تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

مأساة طفلين حائرين بين ثلاث دول

أصبح الصغيران رانا وحمادة حديث الأوساط الديبلوماسية بعد أن تحولت قضيتهما إلى مشكلة دولية، امتدت آثارها إلى ثلاث دول هي مصر، بلد الطفلين، وتونس والسعودية. الأم طلبت من النائب العام المصري إدراج رانا وحمادة على قوائم ترقب الوصول، بعد أن اتهمت والدهما بالهروب بهما خارج البلاد. فما هي أسرار تلك المأساة التي يعيشها طفلان حائران بين ثلاث دول؟

تبخر الطفلان، تحولا إلى خيال، نجح الأب في الهروب بهما مع عروسه المراهقة التونسية التي تمكنت من خطف قلبه وانتزاعه من زوجته أستاذة الجامعة منى. لكن الأم لم تستسلم وسافرت إلى تونس، وقدمت للسلطات مستندات تدين زوجها. وتعاطف معها المسؤولون، وبدأت رحلة البحث عن الطفلين ولكن دون جدوى. القضية شديدة الإثارة أحداثها كانت تثير المشاعر وتطرح علامات استفهام حول معنى الحب والتضحية. الزوجة أستاذة الجامعة أكدت أنها ضحية «التشات» الذي دمر حياتها، فعن طريقه تعرّف زوجها أستاذ الجامعة عماد على صديقته المراهقة التونسية التي أصبحت في ما بعد زوجته!

اتهمت الزوجة زوجها بخداع القانون التونسي لإتمام زواجه، فالقانون هناك يحظر تعدد الزوجات ويمنع أي زوجة من الارتباط برجل متزوج. وحينما أراد عماد الارتباط بهناء المراهقة وهو متزوج من أستاذة الجامعة قرر أن يطلّق «منى» غيابياً، وسارع الى تغيير بياناته في بطاقته الشخصية ليثبت أنه مطلق، وبعدها أعاد منى إلى ذمته مرة، وتزوج التونسية عرفياً وسارع الى توثيق زواجه عندما عاد بها إلى تونس ومعه الطفلان.

انزعج المسؤولون في تونس عندما قدمت لهم منى المستندات التي تؤيد كلامها، وبدأت رحلة البحث عن الزوج والطفلين، وتم إدراج رانا وحمادة في قوائم الممنوعين من دخول تونس أو الخروج منها. لكن الزوجة توصلت إلى معلومات تؤكد أن عماد سافر إلى السعودية واتجهت إلى النائب العام المستشار عبد المجيد محمود لاستصدار قرار بإدراج الطفلين على قوائم ترقب الوصول.


نهاية مؤسفة

تروي الأم حكايتها مؤكدة أنها لم تتوقع مطلقاً أن تنتهي حياتها الزوجية التي استمرت تسع سنوات هذه النهاية المؤسفة، خاصة أنها كانت تحب زوجها، ولم تقصّر معه في شيء، وعاشت معه أجمل أيام حياتها، علماً أن قصة الحب بدأت في اليابان على مسافة آلاف الأميال من القاهرة، وتوجت أيضاً في اليابان بالزواج... كانت منى أستاذة الأدب تدرس بمنحة في اليابان، وهناك التقت عماد الأستاذ في إحدى الجامعات. ونسج الحب شباكه حولهما، وسرعان ما تم تتويج هذا الحب بالزواج. عاش العروسان بضع سنوات في اليابان وأنجبا طفلهما الأول. ثم عادا إلى مصر، وحصلت الدكتورة منى على منحة أخرى وطلبت من زوجها أن يصطحبها إلى اليابان مرة أخرى، ووافق الزوج على أمل الحصول على عقد عمل، لكنه بقي أشهراً دون أن يجد وظيفة تناسبه.

كانت الزوجة تحاول التخفيف عنه وتقدم له المال، وانشغل الزوج بالجلوس لساعات الى جهاز الكمبيوتر يبحر عبر شبكة الإنترنت، ويستخدم «التشات». في هذه الأثناء، تعرف أستاذ الجامعة الذي تجاوز الأربعين على مراهقة تونسية، تبادل معها رسائل الحب وشاهد كل منهما صورة الآخر، وتحول الإعجاب إلى حب، وبدأ الزوج يجهز للقاء بينه وهناء في تونس.

أكد عماد لزوجته أنه يريد السفر إلى تونس بحثاً عن عمل، وأخبرها بأنه سيجد فرصة مناسبة في تخصصه، وطلب من زوجته أن تقرضه مبلغاً، ووافقت الزوجة ومنحت زوجها أموالاً دون أن تدري أنها تقدم له تسهيلات زواجه من أخرى. وفي تونس التقى الزوج المراهقة التونسية، ودعاها إلى مصر، واستأجر لها شقة وتزوجها عرفياً. تقول منى إن زوجها أخبرها بأنه سيبقى في مصر أشهراً حتى ينظم أموره، ولم تدرك أن زوجها ضاع منها إلى الأبد... كان يخدعها بكلمات الحب، ويؤكد لها أن طفليهما اللذين  تركتهما عند والدها بخير. تطورت الأمور بشكل مثير حين زار الدكتور عماد والد زوجته، وابتسم وهو يطلب منه طفليه حتى يسافر معهما إلى الإسكندرية في نزهة. لم يتردد الجد، وطلب من الأب أن يهتم برانا وحمادة، غير مدرك انه يشاهد حفيديه للمرة الأخيرة. حزم الدكتور عماد حقائبه، ابتسم وهو يجيب عن سؤال حمادة الذي قال ببراءة: «هل ستأخذنا عند ماما يا بابا؟».

أخبره الأب بأنهم سيسافرون للنزهة قبل أن تلحق بهم ماما!


مكالمة مزعجة

تلقت منى مكالمة مزعجة من والدها الذي أخبرها بأنه يحمل لها خبراً غير سار. خفق قلب منى بقوة، لم تنطق بكلمة واحدة، عندما قال أبوها إن زوجها خطف طفليها وهرب إلى مكان غير معلوم!

أسقط في يد الأم، حاولت الاتصال بزوجها مراراً لكن هاتفه كان مغلقاً. لم تجد مفراً من إنهاء كل ارتباطاتها فوراً والعودة إلى مصر، وفي القاهرة هرعت إلى منزلها حيث قص عليها والدها في كلمات موجزة ما حدث، وبدأت رحلة البحث عن الزوج!

وخلال رحلة البحث عن الدكتور عماد والطفلين اكتشفت منى العديد من الوقائع المؤلمة، وأدركت أنها كانت مخدوعة طوال الوقت، وعلمت بقصة تطليقها وإعادتها. أصاب منى الذهول عندما عرفت أن الدكتور عماد سقط في الحب وخدعها وهرب بطفليها، وعلمت أنه غادر مصر متجهاً إلى تونس عن طريق البحر ومعه رانا وحمادة.

تقول منى: «قررت أن أبحث عن أي وسيلة لإعادة طفليّ. سافرت إلى تونس، وقابلت مسؤولي السفارة المصرية، واتجهت إلى القضاء التونسي وقدمت له جميع المستندات التي تؤكد أن زوجي خالف القانون وتزوج واحدة وعلى ذمته زوجة أخرى. تعاطف القضاة معي كأم فقدت طفليها، وأصدروا قراراً بمنع دخوله لتونس ومنع خروجه منها مع الطفلين إذا كان لا يزال داخلها، وقرر القضاة إدانته وزوجته بتهمة مخالفة القانون.

علمت في ما بعد أن عماد غادر البلاد متوجهاً إلى السعودية ومعه الطفلان وتعقدت المشكلة، والآن أسعى لتدخل السيد أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري لمخاطبة السعودية لاسترداد طفليّ بعد استصدار قرار من النائب العام بإدراج اسميهما في قوائم ترقب الوصول».

وتستمر القضية، ولكنها قد تأخذ منحى جديداً بعد تدخل الخارجية.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079