تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

حادثة خولة هزّت الشارع السوري

في الماضي كانت حوادث الاعتداء الجنسي على الأطفال نادرة، وكان كل حادث أخباره تنتشر بسرعة في المجتمع المحلي ليحكي عنه الناس بجلساتهم ويظهر استنكارهم لتلك الجريمة. أما اليوم فأصبحت جرائم اغتصاب الأطفال من الجرائم الشائعة في المجتمعات، وقلما تخلو منطقة من تلك الممارسات الشنيعة. الغريب في قصتنا هذه ليس الاعتداء الجنسي فقط، بل أن هذه الجريمة أصبحت حديث الشارع السوري بعدما كشف والد الطفلة خولة ذات الأربع سنوات قصة الاعتداء الذي تعرضت له على أيدي أربعة شبان ثم رميها ودفنها في التراب، فيما يتحاشى الكثير من الأهالي الاعتراف بجرائم الاعتداء على أطفالهم خوفاً من العار الاجتماعي. ومما زاد من أهمية تلك الجريمة أن الرئيس السوري بشار الأسد والسيدة عقيلته أسماء الأسد زارا خولة في منزلها في حلب واطلعا على وضعها الصحي وجلبا لها هدايا ووعدا عائلتها بأن المجرمين سينالون عقابهم، وأن خولة ستعالج في فرنسا قريباً. وبهذا تكون قصة خولة بمثابة درس لكل مجرم قد يحاول في المستقبل الإقدام على تلك الجريمة.

القصة
عن تفاصيل الحادثة التي تعرضت لها الطفلة خولة تحدث حسن الأحمد قائلاً:
جريمة اغتصاب ابنتي خولة وقعت عندما كنا مدعوين إلى زفاف، فطلبت خولة من والدتها مبلغاً من المال لشراء مشروبات غازية، إلا أن المبلغ لم يكف وطلبت زوجتي من ابنتي أن تذهب إلي في الطابق العلوي لعرس النساء حيث كان يجري عرس الرجال.
وهناك شاهدها أربعة شبان سألوا خولة عما تريد، فأجابت أريد أبي من الصالة لأشتري المياه الغازية، فخططوا لجريمتهم وكذبوا عليها وعرضوا عليها الذهاب معهم لشرب الكولا. وهناك حصل ما حصل: تم الاعتداء على خولة بشكل وحشي حتى فقدت وعيها وبدأت بالنزف، فاعتقدوا أنها ستموت ودفنوها في التراب.
في تلك الأثناء كنا أنا وزوجتي يعتقد كل منا أن خولة عند الآخر إما في صالة النساء أو في صالة الرجال، إلى أن انتهى العرس واكتشفنا فقدان خولة. وسادت حالة من القلق في الحفلة، وبعد رحلة مضنية من البحث الذي شارك فيه كل من حضر الحفلة، عثرت إحدى النسوة على خولة وهي في حالة صحية سيئة للغاية اذ كانت تنزف بشدة وتبدو غائبة عن الوعي. عندما رأيناها لم نصدق أعيننا فقد تعرضت ابنتنا لاعتداء وحشي لا يقدم عليه سوى الحيوانات. نقلناها إلى مستشفى التوليد في حلب ومنه إلى مستشفى الأطفال التخصصي، وهناك تبيّن أن خولة اصيبت بتمزق في المهبل يصل حتى المعصرة الشرجية مع وجود حالة انتانية شديدة وتمزق تام لغشاء البكارة مع كدمات رضية على أنحاء متفرقة من الجسد، وأجريت لها عمليات جراحية عدة ومازال بحاجة الى أخرى».

وعن وضع خولة الصحي اليوم أضاف والدها:
«تعاني خولة حالياً اضطرابات نفسية جراء هذا الفعل، حيث يعلو صراخها كلما اقترب منها أحد وخصوصاً في الفترة الأولى بعد الحادث، لكن مع الأيام تتطور صحتها بشكل بطيء، وما زالت في حاجة  الى عدد من الجراحات».
وعن الذين قاموا بفعل الاغتصاب، يقول والد خولة:
«أريد وأتمنى تطبيق عقوبة الإعدام وهي أقصى عقوبة  يمكن أن تطبق على مرتكبي هذا الفعل، وأقول حسبنا الله ونعم الوكيل». وعن جرأته في الإبلاغ عن الحادث وعدم التكتم على الموضوع كما يفعل بعض الأهالي خوفاً من الفضحية، أضاف: «التكتم عن الحادثة هو بمثابة جرم كبير لا يمكن السكوت عنه إطلاقاً، لأنه يشجع الآخرين على ارتكاب تلك الجرائم، لذلك كان لابد لي من إبلاغ السلطات المختصة التي كانت متجاوبة الى الحدود معنا، والحمد لله أن هؤلاء المجرمين وقعوا في قبضة العدالة، وبعدما اكتشفت الجريمة التي وقعت في حق ابنتي كان أمامي خياران، إما الصمت أو فضح الأمر. وهكذا فضلت الاختيار الثاني».

 وعما وصلت إليه القضية الآن يقول:
«السيد الرئيس أبلغني أن العدالة ستأخذ مجراها وأنه مهتم جداً بها وأن القضاء سيقول كلمته العادلة بحق المجرمين».
وعن ردود فعل الأهل والأقارب عندما أبلغت الشرطة عن الحادث، ومدى تعاطفهم مع الحادث أو استهجانه، قال: «الأهل والأقارب كانوا معي وبجانبي حين أبلغت السلطات المختصة. وبرأيي من يتكتم على تلك الحوادث يعتبر شريكاً في الجريمة».

وعن كيفية تعرّفه على المجرمين، أضاف:
تعرفت على المجرمين بعدما تمكن رجال الشرطة من القبض عليهم في أقل من 24 ساعة اثر عملية تحقيق وبحث سريعة ومكثفة أفضت الى القبض على الجناة، وهم يوسف ابن مالك صالة الأفراح وعمره 17 عاماً، ورجب الذي استدرج خولة وعمره 18عاماً، وعامر وعمره 17 عاماً، وكذلك حسن 18 عاماً. ولن يشفى غليلي إلا بالإعدام لهؤلاء الجناة الأربعة ليكونوا عبرة لغيرهم».

 رأي الطبيب المعالج
أوضح الدكتور معن دبا الذي أشرف على العمليات الجراحية للطفلة خولة، أن الطفلة وصلت إلى المستشفى وهي في حالة خطرة للغاية، بعد تعرضها لتمزق شديد في العجان والعضلات الشرجية وغشاء البكارة، بالإضافة إلى بعض الكدمات والجروح على وجهها نتيجة طمرها بالتراب وتعرضها للضرب.
وقال: «عندما وصلت إلينا بهذه الحالة لم نستطع القيام بأي عمل قبل تحويل فتحة الخروج (الشرجية) إلى خاصرتها وذلك عبر عملية جراحية خطيرة جداً. وبعد إجراء هذه العملية أجرينا عمليتين جراحيتين الأولى لترميم العضلات الشرجية التي كانت ممزقة تماماً، والثانية لترميم الجهاز التناسلي».
ولفت إلى أن الخوف الكبير يبقى في المستقبل وهو الخشية من عدم عودة العضلات الشرجية الى العمل كالسابق، وبالتالي فإن الطفلة قد لا تقوى على إمساك البراز، ناهيك بالحالة النفسية التي لا تزال تعيشها بحيث أنها لا تسمح لأحد من الأطباء والممرضين بالاقتراب منها فنضطر عندما نفحصها لتخديرها مراراً.
وأشار إلى أن الطفلة ستبقى على هذه الحالة وستبقى تخرج من خاصرتها لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر حتى تشفى من العمليات الجراحية التي أجريت لها، لافتاً إلى أنها ستخضع لعملية جراحية خطيرة جداً ولها انعكاسات سلبية كبيرة بعد ثلاثة أشهر وهي إعادة جهاز الخروج إلى مكانه.

زيارة الرئيس السوري وعقيلته إلى بيت خولة في حلب:
زار الرئيس السوري وزوجته بيت خولة في حلب بشكل مفاجئ للإطلاع على وضعها الصحي والنفسي، والوقوف على تفاصيل الحادثة، للتخفيف من أثار تلك الجريمة بالتحاور مع خولة وعائلتها، وتأكيد دعمهما لمتابعة القضية بشكل مباشر وتحقيق العدالة. 
وتركت زيارة البيت الكائن في حي الحيدرية الشعبي بمدينة حلب أصداء واسعة في الشارع السوري الذي تابع باهتمام واستنكار تفاصيل تلك الجريمة.
وعن هذه الزيارة تحدث والد الطفلة حسن الأحمد: «رغم المصاب الذي ألمّ بنا والجرح الكبير فإن زيارة الرئيس وعقيلته لبيتنا أعتبرها وسام شرف لن ينسى، وقد شاهدت فيهما الكرم والمحبة والتواضع. ولما دخلا كان باب بيتي مفتوحاً والمكان يعج بالضيوف. ولا أخفيكم أنني لم أصدق الخبر ولكن عندما نظرت بعيني إلى الباب ورأيت السيد الرئيس بشار مع السيدة أسماء يقفان على الباب، انسكبت دموع الفرح من عيني ولم أصدق ما يحدث. كان مشهداً لا ينسى  من شدة الفرح، وقد نسينا أن نقدم لسيادته والسيدة عقيلته أية ضيافة. وتجمع أهالي حي الحيدرية أمام منزلنا بعدما انتشر وجود الرئيس الأسد فيه، وقد بادلهم الرئيس الأسد التحية عند خروجه من المنزل».
وعما دار من حوار بينهما، قال: «لدى دخوله المنزل صافحنا فرداً فرداً هو والسيدة عقيلته وجلس على الأرض الى جانبي بينما كانت السيدة أسماء الأسد تلاعب خولة حاملة معها الهدايا ودراجة هوائية. وكنت في تلك اللحظة غير مصدق وأقول في نفسي هل أنا في حلم أم ماذا؟
ثم سألني السيد الرئيس عن عملي ووضعي المعيشي ووعدنا خيراً وأن القضية ستكون محل اهتمامه، كما وعدنا بمتابعة علاج خولة، وأنهم سيبقون على تواصل دائم معنا حتى تشفى، وسيتم إرسالها إلى فرنسا لإكمال علاجها هناك».
وعن المدة التي استمرت فيها زيارة الرئيس وعقيلته، قال: «استمرت أكثر من ساعة لكننا لم نشعر بالوقت. كانت لحظات لا تنسى، وانسكبت دموع الفرح من عيني، ولا يسعني إلا أن أشكر الرئيس على زيارته الكريمة».

 والدة الطفلة السيدة جواهر:
عما حلّ بابنتها وعن الزيارة الرئاسية إلى منزلها، قالت السيدة جواهر والدة الطفلة خولة:
«رغم ألمنا الشديد لما تعرضت له ابنتي، فإن سعادتنا لا توصف بزيارة الرئيس بشار الأسد وعقيلته إلى منزلنا، حيث انهمرت دموعي وأنا أرى اهتمام السيدة أسماء بحال ابنتنا وحرصهما على علاجها. ازدادت فرحتي عندما رأيت السيدة أسماء تخرج إلى ساحة المنزل وتلاعب خولة لفترة وسط جو من الفرح والألفة».

 جد الطفلة يتحدث عن زيارة الرئيس:
كان جد الطفلة من الموجودين أثناء زيارة الرئيس وعقيلته. وعن هذه الزيارة قال: «جلس الرئيس الى جانبي، وسألني ماذا تعمل؟ فأجبته أنني مزارع، فابتسم وقال: سلمت يداك. ثم تابع الجد حديثه: كنت طوال الفترة الماضية بين المحاكم والمستشفيات أتابع قضية حفيدتي خولة، ولم تغمض لي عين إلا البارحة بعد زيارة السيد الرئيس، لأنني كنت متخوفاً من ضياع حقنا، وبعد زيارة السيد الرئيس أدركت أن حقنا لن يذهب لأنه قال لنا وبالحرف الواحد (القضاء سيأخذ مجراه). رغم أن زيارة الرئيس والسيدة عقيلته استمرت أكثر من ساعة لم نشعر بالوقت، كانت لحظات لاتنسى أبداً. وعندما خرج حيانا جميعنا ولوّح بيده نحونا، كان يرسل ابتساماته نحونا والسيدة أسماء تقف الى جانبه، لقد زرع الفرح في نفوس جميع أبناء الحي»...

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078