تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

لينا تناشد الجهة المسؤولة في الأردن

 لجأت إلى مجلة «لها» قبل سنوات حين كان ولداها يتنفسان هواء الدنيا، وكانت هي تبحث عن وسيلة لتتواصل مع ولد وبنت كانا ثمرة زواجها. ومن تابع تفاصيل قصة لينا في «لها» يعرف أن طلاقها كان بخديعة من زوجها السابق الذي هرب بابنيه إلى الأردن موطنه الأم. لينا أم لأحمد وسارة، تركتهما طفلين وتسلمت نعي ابنها أحمد وهو في الرابعة عشرة من عمره بعدما انتحر كما أخبرتنا بسبب خلاف نشأ بينه وبين والده. لينا تطالب حاليا حضانة ابنتها سارة (١٢ عاماً)، إلا أن القانون الأردني لا يجيز لها المطالبة بحضانتها بسبب اغترابها وإقامتها في السعودية. ومع ذلك لا تزال تحاول الحصول على الحضانة على أمل أن تتدخل الجهة المسؤولة لتنصف طفلتها التي تشعر لينا أن مصيرها سيكون مثل مصير أخيها.

«لها» تابعت القضية مع لينا لتقف على تفاصيل الحكاية وكيف استطاعت أن تعرف بموت ولدها أحمد، خصوصاً بعد نشر القصة في جريدة «الدستور» الأردنية وبعض المواقع على الانترنت. وننشر قصتها على ذمتها بعد أن تعذر الإتصال بطليقها.

رنين هاتف اخترق سمعها من صديقتها في عمان، واعتقدت عندما رأت رقم هاتفها أنها مكالمة عادية لن تتعدى السؤال عنها. لكن المفاجأة كانت أصعب من أن تصلها إلا عن طريق ملتوية، فالصديقة لم تكن لتقوى على أن تخبر صديقتها بما أصاب ولدها أحمد. ومع ذلك استطاعت أن تخبرها جزءاً من كذبة تجرها للسفر على أول طائرة متجهة إلى مطار عمان. وهنا بدأت لينا الأم المكلومة تتحدث بالتفصيل عما حدث باكية ولدها الذي لم تره حتى بعد موته.

لينا هاتفت «لها» لتخبرنا القصة علها تجد مخرجاً قانونياً لكثير من العقبات التي واجهتها في الأردن بلد زوجها، وبلدها الثاني بعد سورية قائلة: «في الثامن عشر من شهر آب/أغسطس وفي الساعة السابعة مساء هاتفتني صديقتي من عمان علماً انها عادة ما تهاتفني لتخبرني عن أحوالها وأحوال ولديّ كونها جارة أهل طليقي. إلا أنها هذه المرة طالبتني بالحضور بشكل فوري إلى الأردن معللة ذلك بأن أحمد، ولدي، يعاني مرضاً شديداً وهو في المستشفى. هذا الخبر بحد ذاته جعلني ارتبك بطريقة مخيفة، وعندما طالبتها بتفصيل مرضه قالت لا أعلم شيئاً ولكن ما عرفته أنه في المستشفى ومن الضروري حضورك في أسرع وقت ممكن».

أغلقت الهاتف وبدأت لينا البحث فاتصلت بخال طليقها لتعلم منه الحقيقة. حينها سألها كيف علمت عن ابنها، فطالبته بقول ما لدى ولدها من مرض، خصوصاً أنها اعتقدت أن ولدها مصاب بمرض انفلونزا الخنازير، ولكن بكل برود رد عليها ساخراً: «افرحي ولدك مات»...

أضافت لينا انها خلال بحثها في حجوزات السفر اتصل بها أهل عم زوجها وأخبروها بوفاة ولدها أحمد وبدأوا يواسونها طالبين منها الحضور لترى ولدها قبل دفنه. فأخبرتهم أنها تحاول الحصول على حجز لتكون على طائرة الساعة العاشرة مساء اليوم التالي ١٩ آب/أغسطس.

وتضيف لينا عن رحلتها: «لا أعرف كيف كانت الساعات تمر علي وأنا في الطائرة على أمل اللحاق بولدي أحمد قبل دفنه...  كنت أشعر بأني في كابوس ولا أزال مغمضة العينين... بمجرد وصولي إلى مطار عمان هاتفت أهل زوجي فأبلغوني ان أتوجه بشكل مباشر إلى الكرك، المدينة التي يقطن فيها أهل زوجي وعدم التوجه إلى مدينة الزرقاء حيث أهلي. وبالفعل توجهت مباشرة إلى الكرك، وخلال توجهي مع سائق التاكسي كانت بيني وبينهم اتصالات حتى أخبرهم أولاً بأول عن مكاني، خصوصاً أني لا أعلم عن الكرك شيئاً ولا كيفية الوصول إليها. في البداية أخبروني بضرورة التوجه إلى منزلهم مباشرة لنخرج الى الدفن. ثم اتصلوا مرة أخرى وقالوا لي توجهي إلى المستشفى بشكل مباشر لأنه لم يخرج منه بعد. وعندما سألت عن اسم المستشفى قالوا لي عند وصولك الى الكرك اتصلي ونحن نخبرك. وبالفعل وافقت على ذلك، لأن الكرك تحوي خمسة مستشفيات. عند وصولي إلى أطراف الكرك طالبوني برقم التاكسي، واسم صاحب التاكسي، وهم سيعرفون كيفية الوصول إلي. صراحة لم أوافق على ذلك لأن أطراف الكرك صحراوية مما جعلني أشعر بالخوف، وهذا لم يجعلني أتخلى عن سائق التاكسي. وواصلت طريقي حتى وصلت إلى جيران أعرفهم. وقدأخبروني في البداية أن ولدي أحمد توفي بحادث سيارة».

حتى اللحظة تقبلت لينا الصدمة بروح طيبة عندما علمت أن ولدها توفي بحادث سيارة، لكنها كانت تشعر بشيء من الغرابة في الحديث. وعندما كانت تنظر الى عيونهم تشعر بأن هناك ما هو أعظم من الوفاة إلا أنها تقبلت الأمر. بعدها توجهت إلى مواقف الكرك لتستقل تاكسي آخر وتتوجه إلى بيت أهل ولدها، وكان سائق التاكسي قد لا حظ حزنها الشديد... «تحدث معي سائق التاكسي وسألني ما بالك ترتدين الأسود وأنت حزينة جداً؟ قلت له قريبتي توفيت. حينها قال لي لا حول ولا قوة إلا بالله. أنا عدت للتو من جنازة فتى لم يتجاوز الرابعة عشرة من العمر اسمه أحمد. فعلمت حينها أنه ابني لأنه ذكر اسمه كاملاً. حينها شد انتباهي وسألته هل حصلت الجنازة، فقال: نعم... استغربت أن أهل زوجي لم ينتظروا حضوري لأرى ولدي قبل مواراته. وخلال الحديث كانت الفاجعة حين أخبرني السائق أن أحمد توفي شنقا، أي أنه شنق نفسه وانتحر...

لم أتمالك دموعي وأخذت أسأل عن سبب انتحاره فقال السائق إن انتحار أحمد كان نتيجة خلاف بينه وبين والده. حينها قررت التوجه إلى مدينة الزرقاء الى أهلي، وشاءت الصدفة أن يكون الخبر قد نشر في الصحف الأردنية».

أحمد كان سيتم عامه الرابع عشر بعد شهرين، وقد رحل في عيد ميلاد أخته. وتحاول لينا حالياً عن طريق القضاء الأردني إثبات سوء المعاملة من قبل الأب وزوجة الأب خصوصاً أنها اكتشفت عدداً من الحقائق بحسب قولها تؤكد ما تعرض له أحمد، وأن هناك من أكد لها أن أحمد حاول الانتحار أكثر من مرة أثر خلافات مع والده.

وبحسب التحقيق الرسمي لدى الشرطة، كما قالت لينا، أن الأب وزوجته لم يكونا في المنزل حال وقوع الحادثة، إلا أنه قد هدد والده قبل خروجه بانتحاره إلا أن الأب لم يعر ذلك أي انتباه.

 «أطلب حضانة ابنتي سارة»

تطالب لينا بحضانة ابنتها سارة. وقد توجهت إلى هيئة حقوق الإنسان الأردنية، وإلى محام جنائي ليقيم لها قضية تطالب بحضانة ابنتها، خصوصاً أنها علمت من مصادر مقرّبة أن سارة تتعرض لمعاملة سيئة من والدها وزوجته. ولكن ما عرفته الأم حين توجهت إلى هيئة حقوق الإنسان الأردنية أنه لا يحق لها المطالبة بالحضانة لأنها تعيش في دولة أخرى، مما جعلها تطالب بتدخل ملكة الأردن لإنصاف طفلتها قبل أن يكون مصيرها شبيهاً بالمصير الذي واجه أحمد.

 الرأي القانوني: لديها حق اللجوء إلى لجنة الشكاوى

  في اتصال أجرته «لها» مع الناشطة الأردنية في حقوق الإنسان والطفل وعضو عدد من الهيئات الدولية منها هيئة العفو الدولية المحامية رحاب قدومي أوضحت انه وبحسب معطيات القضية والحيثيات التي ادعتها والدة أحمد يمكن أن ينظر في أمر قضية الحضانة بشكل مختلف، قائلة: «القانون الأردني ينص على أن الطفل في حضانة والدته حتى سن البلوغ، وتختلف بالتأكيد السن من فتاة الى أخرى، ومن ولد الى آخر. ولكن في ما يخص الفتاة فإن السن القانونية لمطالبة الأب بحضانتها هي بعد سن البلوغ الذي قدر في الأردن بخمسة عشر عاماً. ولكن اذا رفضت البنت حضانة والدها بعد السن المقررة لها الحق في البقاء مع والدتها خصوصاً اذا كانت الأم غير متزوجة، على أن تقطع النفقة عن الفتاة».

وفي قضية لينا الموجودة في دولة غير التي يقيم فيها الزوج، قالت: «الأصل في الحديث عن قضايا الحضانة هو وجود الزوج والزوجة في الدولة نفسها، ولكن في هذه القضية يمكن أن تعتمد الأم على الحيثيات التي ادعتها اذ زعمت انها كانت مهددة بالقتل من طليقها اذا جاءت إلى الأردن وتواصلت مع ولديها، وعليها طبعاً أن تثبت هذا الادعاء ليكون له اعتبار أمام المحكمة والقضاء. وأيضا عليها أن تثبت أنها كانت تتواصل مع ابنيها عن طريق الهاتف على أنها صديقة والدتهما. خوفاً من بطش الزوج بها. وفي ما يخص انتحار أحمد تشكل هذه الواقعة نقطة لا يمكن التغافل عنها في القضاء الأردني اذا اثبت أن أحمد توفي انتحارا بسبب سوء المعاملة من الأب وزوجته. كل هذه القرائن تدعم موقفها في حضانة ابنتها سارة بسبب خوفها أن يكون مصيرها مماثلاً لمصير أخيها».

وأشارت القدومي إلى أن الأم يمكن أن تلجأ إلى دائرة الشكاوى الأسرية التي تعني بحقوق الأسرة، وتوكيل محامٍ لمتابعة قضيتها حتى الفصل فيها.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079