تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

متعافون يؤكدون

 

«الشيطان المطحون» يحتلّ الصدارة بين المتعاطين للمخدرات في السعودية

«كنت زوجاً وموظفاً ورجلاً مسؤولا أعيش حياة مستقرّة، ولكن الإدمان سحب البساط من تحتي». هكذا بدأ زكي محمد (42 عاماً) حديثه عن تجربته الطويلة مع الإدمان. يتحدث بحماس وأمل والدمعة تلمع في عينيه عن حالته اليوم وهو يعاود بناء حياته وشخصيته ومستقبله ويبدي إيمانه بأنه قادر على استرجاع ما ضاع من عمره.

يأتي زكي من عائلة محافظة ومتدينة وكان والده عضواً في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. بدأت رحلته مع الإدمان قبل 25 عاماً عندما رافق أخاه الأكبر أثناء دراسته في الولايات المتحدة الأميركية. يقول: «كنا نعيش في منطقة العتيبية بمكة وكانت مشهورة بترويج المخدرات والتعاطي حتى عرفت بباطنية مكة.
خاف والدي علي من المخدرات فأرسلني مع أخي الأكبر إلى أميركا ليبعدني عن شر التعاطي، ولكنه لم يكن يعلم أنه أرسلني إلى المخدرات في عقر دارها. كانت لي رغبة دائمة في تجربة المخدرات ولكني كنت متخوفاً من والدي ومن أن ينفضح الأمر. وعندما خرجت من المملكة كنت أشاهد حياة أخي الذي كان يشرب الخمر ويقيم الحفلات ويتعاطى الماريجوانا. ازداد شغفي بخوض التجربة وبدأت بالبيرة ومن ثم الماريجوانا حتى عدت إلى السعودية وبدأت أبحث عن المخدرات».

عاد من أميركا ليستقر في مدينة ينبع ويعمل هناك، ووجد أن الحصول على المخدرات أمر سهل. فبدأ بما يعرف بحبوب البازوكة والحشيش والكبتاغون. إستمرّ سنوات في التعاطي حتى جرب الهيرويين ووجد فيه مبتغاه والشعور الذي يبحث عنه. «وجدت أن الهيرويين يتناسب مع دمي ويعطيني نشوة شيطانية، وكنا نسميه الشيطان المطحون. كان الهيرويين هو المخدر الأم وكنت موقناً أنني لن أستطيع أن أستغني عنه مهما حدث.
ولم أكن أشعر بأي نوع من السعادة أو الإنجاز سواء في عملي أو في علاقاتي مع الآخرين أوحتى في معاشرتي الزوجية إلا إذا تعاطيت الهيرويين. كنت أرى الدنيا من خلاله وكان هو الدافع الذي يجعلني أمارس حياتي اليومية».

إنكشفت علاقة زكي بالمخدرات وعرف والده بالأمر مما دفعه إلى الإبتعاد عن الهيرويين والإلتحاق ببرامج إعادة التأهيل. ولكن الرغبة لم تكن صادقة تماماً وكان دائماً يشعر بحنين إلى هذا المخدر. «إنقطعت عن الهيرويين لسبع سنوات ولكني لم أنقطع عن المخدرات تماماً، فكنت أشرب الخمر وأتعاطى الحشيش حتى أستطيع أن أتخلى عن الهيرويين. في تلك الفترة بدأت حياتي من جديد، وعملت، وفتحت بيتا، وبدأت أستقر ولكن دون الإنقطاع عن الحشيش. بدأت أشعر بالحب والإحترام اللذين فقدتهما وبدأت أشعر بالسعادة من جديد، حتى ظهرت مشكلة عائلية خاصة هدمت كل شيء من جديد، فقررت العودة إلى المخدر الأم، الهيرويين، حتى أستطيع النسيان والتعامل مع المشكلة.
فالهيروين يجعلني أنفصل عن العالم وأنسى تماماً أي آلام، على الأقل هذا ماكنت أعتقد». ويؤكد زكي أن الهيرويين كفيل بتدمير حياة أي إنسان في أيام معدودة، خاصة في هذه الأيام التي أصبح فيها الحصول على الهيروين أمراً سهلاً. «في الماضي كان الهيرويين غالي الثمن ويصعب الحصول عليه، اليوم أصبح موجوداً في كل مكان ويمكن أن تحصل على جرعة بخمسة ريالات فقط. الهيرويين الموجود اليوم مخلوط بمواد أخرى مما يزيد خطره وتأثيره على عقل مستخدمه في وقت قصير جداً».

كما كانت رحلة التعاطي طويلة، فرحلة العلاج أيضاً لم تكن سهلة وقصيرة. فقد أمضى زكي أكثر من 14 عاماً يتنقل بين المستشفيات الحكومية والخاصة بين الرياض والمنطقة الشرقية والغربية. يدخل موقتاً ليخرج إلى التعاطي من جديد، وفي كل مرة كان يدخل برامج العلاج مرغماً إما عن طريق أهله أو عن طريق الشرطة. وتحدث زكي عن هذا الأمر قائلاً: «كنت أدخل المستشفى أدعي العلاج ولكن هدفي كان الحصول على أمور أخرى. كانت لي دوافع خفية من وراء العلاج تختلف في كل مرة. فكنت أذهب للعلاج حتى تتقبّلني أسرتي أو حتى أستطيع أن أحصل على إحترامهم من جديد. أحياناً يطردني والدي من المنزل فأضطرّ لدخول المستشفى ليسمح لي بالعودة إلى المنزل».

ويؤكد زكي أن تجربة المخدرات الطويلة كانت قاسية جداً ودفعته إلى الحضيض على حسب قوله. جعلته ينفصل عن العالم ولايشعر بتصرفاته حتى أنه كان ينام في الشوارع وتحت الجسور واضطر للسرقة والنصب والترويج.«سلكت كل طريق ممكن لأحصل على المال لأشتري به الهيرويين. كنت أسرق من مال والدي الذي يحتفظ به مع والدتي حتى وصل الأمر بينهما إلى الإنفصال. عملت صبي معلم وعملت في الترويج لأحصل على المخدرات، حتى وصل بي الأمر إلى التشرّد في الشوارع».

وأشار زكي إلى أن كثيراً من المدمنين هم من عائلات محترمة ومحافظة وملتزمة، ولكن تطرأ أسباب تدفعهم إلى المخدرات. وعن أسباب إندفاعه هو يقول: «كان أخي يمنعني من كل شيء وكان دون أن يشعر يجهزني لتعاطي المخدرات. كان قاسياً جداً معي، يضربني ويهينني ويمنعني من تجربة أي شيء، وفي المقابل كان هو يتعاطى ويفعل ما يحلو له، لذا وجدت عندي الرغبة في القيام بالأمر ذاته ولأخالف رأيه ومايقوله لي. كنت أخاف منه كثيرا عندما يشرب ويصبح عنيفاً. كان لديّ غضب وعناد فبدأت في المخدرات وإنجرفت معها لأغيظه وأجرّب ما يجرّبه».

رؤية في المنام كانت نقطة تحول

وصل زكي إلى نقطة تحول في حياته عندما زاره والداه في المنام وطلبا منه أن يقصّ إظافره، ولم يكن يعلم ما المقصود بذلك، فقد توفي والده وهو مازال يتعاطى المخدرات ولم يكن راضياً عن وضعه. لجأ إلى المفسرين والشيوخ الذين أكدوا له أن والديه يرغبان في أن يغير حياته للأفضل، فأراد أن يحقق لهما طلبهما خاصة أن حالته أصبحت بائسة وصار مرفوضاً من كل من حوله. ويؤكد زكي أن له سنتين في برنامج مستشفى الأمل لعلاج الإدمان في جدة، وهو سعيد جداً بتقدّمه في العلاج، وقد قرّر هذه المرة أن يكون خلاصه من المخدرات. «دخلت المستشفى منذ سنتين في حالة مزرية وكان وزني 42 كيلو غراماً.

بعت كل ما أملك ولم يتبقَّ لي شيء فقررت أن أدخل المستشفى وأتلقى العلاج. أنهيت برنامج الأعراض الإنسحابية للمخدر، ثم إلتحقت ببرنامج تعديل السلوك، ثم مرحلة التأهيل، وأنا الآن في مرحلة الرعاية الممتدة خارج المستشفى. أسكن في منزل منتصف الطريق وهو تابع للمستشفى تحت إدارة مرشدي التعافي، ومخصّص لمن أنهوا مراحل العلاج داخل المستشفى وأصبحوا جاهزين للعيش خارجه.
ويكون المكوث في هذا المنزل لفترة موقتة حتى يشعر المتعافي بأنه قادر على ممارسة حياته بشكل طبيعي». ويمضي زكي نهاية كل أسبوع مع عائلته، ولكنه يرفض أن يعود إلى المنزل حتى يتمالك نفسه تماما ويشعر بأنه صار جاهزاً للعيش مع عائلته من جديد. ويصف سعادته بالمرحلة التي وصل إليها في العلاج قائلاً: «أنا اليوم في حالة جيدة جداً سواء على المستوى النفسي أو الجسدي. اليوم أصبح وزني 119 كيلو غراماً وحالتي النفسية ممتازة ولديّ العزيمة والإرادة.
أشعر بتقزّز تجاه تجربتي السابقة وأشفق على زملائي الذين مازالوا يتعاطون ومازالوا قيد العلاج، وأتمنى أن يُتِمّوا علاجهم ليروا الدنيا بشكل مختلف. أريد أن أكون مستعدّاً تماماً للخروج إلى الدنيا وتكوين علاقة محترمة مع إنسانة محترمة والإستقرار في حياتي».

بدأ حياة الإدمان وهو في التاسعة واستمرَّ حتى تجاوز الثلاثين

تعرف ثامر عبدالرحمن على المخدرات من خلال سائق العائلة الخاص قبل أكثر من ثلاثين سنة، لأنه كان يمضي معه وقتاً طويلا يراقبه ويشاهده وهو يلفّ سجائر الحشيش ويدخنها. لم يمضِ وقت طويل حتى زاد فضول ثامر عندما أحب رائحة الحشيش وقرر أن يجربه. «بدايتي مع المخدرات كانت من طفولتي إذ بدأت بالتدخين في سنّ التاسعة. وبعدها بسنوات قليلة بدأت أشرب الخمر وأدخّن الحشيش. بعد أول سيجارة حشيش دخلت في نوم عميق  وبعدها بدأت أطلب المزيد. كانت عائلتي ميسورة الحال، فلم يكن الحصول على المال مشكلة بل كنت أحصل عليه بشكل مستمرّ من محلات والدي في مكة».

ويؤكد ثامر أنه كان يعاني الكثير من المشكلات النفسية والإجتماعية من صغره، فلم يكن موفقاً في دراسته وكان لديه رغبة مستمرّة في الظهور ولفت الأنظار له، خاصة أن عائلته كانت محافظة متشدّدة في أسلوب تعاملها مع أبنائها. «والدي كان يعمل مؤذناً في الحرم، وعائلتي كانت قاسية في أسلوب تعاملها مع أبنائها، وكنت لا أستطيع أن أواجه والديّ أو أعبر عن رأي، لذا كنت أتعاطى المخدرات لأشعر بالجرأة وأستطيع أن أتواجه معهما وأن أسبّب لهما المشاكل كما يسببانها لي. كان المخدر هو الحافز في كل أموري حياتي حتى في عملي».

تمادى ثامر في تعاطي المخدرات حتى وصل إلى الهيرويين عندما كان في الثامنة عشرة. «لم أكن ناجحاً في دراستي فتركتها في المرحلة المتوسطة ثم عملت موظفاً في الخطوط وبدأت أسافر وانفتحت أكثر على العالم ورغبت في تجربة كل ما هو جديد، وتعاطيت مختلف أنواع المخدرات حتى إستقرّيت على الهيرويين بعد تجربته مراراً. تعاطيت الهيرويين عن طريق الشم والحرق والحقن». بعد ايستعماله للهيرويين إنفصل ثامر عن العالم أكثر وأصبح يتغيب عن العمل ويسافر دون أعذار حتى فصل من عمله.

تجارب عديدة مع السجن

توقف ثامر عن تعاطي الهيرويين بعدما تعرف على إمرأة أحبها وأحبته وقرر الإرتباط بها وتكوين أسرة معها ، ولكنه لم يستطيع التوقف عن الخمر والحشيش بل كان يستعملهما بديلا عن الهيروين. ويتحدث عن هذه الفترة من حياته قائلاً: «إستمرّ زواجي 11 عاما وأنجبت ولداً، ولكني عدت إلى تعاطي الهيرويين وتمّ القبض عليّ بتهمة الترويج وأنا أوزّع على أصحابي المخدرات. وبالطبع لم تكن المرة الأولى ولا الأخيرة، فقد دخلت السجن خمس مرات متفرّقة وأمضيت فيه خمس سنوات ضيّعت فيها الكثير. فقدت بيتي  وعطلت إبني عن الدراسة لسنتين لأني لم أستخرج له الأوراق الرسمية ولا شهادة ميلاد. طلقت زوجتي وإنفصلت عنها وغصت أكثر في مستنقع المخدرات لسنين طويلة».

وكغيره من المدمنين تردد ثامر على مستشفيات وعيادات علاج الإدمان لأكثر من 12 مرة خلال 14 عاماً، إضافة إلى محاولته للتعافي بمفرده، لكنه لم يكن يلبث إلا أن يعود إليه في اليوم التالي، حتى إستطاع في إحدى المرات أن يتوقف عن التعاطي لسبع سنوات ولكن مع الإستعانة بالخمر.
وحتى اليوم لم يستطع ثامر تحديد سبب عودته إلى المخدرات بعد توقفه عنها لسنوات طويلة. ويقول: «كنت أقصد العلاج للتحايل على مشكلة أمرّ بها، مثلاً للإفلات من السجن، أو بسبب ضغوط الأهل، أو ليعود أهلي ويتقبّلوني ويسمحوا لي بالعودة إلى المنزل. لم أكن يوماً جاداً. ولكن هذه المرة كانت مختلفة تماماً فقد شعرت بضرورة العلاج والتخلّص من هذه الآفة». وكان لثامر تجربة سيئة دفعته لتلقّي العلاج في المرة الأخيرة عندما تعدّى على إبن شقيقته بالضرب ليأخذ منه مالا ويشتري المخدرات. «عندما فكرت وإسترجعت نفسي، وجدت أنني إرتكبت أمراً فظيعاً بإعتدائي على إبن شقيقتي وقرّرت بعدها أن أدخل المستشفى للعلاج وأن أتعافى نهائياً».

إنضم إلى البرنامج العلاجي في مستشفى الأمل بجدة منذ 10 أشهر حتى وصل إلى مرحلة الرعاية الممتدة. ولديه الآن رغبة كبيرة في التعافي ولكنه غير مهيّأ للعمل ومواجهة الحياة بمفرده حتى الآن. وأكّد أنه يتمتع بعلاقة طيبة مع إبنه ويعيش معه ومع جدته حالياً، وتجمع بينهما علاقة شفافة مبنية على الصدق. «ولدي يعرف عن تجربتي مع المخدرات ودائماً ما ينصحني ويساعدني لأتخلص من هذه المحنة. هو يبلغ من العمر 19 عاماً وأنهى دراسته ويعيش معي ويعينني على إتمام البرنامج العلاجي الذي بدأته من 10 أشهر. ودائماً يقول لي أنه فخور بي وبرغبتي في التعافي».

وأوضح ثامر أن العلاج والتعافي ليسا بالأمر السهل، وأنه رغم توقفه عن التعاطي لم تنضبط سلوكياته حتى الآن ومازالت متأثرة بسلوك المدمن. «صحيح أني توقفت عن التعاطي ولكني مازلت أكذب وأراوغ وأقوم بأمور أخرى مرتبطة بشخصية المدمن. ولكني أتمنى أن أتمّم علاجي وأتعافى تماماً». ويقول ثامر على كل أب وأم أن يتقربا من أولادهما وأن يلما بكل تفاصيل حياتهم ليستطيعوا التعرّف على المشكلة مبكراً.
«على كل أب التعامل مع مشكلة إدمان إبنه وأن يتحدث معه، وإن لم ينجح عليه أن يجبره على العلاج حتى لا يتركه للضياع. فالعلاج يتمّ بسريّة كاملة ولايجر أي مشكلات لا للمدمن ولا لعائلته. وأتمنى أن يتعامل المجتمع بشكل مختلف مع المدمن ويدعمه ويساعده على التعافي الكامل ليعود وينخرط فيه».


الإدمان يجرُّ الإدمان، ومراكز إعادة التأهّل أقلّ مناحتياجات المجتمع

يؤكد محمد شاووش إستشاري الطب النفسي ونائب رئيس الجمعية السعودية للطب النفسي أن إنتشار المخدرات في تزايد بشكل مستمرّ. فكلما ازداد عدد المدمنين، جروا معهم مدمنين آخرين، وازداد بالتالي نشاط الترويج. وأشار إلى أن الكميات الكبيرة من المخدرات التي تضبط عن طريق مكافحة المخدرات والجمارك وسلاح الحدود تدل على إنتشار المخدرات وإستعمالها بشكل مستمر. وبيّن أن الكبتاغون والحشيش من أكثر أنواع المخدرات إنتشاراً لسهولة الحصول عليهما ورخص ثمنهما، إضافة إلى عودة إنتشار الهيرويين مع إرتفاع نشاط الترويج وتوافر هذه المادة المخدرة.

وأوضح أن برامج إعادة التأهيل طويلة المدى وتستمر لأكثر من سنتين وتتنوع بين العلاج الدوائي والتأهيل المهني والتأهيل الشرعي والتأهيل النفسي والإجتماعي. لكنها لا تأتي بنتيجة كاملة إلا إذا إلتزم المدمن البرنامج بشكل جاد ومستمر. «برامج إعادة التأهيل فعالة ويمكنها أن تخرج أشخاصاً متعافين تماماً ومسؤولين ولديهم القدرة على الإنخراط  في المجتمع من جديد.
وقد صادفنا الكثير من الحالات التي عولجت بشكل صحيح، وكثير من المتعاطين إتجهوا للإرشاد ولمساعدة المدمنين. أما الحالات التي تعالج لسنوات طويلة فتكون غير ملتزمة بالعلاج من البداية، لذا لايمكنها الإستمرار دون المخدرات».

وأشار شاووش إلى أن العائق الحقيقي الذي يواجه برامج إعادة التأهيل في السعودية هو عدم وجود مراكز متخصّصة كافية لإحتواء أعداد المدمنين. «لدينا ثلاثة مستشفيات «أمل»، وهي المعروفة لعلاج حالات الإدمان. وهذه المراكز الثلاثة لايمكنها أن تغطي مناطق المملكة كلها ولا أن تستوعب أعداد المدمنين المتزايدة، إضافة إلى أنها لا يمكن أن تقدم خدماتها لمدمنين في مدن ومناطق بعيدة عن مقرها. لابد من إشاء مستشفيات ومراكز إعادة تأهيل متخصّصة في علاج الإدمان في جميع مناطق المملكة».

وشرح أن الإدمان مشكلة مركبة تتداخل فيها عوامل عدّة منها النفسية والإجتماعية و الدينية والشخصية والبيئية، كلها تجتمع لتؤثّر على الشخص. وأشار أن هناك أسباباً حيوية يمكن أن تدفع شخصاً إلى تعاطي المخدرات. «الإستعداد الجيني والبيولوجي للشخص يعتبر المحرك الرئيسي لدخوله في الإدمان مع وجود العوامل الأخرى التي ذكرتها سابقاً».

ولفت إلى أن هناك مظاهر سلوكية يمكن أن نتعرف بها على المدمن ومن بينها التمرّد والعصبية والخروج المستمر والسهر الزائد والإنعزال عن الأسرة. وفي بعض الحالات يلاحظ إحمرار العينين عندما يتعاطى الشخص الحشيش.

وشدد على ضرورة تعاون الأسرة والمدرسة لتقليل الظروف المختلفة التي تؤدي إلى إضطراب الشخصية كالإنطوائية والضعف والمشاكل الأسرية وغيرها من الأمور التي تجعل من الطفل ضعيف الشخصية. «الدلال الزائد والعنف الزائد يؤدّيان إلى النتيجة نفسها والإضطرابات نفسها.
على سبيل المثال الطفل المدلل الذي تلبّي له كل متطلباته ويعبر عن غضبه بالصراخ والبكاء، يختلف تعبيره عن هذا الغضب بالتمرد في مرحلة المراهقة وقد يلجأ إلى المخدرات في ما بعد لتلبية حاجاته العاطفية. هذه من المشاكل التي يجب أن يتنبه لها الوالدن والمدرسون. ومن هنا لابد من معرفة عوامل الخطر والحماية من سن صغيرة بالتعاون بين المدرسة والبيت للمساهمة في تقويم شخصية الطفل حتى لاينجرف إلى الإدمان في المراهقة أو في شبابه».

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080