تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

بعد إعلان حيثيات الحكم في قضية سوزان تميم

أودعت محكمة جنايات القاهرة حيثيات الحكم في قضية الموسم، قضية مقتل سوزان تميم، وتم إيداع الحيثيات في آخر لحظة وقبل ساعات من الموعد المحدد لسقوط الحكم في حالة عدم إيداع الأسباب حيث فضّل المستشار محمدي قنصوة أن يودع الأسباب في نهاية الموعد القانوني المتاح له. وجاءت الحيثيات متضمنة العديد من المفاجآت والأدلة التي تبرر حكم الإعدام، فما هي أبرز الحيثيات وما هي ردود أفعال فريق الدفاع عن هشام والسكري؟

حملت حيثيات الحكم أكثر من مفاجأة أولها ما تضمنته الحيثيات التي أودعها المستشار محمدي قنصوة رئيس محكمة جنايات القاهرة، من تفاصيل قصة حياة سوزان تميم، حتى قبل مجيئها إلى مصر، كما رسم سيناريو الجريمة كاملاً كما أكده أيضاً رجال الشرطة والبحث الجنائي والطب الشرعي ما بين مصر ودبي، وقد وصلت أوراق الحيثيات إلى 203 ورقات.


طلاق وزواج وتعارف!

في البداية أكد أول سطور الحيثيات أنه بعد تناول أمر الإحالة وأقوال الشهود، وسماع المرافعة الشفوية للدفاع عن كل من المتهمين والاطلاع على أوراق الدعوى والمداولة، استقرّ في يقين المحكمة أن ما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها من إجراءات تتلّخص في أن المجني عليها سوزان عبد الستار تميم «مطربة لبنانية»، تزوجت في بداية حياتها من شخص يدعى علي مزنر، وبعد انفصالها عنه ارتبطت بعادل رضا معتوق صاحب شركة أوسكار للمطاعم بباريس والذي عقد معها عقد احتكار فني لمدة 15عاماً ثم قام بالزواج منها.

وتضيف سطور الحيثيات: لكن بعد ذلك شبّت الخلافات بينهما وهو ما جعلها تطلب منه الطلاق أكثر من مرة، إلا أنه لم يرض وحاول ابتزازها، فهربت منه وغادرت إلى مصر حيث تعرفت على المتهم الثاني هشام طلعت مصطفى، رجل الأعمال وعضو مجلس الشورى الذي أحبها، وقام بكفالتها اجتماعياً ومادياً، حتى خصص لها جناحاً في فندق الفور سيزونز الذي يتشارك في ملكيته. كما سعى في سبيل الزواج منها، فساوم عادل معتوق على طلاقها مقابل مبلغ مليون و250 ألف دولار، وقبل المتهم الثاني هشام ودفع له. وظلت سوزان تميم في كنف المتهم الأول في القاهرة، والذي كان يصطحبها معه في رحلاته الخارجية بطائرته الخاصة. وأغدق عليها حتى حولت بعض أمواله في حساباتها البنكية في سويسرا، ولكنها ماطلت في الزواج بحجة إنهاء مشاكل زواجها مع عادل معتوق وبحجة رفض والدة هشام للزواج.


السلطه والنفوذ!

وأضافت سطور الدعوى: ولأن المتهم الثاني امتلك المال والسلطة والنفوذ، فاعتقد أنه امتلك المجني عليها فأحاطها برجاله يراقبونها في حركاتها وسكناتها، فضاقت به ذرعاً، وأرادت الفكاك منه بشتى الطرق، فهربت من الفندق الذي كانت تقطنه إلى فندق آخر، ولكنه استعادها وأحكم سيطرته عليها، وأمعن في مراقبتها، فكانت كمن حُددت إقامتها.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2006، اصطحبها المتهم إلى لندن، في إحدى رحلاته إلى هناك، ولكنها تمكنت من مغافلة حراسه الذين قام بتعيينهم عليها، وهربت إلى منزل خالها، الذي احتضنها وأخفاها. فلم يستطع هشام الوصول إليها، فعاد على طائرته إلى مصر غاضباً منفعلاً، لاستيلائها على أمواله، وجرحها لكرامته وكبريائه، وراح يهددها بالأذى والقتل إذا لم تعد اليه، أو سيعيدها جبراً وعنوة، وحاول مراراً وتكراراً إقناعها بالعودة إلى مصر إلا أنه لم يفلح في ذلك.

في تلك الأثناء تعرفت المجني عليها على رياض العزاوي بطل الملاكمة البريطاني الجنسية، العراقي الأصل، فاتخذته حامياً لها، حتى يقيها بطش هشام ورجاله، وتقدمت أكثر من مرة بشكوى للسلطات البريطانية تتهم فيها هشام بمحاولة قتلها وتهديدها، إلا أن كل تلك الشكاوى انتهت بالحفظ. ولما لم يفلح المتهم في الوصول إليها، قام باستئجار المتهم الأول في القضية محسن السكري، ضابط أمن الدولة السابق، والمتخصص في مكافحة الإرهاب، والذي كان يعمل لديه كمدير أمن فندق الفورسيزونز في شرم الشيخ، فأمده بالأموال اللازمة وساعده بعد أن اتفق معه على خطف المجني عليها والعودة بها إلى مصر، كما ساعده في الحصول على تأشيرة إلى لندن، فسافر محسن إلى لندن ثلاث مرات، ولكنه فشل في تنفيذ المهمة الموكلة إليه، فعاود المتهمان التفكير في الأمر، وقلباه على كافة الوجوه، حتى دلّهما شيطانهما إلى قتل المجني عليها بحادث سيارة مفتعل يحدث أمام مسكنها، أو بحادث انتحار على غرار مقتل رجل الأعمال أشرف مروان، والفنانة سعاد حسني.


خطه جديدة شيطانية!

رصد المتهم الثاني لتلك الخطة الشيطانية مبلغ مليون جنيه إسترليني، حصل المتهم الأول منها على مبلغ 150 ألف يورو، تم إيداعها بحسابه بأحد البنوك، إلا أن المتهم الأول فشل مرة أخرى في تنفيذ المهمة الموكلة له، نظراً لإمعان المجني عليها في التدقيق وتشديد الحراسة المعينة عليها، وقد غادرت المجني عليها من لندن إلى دبي لتقطن بشقة «2204 » ببرج الرمال بمنطقة الجمينة في دبي، اشترتها عن طريق الأموال التي حصلت عليها من أموال المتهم الثاني هشام طلعت مصطفى، ولما علم بذلك استشاط غضباً، لتحديها سلطاته ونفوذه، واتفق مع المتهم الأول على الخطة التي انتهت بمقتلها.
ودارت الخطة على انتقال المتهم الأول إلى دبي والتخلص من المجني عليها بقتلها، وذلك عن طريق قيام الأول باصطناع رسالة شكر نسبها إلى الشركة العقارية مالكة العقار الذي تقطن به المجني عليها، وأعد إطاراً خشبياً للصور «برواز» كهدية، وطبع على الرسالة والظرف العلامة الخاصة للشركة العقارية، والتي نقلها من صورة عقد الشقة التي أمده بها المتهم الثاني، كما أمده هشام المتهم الثاني بتأشيره دخول إلى دبي، وأعطاه مبلغ مليوني دولار كمكافأة له حال تنفيذ الجريمة. تنفيذاً لهذا الاتفاق قام المتهم الأول بالسفر إلى دبي، ووصل في صباح 24 تموز/يوليو من عام 2008، وأقام بفندق هيلتون دبي، وتوجه بعدها إلى برج الرمال، وبدأ في دراسة مداخله ومخارجه، ومعاينة كل ما يتعلق بالبناية محل إقامة المجني عليها.

وفي اليوم التالي الموافق 25 تموز/يوليو، غادر محسن السكري إلى فندق شاطئ الواحة، وأقام في الغرفة 817، وقام بإعداد البرواز الهدية وظل يتحيّن الفرصة لتنفيذ جريمته، وقام بشراء مطواة ماركة «باك» خصيصاً لتنفيذ جريمته، وقام بشراء بعض الملابس التي سيرتديها عند ارتكابه للجريمة. وفي اليوم نفسه،  ذهب إلى برج الرمال، ووصل إلى مدخل السيارات الخاص بالبرج في الساعة 8،48 صباحاً، حيث قابل حارس الأمن وأطلعه على الرسالة، وأخبره بأنه مندوب من الشركة العقارية، وعن رغبته في تسليم الرسالة والهدية إلى المجني عليها، حيث توجه إلى غرفة المصاعد واستقلّ المصعد إلى الطبقة حيث شقة المجني عليها، وقرع جرس الباب على أنه مندوب من شركة العقارات، وعرض لها الهدية من خلال العين السحرية، فاطمأنت إليه وقامت بفتح الباب، فسلّمها الرسالة والهدية، وأثناء اطلاعها عليها، باغتها، وقام بطرحها أرضاً واستلّ السكين «المطواة» التي كان قد اشتراها، وقام بنحرها فأحدث بها الجرح الذي ورد بتقرير الطب الشرعي، وأدى إلى تفجر الدماء منها، وتناثره بالمكان، مخلفاً بركة من الدماء أسفل جسدها، وحال مقاومتها له حدثت بها باقي الإصابات الواردة بالتقرير، والتي أدت إلى وفاتها.


ملابس ملوثة بالدماء!

تيقّن المتهم الأول بعدها من تلوث يديه وملابسه بدماء المجني عليها، فتوجه إلى المطبخ وقام بغسل يده، وخلع ملابسه الملوثة بالدماء التي تكونت من تيشيرت داكن مخطط بقلم رفيع، وبنطال أزرق ماركة «نايك» واستبدلها بتيشيرت أسود وبنطال رياضي كان يرتديهما أسفل تلك الملابس، وذلك بتغيير هيئته عند خروجه من مكان الجريمة وترك حذاؤه آثاراً على أرضية الشقة، وخرج مسرعاً ورد الباب خلفه، دون أن يتأكد من إحكام غلقه، وهبط على درجات السلم إلى الطابق الـ «21» حيث أخفى ملابسه الملوثة بالدماء، داخل صندوق خرطوم الحريق، ثم استقلّ المصعد إلى الطابق فوق الأرضي حيث المحلات التجارية، ثم هبط إلى الشارع وسط زحام المشترين، حيث تخلص من المطواة التي استخدمها في ارتكاب الحديثة، بإلقائها في مياه الخليج، وعاد إلى فندق الواحة في تمام الساعة الـ9،09 صباحاً، وذلك بعد أن غير هيئته للمرة الثانية.

وفي تمام 28 تموز/يوليو، وفي تمام الساعة الـ 9،32 دقيقة غادر الفندق، مستقلاً سيارة أجرة إلى مطار دبي حيث صعد على الرحلة رقم 923 العائدة إلى القاهرة، ليصل القاهرة في الـ 6،30 مساءً، ليتصل به المتهم الثاني هاتفياً، والذي كان يتابعه طوال مراحل تنفيذ الجريمة، وأخبره بتمام التنفيذ، ورغبته في التقابل معه في فندق الفورسيزونز بشرم الشيخ، وفي يوم 1 آب (أغسطس)، تقابلا بالفعل، وسلم الثاني للأول حقيبة جلدية تحتوي على مبلغ مليوني دولار، والتي رصدها له كمكافأة له نظير قتل المجني عليها.


16دليلاً قانونياً!

هذا وقد أكدت المحكمة توافر الأدلة وثبوت الوقائع ونسبها الى المتهمين، استعانت برجال الشرطة الذين قاموا بتحرياتهم ما بين مصر ودبي، خلافاً عن تقارير الطب الشرعي، وبعض الشهود، خلافاً عن الأدلة المادية الأخرى التي تم ضبطها مع المتهم.

وهو ما جعل المحكمة ترد على هيئة الدفاع والدفوع التي أبداها المحامون خلال 27 جلسة، بمواد القانون، حيث استندت المحكمة من أوراق الدعوى على 16 دليلاً قانونياً، اعتمدت عليه المحكمة، واستقرت عليه عقيدته في إصدار حكمها بالإعدام لكلٍ من المتهمين.

وأضافت المحكمة أن المتهمين ارتكبا واقعة قتل المجني عليها، حيث تآمرا على قتل امرأة ضعيفة بخسة ونذالة، وسلكا في سبيل ذلك كافة الطرق غير المشروعة، بدءاً من محاولة استعادتها قهراً إلى محاولة اختطافها وقتلها، حيث خالف المتهمان أوامر الله بعدم قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، وثبت من الأوراق أن المتهم الأول منحه الله قوة في البدن وذكاءً في العقل، استخدمه في الشر وفي تنفيذ جريمته وقتل المجني عليها، وظن نفسه قادراً على تنفيذ تلك الجرائم، فصال وجال لتنفيذها، رغبة منه في إشباع هوسه بالمال، مستغلاً ثراء المتهم الثاني الذي حاباه الله بالثروة والنفوذ والسلطان، حيث ساق المجني عليها، القدر وسقطت في طريق المجني عليه، الذي أدرك ضعفها وقلة حيلتها، فأراد الاستئثار بها لنفسه، ولما أبت، فرض سلطانه عليها، ولما استطاعت الفكاك بشق الأنفس منه، اشتد غضبه، وأصدر عليها حكماً بالإعدام دون محاكمة أو دفاع بعد تفكير وتدبير متأنٍ، مستغلاً في ذلك هوس المتهم الأول، وحبه للمال والسلطة، ورصد له الأموال لتنفيذ جريمته.
والمحكمة إذا تضع موازين القسط وهي تعاقب المتهميْن بعد أن أحاطت بالدعوى وظروفها، باتت نفس كل متهم حقاً فيها القصاص مما فعلته من الإثم بقتل المجني عليها، وبعد أن أخذ برأي فضيلة المفتي الذي أكد في تقريره أنه إذا أقيمت الدعوى بالطرق القانونية والشرعية، لم تظهر بالأوراق شبهة دارئة للقضاء، وكان عقابهما لما ارتكباه جزاءً ولم تجد المحكمة أي سبيل للرأفة او الرحمة، بل يتعين القصاص منهما حقاً وعدلاً، والحكم عليهما بالإعدام شنقاً بإجماع الآراء، وذلك جراء لما اقترفته أيديهما، وتطبيقاً لقول الله تعالى: «ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتّقون».

وأكد مصدر قضائي أنه يتوقع تحديد جلسة نظر النقض في أكتوبر المقبل لتبدأ جولة جديدة في القضية.
وعلمت «لها» أن فريد الديب محامي هشام طلعت مصطفى وفريق الدفاع عن المتهمين سيودعون مذكرات نقض الحكم في آخر يوم في الموعد القانوني لاستغلال 30 يوماً سيعكفون فيها على دراسة الحكم بدقة.
مصدر بفريق الدفاع أكد لنا أن فرصة هشام كبيرة، وأوضح أن هناك ثغرات في حيثيات الحكم سيتم استغلالها.
أما بهاء أبو شقة فأكد أن كل عضو في هيئة الدفاع عن هشام سيقوم بتقديم مذكرة نقض مختلفة عن الآخر حتى تتنوع الآراء وتزداد فرص هشام طلعت في النجاة من الإعدام.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079