«ارسم ابتسامة»
لأن مفهوم التطوع أخذ شكلاًَ آخر بين الشباب والشابات في السعودية، فقد بدأ ظهور النوادي والحملات الشبابية التطوعية. ولعل المواقع الإلكترونية قد ساهمت بشكل ملحوظ في انتشار هذه النوادي والحملات التطوعية التي باتت تستقطب فئة المراهقين والجامعيين من كلا الجنسين وحتى الأكبر سناً، ساعين لتوظيف طاقاتهم الشبابية في خدمة فئات أخرى تحتاج إليهم. ومن منطلق المساندة والتكافل الاجتماعي بدأ التوجه الى هذه النوادي خصوصاً بعدما أعلن عدد من الجامعات والكليات السعودية الخاصة فرض عدد من الساعات الاجتماعية لتخرج الطالب من قسمه. إلا أن اللافت للنظر أن الشباب وحتى بعد انتهاء ساعاتهم المقررة يلتزمون بهذه النوادي لأنهم يجدون ضالتهم المنشودة فيها، وشغلاً مفيداً لأوقات الفراغ.
«لها» التقت أفراد نادي «ارسم ابتسامة» الذي أتم عامه الأول في الخدمة الاجتماعية.
ناصر البلبيسي: الفكرة كانت بسيطة وأخذت بالانتشار لأنها تستوعب طاقات الشباب
«الفكرة أساساً لحسام باقادر الذي كانت لديه رؤية في إطلاق عمل خيري يتمحور على حملة لجمع الملابس شرط أن تكون بحالة جديدة أو على الأقل جيدة». هكذا كانت بداية ناصر البلبيسي في حديثه الى «لها» مضيفاً: «ولأني كنت قد عملت في النوادي والحملات التطوعية جذبتني الفكرة. فقد مارست العمل التطوعي منذ ثلاث سنوات، وكانت فكرة حسام جداً حماسية، وهو أيضاً من الشباب النشط في المجالات التطوعية، كل ذلك جعلني أرغب في العمل معه وتكوين فريق «ارسم ابتسامة». وكان الشعار عبارة عن إصبع السبابة مع وجه بسيط جداً مبتسم، من منطلق الابتسامة في وجه أخيك صدقة كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم، فنحن نستطيع أن نرسم هذه الابتسامة على وجه اليتيم، أو الطفل المصاب بالسرطان، أو أسرة لا تجد قوت يومها»...
وأشار الى أن النادي انطلق بشكله الرسمي في حزيران/ يونيو 2008 مما يعني أنه يتم عامه الأول في أيار/مايو 2009 محققاً الكثير من الابتسامات التي رسمت على وجوه العديد من أفراد المجتمع، باختلاف ظروفهم.
حسام باقادر: كثر لم يكونوا مدركين لمفهوم العمل التطوعي
حسام باقادر الطالب الجامعي وصاحب فكرة نادي «ارسم ابتسامة» يشرح كيف تطور العمل التطوعي على مرّ السنوات: «لم يكن لدى الشباب أو المنتسبين للعمل التطوعي أي خلفية صحيحة عنه، ولم يكن لديهم أي ترجمة حقيقية له، إضافة إلى أن كثيراً من الجهات كانت تستغل هذه الفئة باسم العمل التطوعي، بمعنى أن عدداً من الشركات والمؤسسات تكون لديها مناسبة تجارية خاصة بالشركة، وبدلاً من استقطاب فريق متخصص يتم الدفع له، تقول الشركة إن المناسبة خيرية من باب إن يكون العمل خيرياً دون مردود مادي».
ويوضح أن الشباب والفتيات بات لديهم فكرة أوسع وأشمل عن العمل التطوعي، ويفرقون ما بين العمل لوجه الله، دون أجر مادي لمساعدة الفقراء والأيتام والعمل لدى مؤسسة تطوعية.
ويلفت باقادر الى ان الدعم المادي هو المشكلة الأساسية التي تواجه نادي «ارسم ابتسامة» ذلك أن دعمه يتم بجهود فردية بحتة من أفراد النادي. ويرى أن المؤسسات الخاصة يجب أن تساهم بجزء من عائداتهم المادية.
وسرد قصة ملابسه التي اكتشف أنه لا يستخدمها والتي كانت نقطة انطلاق الحملة الأولى قائلاً:« كنا قد قررنا أن ننتقل من منزلنا إلى منزل آخر مما جعلني أكتشف أن لدي كما من الملابس الجديدة، وأخرى بحالة جيدة إلا أني لا استعملها. ونحن في السعودية لدينا منفذ واحد فقط للتبرعات العينية وهو الجمعيات الخيرية. وحينها طرأت في خاطري فكرة إنشاء حملة تجميع الملابس. اتجهت الى أصدقائي بالفكرة فاستحسنوها، خصوصاً أن عدداً لا بأس به من السعوديين والسعوديات يمتلكون كمية من الملابس بحالتها الجديدة جداً ولكن لا يعرفون كيفية التبرع بها. هنا قررنا إقامة حملة تجميع الملابس ولكن لم يكن لدي أي فكرة أين أذهب بها. حاولت التواصل مع الجمعيات ولكن لم تكن فكرة مستحسنة لدي. حينها وفي وقت بحثي اكتشفت أن هناك حملة أخرى تعمل للغاية نفسها مما دفعني إلى المشاركة فيها كمتطوع أنا وثلاثة أشخاص آخرين، وكان لدي حينها كمية من الملابس الجيدة والجديدة يمكن أن تستفيد منها الحملتان».
بعد هذه الحملة قرر حسام تكوين نادي «ارسم ابتسامة»، بحيث يكون التنظيم والأفكار والعمل تحت إشرافه الشخصي بمساعدة الشباب المتطوعين معه.أبرار أبو ركبة رئيسة الفتيات المتطوعات: الشابات السعوديات لديهن قابلية العمل التطوعي
انضمت أبرار أبو ركبة الى نادي «ارسم ابتسامة» كمتطوعة، وأصبحت من رمضان الماضي رئيسة قسم البنات. قالت: «كان لدي نشاطي التطوعي قبل تأسيس النادي، وفي أحد المهرجانات التقيتهم ومن ثم كانت فكرة الانضمام الى النادي».
وأكدتأن السعوديات لديهن القابلية للعمل التطوعي الخيري بشكل لافت خصوصاً بعد انخراطهن في الأعمال التطوعية بعد الساعات المقررة عليهن من كلياتهن وجامعاتهن التي تطالبهن بإنهاء ما يقارب 100 ساعة تطوعية قبل التخرج من أي قسم كان.
وأضافت أبرار أن عدد الفتيات في النادي كبير جداً لأن النظام المتبع في النادي لا يتوقف عند عدد معين، إضافة إلى أن «مجموعتنا على الفيس بوك قد ساعدت في زيادة أعداد الشابات والشبان، اذ أننا ننشر إعلاناً على الصفحة المخصصة لنادي «ارسم ابتسامة» عن الحملة المزمع إقامتها وعن وقتها، وما هي المواد التي يجب توافرها، والمطلوب من كل شخص. ومن ثم يتم استقبال المشاركين أو بمعنى أدق المتطوعين من الجنسين مما يفتح المجال للجميع أن يكون متطوعاً في أي حملة يريدها. حتى أن بعض الحملات لا يمكن أخذ كل المتقدمين اليها مما يجعل البعض يعتب علينا».
وعن طريقة تنسيق الوقت بين المتطوعين يقو ل ناصر البلبيسي: «لدينا ميزة في الفريق غير موجودة في الفرق التي عملنا معها، وهي أن الموجود من أعضاء الفريق يمكن أن يكون هو قائد المجموعة، بحيث لا تكون المسألة محتكرة من أحد على حساب الآخر، إضافة إلى أن هذه الطريقة توفر مرونة كبيرة لنا من حيث أن كل واحد منا ملتزم إما بعمل خاص به، أو بدراسته الجامعية أو المدرسية. واذا كان أحد الأعضاء لديه فكرة معينة، أو حتى من خارج الفريق لديه فكرة تطوعية لخدمة فئة معينة يمكن أن ننفذها له سواء عبر الدعم البشري، أو التنظيمي، أو مساعدته في الأفكار، أو التواصل مع الجهات التي يمكن أن تستقبل تبرعاته العينية، أو المادية».
وأوضح أن النادي لديه جدول موسمي وسنوي لبعض الحملات الأساسية، من أهمها حملة إفطار صائم في رمضان، كسوة العيد، المناسبات العالمية مثل يوم اليتيم العربي، يوم المعاق، حملة تجميع الملابس وهي حملة دورية، حملة أطفال التوحد، إضافة إلى حملة دخول المدارس التي تقدم عن حقائب مدرسية تحتوي على كل ما يلزم التلميذ من احتياجات مدرسية.
وينوه حسام الى أن هناك تعاوناً بين «نادي ارسم ابتسامة» والجهات المختصة للوقوف على العائلات المحتاجة وعدد أفرادها لتوفير ما يمكن لمساعدتهم. وأشار الى أن حملة كسوة العيد الماضية خدمت 600 عائلة، وثماني حملات للملابس خدمت ما بين 300 إلى 700 عائلة، حملة المصاحف وشملت أكثر من 12 ألف مصحف وزعت على قرى يمنية وصومالية وسودانية، وأيضاً في السعودية بحسب احتياج كل قرية.
فيما ذكر ناصر أن النادي يحاول أن يخدم أكبر عدد ممكن من العائلات الفقيرة على مستوى السعودية. خصوصاً العائلات ذات النفس العفيفة.
تواصل مع المجموعات التطوعية الأخرى
يؤكد حسام باقادر أن المجموعات السعودية أصبحت ذات عدد متزايد في الفترة الأخيرة، مما يجعله يطالب بتنظيم الأمر لدى الجهات المختصة بحيث تكون تحت رقابة جهة بعينها حتى يصبح للعمل التطوعي مفهوم محدد، وبنظام. يقول:« نادي «ارسم ابتسامة» ولله الحمد على تواصل مع كل المجموعات التطوعية في السعودية، حتى إننا نقوم بحملات مشتركة في سبيل خدمة عدد أكبر من المحتاجين. وهذه تعد ظاهرة صحية في المجتمعات العربية بشكل عام، والسعودية خصوصاً حيث إننا بذلك لا نعتمد على جهود الدولة، لأننا نؤمن بأن لنا دوراً ومسؤولية في خدمة مجتمعاتنا، إلا أن التنظيم يجب أن يكون قائماً من الجهات المعنية لأن أعداد النوادي التطوعية في تزايد، ووجود المواقع الإلكترونية يفتح المجال للجميع مما يعني وجوب وجود هيئة رقابة على أقل تقدير».
وأضاف أن نادي «ارسم ابتسامة» كان نواة لعدد من النوادي التي تفرعت عنه بعد فترة، ومنها حملتا «غير حياتك» للشباب، و«غير حياتك» للفتيات، وتضمان مجموعات فعالة جداً، ولديها خدماتها التطوعية اللافتة.
إلا أنه أشار إلى أن الدعم المادي سيسهل النشاطات الى حد كبير خصوصاً حين يكون مصدره المؤسسات الاجتماعية.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024