تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

مكافحة، رعاية وإعادة تأهيل المدمنين

«كلّنا معاً».. لقاء أمني وأهلي لمكافحة آفة المخدرات

خطة وتدابير «جاد» للحدّ من خطر الإدمان ... «المخدرات تحدّ دائم وثابت والواقع أكثر  إيلاماً من الماضي»  ...«خطر إستقالة الأهل من دورهم»

وقد إقترح حواط خطة لمكافحة المخدرات على صعيد زراعتها وعلاج المدمنين وإعادة تأهيلهم ومتابعتهم وتنظيم عملية التوعية، كذلك على صعيد القضاء والإحصاء وإعداد دراسات شاملة وأبحاث علمية دقيقة. وأشار اللواء ريفي في كلمته إلى أن «هذا الإجتماع يعطي التباشير الإيجابية لإمكانية أكبر لمكافحة آفة تشكل تحدياً دائماً وثابتاً».

ترأس المدير العام لقوى الامن الداخلي اللبناني اللواء أشرف ريفي لقاء ضم ممثلين لأربعين جمعية أهلية وإنسانية تركز خلاله البحث على وضع تصوّر وحلول لمكافحة المخدرات بدعوة من جمعية جاد Jeunesse Anti Drogue. وقد حضر اللقاء قائد الشرطة القضائية العميد أنور يحيى ورئيس هيئة الاركان العميد جوزيف حجل ورئيس مكتب مكافحة المخدرات المركزي العقيد عادل مشموشي والضباط رؤساء المكاتب الإقليمية للمخدرات في الشرطة القضائية ورئيس جمعية «جاد» جوزيف حواط وضابط الإرتباط في السفارة السعودية الرائد سليمان التركي والدكتور أنطوان سعد ممثلاً وزارة الصحة.
وأضاف: «في العام 1982 كنت مساعداً لرئيس مكتب مكافحة المخدرات وقيد تحضير أطروحتي الجامعية في علم إجتماع الجريمة بعنوان «واقع مشكلة المخدرات في لبنان» حيث ركّزت حينها على نقطتين: المفاخرة بزراعة المخدرات وعدم إستهلاكها والإستفادة من مال المخدرات لأشخاص فرديين وليس المجتمع ككل. وخلصت إلى أننا يجب ألا نغش أنفسنا في لبنان بالنسبة للتفاخر والربح المادي. ولم نكن نملك أي إحصاءات دقيقة ورسمية لمتعاطي المخدرات، وكنا نعلم أن الواقع مؤلم جداً واليوم بكل أسف الواقع أكثر إيلاماً». وأردف قائلاً: «يجب أن نتعاضد أكثر لمواجهة المشكلة، وما إجتمعنا لأجله هو لتجميع الطاقات والجهود الجبارة لتصب في إتجاه واحد وبالتالي الحصول على نتائج أفضل».

أما العقيد مشموشي، فشدد على وجوب إنشاء مركز رعاية المدمنين والتوعية والإرشاد على صعيد المدارس والجامعات وإشراك أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة والمحطات الفضائية. كما كانت هناك مداخلة للعميد أنور يحيى قال فيها: «إن الشرطة القضائية تهتم بالتصدّي لجنايات وجنح في صلب العائلة». وطالب الأهل من جهة أخرى بـ «عدم الإستقالة من دورهم التوعوي ومراقبة أبنائهم لأن قوى الأمن لا يمكن أن تحل مكانهم». وناشد وزارة الإعلام والمجلس الوطني للإعلام ونقابتي الصحافة والمحررين «العمل على الحد من برامج تشويق الأولاد للجنوح».

مركز «سكون» لرعاية وإعادة تأهيل المدمنين

تحت عنوان «ما من مجتمع خالٍ من المخدرات»، يعمل مركز «سكون» ويقدم الرعاية اليومية النفسية والإجتماعية للمدمنين، كما يحرص على تمكين المجتمع من تداول معلومات عن عالم المخدرات لتصويب المعطيات المتناقضة والمغلوطة التي يتلقفها المراهق من المحيط الفاسد، وذلك بهدف تجنيبه حب المغامرة والتجربة التي تهدد حياته بالخطر وتبدد سكونها.

ما هي سبل علاج المدمن وما هي المتغيرات التي لاحظتموها على صعيد الإدمان في السنوات الماضية؟
نستقبل المدمن كمريض ونعمد إلى تقويم وضعه النفسي والجسدي والصحي. نحدد مادة الإدمان ونحوّله إلى المستشفى لإزالة السموم من جسمه على مدى عشرة أيام. وعند الإنتهاء من هذه المرحلة، يعود إلينا المدمن لإعداد جدول عمل أساسه مقابلة المعالج النفسي مرتين أسبوعياً خلال فترة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر.

كما يخضع المريض لعلاج فردي سلوكي وإدراكي يدخل في أعماق مشكلته والدافع الذي أدخله عالم المخدرات، فهناك دوافع غير الشائعة كالإستعداد الجيني الوراثي الذي يجعل من الفرد مدمناً محتملاً وهدفاً أكثر قابلية للإدمان إذا ما إنوجد في أجواء مشجّعة. لا نجتث المدمن من محيطه، فنحن نقدّم علاجاً يومياً لا يقتلع الفرد من حياته بل يبحث فيها عن المسبب بطريقة وضعية دون الرجوع إلى الطفولة بل عبر التعامل بإنسانية وإرساء علاقة متوازية ومتوازنة بين المعالج والمريض وتقديم مساعدة تبادلية.

ونؤكد دور العائلة في مساندة المريض، لأن الإدمان مرض مزمن. كما نستخدم تقنية الـ Interview Motivation لإقناع المريض بحقيقة وضعه عبر ربط مشاكله اليومية بآفة المخدرات التي تسلّلت إلى حياته. في السنوات الماضية، كان إدمان الهيرويين والكوكايين أبرز الحالات التي نستقبلها والتي تتراوح أعمارها بين 16 و40، أما اليوم فقد دخل عامل جديد هو إدمان المراهقين (14 وما فوق) للمخدرات الكيميائية المركبة التي حملتها موجة الـ Techno والحفلات الصاخبة حيث يقع المراهق في البؤرة لأول مرّة وتتصاعد حاجته إلى المواد المخدرة مستقبلاً لإعادة إختبار الشعور الأول الذي احدث خللاً كيميائياً في التصرف والسلوك. وللأسف في لبنان، نتيقّن من المشكلة بعد تفاقمها.

الإدمان في لبنان مشكلة تتصاعد وتتفشّى بشكل ملحوظ، ونحن نراقب نتائج المشكلة لا مصدرها. حياة السهر في لبنان مليئة بالكحول والإدمان، ولا نسعى حتى اليوم لربط  حوادث السير ليلة السبت بحالة السائق غير الواعي، والتقدّم محصور في المبادرات والمراكز الجديدة والطرق الحديثة لعلاج المدمن.

12 خطوة

لكن ماذا يعني برنامج «12 خطوة»؟

يقول مدحت العربي مدير البرنامج في مركز الحرية لعلاج الإدمان وإعادة تأهيل المدمنين أن «فلسفة البرنامج تقوم على إعادة تأهيل المدمن واستبدال سلوكياته بأخرى صحية حتى لا يعود إلى الإدمان. وعلاج المستشفى قاصر على إخراج السموم من الجسم، ويعود المدمن إلى المخدرات لسيطرة السلوك الإدماني على تفكيره، بينما يركز برنامج «12 خطوة» على أن الإدمان ليس ذنباً بل مرض يؤثّر في العقل والروح والجسم بأعراض الانسحاب، والحوادث التي يفعلها في غير وعيه، ويؤثّر على عقله فلا يشغله إلا التفكير في الحصول على المخدرات. لذا يركز البرنامج على الجزء الروحاني ليتم تحريك الشهوات في مكانها المضبوط.

والجزء الروحاني يشمل على العديد من المبادئ مثل الأمانة والصدق، كما يوجد جزء للتأمل وتمارين. وفي النهاية مع الوقت والتعليم في مجموعات تعليمية وروحانية، يتغير المدمن إلى الأفضل، حيث يتم استبدال نشوة المخدرات بنشوة الروحانيات، كما نستبدل أصدقاء المخدرات بآخرين من المدمنين المتعافين، ونستبدل تجمعات تناول المخدرات باجتماعات لتبادل الخبرات والتجارب في التعافي من المخدرات. وببساطة نوفر مجتمعاً صالحاً بدلاً من المجتمع الفاسد الذي كان يعيش فيه المدمن».

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080