تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

سعودي سحبت منه الهوية الوطنية

يعيش المواطن السعودي علي محمد فرحاني البالغ من العمر(٥٣ عاماً) حالة من البؤس والشقاء بعدما سحبت منه الجنسية السعودية. شارك في حرب تحرير الكويت ونال  أوسمة وشهادات تقدير عدة، فرغم أنه في اليوم نفسه هو من يطبق النظام على المخالفين لنظام الإقامة في السعودية، أصبح الآن مستهدفاً لعدم حمله ما يثبت أنه سعودي ومهدداً بالترحيل في أي لحظة... «لها» زارت فرحاني في منزله وأجرت معه هذا اللقاء.

يقول علي فرحاني: «أنا سعودي الأصل والمنشأ، وأنتمي الى احدى قبائل منطقة جازان. أمضيت كل شبابي في خدمة القوات المسلحة السعودية. كنت واحداً ممن تشرفوا بالذود عن الوطن في حرب تحرير الكويت، والمشاركة في تحرير الكويت، وتسلمت وسام التحرير الذي منحتني إياه دولة الكويت، وكان من الممكن أن أكون أحد شهداء هذه الحرب». يضيف: «أنا الآن متقاعد من حوالي عشر سنوات، لم أتقاضَ أي راتب من رواتب تقاعدي. وأحد أبنائي عسكري في أحد قطاعات وزارات الدفاع من حوالي خمسة عشر عاماً، ولا يزال على رأس العمل حتى الآن. بدأت معاناتي من حوالي عشرين عاماً عندما راجعت الأحوال المدنية كأي مواطن لديه مراجعة، فأفادوني أن أساس حفيظتي مفقود ولم يتسجل، علما أن ضياع أساس حفيظتي لم يكن غلطتي بل غلطة موظف الأحوال المدنية. وكان عليّ أن أعيد تأسيس حفيظتي.

ورُفع في شأني وشأن من هم في وضعي خطابٌ لوزارة الداخلية التي أصدرت قراراً وزارياً رقم ٧٨٥ في ١٥/٠٦/١٤١٣هـ،القاضي  بسحب هويتي السابقة والغائها وما بني عليها، وتكليفي التقدم للأحوال المدنية لاستخراج أثبات هوية أخرى. وفعلاً ألغيت هويتي في ذلك التاريخ في انتظار استخراج هوية أخرى وأنا لا أزال عسكرياً على رأس العمل في ذلك الحين، فأصبحت الجندي المجهول». ويقول فرحاني: «شكل وكيل وزارة الداخلية للأحوال المدنية لجنة للتحقيق في الأمر معي ومع من هم في وضعي. وتم ذلك التحقيق مراراً معي ومع شيخ قبيلتي ومع شهود. وبناء على خطاب وكيل الوزارة للأحوال المدنية رقم ٣م/٣٠٩٧٤ في ٢٦/٠٨/١٤٢٠هـ ، والذي يشير فيه الى قرار وزارة الداخلية السابق الذكر،

أنشأت الأحوال المدنية معاملة فرعيه من المعاملة الأم لتكوين أساس الهوية الجديدة، وإرسال المعاملة إلى الوكالة لاعتمدها. واستمرت طويلاً الإجراءات والمعاملة بين صادر ووارد بين الأحوال والوكالة. وكلما حاولت الدخول على الوكيل لأشتكي من طول الوقت كان يصدني بحجة أن معاملتي تسير في مسارها الطبيعي ولا مبرر للشكوى وأن هناك معاملات أقدم من معاملتي».
ويستطرد بحزن: «أوقفت سجلات أولادي المدنية قبل حوالي خمسة أعوام، وقالوا لي ان هذا الإجراء طبيعي حتى يتم التأسيس لي، علماً أن هويات أولادي صادرة من حوالي عشرين عاماً وعليها شهود ومصادق عليها من شيخ القبيلة». ويواصل الرجل قصته: «أرسلت المعاملة من قبل الوكالة إلى البحث والتحرير، وأرسلت إلى الجوازات للتأكد من عدم حصولنا على وثائق أجنبيه. وأخذت بصماتنا في الأدلة الجنائية ولم يجدوا أي شيء يديننا. ولكن بعد حوالي عشرين عاماً من العذاب والذل والقهر، أرسلت المعاملة من الوكالة الى لأحوال المدنية بمحافظة صبياء في شرق السعودية للحفظ في ٢٤/٠٣/١٤٣٠هـ. وأشاروا في خطابهم إلى الفقرة الأولى من القرار الوزاري وهو سحب الحفيظة ولم يشيروا إلى الفقرة الثانية «وتكليفي بالتقدم  للأحوال المدنية لاستخراج وثيقة أخرى».. سمح لي بتقديم  تظلم لوكيل وزارة الداخلية للأحوال المدنية بهذا الشأن، فأفادني أنه لن يتم تأسيس ملفي بناء على القبيلة والشهود ولن يتم تشغيل سجلات أولادي المعلقة إلا إذا أحضرت أقارب من أولاد العم أو الإخوان، وأنا رجل كبير ومقطوع ليس لي إخوان أو أولاد عم، ووالدي متوفى منذ وقت طويل حتى أني لا أعرفه. وهذا أصلا مثبت في المعاملة من بدايتها وليس بالأمر الجديد.

وليس لي من الأقارب سوى ولدين ولهما من الأطفال عشرة، ولي شيخ وقبيلة من القبائل المعروفة في منطقة جازان...أصبحنا عرضة للاشتباه والمساءلة من الجهات الأمنية أنا وأبنائي، وصارت حركتنا محسوبة علينا مشتبه فينا مع أني كنت أنا من يطبق النظام على المخالفين.  وكل ما نملكه لم نعد نملكه لأن كل شي مرتبط بسجلاتنا المدنية، حتى استمارة السيارة ورخصة القيادة لم يعد في إمكاننا تجديدهما، وأي طفل من أطفال أبنائي سيتعذر علاجه أو ادخاله المدرسة دون سجل مدني. فالأطفال المضافون أصبحت سجلاتهم معلقة وغير المضافين يستحيل إضافتهم وسجلات آبائهم موقوفة. لا نستطيع ان نبيع أو نشتري شيئاً، ولا نستفيد من خدمات الضمان الاجتماعي أو أي خدمة تقدمها حكومة خادم الحرمين الشريفين للمواطن. حتى رواتب تقاعدي لم ا تقاضَ منها أي فلس من عشر سنوات. تقاعدت بلا راتب، لأني مجهول بلا هوية وطنية».

وتستمر الرواية: «قدم أحد أبنائي تظلماً إلى وزير الداخلية الأمير  نايف بن عبدالعزيز في ١٨/٥/١٤٣٠هـ، وأحيلت المعاملة على مكتب مساعد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف  في ٢٢/٠٥/١٤٣٠هـ. وصدرت بعد ذلك برقم ٧٩٣٥٠ وتاريخ ٧/٧/١٤٣٠هـ إلى وكيل وزارة الداخلية المساعد للأحوال المدينة، وهي الآن هناك. وكلما راجعتهم أفادوا أنها لا تزال تحت الإجراء».
أكد مصدر في هيئة حقوق الإنسان أن لفرحاني الحق في إعادة إصدار البطاقات الثبوتية المسحوبة منه، ليتم تصحيح وضعه ووضع أبنائه، خاصة أنه خدم في السلك العسكري وشارك في الدفاع عن أرض الوطن.
وأشار إلى أن فرحاني وقع ضحية خطأ قديم من موظف السجلات عندما أضاع ملفه في أحوال محافظة صبياء، وهو الآن يدفع ثمن غلطة موظف.

رأي قانوني
قال المحامي والمستشار القانوني السعودي عبدالله محمد آل سابر، إن الأسرة المذكورة لها الحق في عرض قضيتها على حقوق الإنسان لاتخاذ إجراء ما، واسترجاع الجنسية، مشيراً إلى وجود حالات كثيرة مشابهة في بعض مناطق السعودية. ويضيف: «استنادا الى أحكام المادتين «٢١ و ٢٢» من النظام، فإن سحب الجنسية لا يتم إلا على من اكتسبها وفق أحكام التجنس»، مضيفا انه وطبقا لما نصت عليه المادة  «٢٣» من نظام الجنسية يترتب على ذلك زوال الجنسية عن صاحبها وسحبها أيضا ممن كان قد اكتسبها مع المتجنس بطريق التبعية». ويحصل هذا الاجراء اذا كان الحصول على الجنسية تم بناءً على غش أو أقوال كاذبة.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079