تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

الدكتورة آمنة نصير

تدق الدكتورة آمنة نصير العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر ناقوس الخطر من إدمان المراهقين من الشباب والفتيات للتشات والمكالمات العاطفية في رمضان لأنه يقلل ثواب الصيام إن لم يُضعْه وحثت الصائمين على الاجتهاد في العبادة وعدم الانسياق وراء المسابقات التلفونية ومشاهدة الأعمال الفنية الصارخة لأنها حراماً شرعاً.

 وأوضحت أن الإسلام دين يسر ولا يحارب الترفيه المباح الذي ليس فيه معصية حتى ولو وصل الأمر إلى دخول السينما إذا كان ما يعرض فيها لا يتنافى مع الأخلاق والتعاليم الدينية. وأشارت إلى موجة التعصب التي تحرم على أهل الفن فعل الخير من خلال إقامة موائد الرحمن واعتبرتها نوعاً من التضييق عليهم ومصادرة حقهم في الطاعة. وقالت: «إن الزواج في رمضان حلال، ومع هذا نجد الناس يتوقفون عن الزواج  ودعت الأزواج والزوجات إلى الابتعاد عما يؤدي إلى الجماع لأن كفارته كبيرة ولا يقدر عليها كثيرون...»

- ما حكم الحديث بين الفتيات والشباب على التشات في رمضان؟
يتوقف الحكم الشرعي على ما يقولون عبر «التشات». فاذا تبادلوا كلام الحب ولم تكن بينهما صلة شرعية، يكون ما بينهما على «التشات» حرام شرعاً سواء في رمضان أو غيره. ويقلل هذا من ثواب الصائمين الذين لم يراعوا حرمة الصيام وآدابه والأخلاق التي يجب أن يتحلى بها الصائم.
أما إذا كان حديث «التشات» في أمور الحياة العادية لضرورة عمل كأن يكونا زميلين في العمل أو الدراسة ويتم الاستفسار عن شيء والانتهاء فوراً بعد تحقق المطلوب فهذا لا شيء فيه لأنه لم يحدث فيه ما يغضب الله.

- ولكن هناك من يرى أن غرف «التشات» تأخذ حكم الخلوة غير الشرعية المحرمة حتى ولو كان الحديث عادياً؟
هو نعمة من نعم الله علينا إذا أحسنا استخدامه دون أي مخالفة للشرع في ما يدور بين الطرفين فما المشكلة في ذلك طالما أن هذا يتم في النور ويساعد على حل مشكلة أو ضرورة حياتية دون أي تطرق إلى أحاديث شخصية أو مشاعر غير نبيلة أو فعل ما يغضب الله.

المكالمات العاطفية

- أدمن بعض الشباب والفتيات المكالمات العاطفية حتى في رمضان  فهل هذا يبطل الصوم؟
لا شك أن مخاطبة الشباب للفتيات اللواتي لا يحللن لهم عبر الهاتف من خلال مكالمات عاطفية أمر غير جائز شرعاً، ومن يفعل ذلك فهو آثم شرعاً ويقلل من ثواب الصوم وقد يفسده إذا أدت المكالمة إلى الإثارة والإنزال. ونود التأكيد أن هذه المكالمات محرمة سواء في رمضان أو غيره لما في ذلك من الفتنة التي تؤدي إلى ما يغضب الله ويؤثر على ثواب الصيام بالنقص، لأنه مطلوب من الصائم المحافظة على صيامه مما يخل به، وكم سببت هذه الاتصالات بين المراهقين من الشباب والفتيات من مصائب وكوارث أخلاقية وجرائم اجتماعية...

- هل يختلف الأمر إذا كانا مخطوبين أم أن الحكم الشرعي واحد؟
إذا كانت الفتاة مخطوبة لمن يتصل بها هاتفياً وكان الكلام عادياً ولمصلحة الخطبة دون التطرق إلى ما يغضب الله، وإن كنت أرى أنه من الأحوط التقليل من ذلك في نهار رمضان، حتى لا يكون ذلك مدخلاً من مداخل الشيطان الذي يعمل على التقليل من ثواب العبادة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، ومنها المكالمات الهاتفية بين الشباب والفتيات في سن المراهقة حتى ولو كانوا مخطوبين ‏لأنهما في النهاية أجانب عن بعضهما ما لم يتم عقد الزواج.

مسابقات القمار

- المسابقات الهاتفية التي تعلن عنها الفضائيات للحصول على مبالغ طائلة بكثرة الاتصالات المدفوعة ليفوز في النهاية واحد من جميع المتصلين ما حكمها وخاصة في رمضان؟
هي نوع من القمار المحرم شرعاً وإضاعة للمال في ما لا يفيد، خاصة أن المنظمين يتعمدون أن تكون الأسئلة تافهة جداً حتى يتصل أكبر عدد من المشاهدين ويحصلوا هم على المبالغ الطائلة. ولهذا فهي نوع من السفه وإهدار للمال في عمليات قمار محرمة.

دخول السينما

- هل يجوز دخول السينما في رمضان؟
السينما مثل أي مكان يتوقف الدخول إليه على ما يتم عرضه فيها، فإذا كانت أعمالاً خارجة عن الأخلاق وتعاليم الدين فدخولها محرم في رمضان وغيره، وإن كان رمضان أشد حرمة. أما إذا افترضنا أنه يعرض فيها في رمضان فيلم ديني أو تاريخي مفيد فلا مانع شرعاً من دخوله طالما أنه ليس فيه ما يغضب الله ويتنافى مع الأخلاق الفاضلة.

موائد أهل الفن

- لا يمر عام إلا ونجد من يحارب إقامة أهل الفن مثل فيفي عبده وشيريهان وغيرهما موائد الرحمن للصائمين. ويؤكد المتعصبون أنها غير مقبولة ولا يجوز للصائمين تناول الطعام عليها وإلا كان صيامهم باطلاً؟
إذا كان هؤلاء يستندون إلى الحديث النبوي: «إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً» وبالتالي فقد حكموا على مال أهل الفن بأنه كله حرام حتى ولو كان جزء منه من عمل ليس فيه شبهة كأن يكون من مصدر آخر غير الفن كالميراث أو المشاركة في عمل تجاري، فالمشكلة أن البعض نصب نفسه وصياً على خلق الله يكفر هذا ويدخله النار ويمتدح هذا ويدخله الجنة مع أن الله هو وحده المحاسب والمطلع على النيات، ولا يحاسب الناس على الظاهر فقط  لأنه سبحانه أعلم بالسرائر.

وحتى إذا افترضنا أن المال الذي يتم إنفاقه على موائد الرحمن لأهل الفن فيه شبهة أو حرام، أليس الأفضل التخلص منه في عمل الخير عسى أن يكون ذلك باباً للتوبة الصادقة وبداية للرجوع إلى الله القائل: «قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم».

توقف الزواج

- يتوقف الزواج في رمضان ظناً من الناس أنه حرام، فأين الحقيقة؟
الزواج في الإسلام حلال طوال العام ولكن الناس لا تتزوج في رمضان إلا في حالات نادرة جداً خشية حدوث الجماع في نهار رمضان، وبالتالي إفساد الصوم ووجوب الكفارة على المتزوجين الذين لا يمكنهم السيطرة على غرائزهم في نهار رمضان، ولكن إذا استطاع الزوجان السيطرة على شهواتهما فلا مانع شرعاً.

- إذا كنا نعلم أن كفارة الجماع قاسية وشديدة لأن الزوجين تعمدا ذلك، ما هو المخرج إذا حدث الجماع بعد الفجر وظن الزوجان أن الفجر لم يؤذن بعد؟
يفسد الصوم وعليهما القضاء دون الكفارة وهذا من باب اليسر لأنهما لم يتعمدا الجماع بعد بدء الصوم.

الصلاة أم الفطر

- البعض يصر على الصلاة قبل تناول طعام الإفطار مما يشق على بقية الأسرة فأيهما أفضل أن نبدأ بالطعام أم الصلاة؟
من الأفضل للصائم أن يقتدي بالرسول الذي كان يبدأ فطره بتمرات أو قليل من الماء أو بما يشبههما قبل صلاة المغرب ثم بعد ذلك يصلي المغرب ثم يتناول فطوره كاملاً، وهذا إذا لم يكن الطعام حاضراً وقت الإفطار، فإن كان موجوداً فلا بأس من البدء به قبل الصلاة مع شيء من السرعة حتى لا يمر وقت طويل بعد أذان المغرب دون الصلاة.

 

القبلات حلال ولكن

- كثير من الأزواج والزوجات لا يستطيعون التوقف عن القبلات في نهار رمضان إلا أنهم في حيرة من آراء الفقهاء فيها فماذا عن هذه القبلات؟
الإسلام دين يحترم الفطرة الإنسانية ولا يصادمها بل يهذبها ولهذا فإن تقبيل الرجل زوجته ومداعبته لها بغير الجماع وهو صائم جائز شرعاً لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبّل وهو صائم ويباشر وهو صائم لكن الفقهاء أكدوا أنه إذا خشي الجماع لكونه سريع الشهوة تم منعه من ذلك، ولهذا فإن الفقهاء أباحوا القبلات للمتقدمين في السن لأنهم أكثر قدرة على السيطرة على غريزتهم، في حين منعوها على الشباب خشية الجماع الذي يفسد الصيام، فإن أنزل كان عليه كفارة شاقة، وهي عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً.

التطوع والقضاء

-صيام التطوع يتقرب به الإنسان إلى ربه فما هي ضوابطه بالنسبة الى المرأة إذا أرادت صومه قبل رمضان؟
قال صلى الله عليه وسلم‏‏: « ‏لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد - أي حاضر - إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه‏»  فلزوجها أن يمنعها من صيام التطوع.

- هل يمتد هذا إلى صيام القضاء للأيام التي أفطرتها في رمضان السابق؟
له أن يمنعها من صيام القضاء الموسّع ‏إذا كان عليها أيام من رمضان والوقت طويل فله أن يمنعها من صيام القضاء،‏‏ أما إذا كان الوقت ضيقاً ولم يبق إلا قدر الأيام التي عليها فليس له أن يمنعها.

جماع بالإكراه

- إذا أكره الزوج زوجته على الجماع في نهار رمضان  فماذا تفعل؟
من المعلوم أن الجماع من مفسدات الصوم بالإجماع، وأنه يجب فيه الكفارة المغلظة وهي عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا‏.‏ أما إذا أكرهت المرأة على الجماع بأن أكرهها زوجها إكراهًا لا تستطيع التخلص منه وجامعها وهي صائمة فليس عليها كفارة وإنما عليها القضاء فقط ويرى بعض الفقهاء أن كفارتها تكون عليه بمعنى أن عليه أن يؤدي كفارتين عنه وعن زوجته التي أكرهها ويجب عليه التوبة إلى الله، ومن العلماء من قال إنه لا كفارة على المرأة مطلقًا لا في حالة الاختيار ولا في حالة الإكراه وإنما يلزمها القضاء فقط وهناك من قال عليها كفارة إذا كانت راغبة مثله وساعدته على ذلك.

الصوم حياء

- هل تأثم المرأة إذا صامت حياء من أهلها وعليها الدورة الشهرية؟
لا شك أن فعلها أمر مرفوض شرعاً ولا حياء في تنفيذ أحكام الشرع في الصيام وغيره  ولا يجوز الحياء فالحيض أمر كتبه الله على بنات آدم، وقد أمر الله الحائض بعدم الصوم والصلاة وبالتالي فإنها إذا صامت وهي حائض حياء من أهلها عليها قضاء تلك الأيام التي صامتها حال الحيض.

- ماذا تفعل إذا بلغت الفتاة في منتصف رمضان مثلاً؟
متى بلغت الفتاة وجب الصيام  حتى ولم يكن يتبقي من رمضان سوى أيام قليلة يلزمها صيام ما تبقي من الشهر ولا يشترط انتظار رمضان المقبل لتصومه كاملاً كما تفعل كثير من البالغات حديثاً.

تأخير الدورة الشهرية

- تتعمد بعض النساء أخذ حبوب في رمضان لمنع الدورة الشهرية أو تأخيرها حتى لا تقضي في ما بعد فهل هذا جائز؟
نزول دم الحيض سنة الله في خلقه من النساء ولهذا أرى أن تترك المرأة الأمور تسير بشكل طبيعي كما أرادها الله وتبقى على ما قدره الله وكتبه على الإناث لأن لله حكمة في إيجادها فإذا منعت هذه العادة فإنه لا شك يحدث منها رد فعل ضار على جسم المرأة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «لا ضرر ولا ضرار» وخاصة إذا قرر الأطباء ذلك باعتبارهم أهل الاختصاص في هذه القضية.

أحكام نسائية متفرقة

- هل يجوز للمرأة أن تقرأ في كتب دينية مثل كتب التفسير وغيرها وهي على جنابة أو في وقت العادة الشهرية؟
يجوز قراءة الجُنب والحائض في كُتب التفسير وكُتب الفقه والحديث والتوحيد ونحوها وإنما المنع من قراءة القرآن على وجه التلاوة لا على وجه الدعاء أو الاستدلال ونحو ذلك.

- كثير من الفتيات لا يصمن إلا بعد سنوات من البلوغ فهل لهن توبة؟
التوبة تهدم ما قبلها فعليهن بالندم والعزم والصدق في العبادة والإكثار من النوافل من صلاة  في الليل والنهار وصوم تطوع وذكر الله وقراءة القرآن والدعاء والاستغفار والله يقبل التوبة من عباده  ويعفو عن السيئات.

- امرأة عليها صيام أيام كثيرة بسبب الحمل والولادة والرضاعة وهي مريضة ولا تستطيع القضاء، فماذا تفعل؟
عليها إخراج الفدية إذا يئست من القدرة على القضاء بقية حياتها بسبب المرض وذلك بتقرير الأطباء المسلمين الثقات وحينئذ عليها الكفارة وهي إطعام مسكين عن كل يوم وقدره كيلو ونصف الكيلو من قوت البلد. والمسكين هو من تجوز له الزكاة من غير المحارم ومن تجب عليها نفقتهم.

- امرأة حامل في الشهور الأولى أجهضت وتم إجراء عملية تنظيف لها فهل تصوم وتصلي فوراً؟
ما دام الإجهاض في الشهور الأولى فليس لها أحكام النفاس وتجب عليها الصلاة والصيام وتغسل الدم وتتوضأ وتصلي، وإذا شقَّت عليها الصلاة تجمع الظهر والعصر معاً و المغرب والعشاء معاً  وإذا شقَّ عليها الصيام لوجود النزف فلها أن تفطر لمرضها وتقضي وإذا صامت فصيامها صحيح لأن هذا ليس دم نفاس يمنع الصيام.

- إذا طهرت المرأة بعد الفجر مباشرة هل تمسك وتصوم هذا اليوم ويعتبر يوماً لها أم يجب عليها قضاء ذلك اليوم؟
إذا انقطع الدم منها وقت طلوع الفجر أو قبله بقليل صح صومها ولو لم تغتسل إلا بعد أن أصبح الصبح أما إذا لم ينقطع إلا بعد أن تبين الصبح فإنها تمسك ذلك اليوم ولا يحتسب صياماً  بل تقضيه بعد رمضان.

- إذا طهرت الحائض في أثناء النهار من الحيض فهل تمسك بقية اليوم؟
إذا طهرت المرأة في أثناء النهار من الحيض أو من النفاس تمسك بقية ذلك اليوم وتقضيه فإمساكها لحرمة الزمان وقضاؤها لأنها لم تكمل الصيام وأن الذي يصوم نصف النهار لا يعد صائماً.

- بعض النساء تتراوح العادة الشهرية لهن ما بين سبعة إلى ثمانية أيام فمتى تتخذ القرار النهائي ببدء الصلاة والصوم؟
لا تتعجل حتى ترى القصة البيضاء التي تعرفها النساء وهي علامة الطهر لأن توقف الدم ليس هو الطهر وإنما ذلك برؤية علامة الطهر وانقضاء المدة المعتادة.

- ما حكم الدم الذي يخرج في غير أيام الدورة الشهرية؟
هذا الدم الزائد على العادة هو دم عرق لا يحسب من العادة فالمرأة التي تعرف عادتها تبقى زمن العادة لا تصلى ولا تصوم ولا تمس المصحف ولا يجامعها زوجها فإذا طهرت وانقضت أيام عادتها واغتسلت تكون في حكم الطاهرات ولو رأت شيئاً من دم أو صفرة أو كدرة فذلك استحاضة لا تمنعها عن الصلاة أو الصيام وغيرهما من العبادات.

- هل يجب الصيام على إنسان يفقد الذاكرة؟
فقدان الذاكرة لا يوجب الصوم ولا الصلاة ولا الطهارة لأن فاقد الذاكرة هو بمنزلة الصبي الذي لم يميز فتسقط عنه التكاليف فلا يلزمه أي من التكاليف الشرعية. 

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079