مواجهة مثيرة مع ساحر: أتحدى لو اشتكى أي شخص من نتائج أعمالي..
دائماً تلاحقهم اتهامات بتدمير الأسرة، وابتزاز الأبرياء وخداعهم باسم الأعمال السفلية، وغالباً ما تنجح خططهم في اللعب على أوتار البسطاء والمتعلمين على السواء وتستقبل منازلهم المئات من الزبائن الذين ما جاؤوا إلا لحاجة ملحة، ومشكلة عويصة يبحثون عن حل لها!
«الشيخ» حسين كان أحدهم، ذاع صيته في منطقة الهرم، وأعلن أنه قادر على علاج جميع الأمراض المستعصية، وإخراج الجن من الأجساد وإعادة الزوج الجامح، وزرع بذور الحب، لكنه أيضا سقط في فخ الجريمة بعد أن اشترك مع شخص آخر في ضرب عجوز حتى الموت بحجة إخراج الجان من جسده!
ربما كان هذا الحادث هو سبب القبض على ساحر الهرم الذي أمضى أكثر من 15 سنة وهو يمارس مهنته سراً، وتقول الأوراق الرسمية إن أحداً لم يتقدم بشكوى ضده أو يتهمه بالنصب أو الاحتيال!
كانت أيضاً الأوراق الرسمية تخالف ما قاله الساحر العجوز الذي حاول أن ينفي عن نفسه كلمة ساحر، وأن يجمل من نفسه كثيراً، وأن يرتدي ثوب الملائكة حينما أدعى إنه رسول الحب بين جيرانه، هم الذين يبحثون عنه ليخفف آلامهم، ويحل مشاكلهم. الأحراز في مسكنه لم تختلف كثيراً عن الأحراز التي يتم ضبطها في مساكن السحرة، كتب صفراء، بخور نادر، ومؤثرات سمعية، وجماجم، طلاسم ومواد غريبة.. لحلها كما يطلقون عليها «عدة النصب»، قررت أن أسرد الحوار الذي جاء بيني والساحر قبل أن أعرض ما جاء في الأوراق الرسمية.
- منذ متى وأنت تمارس السحر؟
أرفض كلمة السحر. أنا أعالج بالقرآن مرضى المس والجان، وأستعين بالآيات القرآنية، وأعوذ بالله من السحر.
- هذا الكلام يقوله جميع السحرة، فلا يوجد من يعترف بأنه يمارس السحر السفلي؟
الفصل بيننا يعود للناس, أحضر لي من قمت بعمل سحر سفلي له، أو اشتكى من أي ضرر لحق به.
- تحريات المباحث تؤكد أنك تعمل بالسحر السفلي؟
كل ما يعمل في مهنة العلاج بالقرآن لابد أن يكون عنده خبرة في أعمال السحر لأنه يحاول أن يواجهها.
- هل هذا مبرّر وجود الكتب الصفراء في منزلك؟
نعم، لقد بذلت جهداً كبيراً في الحصول على هذه الكتب النادرة لأدرسها بشكل جيد حتى أقاوم هذا العلم الشيطاني، والحمد لله نجحت في فك عشرات الأسحار السفلية.
- ومن الذي يمنعك من عمل أسحار لآخرين؟
ضميري وخوفي من الله!
عهود سليمانية!
- سألت الشيخ حسين: تدّعي أنك تعالج المسحورين بالقرآن، وأنت غير مؤهل علمياً، بالاضافة إلى وفاة أحد الأشخاص بتأثير العلقة الساخنة التي نالها منك بحجة إخراج الجان من جسده؟
لا يوجد شىء اسمه التأهيل العلمي، لأن هذا العمل نتاج موهبة ربانية لا تمنح للجميع، والشخص الذي مات أثناء إخراج الجان من جسده كان مريضاً، وكبير السن وتوفي من الخوف لا من الضرب، وكدنا ننجح في علاجه بعد عدة جلسات، وبدأ الجان الذي يسكن جسده الاستعداد للهرب.
- ألا توجد وسيلة سوى الضرب لإخراج الجان من الأجساد؟
الضرب هو إحدى الوسائل، إلا أن هناك طرقاً أخرى منها قراءة آيات معينة وأدعية، وجلسات مكثفة في منزلي والحمد لله كلها تؤدّي الغرض نفسه!
- الشرطة وجدت في منزلك أحجبة فيها طلاسم غير مفهومة؟
هذه عهود سليمانية متعارف عليها لكني لن أبوح بأسرارها.
- هل هناك أسرار كثيرة في عالم الجان؟
هذا العالم مليء بالأسرار والعهود مع الجان، ومن يخالفها يتعرض للحرق وهذا حدث مع بعض الذين يمارسون هذه المهنة، لذلك نسعى إلى احترام مواثيق التعامل مع عالم الجان.
- البعض يردد أنكم تصطادون الأبرياء وتلعبون على وتر خرافات يصدقها البسطاء؟
السحر وارد في القرآن، وزبائني من كل المستويات، بينهم أساتذة جامعة، ومهندسون وموطفون كبار، بل إن العشرات يطرقون بابي وقد جاؤوا من بلاد بعيدة.
- كم كنت تتقاضى في مقابل الاستشارة، أو علاج أي حالة؟
كنت أقبل الهبات ولا أفرض تسعيرة معينة، والحمد لله أحوالي المادية كانت مقبولة!
- لكن الشرطة عثرت في مسكنك على أموال طائلة، وأكدت التحريات أنك تفرض تسعيرة غالية في مقابل كل حالة تقوم بالكشف عليها، وبلغت هذه التسعيرة 1000 جنيه لبعض الحالات
هذا كلام ليس صحيحاً.
- بعض السحرة يستعينون بالجان لقضاء حوائجهم، فهل أنت منهم؟
لست ساحراً، لكنني أتعامل مع الجان بشكل متوازن!
- ماذا تعني بعبارة «شكل متوازن»؟
يجب أن يشعر الجان بأنني لست خائفا منه، وأنني أكثر قوة منه حتى يخشاني وإلا فسينقلب إلى عدو لدود يدمر حياتي ولا يساعدني على شفاء أي حالة.
- وما هو دور الجان في شفاء الأمراض؟
معظم الحالات التي تأتي عبارة عن شخص ملبوس بجان كافر، ويجب الاستعانة بجان مؤمن لمواجهة الكافر ودائماً المعركة تنتهي لصالح الخير، وهناك حالات أواجه فيها بشخص مسحور بما يسمى «سحر بتوكيل جان»، أي أن هناك جاناً يحمي السحر حتى يظل لعنة تصيب المجني عليه طوال العمر. وهذا أصعب أنواع السحر ويحتاج إلى جان مؤمن قوي لمواجهته.
- وهل نجحت في فكّ حالات كثيرة من هذه الأسحار؟
بإمكانك أن تسأل أهالي المنطقة فكلهم يشهدون لي، وقد أزلت آلامهم، فهناك من تسبّب السحر بشلّ ساقيه وهناك من أصابه السحر بعرج أو ثقل في اللسان، وآخرون دمر السحر حياتهم الزوجية، والحمد لله نجحت في علاج العشرات، بل المئات منهم على مدار سنوات.
- وما هي أصعب حالة واجهتك؟
كل الحالات صعبة، وأعتبر كل واحدة منها تحدياً ومباراة مع الجان أمارس فيها عملي وخبراتي. لكنني لا أنسى حالة سيدة متزوجة كان زوجها يراها كالقرد حينما ينام بجوارها، واكتشفت أن إحدى قريبات الزوج كانت تريد التفريق بينهما فلجأت إلى ساحر ألقى لها «العمل» على ظهر سمكة في البحر!
«كانت المهمة شديدة الصعوبة، واستغرق العمل وقتاً طويلاً. وبعد ثلاثة أشهر تضمنت 15 جلسة تمكنت من فكّ السحر والانتصار على الجان، وعادت المياه إلى مجاريها بين الزوجين!
طرد الجان!
- عثرت الشرطة على شريط كبير فيه أصوات مجسمة كنت تستخدمها لخداع زبائنك. فما تفسيرك لهذا؟
الأصوات التي تتحدث عنها ليست لخداع الزبائن لكنها لطرد الجان الذي نستخدم معه أساليب عديدة حتى يخرج من الجسد، سواء البخور أو القراءات أو الاصوات المزعجة.
- ومن أين تلقّيت هذه العلوم والخبرات؟
تدربت على يد الشيخ فضل، وهو أحد الخبراء القدامى في هذا العالم. وبعد عامين أصبحت مؤهلاً للعمل بمفردي، لكنه طلب مني ألا أسيء استخدام هذا العلم لأنني قد أفقد حياتي كلها بسبب غلطة واحدة.
- ماذا عن أسرتك؟
كنت متزوجاً.
- أين أولادك؟
لا داعي لهذا السؤال.
أشاح الشيخ حسين بوجهه بعيداً وكأنه يؤكد عدم رغبته في الخوض بتفاصيل شديدة الخصوصية، بل يحيطها الغموض الشديد، لأن تحريات الشرطة أكدت أن هذا الرجل جاء إلى منطقة الهرم وحده منذ سنوات عديدة، ولم يكن يستقبل زواراً، ومنزله كان مظلماً تنبعث منه أصوات مخيفة جعلت سكان المنطقة يبتعدون عن طريقه!
انتهى الحوار مع الساحر الذي رفض أن تلصق به هذه الكلمة. أما الأوراق الرسمية فتتحدث عن الشيخ حسين الذي يحترف السحر السفلي، فكان يستقبل بعض السيدات اللواتي يردن أن يجرين سحراً سفلياً لبعض الناس ويشترط الحصول على صورة الشخص المراد إجراء السحر له، مع أي شىء من ملابسه أو أغراضه الخاصة. الشواهد كانت تؤكد أن حسين كان متفوقاً في هذا المجال وحصد آلاف الجنيهات بسبب السحر السفلي وذلك تحت ستار العلاج من المس واللبس، واستخدم كل السوائل الملعونة في سبيل نجاح مهمته.
لم تستطع أجهزة الأمن القبض عليه لسنوات طويلة بسبب عدم ابلاغ أي ضحية الشرطة ضده، فهناك المئات مثله يمارسون مهنتهم تحت ستار الظلام، يستقبلون في منازلهم الزبائن الأثرياء. وأفاد الشهود أن منزل حسين تحوّل إلى ما يشبه السرادق الكبير في الآونة الأخيرة بسبب توافد المئات عليه حتى ساعات متقدّمة من الليل، حتى أنه استعان بأكثر من سكرتير لتنظيم مواعيده، واحتاج بعض الزبائن إلى واسطة للحصول على موعد مبكر، وذلك بعدما ذاع صيته في منطقة الهرم. أمام النيابة أنكر حسين الاتهام الموجه إليه، وأكد أنه ليس ساحراً أو دجالاً، ونفى مسؤوليته عن وفاة العجوز وألقى بالاتهام على قريب المجني عليه. وقررت النيابة إحالة الساحر المتهم إلى محاكمة عاجلة.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024