طائرة الفجر الأسود
وجد اللبنانيون أنفسهم على موعد جديد مع الحزن، صباح آخر أسود عاشوه بعدما تحطّمت طائرة من نوع بوينغ ٧٣٧ تابعة لشركة الطيران الأثيوبية بعد إقلاعها بدقائق من مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي في بيروت قبالة الساحل اللبناني في محلة الناعمة (نحو ١٢ كلم جنوب بيروت). وكانت الطائرة متجهة إلى أديس أبابا وعلى متنها ٩٠ شخصاً هم ٨٢ راكباً و٨ من أفراد الطاقم، وبين الركاب ٥٤ لبنانياً، جلّهم من المغتربين في القارة الأفريقية يتخذون من العاصمة الأثيوبية محطة انتقال لهم إلى بلدان أخرى إلى جانب ركاب عرب وأجانب ولاسيما من التابعية الأثيوبية.
لكل من هؤلاء الضحايا قصة. بينهم عروسان، ورجال أعمال، وشبان كانوا قد شيّعوا في بيروت والدتهم المتوفاة، وآخرون كانوا متوجهين لتفقّد أقارب لهم مرضى، وطفلة مع والديها وشباب حملوا شهاداتهم الجامعية إلى أفريقيا بعدما ضاق بهم الوطن، وتلميذ مشتاق إلى والديه المغتربيْن اللذين كانا في انتظار وصوله إليهما، وآباء كانوا يبحثون هناك عن حيوات كريمة لأولادهم هنا. وبين الضحايا أيضاً زوجة السفير الفرنسي لدى لبنان الفرنسية مارلا سانشيز بيتون، وهي مترجمة محلّفة كانت في طريقها إلى أديس أبابا للمشاركة في مؤتمر دولي يعقد هناك، وشابات أثيوبيات عائدات بشوق الى الوطن بعد أعوام من العمل في لبنان.
لحظات عاصفة تحطّمت خلالها الطائرة ومعها أيام الذين رحلوا وقلوب عائلاتهم وأحبائهم وأصدقائهم. ذلك الفجر الأسود غيّر حيوات عديدين، تحالف مع البحر ليزيدا تعقيداً لغز الوطن الذي كما قال والد ضحيتين شقيقين «يأكل أبناءه».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024