تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

صرخة أم

لم تكن إنجي تعلم  أنه فيما كانت تنفذ حكم القانون بحق طليقها في رؤية طفليه، سيكون لطليقها موقف آخر سيحرمها أمومتها، وسيحوّل حياتها إلى عذاب دائم. لكن هذا ما حدث... ذهبت الأم بطفليها إلى المكان المحدد ليلتقيهما الأب الذي كان يخطط لشيء آخر، وقد نفذ خطته في لحظات واختفى بالطفلين. وكانت المفاجأة الأقسى عندما اتصل بالأم ليقول لها إن الطفلين أصبحا خارج مصر!


صدقت إنجي الان بعض الأقوال التي كانت تستمع وتظن أنها ضرب من الخيال. الآن فقط اكتشفت أن هناك قتلاً بلا رصاص ولا دماء. قتلها طليقها حينما حرمها فلذتي كبدها... قبل شهور حصلت على الخلع، ورغم جمالها وصغر سنها حسمت أمرها، وقطعت على نفسها عهداً ألا تتزوج مرة أخرى!

قررت الأم الشابة أن تعيش من أجل طفليها الصغيرين مدركة أن عليها مسؤولية كبرى ودوراً جسيما مع طفليها فهي ستكون الأم والأب معاً لأنهما في سن حضانتها، ويقتصر دور الأب على زيارة طفليه مرة أسبوعياً.

ولكن لم تكن إنجي  تدرك أنها ستتعرض لسيناريو درامي يبكيها ليلاً ونهاراً، ويقتلها وهي على قيد الحياة... أصبح اللون الأسود هو عنوان حياتها، وغابت الابتسامة عن أيامها.

وكان البلاغ رقم ١٦٨١ في مكتب النائب العام المستشار عبد المجيد محمود يحمل قصتها المؤلمة التي انتهت بمكالمة من مطلقها أخبرها في نهايتها أن تنسى معاذ وجومانا إلى الأبد، لأنه نجح في تهريبهما إلى إحدى الدول الخليجية!

مكالمة الزوج السابق أصابت من الزوجة مقتلا، خفق قلبها بقوة بعد نهاية الاتصال، ظنت أنه يخدعها أو يمارس عليها حرباً نفسية، لكنها رددت: «ماذا لو كان صادقاً؟!»...

بلاغ للنيابة!
قصت إنجي ما حصل خلال بلاغها للمستشار عبد المجيد محمود النائب العام، واوضحت أن طليقها حصل على حكم رؤية لطفليه معاذ (٣ سنوات) وجومانا (٥ سنوات). ووافقت الأم على تنفيذ الحكم في أحد مراكز الشباب بمراقبة أحد مسؤولي هذا المركز.

كانت إنجي تدرك أنه من حق الأب رؤية طفليه وليس من حقها أن تحرمه ذلك، ولا أن تحرم طفليها من العيش مع والدهما حتى لا تدينها الأيام حينما يكبر معاذ وشقيقته، فهي تريد أن تبرئ ساحتها أمامهما وتثبت انها ليست سبباً لانهيار المنزل، والخلع بعد ٥ سنوات زواجاً.

وتواصل إنجي  في بلاغها للنائب العام قائلة:«زار طليقي طفليه مرتين، كنت أجلس بعيداً وأراقب الموقف بهدوء، أردت أن أترك له الفرصة حتى يلاعبهما. لم أكن أرغب في حرمانهما حنان الأب، فوجوده مهم للغاية في حياة الطفلين... ولكن كانت الزيارة الثالثة تحمل مفاجأة غير سارة. جئت في موعدي، وتركت معاذ وجومانا مع مسؤول مركز الشباب، وجلست على مسافة أمتار منهما أراقب الموقف، وأنظر في ساعتي بشكل متكرر بعد أن تأخر طليقي عن الموعد.

اعتقدت أنه تراجع عن زيارة طفليه، وكدت أعود أدراجي. لكن الأمر تطور بسرعة خارقة، فجأة اقتحمت سيارة فارهة مركز الشباب، وفي لحظات تم كل شيء. نزل طليقي ومعه رجلان في مشهد أشبه بما يحدث في أفلام السينما».

تواصل إنجي: «قبل أن أتحرك من مكاني تمكن طليقي بمساعدة الرجلين من خطف الطفلين، ووضعوهما في السيارة التي انطلقت بسرعة خارقة بمباركة مسؤول مركز الشباب الذي لم يتحرك من مكانه، بل بدا وكأنه على علم مسبق بما سيحدث لأنه لم تظهر على ملامحه الدهشة!

تحركت بسرعة ولكن بعد فوات الأوان، السيارة اختفت تماماً إلى مكان مجهول، صرخت مستنجدة بسكان المنطقة، لكن كل شيء انتهى وضاع طفلاي إلى الأبد. ذهبت كالمجنونة أبحث عن معاذ وجومانا في الشارع ولكن بلا جدوى»...

ظل هاتف الأب مغلقاً أياما عدة ولم يكن في منزله، فيما ظل مصير الطفلين غامضاً، وخلال تلك الأيام لم تعرف إنجي طعماً للنوم.

المكالمة القاسية!
ذات يوم تلقت إنجي أقسى مكالمة في حياتها، كلماتها كانت أشبه بالصاعقة التي هبطت على رأسها. فقد أكد لها طليقها أن طفليها خارج البلاد. ظنت أنه يخدعها، وحاولت أن تناقشه لكنه طلب منها أن تفكر في مصلحتهما، وأخبرها بأنها لن تراهما مرة أخرى.

أنهى الأب المكالمة تاركاً إنجي في ذهولها، ولكنها حاولت أن تتماسك. بادرت بالاتصال بمحاميها، وطلبت منه اتخاذ الإجراءات القانونية للتأكد من صدق ادعاء الزوج. خاطب المحامي مصلحة الجوازات، وكانت المفاجأة القاسية حين تأكد من أن الأب لم يكن يمزح أو يهدد، فالطفلان أصبحا خارج البلاد، وتحديدا في إحدى الدول الخليجية.

لم يكن أمام إنجي سوى إبلاغ النائب العام الذي كلف الإنتربول استعادة معاذ وجومانا، خاصة أنهما مازالا صغيرين والأم هى الحاضنة. وبدأت شرطة الإنتربول تدرس ملف استعادة الطفلين في ضوء حالات مماثلة عالجتها الشرطة الدولية المصرية قبل سنوات، ومنها حالة تمكنت فيها من استعادة طفل خطفه والده وهربه إلى البحرين، وبالاتفاق مع السلطات البحرينية تمت استعادة الطفل وتسليمه لوالدته.

وتسرد الأم - في بلاغها- حكايتها مع زواج استمر سنوات قليلة، في ظل تدخلات مستمرة من حماتها كما يقول بلاغ إنجي. وقد حاولت الزوجة أن تستقل في حياتها لكنها فشلت.

أنجبت طفلتها جومانا ثم طفلها معاذ ولم تتراجع حدة الخلاف بينها وبين زوجها بسبب تدخلات والدته. هددت بترك منزلها مرارا، لكن تهديداتها لم تسفر عن وقف تدخلات حماتها.

وتقول إنها اضطرت في النهاية إلى طلب الخلع حتى تتخلص من زواجها الذي لم تشعر خلاله بالسعادة، وحصلت على حريتها واقامت دعوى تبديد ضد زوجها السابق الذي اقام دعوى رؤية لطفليه وقضت له المحكمة بذلك.

انتهت تفاصيل بلاغ الزوجة ولم يظهر والد الطفلين في مصر حتى يرد، ومازالت القضية قيد التحقيق...

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080