الغيرة بين الزوجين
الغيرة شعور متأصل في طبائع الناس، خصوصاً الغيرة بين المرأة والرجل التي يمكن أن تكون مقبولة عندما تنحصر في حدود معيّنة، ولكنها تصبحُ مُدمِّرة إذا تجاوزت هذه الحدود، وفي كثير من الحالات تؤدي الغيرة العمياء الى حوادث عنف بين المرأة والرجل، وتكون سبباً في انهيار البيوت، وتفكّك العائلات، وتشرُّد الأطفال. بعض أسباب الغيرة قد تكون واقعية، ولها ما يبرِّرها، وبعضها الآخر هو وليد التصوُّرات والأوهام المبالغ بها، وهنا يتمُّ التعامل معها كمرض يستدعي تدخُّل الأطباء المختصّين. في هذا التحقيق تستعرض «لها» قصصاً لنساء ورجال أفسدَتْ الغيرة حياتهم الزوجية، كما تستعرض نظرة علم النفس وعلم الإجتماع الى هذا الموضوع.
الغيرة الطبيعية والغيرة المرضية في نظر علم النفس
يرى الدكتور ناصر لوزة أمين عام الصحة النفسية في مصر أن الغيرة سلوك طبيعي، ولهذا يغار الرجل وكذلك المرأة، ولكن لكل سلوك حدود، فإذا تجاوز الإنسان هذه الحدود فإنه سيصبح منحرفاً في تصرفاته، ومن الممكن أن تتحول الغيرة إلى مرض، بحيث يطلق عليها الأطباء إسم غيرة مرضية تصل بصاحبها إلى ارتكاب جرائم. وملفات الشرطة مليئة بهذه النماذج التي فقد أصحابها السيطرة على أنفسهم وأصبحوا أسرى لغيرتهم. ولا أظن أن غيرة الرجل الشرقي تزيد عن غيرة الأوروبيين أو الأميركان، وبالمناسبة فلا علاقة لغيرة الرجل على زوجته بكونها حسناء، فهناك من يغارون على زوجات ليس لهن نصيب من الجمال والعكس فهناك زوجات حسناوات يغرن بشدة على أزواج بلا وسامة. ويؤكد الدكتور ناصر أن هناك حالات من الغيرة تحتاج إلى علاج دوائي للتخلّص من هذا المرض، ويجب أن يذهب الرجل الغيور بشجاعة إلى الطبيب النفسي حتى يتم فحصه والتأكد من حاجته إلى علاج أو نصائح نفسية.
خيط رفيع بين الصحّة والمرض
ويرى مستشار برامج السلوك الاجتماعي ومدير العيادات الخارجية والخدمة الاجتماعية الطبية في مستشفى حراء في السعودية الدكتور عادل الجمعان أبرز أنواع الغيرة المدمّرة هي الناشئة بين الأخوان والتي تبدأ منذ بدايات حمل المرأة بالطفل الثاني، وتأتي بعدها الغيرة في العمل باعتبار أن الفرد يمضي معظم وقته بين زملائه. ويضيف: «تتحول الغيرة بين الزوجين إلى مرض إذا أصبحت هاجساً تدعمها أمور عديدة، من ضمنها الحب الزائد، الذي يفصل بينه وبين الغيرة المرضية خيط رفيع»، مشيراً إلى أن المجتمع العربي بوجه عام ذكوري، مما يجعل غيرة الرجل عالية جداً، حيث لا تستنكر عليه تلك الغيرة، بل ينبذ الرجل الذي لا يغار على زوجته». ويلفت الى أن «الغيرة المرضية ليست سلوكاً سوياً. وشعور الرجل بالنقص يجعله يقتنع بأنه لا يستحق زوجته، إضافة إلى يقينه بأن النساء لا يختلفن عن بعضهن بحكم وجود علاقات غير سوية له خارج منزله تجعله يدخل في دائرة الشك»، موضحاً أن الإسلام دعا إلى الغيرة المحمودة على الزوجة بشكل يحفظ كرامتها ويشعرها بقيمتها لدى الزوج. ويؤكد الجمعان أن بناء الثقة بين الزوجين لابد أن يبدأ من اليوم الأول، إضافة إلى ضرورة معرفة أن الحياة الزوجية ليست كلها سعادة، ولابد من مصارحة الزوجين في حال معاناة أحدهما من هذه المشكلة لكي يساعد كل منهما الآخر في تخطيها.
حب الذات المرضي
ويرى الدكتور كربيد زكريان استشاري الطب النفسي في عمّان أن «الغيرة المرضية هى الغيرة التى تخرج عن نطاق السواء النفسى وتستحيل معها الحياة فى هدوء وطمأنينة، هى لهيب يحرق كل شئ وينزع الحب ويقضي على الثقة ويغرس بذور الكراهية. والشخص المصاب بها تسيطر عليه مشاعر النرجسية وحب الذات إذ يريد أن يكون محور انتباه واهتمام الشخص الآخر مع تجاهل الأدوار المختلفة للشريك، ومن هنا يبدأ ظهور المشاكل والمآسى؛ فالغيرة المرضية ضلالات راسخة داخل الشخص يؤمن بها إيماناً مطلقاً ولا يمكن مناقشته وأدلته ضعيفة وغير مرتبطة بالموضوع ولكنها ذات قيمة قصوى عنده، ويبنى كل سلوكه على هذه الفكرة المرضية؛ فالغيرة المرضية هى أفكار تنبع من عقل شخص مريض».
وعما إذا كان الشرقيون والشرقيات أكثر غيرة من الغربيين يقول: النفس البشرية واحدة، لكن الاختلاف في البيئة ومفهوم العلاقة الزوجية، ففي الغرب، عندما يتزوج اثنان، فكل منهما مدرك أنه لا إنسان بلا تجارب عاطفية، فالتجربة هي التي تصنع الخبرة الحياتية، ويتقبل كل منهما ماضي الآخر. التركيبة الاجتماعية الشرقية والعادات والتقاليد والخوف من العيب بمفهومه المحدد والخاطئ بالإضافة إلى الزواج في سن مبكر وافتقاد الشخص للخبرة الحياتية، كل ذلك يولّد الغيرة المرضية، والتي كثيراً ما تولّد انهيارات زوجية وربما جرائم لا مبرّر لها.
الغيرة طبيعية إذا لم تخرج عن النطاق الطبيعي
ومن الأردن أيضاً يقول الدكتور جمال الخطيب استشاري الطب النفسي: «الغيرة شعور طبيعي في وجدان كـل شخص ولكن إذا ازداد هذا الشعور وأثر على فكر الإنسان من دون مبرّر معقول وأعاقه عن حياته الطبيعية أصبح شعوراً مرضياً. ويضيف: «تبدأ الغيرة في فترات الطفولة عندما يأتي مولود جديد - ويؤثر على العلاقة الخاصة بين الطفل وبين أمه ويحرمه من الرعاية والعاطفة التي يحتاجها للنمو النفسي الطبيعي فإذا لم ينل الطفل الرعاية والحنان في طفولته يحدث عدم النضوج العاطفي في الكبر ما يؤدي إلي الغيرة المرضية». والغيرة المرضية تشتمل على فقدان احترام الذات مع الخوف والبغض والتقلّب العاطفي. أما الغيرة في العلاقة الزوجية بين الرجل وزوجته فهي شعور طبيعي تحافظ على استقرار الأسرة، حيث يسعى كل منهما للإحتفاظ بالودّ والحب نحو الآخر ومراعاة شعوره، أما إذا تحوَّل الأمر الى غيرة مبالغ فيها فإنها تكون بمثابة المرض الذي يجب أن نسعى لعلاجه.
الغيرة المتطرفة في شهادات حيَّة
لا شيء يمكن أن يوضِّح أسباب الغيرة وآثارها على حياة الناس مثل القصص التي يرويها أولئك الذين عانوا منها، وهذه بعض القصص التي نبدأها بشهادات من مصر.
أوهام قاتلة
تحولت غيرة حسين الموظف في إحدى الشركات إلى كارثة دمرت حياته، وشردت أطفاله، وفي النهاية قد تكون هذه الغيرة هي طريقه إلى حبل المشنقة. كان يحب زوجته بجنون، يغار عليها من كل شيء في الدنيا، يتمنى لو استطاع أن يحيطها بسور لا ترى من ورائه أحداً ولا يراها أحد، جمالها كان نقمة عليها وزوجها الذي كان يفتعل عشرات المشاجرات في كل مرة يسير معها في الشارع، يظن أن جميع المارة ينهشون جسد زوجته بأنيابهم، وكثيراً ما حدثت مشاجرات بين الزوج وآخرين واعتذر في النهاية حينما اكتشف أنه أخطأ. تسببت غيرة الزوج في إحداث شرخ كبير في الحياة الزوجية بينه وبين زوجته راندة التي لم تستطع أن تواصل حياتها بهذا الشكل، طلبت منه أن يثق بنفسه أكثر، أكدت له أنها تحبه بشدة ولا يمكن أن تنظر إلى أي شخص سواه. كانت كلمات الزوجة أشبه بالمسكن الذي يهدئ من روع الزوج الثائر دائماً، ولكن سرعان ما تعود ريما إلى عادتها القديمة، لا يستطيع حسين أن يمنع نفسه من عشرات الشكوك التي تنتابه حينما يعود من عمله ليجد زوجته واقفة في الشرفة، يتصور الزوج أنها تبادل أحدهم النظرات، يجن جنونه حينما يواجه زوجته بشكوكه، ولكن الزوجة بدأت تمل من هذا الأسلوب، وتؤكد لزوجها أن حياتهما الزوجية مهددة بسبب شكوكه، وغيرته التي تجاوزت كل حدود المعقول.
أنجبت راندة طفلتها الأولى، اعتقدت أن الزوج سيهدأ حينما يدرك أنه أصبح أبا عليه مسؤوليات وأعباء، لكنها كانت واهمة، ظل حسين كما هو، حتى حينما مرت أربع سنوات على زواجه، وأنجبت راندة طفلها الثاني مهاب.
كانت تبيت باكية بسبب ضغوط زوجها، واستمراره في معاملتها بشكل غير لائق، الغيرة جعلت منه إنساناً لا يطاق كان يرفض استقبال أقارب زوجته، وبعض أقاربه بسبب هذه الغيرة، وتحول منزل الزوجية إلى سجن كبير.
لا يتخيَّل الحياة من دونها
بدأت الحياة بين راندة وحسين تسير في طريق واحد، رسمته الزوجة لنفسها، هو الطلاق، أصبح هذا القرار لا رجعة فيه، كان أمامها خيارات، إما الانفصال عن زوجها أو الانتحار، والأقرب إليها هو الطلاق، طلبت من زوجها أن يمنحها حريتها ورفض الزوج بإصرار، أخبرها أنه يحبها بجنون ولا يتخيل الحياة من دونها، أو من دون أطفاله.
لم يكن أمام راندة خيار سوى الذهاب لمنزل أسرتها، وقامت برفع قضية تطلب فيها الطلاق بسبب غيرة زوجتها التي تحولت إلى مرض، وقبل أن تقرر المحكمة هذا الطلاق تمكنت الأسرتان من الاتفاق على الانفصال بهدوء حفاظا على حقوق الطفلين. كان حسين يتمزق، يدفع ثمن غيرته التي دمّرت حياته، فشلت كل مساعيه في إعادة زوجته إلى سابق عهدها، لم تصدق وعوده، حسمت أمرها وأكدت له أنها لم تعد تحبه، ولن تستطيع أن تواصل حياتها الزوجية معه. حصلت الزوجة على الطلاق بصعوبة، ولكن هذا الطلاق لم يكن هو نهاية غيرة حسين الذي ظل يتردد من بعيد على منزل مطلقته، يراقبها دون أن يتخيل أنها أصبحت إنسانة غريبة عنه، وليس له الحق في هذه المشاعر المتأججة. جن جنون حسين حينما علم أنها تستعد للزواج من زميلها في العمل، وحينما تأكد من هذه المعلومة جعلته غيرته شيطاناً لا يعرف سوى الدم، تسلل إلى شقتها، طرق الباب وحينما فتحت له راندة أدركت أنه ينوي بها شراً. تراجعت للوراء حاولت أن تستنجد بالجيران، لكن سكين مطلقها كانت أسرع منها، إنهال عليها بطعنات متتالية ولم يتركها، إلا حينما أصبحت جثة هامدة، ووقف الأبناء مذهولين أمام ما يحدث، ألقت الشرطة القبض على حسين الذي قتلته غيرته، وقررت النيابة حبسه.
في مستشفى الأمراض العقلية
تتوالى حكايات الغيرة، فقد دمّرت الغيرة منزل حمدي، رغم مرور أكثر من 20 سنة على زواجه من سامية، إلا أن الزواج انتهى نهاية مؤسفة بسبب غيرة الزوجين، كان يغار عليها بشدة، وكانت تبادله المشاعر نفسها، وكثيراً ما كانت تحدث بينهما مشاجرات بسبب هذه الغيرة، واستمرت الحياة الزوجية بهذا الشكل المؤسف لسنوات طويلة. أصيب الزوج في الأيام الأخيرة بما يشبه اللوثة، تحول إلى نيرون الذي أحرق الجميع، زوجته وأطفاله، وتم القبض على الزوج الذي أحيل لمستشفى الأمراض العقلية.
الغيرة أدَّتْ الى طلاقي ولست نادمة على ذلك
بدأت ريم من سورية حديثها عن الغيرة التي كانت سبباً لنهاية علاقتها بزوجها، قائلة: نشأت في بيئة شرقية وكما هو معروف، فإن من عاداتنا أن نراعي الرجل مهما كانت تصرفاته، إن كان على صواب أو على خطأ، دون أن يكترث أحد بمشاعر المرأة وأحاسيسها، وهذا ما حصل معي فزوجي لم يكن يهمه سوى شعوره دون أن يراعي شعوري. وفي بداية زواجنا عرفت أن زوجي يحب مغازلة النساء وأن الموضوع أمر عادي، كان الأمر في البداية بسيطاً فكنت أكتفي بلفت النظر، ثم تحوّل سلوكه بعد ذلك إلى عناد وجرح عميق لمشاعري خاصة بوجود الآخرين، وصار يزيد من موضوع المغازلة، عندما يتحدث إلى إحداهن على الهاتف بوجودي، فيبدأ بالكلام المعسول والجميل وكأنني قطعة أثاث من هذا المنزل يجب ألا أنزعج أو أشعر بأي شيء، وعندما كنت اعترض كان يهددني بالطلاق، ولم أعد أحتمل الأمر، فلجأت إلى أهلي ليساندوني لكن ما وجدته أن أهلي كانوا في صف زوجي، فنحن بالنهاية في مجتمع شرقي يحل للرجل كل شيء يحرمه على المرأة، فأهلي لم يروا في تصرفات زوجي شيئاً خطيراً وأن ما حصل يحصل مع كثير من الرجال والمهم أنه متزوج ولن يقدم على خطوة الزواج الثاني. تحدثت مع زوجي عما يغضبني وبوجوب وضع النقاط على الحروف، فضاق بمشاعري واعتبرها حمقاء، لكني أصررت على مطلبي، وطالبته بأن يكف عن ذلك أو أن يطلقني، وبالنهاية هذا ما حصل. لا أعتبر ما قمت به خارجاً عن حقوقي الزوجية بل في صميمها، وان كان الطرف الآخر قد اعتبرها تدخلاً في شؤونه الشخصية، لذلك أصبحت حياتي مستحيلة معه، فأنا أفضل أن أكون مطلقة على أن أكون زوجة لا يشعر بها زوجها.
زواج فغيرة فطلاق
أما مروان، فهو رجل مثقف وعاقل اختار زميلة في العمل بعد أن وجد فيها الصفات المناسبة له، لكن بعد الزواج اكتشف مروان ما لا يستطيع اكتشافه قبل الزواج، فزوجته من النوع الغيور، تغار من حديثه مع أي امرأة في العمل أو خارج نطاق العمل قريبة أم غريبة، فكل امرأة غيرها هي منافسة لها، لكن غيرتها التي وصفها مروان بالحمقاء وصلت لدرجة أساءت إليه والى كل من حوله سواء في عمله أو أسرته أو حتى أصدقائه، فأًصبحت عديمة الثقة بزوجها وحتى بنفسها، لكن مروان لم يستطع تحمل هذه الغيرة المفرطة التي لا أساس لها، فطلقها قبل أن يكمل عامه الثاني، ويحمد الله انه لم يرزق بأولاد وإلا كان من الصعب عليه أن يتركها. ويقول مروان أنه عانى كثيراً من هذه الأوضاع وأمضى أيامه في مشاجرات ونكد لا أساس له ولا سبب يبرره.
امتنعت عن تدريس الفتيات حرصاً على علاقتي بزوجتي
أما السيد سامر المتزوج منذ خمس سنوات وعنده ثلاثة أولاد ومدرس اللغة العربية فيرى أن الغيرة مشتقّة من تغير القلب وهيجان الغضب، وهي مذمومة لأنه لا أساس لها، فلا يوجد مبرر للغيرة، وبذلك سيدخل هنا سوء الظن والشك بلا مبرر، وسيدخل أيضاً قول وعمل ما لا ينبغي. وسأتحدث عن تجربتي مع زوجتي حول هذا الموضوع، فبعض الأزواج يشعرون بالغيرة من صديقات الزوجة، فيطلب منها قطع علاقتها بهن، وهذا الأمر يعود لطبيعة الزوج ودرجة غيرته، لذا على الزوجة الحكيمة أن تراعي رغبة زوجها وتخفف من الاتصال بصديقاتها وتحاول إقناعه بالاستمرار مع الصديقات المقربات لها. وفي كثير من الأحيان يطلب الزوج من زوجته قطع العلاقة بإحدى صديقاتها إذا لاحظ أن تلك الصديقة فيها بعض السوء، وهنا يجب على الزوجة طاعته والتخفيف من علاقتها بتلك الصديقة. ومن جهة أخرى وبحكم عملي بالتدريس كانت هناك بعض الخلافات مع زوجتي بسبب تدريسي بعض الصبايا لمادة اللغة العربية فكانت زوجتي غير راضية وكانت تمنعني من الذهاب لبيوتهن وتطلب أن أحضرهن إلى البيت وهي تجلس معنا ولا تغادر المكان حتى انتهاء الدرس، وقد حصل بعض الخلاف حول هذا الموضوع وكانت تقول بصراحة أنا أغار عليك وأخاف أن تتزوج من امرأة ثانية، وحتى هذه اللحظة أصبحت لا أدرّس البنات ويقتصر تدريسي فقط على الشباب إذ لا أريد خلق مشاكل ومتاعب لي ولزوجتي ولبيتي.
أتمنى أن تغار زوجتي عليّ!
ما تحدث عنه السيد إبراهيم مغاير تماماً لبقية القصص التي رواها مواطنوه السوريون، فإبراهيم يشكو من ثقة زوجته الزائدة به، وأنها لا تغار عليه أبداً، وبدأ حديثه بالقول: زوجتي لا تغار أبداً وتثق بي كل الثقة، لكني أريد أن تشعرني باهتمامها وأن تغار قليلاً، فصرت أكثر اهتماماً بشكلي علها تسألني لماذا أصبحت أهتم أكثر بمظهري، لكنها لم تسألني. وتطوّر الأمر حتى أني سألتها، لماذا لا تغارين؟ فأجابتني لأني أثق بك، ورحت أتغيب عن المنزل دون أن تسألني أين كنت ومع من كنت، وتعلل ذلك بأن لديها قناعة بأن الرجل لا يحب أن تثقل عليه زوجته بالأسئلة كي لا يهرب منها. أنا أحب زوجتي... لكن أتمنى أن تغار علي لأجرب لذة الشعور بغيرتها، فالغيرة أحياناً هي دليل اهتمام، لكن بالمقابل أنا ضد الغيرة العمياء التي قد تأتي من المرأة أو الرجل لأتفه الأسباب كأن يغار الرجل على زوجته لمجرد أنها تعمل في مكان فيه رجال، وأعتقد أن الاعتدال في كل شيء هو الأهم لاستمرار العلاقة الزوجية.
لو بقيت معها لأصابني الجنون!
كانت الغيرة سبباً لانفصال عبد الرحمن أحمد من السعودية عن زوجته بعد أقل من سنة، ويجزم بأنه لو استمرّ مع زوجته لكان أصيب بالجنون، يقول: «انقلب إحساسي بالغيرة إلى الشك الذي كان سببه تصرفات زوجتي غير المقبولة، ورغم عدم قدرتي على تحديد ما إذا كان إحساسي في محله، قررت الانفصال بناءً على ما سمعته منها». ويضيف: «كنت أعاني من غموضها معي، وكلما أطلب منها توضيح الأمور تتحجج بخوفها من عصبيتي، مما أدخلني حالات اكتئاب أثرت على تعاملي حتى مع أفراد عائلتي». ويشير إلى أن إثارة الزوجة لماضيها أمامه من أبرز الأسباب التي تدفعه للشك فيها، ويقول: «من غير الممكن أن أستمر مع الإنسانة التي تفصح عن تجاربها الماضية لي، وهذا ما جعلني أبحث عن ذات الدين ليقيني بأنها ستكون أفضل من غيرها، وسيجعلني أفتح معها صفحة جديدة لحياتنا المستقبلية»، لافتاً إلى أن الدين الإسلامي ينص على وجوب الغيرة على العرض.
منعها من الخروج بالعباءة الملوَّنة
ومن السعودية أيضاً يرى أحمد عبد الله أن حب الزوج لزوجته ينتج منه الشعور بالغيرة، بالإضافة إلى أن مبادئ الرجل الشرقي تجعله أكثر غيرة من غيره من منطلق الشرع والعرف، ويقول: «تربط بين الزوجين علاقة أبدية تجعلهما يشعران بالغيرة تجاه بعضهما البعض، إلا أنها إذا زادت عن الحد المعقول فإنها ستنعكس سلباً على حياتهما الزوجية». ويؤكد أن الثقة لا تحتاج مطلقاً إلى بناء خلال الحياة الزوجية، وإنما تولد من الأساس، خصوصاً أن معالجة الشك بين الزوجين تحتاج جراحة قد لا يزول أثرها مع مرور الأيام، وتبدأ بتحديد المسببات التي قد لا تكون المرأة وراءها بالضرورة، وتنتهي بإعادة الثقة بينهما. ويضيف: «إن ثقة الرجل بنفسه ستمكنه من التفريق بين الغيرة والشك، إضافة إلى كون عدم استقامة الرجل في حياته خارج المنزل سبباً رئيسياً في التفسير الخاطئ لسلوك زوجته داخل المنزل». ويذكر أحمد أحد المواقف التي جعلته يغار بشدة على زوجته حينما رآها ذاهبة إلى السوق بعباءة لم تعجبه، ويقول: «للمرة الأولى إحتدّ في النقاش معها، و منعتها من الخروج لأنها كانت ترتدي عباءة ملونة، ما جعلني أتخيل نظرات الرجال إلى ما هو ملكي أنا وحدي».
في قفص الاستجواب
في المقابل ترى أم خالد في الشعور بالغيرة سلوكاً طبيعياً وإنسانياً، غير أنه من الضروري الفصل بين الغيرة من وعلى، وتقول: «ليس من الطبيعي أن تغار الزوجة على زوجها من الأشخاص القريبين منه في عائلته، إذ عليها تفهّم حياته واحترام خصوصياته، والتصرف معه بذكاء يمنعها من مقارنة ذاتها بمن هي أقل منها وإن لفتت نظر زوجها، لأن الخطأ سيكمن فيه وليس في الأخريات»، مضيفة أن المجتمع عادة ما يفسر مطالبة المرأة زوجها بحقوقها من باب الغيرة. وفي يوم من الأيام وضعت زوجها في «قفص الاستجواب» حينما شعرت أن إحدى زميلاتها تنظر اليه زوجها بنظرة إعجاب، مما جعلها تمطره بوابل من الأسئلة التي لم يجبها عليها سوى بكلمة «أحبك»، فما كان منها إلا أن هدأت واكتفت بتجنّب التعامل مع زميلتها حفاظاً على بيتها وأسرتها. وتردف قائلة: «إذا لم تصدر من الزوج تصرفات تثير حفيظة الزوجة فلا داعي للغيرة، ولا بد من ترتيب الأمور وتصنيفها لتصبح أقرب للتطبيق»، مؤكدة أن الغيرة الزائدة قد توصل المرأة الى عدم الثقة بنفسها، مما يسبب لها مشاكل نفسية لا نهاية لها. وتشير إلى أنه ليس هناك فرق بين المرأة في الشرق والغرب، إذ أن طبيعتهما واحدة، خصوصاً أن الفرد بشكل عام لا يسمح لغيره باقتحام خصوصياته. إلا أن المجتمع الغربي يحاول أن يكون على درجة عالية من الذكاء في التعامل مع ردود الفعل. وتقول: «تبنى الثقة بين الزوجين بمجهودهما، وعلى الطرفين أن يقتنعا بأن الخيانة ستقع في كل الأحوال، خاصة إذا أراد أحدهما أن يعيش تجارب عاطفية خارج المنزل فلن يفكر مطلقاً في رد فعل الآخر، إلا أنهما لابد أن يتعاملا بما يرضي الله عز وجل».
غيرة في يوم الزفاف
ويقول علي أحمد: «الغيرة على الزوجة تنطلق من الخوف من تعرضها للأذى، وهذا مقبول شرط أن لا يتعدى حدود الثقة، لأن الغيرة إذا وصلت إلى درجة الشك فستكون مرضاً قاتلاً وهدّاماً، ولن يفيد علاجه مطلقاً».
ولم يصل علي مع زوجته إلى درجة الغيرة الجنونية إلا في يوم زفافهما، إذ أن زوجته من أحد البلدان العربية، فأراد أحد معارفها أن يسلم عليها، ويقول: «بعد أن قدّم لنا التهاني أخبرتني بأنه أراد خطبتها في السابق، وحينما أراد أن يودعنا قبل الرجوع إلى بلدي أوصاني بالاهتمام بها، فما كان مني إلا أن أرد عليه بأسلوب جاف: «هذا ليس من شأنك»، وهذا ما جعلني أمنعها حتى هذا اليوم من دخول أحد المراكز التجارية لأنه يحمل نفس إسم هذا الرجل».
ويرجع سبب غيرة الرجل الشرقي إلى تعاليم الدين الإسلامي التي تدعو للفضيلة وتنبذ كل ما هو خارج عن المألوف، ويضيف: «يعتمد بناء الثقة بين الزوجين على حسن الاختيار منذ البداية، وتقويم الطرف الآخر منذ الشهور الأولى من الارتباط»، مؤكداً اقتناعه التام بالمثل القائل «لولا الغيرة ما كبرت الصغيرة». غيداء عبد الرحيم قرّرت الانفصال عن زوجها بعد مرور عامين على زواجهما بسبب عدم غيرته عليها، وتقول: «لم يبد أي ردة فعل حينما حاولت إثارة غيرته عليّ وزعمت أن أحد زملائي في العمل أوصلني للمنزل، بل فاجأني بسؤالي عن نوع سيارة زميلي. وعندما عرف بأن سيارته من النوع الفاخر ابتسم وقال لي: «لابد أنك شعرت بالفخر حينما ركبتِ تلك السيارة!».
وما جعلها تقرر الانفصال عنه أنه تجرأ في يوم من الأيام وحاول مداعبتها أمام أحد أقربائه دون أن يراعي الدين الإسلامي وكونها محجبة.
اتصالات مريضاته جننتنى
ومن الكويت تروي أسماء مضيف قصتها مع الغيرة فتقول: لأنى وحيدة والديّ فقد تدلعت كثيراً ولم أتعود أن يشاركنى أقرانى ألعابي وحين خطبني أحد الأطباء فرحت والدتي أقنعتنى بالقبول رغم أنى أعرف أن أحد الطبيب دائماً مشغول ووقته ليس ملكه وعشت معه ستة أشهر كنت أمضي فيها أكثر وقتي في بيت والدى لأن لديه دوام ليلى ومناوبات في المستشفى وكنت أشعر بالملل والضيق لكني أسكت حتى لا أفسد فرحة أمي وحين أنتقل من العمل الحكومي فرحت وقلت تحررنا قليلاً حيث في القطاع الخاص المناوبات قليلة بل نادرة وقد انتعش زواجنا هذه الفترة إلا أن المصيبة كانت في أنه صار يتعين عليه استقبال إتصالات هاتفية من مريضاته ليرد على استفساراتهن هنا جن جنوني واشتعلت الغيرة في صدري فمع كل اتصال نسائي كنت أثور وأصرخ وأبكي وأتهمه بالخيانة فما يدريني أن التي تحدثه فعلاً هي إحدى مريضاته؟ وطلبت منه قطع جميع اتصالاته بالمرضى فرفض رفضاً قاطعاً وحتى أنهى المشكلة طلبت أن يعود لعمله القديم في المشفى الحكومى فاتهمنى أننى أهدم مستقبله المهني وأننى لا أنفع أن أكون زوجة لدكتور فطلبت الطلاق وحصلت عليه. قد أكون مخطئة لكنني أشعر الآن أنني أعيش بلا غيرة ولااضطرابات ولاقلق. وتزوجت فانقلبت حياتي رأساً على عقب صار زوجى يغار من نجاحى ولايغار عليّ ويغار من عملي المرموق بينما هو موظف عادي ويطاردني في مواقع العمل من موقع الى آخر وينهرني أمام زملائي من المهندسين دون منطق ويكشف عن محدودية تفكيره وضيق أفقه ليحرجني أمامهم وكان بخيلاً وحين يقارن راتبه براتبي يوفر راتبه الذي لايتعدى الألف دينار بينما راتبي يصل الى ثلاثة آلاف وتحملت إهاناته وشتائمه وبخله وسطحية تفكيره وسذاجته ثلاث سنوات حتى أحقق حلمي بالأمومة ورزقنى الله بطفلين هما كل حلمي وأملى فأكثر ماكنت أفتقده قبل زواجي هو الأمومة وبما أننى حققتها فليس ثمة مبرّر للإستمرار في هذا الجحيم خلعت نفسي في المحكمة أعطيته مبلغاً محترماً وهربت بصغاري لأستعيد نفسي من جديد وأعود لسعادتي القديمة.
لا يحتمل نجاح زوجته
وتحكي آمنة حمادة قصتها فتقول: لدى زوجي شركات عدة ومشغول طوال الوقت ولا أكاد أراه فقررت العمل في عمل مشروع أتسلى به وأمضي فيه جزءاً من وقتي وشجعني زوجي ليتخلص من إلحاحي وانزعاجي ودعمني بمبلغ من المال وعملت بكل جهدي واستعنت بأصحاب الخبرة ونمت تجارتي وكبرت يوماً بعد يوم وزادت شهرتي في السوق وصار لي إسمي ودبّت الغيرة في صدر زوجي
فإذا مرّ يوم خسر فيه وربحت أنا يثور ويتهمنى بالخيانة لأن عندي علاقات مشبوهه مع الكبار في السوق وهم يسربون لي الأخبار ويعطونني الصفقات.
وحاولت أكثر من مرة أن أتحدث اليه بهدوء وأقنعه أن مايدور في رأسه مجرّد أوهام وغيرة من نجاحي لكنه صار يتبعني بسيارته كل يوم ويراقبني حيثما أذهب وحين أعود الى البيت يفتح حقيبة يدي ويفتشها يبحث عن دليل خيانة أو علاقة ما وحين لايعثر على شىء يمسك موبايلي ويقرأ الرسائل الواردة والصادرة والمكالمات ثم يصب جام غضبه وغيرته فوق رأسى. وأحاول قدر المستطاع أن أقاوم وأطرد فكرة الطلاق من رأسى لعلّه يعود الى رشده فأنا لا أجحد دوره فلولاه لما وصلت الى ما وصلت إليه. ولا تزال المشاكل قائمة بيني وبينه حتى الآن.
الغيرة في نظر علم الإجتماع
عندما يتبادل الزوجان مشاعر الشك يتوقفان عن تبادل مشاعر المودّة تقول د. هدى زكريا أستاذة علم الإجتماع في جامعة الزقازيق في مصر: الغيرة الشديدة تعبّر عن حالة عدم ثقة بين الزوجين وإذا وصلت لدرجة الشك الشديد فيجب أن يتم الانفصال بهدوء لأن الحياة لن تعود مطلقاً لسابق عهدها ولكن يجب بناء الثقة بين الزوجين بالتفاهم، وإقناع كل طرف لنفسه بأنه يستحق حب الآخر، فالمشكلة تقع من زوج دميم يشكك في سلوك زوجته الحسناء، والحل أن يقتنع كل طرف بأهميته لدى الآخر.
تكمل الدكتورة هدى: والغيرة في حد ذاتها مطلوبة حتى تضفي على الحياة الزوجية متعة و«بهارات» حتى لا تصبح حياة رتيبة مملة، يشعر فيها كل طرف بأنه بلا قيمة، وفي أميركا تغار النساء على الرجال وكذلك الرجال ولكن هذه الغيرة لا تتحول إلى كارثة بأن يقتل الرجل بسببها، أو يتم الإنفصال نتيجة الشك. والمشكلة أن بعض الأشخاص يتصرفون بشكل خاطئ، ومنهم من يتزوج قبيحة حتى لا يغار عليها، وآخر يعتقد أن زوجته ملك له، وأخرى تعتقد أن زوجها لها فقط وهنا تصبح الغيرة مرضاً يجب العلاج منه. وهناك أزواج يدعون الغيرة على زوجاتهم حتى يضفون حباً وهمياً وسعادة زائفة على حياتهم الزوجية، وننصح هؤلاء بالتصرف بشكل طبيعي.
نظرات الإعجاب والغيرة
تقول اختصاصية علم الاجتماع الأردنية أنسام الناطور بأن انفعال الغيرة مركب تمتزج فيه عناصر من عدة انفعالات أخرى وخاصة انفعال الكره، فغالباً ما تكون الغيرة مصحوبة بالكره والحقد والرغبة في إيذاء الشخص الذي يثير الغيرة . وفي إحدى المرات التقيت سيدة في العقد الثالث من العمر وكان يبدو من مظهرها أنها من الطبقة الثرية وكانت تتمتع بمسحة من الجمال، أخبرتني أنها تشعر بأن حياتها على وشك الإنهيار، وكان يبدو عليها الارتباك، ثـم بـدأت في البكـاء الصامـت لمـدة 3 دقائق وبعدهـا بدأت تتحكَّم في انفعالاتها. وتضيف الناطور: قالت لي المرأة «أنا زوجة رجل أعمال مهم، تزوجت بعد تجربـة حب طويلـة، كنت أعمل مهندسة معه في المكتب، هو دائم السفر وله علاقات إجتماعية واسعة وخبرات طويلة في التعامل مع الناس، وبعد فترة من العمل معه شعرت أني منجذبة إليه بشدة، وفرحت جداً عندما تقدم للزواج منى وقبلت ذلك من دون أي شروط مع إني كنـت أعلم أن له علاقات نسائية متعددة، ولكن كل شيء كان غير ذي قيمة بالنسبة إليّ لأني كنت أعلم أنني سوف أستطيع أن أتحكم فيه بعد الزواج، فتزوجنا وسافرنا في جولة في أوروبا، وكان يشيد بجمال الفتيات الأوربيات، لكنني كنت أعتبر ذلك كمن يتفرج علي مسابقة ملكات جمال العالم ، بعد فترة وجدت أن زوجي عينه زائغة، وبعدها بدأت المشاكل وبعد رجوعنا الى الأردن انهمكت في شؤون المنزل لأنه طلب مني أن أترك العمل واستقرّ في البيت، كنت أحياناً ألاحظ في أثناء السهرات في الفنادق أنه ينظر بشدّة وباستغراق لأي سيدة جميلة، وعندما كنت أنبهّه لذلك كان ينكر ويقول لي أنه في العمل وأمور الشغل. وكنا أحياناً نقطع السهرة ونرجع الى البيت دون أن نكمل العشاء في النادي أو المطعم، وكان يتّهمني بأني إنسانة غيورة وشكّاكة، وأصبحت حياتنا كلها مشاكل وأصبح يتحاشى الجلوس معي، وصار المنزل كأنه فندق للنوم والأكل ومن دون مشاعر إنسانية، أدركت أن حياتي أصابها الفشل، فلا أنا استطعت احتواءه، ولا هو قدّر مشاعري، واجهته بما أشعر، فاتهمني بالغيرة المرضية، هو حالياً اتجه الى الناحية الدينية وأصبح ملتزماً بعد أدى فريضة الحج وليس له هم في الحياة سوى عمله، وتطلّقنا بعد عشر سنوات من العذاب لكلينا، وزاد الأمر صعوبة أنني لم أنجب».
حزَمَ حقائبه ورحل!
وفي أحد الأحياء الشعبية في مدينة الجيزة حدثت مشاهد هذه القصة المثيرة، تم الزواج بين سحر وزوجها العربي الجنسية سمير، استمر الزواج خمس سنوات عانت سحر كثيراً من غيرة زوجها المستمرة، ولكنها تحملت كثيراً بسبب رغبتها في استثمار حياتها الزوجية، حرصا على مصلحة أطفالها الثلاثة الذين كانوا نتاج هذا الزواج.
لم تنكر سحر أنها تحب زوجها الشاب ولكن غيرته دمّرت الكثير من هذا الحب، حدثت بينهما أكثر من مشكلة بسبب شكوكه وغيرته على زوجته المنقبة، كانت تخبره دائماً أنه لا يوجد من ينظر إلى سيدة منتقبة تسير في الشارع، ولكن سمير لم يقتنع مطلقاً بهذا المنطق، ظل على عهده شديد الغيرة، حاد في التعامل مع زوجته التي فشلت تماماً في انتشاله من هذا المرض الذي أصابه.
كان في انتظار الزوجة مفاجأة قاسية لم تتوقعها مطلقاً، استيقظت في صباح أحد أيام الجمعة، اكتشفت أن زوجها غير موجود في المنزل، بحثت عنه في كل مكان، لكنها لم تجده، ظنت في البداية أنه ذهب لقضاء بعض حاجاته، لكنها اكتشفت بعد ذلك أن الزوج حزم حقائبه، ترك لها خطابا يؤكد فيه أنه لن يعود مطلقاً بسبب غيرته المستمرة على زوجته، وكم كانت هذه الغيرة هي سبب تعاسته، تمنى الزوج لزوجته حياة مستقرة بعيدة عنه واختتم خطابه دون أن يرسل لزوجته وثيقة الطلاق أو حتى يخبرها أنه سيذهب.
الغيرة لا تأتي من فراغ
ومن سورية أيضاً تقول السيدة رحاب: أعتقد أن الغيرة شعور لا يأتي من فراغ، فعندما يقضي الزوج معظم وقته خارج المنزل بعيداً عن زوجته وأولاده، يولد هذا شعوراً بالغيرة عند المرأة وهذا شيء طبيعي فهي في هذه الحالة تشعر وكأنها أم عزباء لا مساند لها ولا أحد يهتم بها وبقضاياها. أما عن علاقتي بزوجي، فأنا بطبعي لا أغار على زوجي وهو لا يغار عليّ. وهذا يجعل علاقتنا سليمة، على الرغم من أنني موظفة وعلى احتكاك دائم بالمراجعين، لكنه يتفهّم طبيعة عملي وهذا شيء مهم بالنسبة الى الزوج، فأحياناً أتلقى العديد من الاتصالات من زملاء العمل في المنزل ومع ذلك لا أتعرض الى مساءلة زوجي، وبالمقابل أعامل زوجي بالمثل في علاقته مع زملائه، لذلك فالغيرة بيننا معدومة وتحل محلها الثقة والتفاهم المتبادل وهذا أساس نجاح علاقتنا.
من البيت الى المحكمة
يتردد في الاوساط الفنية ان سبب طلاق المذيعة والممثلة مشاعل الزنكوى من زوجها المنتج مصعب الفيلكاوى هو الغيرة الفنية الشديدة حيث قبل زواجها منه كان مجرد رجل اعمال لكن يبدو ان الشهرة والنجومية استهوته فدخل لعبة الإنتاج الفني وبعد أول تجربة إنتاج خاضها كانت من بطولة زوجته لكن حين أراد الإنتاج لأخريات ثارت ثائرتها وبدأت الخلافات وتبادل الاتهامات هي تتهمه بأنه يريد الصعود على أكتافها واستغلال شهرتها وهو يتهمها بالغيرة من نجاحه حتى وقع الطلاق وبدأ النزاع الجديد في المحاكم.
لا نستطيع الحكم من النظرات
أما رأي الناطور في هذه القصّة فتلخصه بالقول: «نظرات العين لا تنم عن شيء محدد، قد تكون مجرد نظرات إعجاب ليس أكثر، لا نستطيع أن نحكم على إنسان من مجرد نظرات قد لا يكون لها معني على الإطلاق، الله تعالى هو الذي يستطيع أن يحكم علي نظرات الأعين، وهي قدرة خاصة من قدرات الله، وليست من قدرات البشر، الموضوع كله إحساس مرضي ترسب في نفس الزوجة منذ فترة الطفولة، ويحتاج للعلاج النفسي، وقد نصحتها بذلك». ولكي نستطيع منع الغيرة بين الزوجين يجب أولاً أن يكون هناك تقارب في شخصية الزوجين وتقارب في المستوى الإجتماعي والثقافي حتى يكون هناك تآلـف ومحبة وود وتفاهم، ويجب أن يُبنى الزواج على الصراحة في كل الأمور صغيرها وكبيرها حتى يكون هناك وضوح في المعاملة. وإذا كان أحد الزوجين يعاني من الحساسية الزائدة أو من الغيرة فيجب تجنّب العوامل التي تؤدي لزيادة هذه الحساسية. أما إذا ازداد المرض وأدت الغيرة إلي الشقاق في الأسرة فيجب عرض الأمر علي الطبيب النفسي لدراسة الحالة ووضع طريقة العـلاج المناسبـة لاستمرار المؤسسة الزوجية وعدم تعرضها للإنهيار. وتكمل أخيرا: لقد قال أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم: «إن من الغيرة غيرة ببغضها الله عز وجل وهي غيرة الرجل على أهله من غير ريبة».
شارك
الأكثر قراءة
أخبار النجوم
سعد الصغير يبكي ويرفض الحكم الصادر بحقه (فيديو)
ساعات ومجوهرات
لجين عمران تخطف الأنظار بالوردي وبمجوهرات راقية
إطلالات النجوم
البساطة عنوان إطلالتَي الملكة رانيا والأميرة رجوة
أخبار النجوم
رانيا فريد شوقي تثير جدلاً بين جمهورها بسبب...
أخبار النجوم
خاص لها - إلهام شاهين تكشف سر خسارة وزنها ووجود...
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024
شؤون الأسرة
اقتراحات تمييزية للتشويش على حق الأمهات اللبنانيات بإعطاء الجنسية لأطفالهن
شؤون الأسرة
عائلة حسام ورولا تنقل تفاصيل دقيقة عن الحياة في هولندا بكل صعوباتها وإيجابياتها
شؤون الأسرة