حملة 'مليون زهرة وزهرة'
عززت حملة «مليون زهرة وزهرة» التي أطلقتها جمعية زهرة لسرطان الثدي المقولة التي تؤكد أن المرأة السعودية قادرة على خدمة مجتمعها وعلى تولي مبادرات أصيلة شأنها في ذلك شأن الرجل. فالحملة التي أطلقت قبل خمسة أشهر ودخلت مؤخراً مرحلتها الثانية، سجلت نجاحات كبيرة أقل ما يقال عنها أإنها جاءت في وقتها. فسرطان الثدي أصبح مصدراً للقلق في المملكة بعدما أكدت الإحصاءات الرسمية أنه يتصدر الآن أنواع السرطان العشرة الموجودة في المملكة. الجمعية بقيادة الأميرة هيفاء بنت فيصل بن عبد العزيز قفزت فوق التحديات، وشارفت على تحقيق هدفها الذي تأبى إلا أن يصنع واقعاً جديداً للمرأة السعودية وبخاصة في القرى والهجر النائية. أثبتت من خلال حملتها التي نفذتها باقتدار أن المرأة قادرة على العطاء، وأن هذا المجتمع لا يزال ثرياً بكوادره المثقفة التي تقود العمل الخيري باقتدار. في السطور التالية إلتقينا الأميرة هيفاء الفيصل لتلقي بعض الضوء على ما تحقق من نجاحات على طريق مكافحة هذا المرض.
- لماذا مشروع مليون زهرة وزهرة الآن بالتحديد؟ وما دوركم في تفعيل هذا المشروع لخروجه إلى النور؟
نحن في جمعية زهرة لسرطان الثدي ندرك منذ تأسيسها عام ٢٠٠٧ حجم الخطر الذي يمثله سرطان الثدي على المرأة بصفة عامة، والمرأة السعودية بصفة خاصة. ولاحظنا من خلال الأنشطة الميدانية العديدة التي باشرناها أن ثمّة زيادة مستمرة في أعداد المصابات بالمرض. وبدأنا نفكر في الأسباب والعوامل التي تقف وراء الظاهرة. لكن ما كان يشغلنا أكثر هو كيفية تحييد الظاهرة ووقف انتشارها. وبرزت أمامنا حقيقة مهمة وهي أن النساء في المناطق الريفية والهجر النائية لا تتاح لهن الفرصة لاكتشاف مبكر للمرض الأمر الذي يجعلهن في مواجهة خطرة معه. ومن هنا كان التحدي أن نذهب نحن إليهن ونقدم لهن العون للتغلب على هذا المرض بحيث لا تقف الجمعية مكتوفة في انتظار سقوط المزيد من النساء في براثنه. من هنا قررنا مواجهة المرض.
مجريات الحملة
- حبذا لو أخذنا نبذه أوضح عن المشروع وكيف سيتم التعامل معه ودعمه؟
لقد كثفنا منذ البداية النشاطات التوعوية ورأينا حاجة المجتمع إلى مزيد من المحاضرات وورش العمل الميدانية للتعريف بخطر المرض وحدوده. وكان من السهل ملاحظة أن نقص أجهزة التشخيص وصعوبة توافرها لجميع الناس في مختلف المناطق هو أمر يوفر بيئة خصبة لانتشار المرض. فلا توعية كافية، ولا تشخيص مبكراً، ولا إحساس بالخطر تجاه مرض يشكل تهديداً حقيقياً لوجود المرأة. وعليه كانت التوصية بالبدء بتوفير أجهزة الماموغرام التي ثبت أنها الأفضل في الكشف المبكر لسرطان الثدي. وكان ذلك بالتأكيد يتطلب توفير عيادات متنقلة تصل بجهاز الأشعة التشخيصية إلى المرأة السعودية حيث تقيم. لاختصار مرحلة العناء لإجراء الأشعة اللازمة والتي علمنا من واقع خبرتنا الميدانية أنها لا تتوافر إلا في كبريات المستشفيات. ومن ثم كانت فكرة حملة «مليون زهرة وزهرة» التي انطلقت في شهر ربيع الآخر الماضي بالتعاون مع شركة «روش» للأدوية واستهدفت توفير ثلاث عيادات متنقلة عالية التجهيز ضمن مشروع تقدر كلفتة الإجمالية بـ ٢٠ مليون ريال لإجراء فحوص أشعة الماموغرام وربطها بشبكة اتصال عبر الأقمار الصناعية لاستقبال صور الأشعة ومعلومات المراجعين في المركز الرئيسي للمشروع في الرياض وتوزيع هذه الخدمة حسب احتياجات المناطق، بالإضافة إلى ربط هذا المشروع بجميع العيادات المماثلة في المملكة لتوحيد الإحصاءات التي سوف يتم نشرها في التقرير السنوي للمشروع.
خطة الدعم
- من المعروف أن مشروع «مليون زهرة» ضخم من الناحية المالية، فكيف سيتم تأمين المبالغ المالية التي تضمن استمرارية العمل فيه؟
نحن في الجمعية ندرك أهمية العمل الرسمي والشعبي معاً. فلولا دعم الجهات الرسمية المعنية التي تبادلنا معها الخطابات قبل إطلاق الحملة، ومنها وزارة الداخلية ووزارة الشؤون الاجتماعية، لما استطعنا أن نكسب ثقة الجمهور الذي تعامل معنا بأريحية منذ البداية. وقد حرصنا على أن تكون التبرعات عن طريق سندات رسمية، وأعلنا عن أرقام حسابات الجمعية لدى البنوك، كما أتحنا الفرصة للراغبين من أهل الخير في دعم الحملة للحضور إلى مقر الجمعية للتبرع وتسلّم سند بقيمة التبرع. ولاشك أن المشروع الذي تخدمه الحملة ليس هيناً ويتطلب مبالغاً كبيرة. ولذلك فقد فكرت الجمعية في شتى الخيارات والبدائل اللازمة لتوفير السيولة النقدية، ومن ذلك تكثيف حملات التبرع في الأسواق ودعوة الجمهور للمشاركة في التبرعات من خلال الإعلام وعقد ندوات نسائية للتعريف بالحملة والتواصل مع سيدات ورجال الأعمال وأهل الخير.
- هل تجدون أن سرطان الثدي قد بلغ مبلغه في السعودية ومن هذا المنطلق بدأتم التعامل معه؟ أم أنه مجرد مشروع لتلافي تطور المرض وزيادة نسبة الإصابات؟
بالتأكيد نحن نتحرك بناء على معلومات موثقة تفيد بأن المرض موجود في المجتمع السعودي، والأرقام التي تعكسها الإحصاءات الرسمية لافتة ربما لأن النساء لا تتوافر لديهن معلومات كافية عن المرض وكيفية اكتشافه. وتحتل المنطقة الشرقية نسبة الصدارة في عدد المصابات بسرطان الثدي بنسبة ١٧٪، تليها منطقة الرياض فالمدينة المنورة فمكة المكرمة ومن ثم حائل والمنطقة الشمالية وتبوك فالقصيم والجوف وعسير وجازان، وسجلت في نجران والباحة أقل نسب الإصابة بواقع ٢٪ من الإجمالي. لذلك فإن هدف المشروع الأساسي تعزيز ثقافة الكشف المبكر.
- من القائم على المشروع ومن هي الجهات الطبية التي ستتعاون مع مشروع «مليون زهرة»؟
المشروع تنفذه جمعية زهرة لسرطان الثدي بالتعاون مع شركة «روش» العالمية للأدوية. و نحن الآن في اجتماعات دورية مع وزارة الصحة لدراسة إنشاء مراكز فحص شامل للمرأة في كل مستشفيات وزارة الصحة في المملكة، وهو ما يتطلب وقتاً كافياً من التحضيرات وتجهيز البنى التحتية من المعدات والكوادر الطبية والأيدي العاملة السعودية المؤهلة.
«نتكفل بالبداية»
- إلى أين يصل مشروع «مليون زهرة وزهرة» مستقبلاً؟ وكيف يمكن أن يضم أعضاء لدعم المشروع مادياً أو طبياً؟ وهل سيبقى بالتعاون مع الجمعيات الخيرية؟
لقد وضعت الجمعية في اعتبارها أن يبقى المشروع تحت إشرافها لمدة خمس سنوات من إطلاق العيادات. ولدينا كادر طبي يستطيع أن يباشر العمل فور توفير هذه العيادات. كما أن لدينا مجلساً استشارياً علمياً معنياً بدراسة المواصفات الخاصة بالعيادات ويمكن تطوير مركز المعلومات الخاص بمتابعة الحملة.
- نحن نعلم أن مرض السرطان يتم الكشف عنه بواسطة أجهزة تعد بالغة التكاليف، فكيف سيتم توفير هذه الأجهزة للكشف على جميع السيدات؟
ذكرت آنفاً أننا سنوفر هذه الأجهزة من خلال حملات التبرعات وأيضاً عبر الدعم المادي من أهل الخير. ومن خلال هذا المنبر أناشد كل المساهمين والمساهمات من رجال وسيدات الأعمال وكل من يجد لديه القدرة في توفير الدعم لهذه العيادات المتنقلة التوجه إلى مقر الجمعية في الرياض او إيداع المساهمة في بنك البلاد، رقم الحساب ٩٩٩٣٠٠٠٠١١٠٠٠١٢، أو بنك الرياض رقم الحساب (٢١٢٠٤٤٨٨٦٩٩٤١)، أو مصرف الراجحي (١١٤٦٠٨١٠٣٨٠٥٢٨)، أو الاتصال على هاتف الجمعية رقم ٠١ - ٤٨٣٣٦٥٢ الرياض.
- كيف ستتقبل المرأة في السعودية هذا المشروع؟ وهل هناك خطة واضحة لتوعية السيدات على أهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي؟
سأحدثك عما ألمسه بالفعل، فهناك حماس واضح من السيدات لمعرفة الجديد في ما يخص الصحة والمرأة السعودية بطبعها طموحة تسعى لمعرفة كل جديد خاصة أنها تدرك الآن حجم الخطر الذي يمثله سرطان الثدي عليها. ونحن مستمرون في حملات التوعية من أجل الوصول إلى المستوى المناسب من الوعي الصحي بالمرض.
توقعات
- كيف سيتم توزيع مراكز الكشف بما يتناسب مع مساحة السعودية الجغرافية الهائلة؟
نحن نستهدف النساء في المناطق النائية أو اللواتي يتعذر عليهن فيها الوصول إلى مستشفيات أو مراكز متخصّصة وتنخفض فيها مستويات الرعاية الصحية. وينتظر أن يتم فحص ٢٤ سيدة في اليوم الواحد بمعدل ١٢٠ سيدة في الأسبوع و ٤٨٠ سيدة في الشهر و ٤٨٠٠ سيدة في السنة، ليصل عدد السيدات اللواتي سيتم فحصهن خلال الخمس السنوات الأولى من المشروع إلى أكثر من ٢٤ ألف سيدة للعيادة الواحدة.
- نتحدث أيضا هنا عن قرى وهجر، فكيف سيتم الوصول إلى السيدات هناك؟ إضافة إلى أن كلفة العلاجات باهظة، فكيف سيتم التعامل مع هذه المسألة؟
بعد توفير العيادات المتنقلة سوف يكون من السهل علينا توفير خدمة الفحص بالأشعة مجاناً للسيدات في القرى والمدن النائية لسهولة تنقل العيادة من مكان إلى آخر و عدم اكتفائها بمقر واحد. أما على صعيد العلاجات، فحكومتنا الرشيدة أتاحت العلاج لكل مواطن. وبناء على ما يقرره المجلس الاستشاري العلمي سيتم إرشاد الحالة إلى كيفية التعامل مع المرض في حال الإصابة لا سمح الله، منها التوجه إلى المستشفيات المتخصصة التي تمّ الاتفاق معها على المشاركة في الحملة، وترتيب المستشفيات سيكون مناطقياً حسب الحاجة.
- ألا تجدين أن المستشفيات الحكومية والخاصة توفر خدمة الكشف عن سرطان الثدي فلماذا لم يتمّ الاتفاق مع هذه المستشفيات على تقديم هذه الخدمه بكلفة مخفضة كبديل لمشروع «مليون زهرة»؟
في الواقع المستشفيات الكبيرة والمتخصصة متوافرة في المدن الرئيسية والحالات تكثر في المناطق النائية والقرى. وإذا كانت الأجهزة متوافرة في المستشفيات العامة فليس بإمكان جميع المعنيين الاستفادة منها. من ناحية أخرى فالفحص في مستشفيات القطاع الخاص مكلف.
- المشروع من يستهدف ؟ ومتى سيحصد نتائجه؟
المشروع يستهدف كل الفتيات والسيدات، ويعمل للتثقيف أولاً والفحص ثانياً. لأن جمهورنا الأساسي هو من السيدات فوق الأربعين اللواتي نقدم لهن فحص الماموغرام، ومادون ذلك نقدم لهن فحص الالتراساوند. وسنقوم من خلال المشروع بتعليم النساء كيفية الفحص الذاتي وتثقيف المجتمع بأهمية الوقاية والتثقيف الصحي. ولا شك أن تعليم كل سيدة الفحص يعني لنا الكثير وهو في الواقع بداية عملية لحصد النتائج المرجوة.
- كيف سيتم التنويه عن المشروع خصوصا أن هناك شريحة من السيدات لا يزلن يؤمن بأن المقدر والمكتوب لا بد أن يحصلا والموت نهاية البشرية؟ بمعنى أن كثيرات هن السيدات اللواتي يسلمن للأمر دون أن يلجأن إلى الأطباء أو الكشف المبكر.
لا شك في أن الإيمان بالله وبقدره أمر محسوم لا نناقشه، ولكن لا بد لنا من الأخذ بالأسباب ونحن نساعد على الوقاية الصحية ولا نتدخل في القضاء والقدر لأننا نؤمن بأن الله تعالى جعل لكل نفس أجلها. والصحيح أن مستوى الوعي الصحي لا يزال منخفضاً لدى الكثير من الشرائح الاجتماعية من سيدات ورجال وفي الكثير من البلدان، ولكننا نخطو خطوة نحو بناء مفهوم الثقافة الصحية وتعزيرها، وهذا يتطلب الكثير من الجهد والعمل.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024