيننا صداقة سطحية، لم تتعدَ زيارات لا تتجاوز عدداً من الساعات، ولكن لم أنم في بيتها كما ادعت عواطف، ولم أمكث لا في بيتها ولا بيت اخوانها. وبعد أيام اتصلت بي عواطف وأنا في منزل والدي وأخبرتني أنها تريد الذهاب إلى جدة، وتقترح أن أكون معها، وأنا كنت لا أزال في الخامسة عشرة، ولم أكن أعي شيئاً من الدنيا فوافقت على السفر معها».
استطاعت أمل السفر مع عواطف على حد قولها رغم صغر سنها، ومعها طفل لا يتعدى الخمسة أشهر والغريب أن والدها لم يعترض على سفرها، وحتى أنه لم يعلم مع من تسافر ابنته ولا أين ستقيم في مدينة جدة، علما أنها لم تحمل أوراقاً رسمية لها ولا لطفلها.
وأضافت أمل: «كان أفراد عائلتي يكرهون عواطف حتى أنهم كانوا يطردونها من البيت ويحقرونها. وكانت عواطف قد حملت كل هذا الغل في قلبها من أهلي، إلا أني عند سفري لم أخبر والدي مع من أسافر، وكان ذلك بالنسبة الى والدي أمراً عادياً، فمن زوج ابنته وهي طفلة من الطبيعي ان يدعها تسافر دون أن يعرف عنها شيئاً. غادرت المدينة مع عواطف إلى جدة وسكنّا في شارع حراء، وبقيت معها يوماً واحداً فقط. وفي الليلة ذاتها هددتني بأنها ستحرق قلبي نكاية بما فعلته عائلتي بها. وفي صباح اليوم التالي استيقظنا على صراخ ولدي عبد الله لأنه وقع عن السرير. وبعد ذلك قررنا الذهاب إلى السوبر ماركت لشراء بعض الأغراض. وانتقلنا بسيارة أجرة. وبعد وصولنا طلبت عواطف ان اذهب لشراء الأشياء على ان تنتظر في السيارة مع عبد الله، وبعد خروجي من السوبر ماركت لم أجد السيارة ولا عواطف ولا طفلي عبد الله».
استطاعت أمل الوصول إلى محطة النقل الجماعي وقابلت مديرها وشرحت له وضعها مما جعله يتعاطف معها ويتركها تسافر إلى المدينة وحدها دون طفلها. ومع ذلك يبقى السؤال لماذا لم تبلغ أمل الشرطة وقت الحادثة؟
تؤكد أمل ان عبد الله هو طفلها رغم أنها لا تحمل أي أوراق ثبوتية له، وتجزم بأنها بمجرد مشاهدتها له في بيت أبي هيثم كانت مشاعرها جياشة جداً، وهي متأكدة أنه طفلها من الشبه الموجود بينها وبينه والغمزة الموجودة في ذقن الطفل والمشتركة بينهما. (وبالجلوس مع أمل وكشف وجهها أمامي لم يكن لديها أي غمزة في ذقنها مثل التي يمتلكها عبد الله).
عبد الله الصغير: عواطف حرقتني في رجلي وأنا أكرهها
عبد الله طفل بريء، ملامحه جميلة جدا.، قال عن عواطف التالي: «أنا أكره عواطف لأنها كانت تكرهني، وتحرق رجلي عندما كنت أذهب معها، أنا لا أحبها. فقط أحب والدي عبد الله (أبو هيثم) ومنى (ابنة أبو هيثم التي اشرفت على تربيته) وأحب أمل ولكن أريد البقاء مع بابا عبد الله».
عواطف: لم أخطف طفل أمل بل هي تركته وذهبت
«تعرفت على أمل في المدينة حيث التقيتها في إحدى الحدائق عن طريق أخت زوجة أبيها التي كنت أعرفها جيداً. وكنت حينها أرملة من زوجي السابق، ونشات بيننا صداقة بحكم الظروف التي عاشتها أمل بسبب زوجة أبيها، واضطهادها من قبل زوجها وشروعها في قضية الطلاق مما ذكرني بالقصة التي عشتها بعد انفصال والديّ». هكذا كانت بداية الحديث مع عواطف التي أضافت: «أشفقت على أمل وقابلتها مرة أخرى في سوق قباء، وكانت تشكي أمرها مرة أخرى. فطلبت منها الحضور معي إلى بيت أخي لأني كنت مدعوة الى العشاء عنده، وكانت حينها على حد ما أخبرتني قد تركت بيت والدها وطلقّها زوجها منذ أسبوع، وكان عبد الله حينها رضيعاً. بعد ذلك استضفتها في منزلي لأنها كانت بلا مأوى، وباتت ليلتها في شقتي حتى تدبر أمرها، في صباح اليوم التالي أفقت على صراخ الطفل ولم أجد لأمل أثراً. بحثت عنها لم أجدها، وانتظرت فترة إلا أنها لم تأتِ، حينها توجهت إلى قسم شرطة قباء في المدينة المنورة وبلغت عن اختفائها، وطلبوا مني تسليم الطفل في محضر للجمعية فرفضت الأمر تماما، وتركت كل أرقامي، وعنوان منزلي في قسم الشرطة اذا ظهرت أمل، أو أي من ذويها».
وتدعي عواطف أنها كانت تعلم عنوان منزل والد أمل وزوجته، وعند الذهاب لتسليم الطفل وجدت انهما تركا المنزل منتقلين إلى منزل آخر لا تعرف عنوانه.
وأضافت: «بعد شهر من الواقعة اتصل بي قسم الشرطة طالبا مني الحضور ومعي الطفل عبد الله، وبالفعل توجهت إلى قسم الشرطة الساعة التاسعة صباحاً ومعي عبد الله، لأجد رجلاً كبيراً في السن عرّف عن نفسه أنه جد الطفل من الأم. طلبته بما يثبت أنه والد أمل، فأجاب أنه لا يملك الاثبات لأن كل أوراقها عند زوجها. حينها رفضت تسليم عبد الله لأنه أمانة لدي، خوفاً من أن يكون الرجل لا يمت الى أمل بصلة».
وأوضحت أن جد الطفل كان في قسم الشرطة للتبليغ عن هروب ابنته أمل، وحين عرف الضابط اسمها أخبره بقصة البلاغ السابق الذي تقدمت به عواطف عن هروب أمل من منزلها وترك عبد الله لديها.
في ذلك الوقت، وبحسب أقوال عواطف، كانت تريد تسليم الطفل لأمه خصوصاً أنها كانت تدرس في المرحلة الثانوية ولم تكن متفرغة لتربية الصغير.
وأضافت: «بعد هذه الواقعة بسنتين أو سنة ونصف، جاءني رجل إلى منزلي في جدة بعد انتقالي إليها بسبب عملي، يدعي انه والد الطفل، وأنه يريد مقابلتي واسترجاع عبد الله، وكنت حينها أسكن مع ولديّ (بنت وولد) وفي تلك الفترة كنت تعرضت لكثير من المشكلات مع أهلي وطالبوني بتسليمه إما للجمعية أو الشرطة. وفي الفترة الأخيرة كنت على خلاف مع زوجي أدى الى الطلاق الذي كان من أسبابه وجود عبد الله في حياتي وهو يكبر دون أن يكون محرماً للأولاد. ومع ذلك سألت والد الطفل من أين حصل على رقمي فأخبرني من والد زوجته، ومن الشرطة ويريد القدوم إلى منزلي وبالفعل كان له ما أراد، وجاء إلى بيتي وتعرف إلى عبد الله وأخذنه بالأحضان وطلب مني أخذ عبد الله معه، وأن والدته هاربة من والدها ولا يعلم عنها شيئاً، حينها طلبت منه شهادة ميلاد الولد أو أي أوراق تثبت أنه والد الطفل، ولكنه لم يكن يملك منها شيئاً حينها طلبت منه الذهاب إلى قسم الشرطة وتقديم بلاغ بهروب زوجته، وحين يلقون القبض على زوجتك يخبرني وأنا أسلم الولد في قسم الشرطة. وأعطيته كل أرقامي، ومن وقتها حتى ظهوره في جريدة «المدينة» لم أعرف عنه شيئاً».
وذكرت عواطف أنها حين تعرضت لكل هذه المساءلات من زوجها وأهلها قررت أن تخبر جارتها (أم هيثم) بالقصة وأن تبقي الولد في ضيافتها حتى تحل وضعه وتذهب إلى الامارة لتستخرج أوراقاً ثبوتية له، وأيضاً تحل مشكلاتها مع زوجها الأخير الذي عقدت قرانها عليه في 12 - 1 - 1427. وكان عمر عبد الله حينها ما بين السنة ونصف والسنتان بحسب ما ذكرته عواطف (في حين قالت الأم أن عبد الله من مواليد 1422 هجري).
وعن انتقال عبد الله إلى عائلة أبو هيثم أضافت عواطف: «تحدثت مع أم هيثم لأني كنت أعرفها منذ ما يقارب الخمسة عشر عاما، فطلبت منها احتضان عبد الله حتى أحل مشكلاتي مع زوجي وأهلي. وشهرياً ارسل 500 ريال، فوافقت على ذلك، خصوصاً أن أبا هيثم لم تكن حالته المادية جيدة، وبالفعل كان لنا ما اردنا وانفقنا على ذلك وانتقل عبد الله إلى عائلة أبي هيثم منذ ما يقارب العام».
واتهمت عبد الله (أبو هيثم) أن لدى ابنائه بعض القضايا التي قامت هي بحلها كونها تحمل الجنسية السعودية ككافلة لهم.
وأضافت: «بعد كل هذه الأحداث حصلت على الطلاق من زوجي، حينها هاتفت أبا هيثم قائلة له أني انفصلت عن زوجي، وسأنتقل إلى المدينة وأبقى في ضيافته ريثما أنهي أوراق عبد الله. وبالفعل انتقلت وأقمت عنده ما يقارب العشرة أيام. وقبل أيام من صدور الخبر في جريدة «المدينة» ظهرت سيدات من بينهن سيدة تقول إنها والدته الحقيقية، وعندما كشفت وجهها لم تكن هي أمل التي تركت طفلها عندي».
وأوضحت عواطف أنها حين ذكرت انها ليست أمل التي تعرفها أخبروها أن شكلها تغير مع ما تعرضت له من حالة نفسية، وعدد محاولات الانتحار التي قامت بها.
حتى وقت كتابة الموضوع أحيل جميع الأطراف على هيئة التحقيق والإدعاء العام، وقامت الهيئة بالتحقيق مع المدعوة أمل التي تدعي أمومتها الحقيقية للطفل عبد الله، ومع أبي هيثم، وعادل والد الطفل، وفهد جد الطفل، وعواطف المتهمة بالخطف.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024
شؤون الأسرة
اقتراحات تمييزية للتشويش على حق الأمهات اللبنانيات بإعطاء الجنسية لأطفالهن
شؤون الأسرة
عائلة حسام ورولا تنقل تفاصيل دقيقة عن الحياة في هولندا بكل صعوباتها وإيجابياتها
شؤون الأسرة