تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

حادثة غيرت حياتي مع الأديبة ميسون صقر

حادثة غيرت حياتي مع الأديبة ميسون صقر

الحياة لا تسير على وتيرة واحدة، ففي حياة كل واحد منا أحداث مهمة غيرت من أسلوبه وطريقته في التعامل مع العالم من حوله. وعلى قدر ضخامة الحدث يأتي مقدار التغيير، الأديبة والشاعرة والفنانة التشكيلية الإماراتية ميسون صقر تمثل قصة حياتها سلسلة من الأحداث التي شكلت تكوينها الأدبي، لكن يبقى الحدث الأهم هو الخلاف الذي وقع في طفولتها بين أبيها وخالها على الإمارة، الذي انتهى بتولي خالها، ومغادرتها وأسرتها الإمارات ليعيشوا في القاهرة، لتنقلب حياتها من ابنة حاكم، إلى ابنة لاجئ سياسي.ورغم قسوة هذا الوضع، فإن ميسون اعتبرته أحد أسباب نجاحها وتعدد مواهبها، وقالت: «غادرت الإمارات وأنا لا أزال طفلة، وكانت في هذا التوقيت مجتمعاً مغلقاً يفرض قيوداً على المرأة، فلو ظللت في هذا المجتمع بطفولتي، ما أصبحت ميسون الأديبة والشاعرة والفنانة التشكيلية»، ولذلك لا تشعر بالضيق كلما تذكرت ماضيها.


أكتب للمهمشين


وتحرص ميسون في أعمالها على التوقيع باسم ميسون صقر، وليس ميسون صقر القاسمي الذي يكشف عن هويتها كابنة حاكم سابق، ولا ترى ميسون في ذلك رغبة في عدم تذكر الماضي، كما يعتقد البعض، ولكنها تقول: «عندما أكتب بميسون صقر، فأنا أتوجه في كتاباتي وأعمالي إلى المهمشين، وليس إلى السلطة، لأنني بدأت حياتي شخصية مهمشة انفصلت عن دولتها،‏ وعاشت في دولة أخرى».
وتؤكد ميسون أن إقامتها في القاهرة عضدت هذا التوجه، فكانت بداية حياتها في مصر بمنزل قريب من مقر حزب الوفد الجديد بالدقي‏،‏ وكان له باب يفتح علي سوق شعبية كبيرة.
إلا أن نسيان الدولة الأم «الإمارات » لم يكن وارداً على ذهن ميسون، بل يظهر في كثير من أعمالها التي تشعر فيها بالغربة والحنين إلى الوطن، لكنها ترفض أن يحصر الآخرون هذا الوطن في دولة بعينها.
وتقول: «كانت هناك حالة من التشبث بالغربة والحنين للوطن واضحة في أعمالي الأولى، لكن الآن اختفت إلى حد ما، فأصبحت أستطيع التوفيق بين نصفي المصري ونصفي الخليجي‏، لكن أعترف أن نصفي المصري أصبح أكبر من الخليجي، فما أن أغادر القاهرة، حتى أشعر بأن هناك من يجذب قدمي لأرضها».

الحرية في الكتابة

وكان لطغيان النصف المصري على شخصية ميسون دور في اتجاهها نحو كتابة شعر العامية الذي وقعت في غرامه، وتدين ميسون لهذه التجربة بإتاحة مساحة كبيرة من الحرية في الكتابة‏ وحرية التعبير.
فالعامية المصرية ‏لهجة داخل لغتنا العربية الجميلة أتاحت لها فرصة الكتابة عن الجسد‏ واستكشاف فكرة الشقاوة.
تقول ميسون: «ربما يفسر ذلك، لماذا لم أكتب الشعر النمطي المقفى والموزون‏، فهو لا يتناسب مع اتجاهاتي في الكتابة، فأنا أميل أكثر إلي أشعار صلاح جاهين وبيرم التونسي وفؤاد حداد، وهؤلاء أقرب إلي ثقافتي من الشعر النمطي الذي أحبه، ولكن لا أنتمي لمدرسته في الكتابة».

وعن حضور نصفها الخليجي في أعمالها، تقول ميسون: «أعرف كيف أتحدث باللهجة الخليجية، لكن لا أعرف كيف أكتبها، ثم أنني عشت بمصر منذ كنت صغيرة، فأعرف معاني كل الكلمات، أما اللهجة الخليجية فهي لا تعطي حرية كتابة قصيدة النثر».


الشعر والفن التشكيلي

وكما ساعد النصف المصري ميسون على الخوض في مجال الشعر العامي، فإن وجودها في مصر منذ طفولتها بعد حادثة الخلاف على الإمارة بين والدها وخالها، قد أتاح لها حرية ساعدتها على الإنتقال بين أكثر من فن، فبدأت بالشعر، ومنه دخلت إلى عالم الفن التشكيلي، ومن هذين البابين وطأت أرض العامية المصرية، ثم دلفت إلى عالم الرواية.
وعن العلاقة بين هذه الفنون المختلفة ترى ميسون أنها تكاملية، وتقول: «استفدت من الفن التشكيلي في تحويل القصيدة إلى شكل، لكن قبل ممارستي للفن التشكيلي كنت صارمة في بناء القصيدة».

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079