تحميل المجلة الاكترونية عدد 1077

بحث

حادثة غيرت حياتي مع شلباية محمد

حادثة قلبت حياة المصرية شلباية محمد علي (٤٠ عاماً) رأساً على عقب، فتغير مجرى سيرها من النمط الطبيعي إلى التحدي بدلاً من ندب الحظ.شلباية أم لولدين الأكبر محمد (٢٦ عاماً) صيدلي، والأصغر وليد (١٨ عاماً) الأول على دفعته في كلية الإعلام قسم الإذاعة والتلفزيون، وهو أيضاً الذي تغير مسار حياة شلباية من أجله.

تروي شلباية تفاصيل حكايتها قائلة:" كان وليد ابني طفلاً طبيعياً حتى سن عامين، وارتفعت حرارته كأي طفل عادي، ولكن المشكلة أن درجة حرارته ظلت مرتفعة لمدة أسبوعين متواصلين واحتار الأطباء في التشخيص أحدهم يقول إنها نزلة برد عادية والآخر يؤكد أنها حمى وآخرون لهم تشخيصات أخرى، وبعد شفائه لاحظت أنا ووالده تعثر خطواته المستمر، وعند عرضه على طبيب عيون أكد أنه أصيب بضمور في العصب البصري ناتج عن ارتفاع حرارته المستمرة، ولم يعد وليد قادراً على الرؤية الطبيعية إلا من مسافة قريبة جداً لا تتعدى السنتيمترات، لذا نصحنا الطبيب بأن ندخله مدرسة خاصة بالمكفوفين لأن القراءة والكتابة ستضعف أكثر من نظره."

وفاة الأب
وتتابع:" بالطبع الأمر لم يكن سهلاً عليّ خاصة أن طفلي كان مولوداً طبيعياً، ولكن فقدان نظره جعلني أتحدى الحياة، وكنت أحاول تنفيذ ما ينصحني به الطبيب وكان زوجي يساندني كثيراً وكان يحمل عني حملاً كبيراً في تربية وليد، حيث كان هو والده وصديقه الذي يلعب معه وأخوه الذي يحن عليه، كان كل شيء في حياته، وكان له دور أكبر مني في رفع معنوياته، وكان يوصله إلى مدرسة المكفوفين ويعود بعد عمله ليأخذه إلى المنزل، لذا كانت وفاته هي القشة التي قصمت ظهر البعير. بعدها شعرت بأنني بمفردي في الحياة مع طفل كان أبوه أمله الأكبر في الحياة، وقتها شعرت أنني في مشكلة حقيقية متحملة وحدي مسئولية كبيرة، خاصة وأن وليد كان شديد التعلق بوالده ويطلبه حتى بعد وفاته، بصراحة كنت أشعر بأنني عاجزة أمامه."

كافحت شلباية بعد وفاة زوجها ولم تسمح لظروفها الصعبة بأن تحبطها، وتشرح ظروفها قائلة: "بدأت المشاكل تتراكم فوق رأسي، لا أعرف كيف يذاكر وليد بطريقة «برايل»، ورغم أن المدرسين كانوا يثنون على مستواه الدراسي إلا أنني كنت أشعر بالتقصير تجاهه، أيضاً كان لدي مشكلة في مواعيد عملي التي تتوافق مع مواعيد ذهابه إلى المدرسة، ولا أستطيع التخلي عن العمل لأن معاش المرحوم زوجي لن يكفي ميزانية المنزل، لذا قررت هزيمة كل تلك الصعوبات وقررت أن أحتفظ بعملي وأساعد ابني على التفوق ليكون مميزاً دائماً عن الجميع، وبالتروي والتفكيروطلبت نقلي من عملي في المحافظة إلى مدرسة النور والأمل التي ابني طالب فيها، لم يكن طلبي للنقل سهلاً بالمرة، وتنازلت عن درجتي الوظيفية في مقابل النقل، وقتها استطعت أن أحضر مع وليد الحصص الدراسية، وتابعت مستواه وتقدمه الدراسي عن قرب، وفي المنزل كنت أذاكر له من الكتب الخارجية، أسجل له شرائط الكاسيت بصوتي وفيها شرح للدروس، ويعيد هو المذاكرة في أي وقت شاء، لم أكن أتركه في أي وقت، نمرح سوياً، نذهب إلى المدرسة سوياً، ونذاكر سوياً، حتى مواعيدنا في النوم كانت واحدة."

حصاد المثابرة
شلباية الأم التي غيّر مرض ابنها وموت زوجها حياتها من درجة الهدوء والركود الطبيعي إلى تحدي الظروف والإصرار على النجاح، مؤمنة جداً بالحكمة القائلة بأن "من جدّ وجد.. ومن زرع حصد"، وقد حصدت هي الأخرى أول ثمرة لمجهودها مع وليد عند تفوقه في الشهادة الابتدائية، فكان الأول على المحافظة وكرمه محافظ بنها والموسيقار عمار الشريعي، وعندما تكرر التفوق في الشهادة الإعدادية تكرر معه التكريم نفسه، أما الفرحة الكبرى فكانت عند تفوقه في الثانوية العامة، وكان أول الجمهورية على مستوى الطلبة المكفوفين. وعندما كرمه وزير التعليم شعرت بأن التكريم لها على مثابرتها وصبرها ومذاكرتها، والآن تؤكد شلباية محمد علي أن دورها في تحدي الحياة لم ينته وأنها مازالت مستمرة حتى يتخرج وليد في كلية الإعلام وتنهي معه دورها في الدراسة بتفوق كالعادة.

المجلة الالكترونية

العدد 1077  |  آب 2024

المجلة الالكترونية العدد 1077