روجيه خوري محامي عادل معتوق في أول حوار إعلامي يؤكد:
هي القضية التي أقامت الدنيا ولم تقعدها... الجريمة التي هزّت الرأي العام العربي صباح 2008/7/28 والتي دوّى صداها في دبي إلى كل العالم العربي. شائعات كثيرة، وأقاويل أكثر. تورّط أسماء لها ثقلها في الساحتين الاقتصادية والسياسية، واتهامات لكل شخص عرف القتيلة، باستغلال جريمة ذبحها، إما لأهداف مادية أو حتى لتحقيق شهرة إعلامية واسعة! سوزان تميم قتلت، والدعاوى الكثيرة التي رافقت حياتها، لاتزال العنوان الأبرز بعد الرحيل. مع «لها»، يطلّ وللمرة الأولى، المحامي روجيه خوري وهو محامي عادل معتوق في قضية مقتل سوزان تميم، ليتحدث عن الكثير من التفاصيل والملابسات... وقد أجري اللقاء قبل يومين من بدء المحاكمات في القاهرة.
- تمّ توكيلك من جانب عادل معتوق، في اليوم التالي لمقتل الراحلة سوزان تميم. حدثنا بداية عن هذا الأمر، وكيف كان أول لقاء بينكما؟
اتصل بي بداية الأستاذ ميلاد الأبرش وهو محامٍ زميل. وقد اتصل بي كوني أعمل مع مكتب الامارات للمحاماة بما أن الجريمة حصلت في دبي. وبطبيعة الحال، اجتمعت مع السيد عادل معتوق الذي شرح لي طبيعة علاقته بالقتيلة كونه زوجها. سافرت إلى دبي في اليوم التالي لمقتل سوزان، وادعيت أمام النيابة العامة على مجهول طبعاً. وأودّ بالمناسبة تهنئة الأجهزة الأمنية في الامارات على سرعتها في إجراء التحقيق وعلى تقنية المعلومات، والتطوّر الكبير الذي يعملون من خلاله. وبالعودة إلى موضوع القضية، تمّ اكتشاف الجريمة بناءً على المعطيات التي صار الكل يعرفها، أي الشُرُط الموجودة في كاميرات المراقبة المنتشرة في كل مكان في دبي. والمتهم محمد السكري وقع في خطأ كبير، عندما ترك الوصل الخاص باستعمال «الفيزا كارد» والذي يظهر عليه اسمه. وقد تمّت مواجهته بالأدلّة الدامغة، خصوصاً الشُرُُُط المصوّرة التي تظهر كل تحرّكاته منذ وصوله إلى المطار إلى حين عودته إلى مصر، وكأنه يشاهد فيلماً سينمائياً.
- هل صحيح أن أحد الشُرُط يظهر المتهم أمام منزل شقّة القتيلة، وهي تفتح الباب ليبادرها بلكمة على وجهها؟
بطبيعة الحال التحقيقات تبقى سريّة، ورغم ذلك نشر منها قسم كبير في وسائل الإعلام... التحقيق كان طويلاً ودقيقاً، وقد تمّ بإشراف المدّعي العام الذي يتولّى مهمّات قاضي التحقيق. بينما في لبنان، الأمر يختلف، بحيث يكون المدّعي العام شخصاً، وقاضي التحقيق شخصاً آخر. أما في مصر، فالمدّعي العام يجمع في شخصه قاضي التحقيق والنيابة العامة. وقد ادّعت النيابة العامة المصرية على محمد السكري بجرم قتل سوزان تميم، وعلى هشام طلعت بالتحريض والمساعدة المالية لتنفيذ الجريمة. بعد بدء المحاكمة (2008/10/18) أصبح ملف القضية علنياً ويحقّ لأصحاب الشأن أخذ صورة عنه. والجلسة الأولى تُسمّى تشكيل خصومة، أي اجتماع الأطراف المعنية من المتهم ومحاميه، والمُدّعي (أي عادل معتوق) ومحاميه، عندما تكتمل العناصر وتبدأ المحاكمة.
- لماذا تتمّ المحاكمة في مصر، وليس في لبنان كون القتيلة لبنانية، أو في دبي مقرّ تنفيذ الجريمة؟
هذا السؤال يطرح موضوع الصلاحية في القانون. المادة الأولى من قانون العقوبات المصري، تنصّ على أنه يجب محاكمة المواطن المصري داخل مصر، طالما أنه تمّ إلقاء القبض عليه في الأراضي المصرية، حتى لو كانت الجريمة مرتكبة خارج مصر، وهذا ما حصل مع السكري، حيث تتولّى المحاكم المصرية محاكمته. واستناداً لهذا النصّ، المدعي العام المصري أحال القضية إلى محكمة جنايات القاهرة، وليس إلى محكمة دبي. ولكن هناك إجتهادات كثيرة. صحيح أنه تمّ إلقاء القبض عليه في مصر، ولكن الأدلّة والوقائع كلها في دبي، كذلك الشهود... لذا، كان من الأسهل جلب المتهم من مصر إلى دبي للمحاكمة، بدل نقل كل ما في دبي إلى القاهرة. وأنا عندما غادرت دبي، كان هناك موقوف اسمه ألكس كاساكي.
- من هو ألكس وما علاقته بالقضية؟
قد لا يحقّ لي الدخول في التفاصيل، لكن من الطبيعي أن هذه الجريمة لم ينفذها شخص واحد، بل بواسطة شركاء.
- هل طالبتم بنقل مقرّ المحاكمة إلى دبي؟
هذه أمور شائكة. وأنا كمحامٍ لبناني، لا أستطيع المرافعة في محكمة مصرية دون محامٍ مصري، كذلك الأمر في دبي. في دبي، تقدمت بالدعوى عبر محامٍ إماراتي واسمه خالد المهيري. إن طالبنا بهذا الأمر، لا أعتقد أنهم سيوافقون في مصر، وقد يقولون: «ألا تثقون بنا؟»... وفي حال نقلت المحاكمة إلى دبي سيُعتبر ذلك إنجازاً.
- كثر شكّكوا في أن يكون عادل معتوق لايزال شرعاً زوج سوزان تميم؟
(يقاطعني) لو لم يكن زوجها، لما استطاع توكيلي بالقضية. هناك مستندات واضحة تؤكد أنه ظلّ زوجها حتى لحظة مقتلها، منها إخراج القيد العائلي ويظهر فيه أن سوزان لاتزال على خانته. من أيام قليلة شطبنا إسمها عن خانته. هو أقام دعاوى منع سفر والعودة إلى بيت الطاعة، بعد أن سافرت سوزان من لبنان إلى مصر. هذه الدعاوى بقيت عالقة، ولم يصدر فيها أي قرار بطلاق سوزان من عادل. بالتالي هي كانت لاتزال زوجته، وهو الوريث لها، ويحقّ له إقامة دعوى في جرم مقتلها، وهو ادعاء شخصي. بينما لم نرَ أحداً من ذويها أقام أي دعوى في الجريمة حتى اللحظة.
- كيف تفسّر هذا الموضوع؟
لا أعرف.
- السيد عبد الستار تميم والد القتيلة، ظهر كثيراً في وسائل الإعلام وقال أكثر من مرّة أن عادل ليس زوج سوزان؟
أنا أستغرب صراحة أن يعاند أشخاص الحقائق والوقائع الدامغة. ولا أفهم كيف أخذ عبد الستار تميم وثيقة الوفاة الأولى الخاصة بسوزان، ومكتوب فيها عن طريق الخطأ أن سوزان عزباء. قصد مكتب مأمور النفوس ومعه الوثيقة، وقال له أريد تنفيذ الوثيقة وشطب الإسم عن خانتي. فقال له مأمور النفوس: وهل هي أساساً على خانتك! هي مشطوبة من خانتك، ومدرجة في خانة عادل معتوق (قضاء النبطية - جنوب لبنان)... لا أريد أن أحكم عليه لأني لا أعرف ماذا أقول عنه. وعليكم التوجه بالسؤال إليه هو والقول: أين هو الحكم المبرم بطلاق سوزان من عادل؟ أنا عندما تقدمت بالدعوى، أبرزت إخراج القيد العائلي مع الوكالة القانونية من عادل، وإلا لما كانوا قبلوا الدعوى. هذه أوراق قانونية لا يمكن التلاعب بها. أما عمّا فعلته سوزان بعد ذلك فهو شأن آخر. وكل ما قيل سوى ذلك عن زواجها من آخرين فهو غير قانوني، لأنه يستحيل زواج المرأة المتزوّجة إلاّ بعد طلاقها، وهذا أمر معروف.
- بالعودة إلى جريمة القتل نفسها. البعض اعتبر محمد السكري كونه ظابط أمن سابق، لا يمكن أن يرتكب أخطاء مثل ترك وصل «الفيزا كارد» أو ثياب له قرب مكان الجريمة، وهو بالتأكيد يعرف أن الكاميرات منتشرة في كل مكان. بمعنى أن هناك أمراً ما دُبِّر لاستدراج هشام طلعت والإيقاع به، بهدف استبعاده سياسياً واقتصادياً من مصر. أنت ما رأيك؟
لا أستطيع الإجابة عن هذا السؤال طالما أني لم أطّلع بعد على ملف التحقيقات الذي لايزال سرياً. وبعد ذلك أستطيع الخوض في أي تفاصيل قد يسأل عنها الإعلام. هذا سؤال محرج بصراحة. لكن بالنسبة إليّ أنا كمحام، هناك إحالة من النيابة العامة والمدّعي العام في مصر، باتهام محمد السكري وهشام طلعت. وربما لو كان هشام طلعت معارضاً للنظام في مصر، قد يقول البعض إنه استدرج بهدف التخلّص منه؟ ولكن معروف أنه موالٍ. والرئيس حسني مبارك قال: «سأطبق القانون».
- ما يُقال إن هدف التخلّص منه ليس من داخل مصر بل من خارجها، كونه يقف بوجه الكثير من المستثمرين غير المصريين؟
لا علاقة للقانون بما يُقال هنا وهناك. هناك قرار قضائي صدر، مُسْنَد إلى وقائع دقيقة وثابتة. وأنا لم أطّلع بعد على استجواب محمد السكري لأن التحقيق سري كما ذكرت. وبعد الإطلاع على الملف نتحدث أكثر.
- ما هي المدة الزمنية التي تتوقّعها للمحاكمة؟
حسبما يقول الزملاء المحامون في مصر، أن المحاكمة ستستغرق حوالي عاماً ونصف العام. استغربت صراحة لأن المحاكمات في لبنان تتطلّب 4 و5 سنوات.
- ماذا عن الدعاوى السابقة التي كانت بين عادل معتوق وسوزان تميم؟
(يقاطعني) أنا لم أكن وكيل عادل في تلك الدعاوى، ولكنها تسقط حكماً بسبب الوفاة.
- نحن نطرح سؤالاً عن احتمال أن يأتي شخص ما من عائلة سوزان، ويرفع دعوى ليثبت فيها بِطلان زواج سوزان من عادل أو تثبيت طلاقها مثلاً؟
في القانون، سوزان كانت زوجة عادل، وقد شطب إسمها من خانة والدها في سجلات القيد (منطقة المصيطبة - بيروت) ونُقل إلى خانة زوجها عادل في سجلات قيد النبطية (جنوب لبنان). وهي لا تشطب عند خانة زوجها إلاّ في حالتين هما: الطلاق أو الوفاة، وهذا الأمر لم يحصل ولم يصدر أي حكم مبرم بطلاق سوزان من عادل لغاية تاريخ مقتلها 2008/7/28، أي أنها ظلّت زوجته حتى وفاتها. من هنا أهمية القول إن أي كلام غير ذلك هو مضيعة للوقت ولن يفيد بأي شيء. عادل هو زوجها، ووريثها. هو سيرث النصف، والوالد والوالدة النصف الآخر.
- ماذا عن المحامي المصري الذي ادّعى أنه محامي عادل معتوق، والذي قال إن عادل أخبره عن نيّته قتل سوزان. هل يتمّ رفع دعوى قضائية ضدّ هذا المحامي؟
بالفعل لقد رفع السيد عادل معتوق دعوى قضائية في مصر عبر محامين مصريين. من المستغرب أن يطلّ هذا المحامي في وسائل الإعلام ويتحدث بهذه الطريقة.
- هذا المحامي هل كان فعلاً محامي عادل في مصر ثم عزله، أم ماذا؟
حسبما علمت، أنه عندما غادرت سوزان رحمها الله إلى مصر، سافر عادل بدوره إلى هناك في محاولة لإيجاد حلّ لهذا الموضوع ثم حصلت مشاكل اضطرّ على أثرها أن يرفع دعوى هناك. لكن هذه الوكالة للمحامي المصري كانت محصورة لحلّ نزاع معيّن بينه وبين سوزان، وهي علاقة عابرة أي هو ليس وكيله. وعادل انزعج كثيراً من هذا الأمر.
- حكي أنه عندما سافر عادل إلى مصر لإيجاد حلّ مع سوزان، عرض عليه حينها هشام طلعت حوالي مليوني دولار كي يطلّق سوزان. هل لديك معلومات عن هذا الأمر.
بصراحة لا أعرف، لم أتحدث مع عادل في هذه المسألة... هناك بحر من الأقاويل التي نشرت في وسائل الإعلام. كل ما أعرفه أن عادل حاول حلّ المسألة في مصر واجتمع مع سوزان وتحدث أيضاً مع والدتها حسبما أخبرني، وهي كانت تريد العودة إلى لبنان (أي سوزان)، لكنه لم يتحدث في أي مسألة مالية. الأمور حصلت بسرعة، قتلت سوزان وسافرت في اليوم التالي إلى دبي لمتابعة مجريات القضية. وعندما نلتقي نتحدث بأمور قانونية. وهو أي عادل، منشغل طوال الوقت بالردّ عبر بعض البيانات، على مروّجي الشائعات. شُنّت ضدّه حملة شعواء أثّرت عليه كثيراً.
- هل تعتبرها حملة مدسوسة؟
طبعاً هي مدسوسة. كي تكون الحملة بهذه الضخامة ومن أكثر من مصدر، هي طبعاً مدسوسة.
- هل تمّ التحقيق رسمياً مع عادل معتوق في موضوع الجريمة؟
كلا أبداً.
- وهل تمّ التحقيق مع أحد أفراد عائلة سوزان؟
نعم، تمّ التحقيق مع عبد الستار تميم (والد سوزان) في بيروت، وقيل إن التحقيق معه استمرّ 6 ساعات.
- مصدر مقرّب من عادل معتوق، قال إن سوزان وخلال فترة وجودها في دبي، كانت تسعى إلى إقامة صلح مع عادل معتوق. هل أخبرك عادل شيئاً حول هذا الخصوص؟
كلا لم يذكر لي شيئاً، ولا أدري إن كانت هذه المعلومات صحيحة أم لا. لكن لا بدّ من القول إن شائعات كثيرة حيكت في موضوع مقتل سوزان تميم، وأقاويل تمّت فبركتها، إضافة إلى استغلال الجريمة بشكل بشع لأغراض عدة. هذا يشعرني بالأسف.
- في حال ظهرت براءة هشام طلعت في جريمة مقتل سوزان تميم ماذا تفعلون؟
نحن نحترم القضاء، ولا نستطيع التحدّث بأمور قانونية دون الإطلاع على الملفّ.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024