تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

نورة تودع الحياة في حفرة للصرف الصحي

لقيت فتاة سعودية يافعة حتفها غرقاً في غرفة للصرف الصحي (بيارة) قرب البناء الذي تسكن عائلتها إحدى شققه شرق العاصمة السعودية. وكانت نورة المالكي (١٣ عاماً) قد خرجت من منزلها عند السادسة صباحاً لتركب في سيارة والدها كي يوصلها إلى مدرستها، لكنها سقطت في حفرة الصرف الصحي التي كانت مكشوفة وكانت تحمل معها حقيبتها المدرسية وهي طالبة في الصف الأول متوسط في المتوسطة الثانية.

قال والد الفتاة خالد المالكي بصوت حزين ونبرات مؤلمة  لـ«لها»: «عند الثانية من منتصف الليل أي قبيل الحادثة بأربع ساعات، كان صهريج الصرف الصحي يفرغ حفرة الصرف، وعندما كانت ابنتي تركب سيارتي السادسة صباحاً من أجل الذهاب إلى المدرسة سقطت في خزان الصرف الصحي المكشوف وكان أبني عبدالله يرافقها الى السيارة، ولكن قضاء الله وقدره كانا أسرع من أي شيء».

تحدث المالكي سارداً المأساة التي ألمت به وبعائلته قائلا: «فوجئت بابني يصرخ بعدما سقطت أخته وهو على السلالم. ولم أفهم من كلامه شيئاً لهول الصدمة عليه. نزلت إلى أسفل البناية وحاولت إنقاذها لكنني لم أستطع بسبب انبعاث رائحة غاز قوية أصابتني بدوار. وبت في حال هستيرية لم أتمكن معها من القيام بشيء لفلذة كبدي».

وأكد أنه سيقيم دعوى على مطعم مجاور وعلى العامل الذي سحب مياه الصرف الصحي لأنهما اشتركا في التسبب بوفاة ابنته بإهمال تغطية الغرفة.

وقال: «نبهت المطعم المجاور الى عدم فتح غطاء الخزان أكثر من مرة وأبلغت صاحب العمارة بذلك، وحتى  أثناء العزاء وجدنا غطاء الغرفة مفتوحاً. وحتى بعد مرور أسبوع كامل على وفاة نورة ما زال المطعم المجاور يفتح غطاء الصرف الصحي ويتركه. هذا إهمال واضح من العمال الموجودين في المطعم».

ويقول شقيق الضحية عبدالله: «كنت أنادي على نورة قبل سقوطها لأن تتنبه، وفجأة سقطت  في غرفة الصرف الصحي المكشوفة. هرعت إلى والدي الذي حاول إنقاذ نورة ولكن لم نر شيئاً يتحرك، فقد غاص جسمها في خزان الصرف الذي تنبعث منه روائح كريهة».

خال نورة الذي أتى من جدة قال: «لم أتخيل أن تكون نورة قد سقطت في حفرة للصرف الصحي مفتوحة، إذ لم يتركها أهلها تخرج وحدها من دون والدها وأخوتها إلا هذه المرة، ولكن حصل قضاء الله وقدره وأخذ أمانته».

أما جارهم حسن الشهري فيقول: «ما إن سمعت صوت الاستغاثة حتى هرعت إلى الشارع وقد علمت على الفور ماهية الحادث لمشاهدتي لهذه البيارة ووضعها الخطير على المارة، خاصة الأطفال الذين يرتادون السوبر ماركت الموجود في العمارة. فما كان مني سوى الاتصال بالدفاع المدني الذي حضر إلى موقع الحادث خلال ثلاث دقائق تقريبا، وانتشل جثة نورة التي فارقت الحياة بعد سقوطها بدقائق لشدة الغازات المنبعثة من خزان الصرف الصحي».

من جهته، قال الناطق الإعلامي للدفاع المدني في منطقة الرياض الملازم أول محمد الحمادي للزميلة «الحياة» أن غرفة العمليات في الدفاع المدني في الرياض تلقت بلاغاً في الساعة السادسة وتسع دقائق صباحاً عن سقوط فتاة تبلغ من العمر ١٣ عاما في الصرف الصحيً في حي الروضة شرق الرياض، مشيراً إلى أنه تم على الفور تحريك فرقة إنقاذ وغواصين وسيارة إسعاف إلى الموقع.

وأضاف: «عند وصول فرق الإنقاذ تبين أن الطفلة سقطت نتيجة عدم إحكام غطاء خزان الصرف الصحي بعد عملية شفط سابقة، وقد تم انتشال الطفلة عن طريق الغواصين ونقلها الى مستوصف الثميري حيث تم الكشف عليها وتبين وفاتها».

وحذر الحمادي أصحاب المباني والشقق والمحلات والعاملين في  سحب الصرف الصحي من التهاون في عمليات افراغ خزانات الصرف الصحي وتعريض أرواح الناس للخطر نتيجة التهاون واللامبالاة.

صديقات نورة وزميلاتها في المدرسة

أمل
«الله ينوّر قبرها. كانت على قدر من الأدب و الاحترام  وكان قضاء الله وقدره. لكنها شهيدة الإهمال الذي تسبب به المسؤولون عن الصرف الصحي وإن لم يكن هناك من يحاسب هؤلاء المسؤولين فإن هناك من سينتقم منهم و هو الله عز وجل... اسأل الله أن يصبر عائلتها».

مها
«الله يرحم نوره المالكي والله لا يوفق الذي تسبب بوفاتها والله يطلع بشاير المالكي من العناية لا حول ولا قوة إلا بالله وحسبي الله ونعم الوكيل...»

الله ينوّر قبرك والله يصبر أختها بشاير التي كانت دائماً معها في الفسحة والفصل وفي كل مكان».

خلود
«الله يغفر لها ويرحمها ويسكنها فسيح جناته. كانت حبوبة وطيبة وتحب الناس. كانت معي في الفصل. الله يصبر أختها التي كانت متعلقة بها. كانت لنورة اهتمامات جميلة وتشارك في جميع أنشطة المدرسة وتحب فعل الخير. وكانت وقت وفاتها صائمة، رحمها الله».

عبير
«الذي أعرفه عن نوره أنها ملاك طاهر وذكية ومحبوبة لدى الجميع. والذي لا يخفى على أحد مقدار اللطف الذي كانت تتميز به عن سائر طالبات الفصل. ولكن كل تلك الصفات لن تغفر لها أمام الموت ولن تمنحها فرصة لتعيش وتشعل شمعة ميلادها الرابعة عشرة.


كلام والدها أرسل عن طريق الإيميل

إنها نورة
الطفلة ذات الثلاثة عشر ربيعاً ، تخرج من شقة أهلها في الصباح الباكر
تعيش الأمل بالفرحة والمرح في مدرستها ومع زميلاتها
تسرع كي لا تتأخر على والدها
وما هي إلا بضع خطوات حتى اختفت تلك الزهرة المتفتحة
وغرق الطهر البريء في أوحال بيارة العمارة الآسن
إنها لحظات تجعل الحليم حيران، والصابر جزعاً ، والعاقل مجنوناً
لم أمتلك دموع عيني أن تنهمر كلما أتذكر نورة
بكل سهولة وعدم استشعار بالمسؤولية تفجع الأسرة بطفلتها
التي كانت صائمة
إهمالٌ وأي إهمال؟
لحظات رعب عاشتها الطفلة قبل فراقها الحياة
منظر مرهب شاهده أخوها وعاشه والدها الذي يتحمل كثيراً من المسؤولية
ساعات بل أيام حزن تعيشها والدتها الثكلى
فمن الذي اغتال براءة الطفلة نورة؟
ومن الذي وأد حياتها؟
ومن المسؤول عن ذبول زهرة الربيع نورة؟
حتى متى يستمر مسلسل اللامبالاة؟
أسئلة أبحث لها عن أجوبة
فمن يجيبني يا تُرى؟ من يجيبني؟
(إنا لله وإنا إليه راجعون)

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080