ابني لا يتحكّم في حركته اللا إرادية Tics
«لا تعض شفتيك»، « لا تقضم أظافرك». الطفل يغمز أو يعضّ شفتيه أو يقضم أظافره أو يهزّ كتفه... حركات لا إرادية يقوم بها بعض الأطفال، تُقلق الأهل فيحاولون منع طفلهم من القيام بها بشتى الوسائل.
ولكن السؤال: لماذا يقوم بعض الأطفال بهذه الحركات؟ وإلى ماذا تشير؟ وكيف يمكن التخلّص منها؟
«لها» إلتقت الإختصاصية في علم نفس الطفل فرح تميم التي أجابت عن هذه الأسئلة.
بداية ترى فرح تميم أن أسباب الحركات اللاإرادية (Tics) غير معروفة ولا محدّدة، فهناك وجهات نظر مختلفة حول هذه الظاهرة. في بعض الحالات القليلة قد يكون السبب عضوياً أي وجود خلل في وظيفة الأعصاب، ولكن القسم الأكبر من الأسباب هو نفسي.
إلى ماذا تشير الحركات اللاإرادية عند الطفل؟
تشير الحركات الغريبة والمتكررة، ويمكن تسميتها التشنّج العضلي، التي يقوم بها الطفل إلى اضطراب نفسي يعيشه، يعبّر عنه إما بحركات الوجه وإما بحركات الجسم، وفي بعض الأحيان بإصدار الأصوات كالسعال أو النخير حين يتكلّم.
وفي كل الأحوال فهذه حركات لا إرادية، لا يستطيع الطفل التحكم فيها. ويتّسم الطفل الذي يعاني التشنج العضلي بحساسية مفرطة وشعور دائم بالقلق الداخلي.
فالواجبات المدرسية، والأهل القلقون الذين يطلبون الكمال في كل ما يقوم به طفلهم، كأن تريد الأم أن يكون مثالياً في كل شيء في هندامه وفي تصرفاته، وأن يكون متفوقاً في المدرسة إضافة إلى علاقته بأترابه... كل هذه الأمور تسبّب له الكثير من التوتر والقلق الشديدين، فيعبّر عن ذلك من خلال حركات غير مألوفة تبدو أحياناً مزعجة.
كيف يمكن الأهل مساعدة طفلهم في التخلص من هذه المشكلة؟
بداية لا يجدر بالأهل تجاهل الأمر وكأنه غير موجود، أو الطلب من طفلهم التوقف عن هذه الحركات بالقوة، ظناً منهم أنها عادة سيئة، بل عليهم التقرّب منه ومعرفة السبب وراء هذه الحركة اللا إرادية وما الذي يقلقه ويساعدونه على التخلّص من المشكلة المسببة لتوتّره.
ويمكن الأم أن تساعد طفلها في التخلّص منها كأن تطلب منه أن يقف أمام المرآة ويراقب وجهه أو حركات جسمه، ويحاول التنبه إلى أي حركة تصدر عنه.
كما يمكنها أن تُسمعه الموسيقى الهادئة لتخفف من حدة توتره وتُشعره بالاسترخاء، وتشجعه على النشاطات الرياضية.
أحيانًا يتعرّض الطفل الذي يعاني من الحركة اللا إرادية إلى تهكّم أترابه. فماذا على الأهل أن يفعلوا؟
بالفعل قد يتعرض الطفل الذي يعاني تشنجاً عضلياً لاستهزاء أترابه. فيشعر بالحزن الشديد ورغبة في العزلة ويفقد الثقة بنفسه مما يزيد المشكلة تفاقماً، إذ يصبح عنده اضطراب نفسي قد ينتج عنه رسوب في المدرسة لأنه لا يستطيع التركيز في الصف.
فهو منشغل في محاولة التخلّص من هذه العادة السيئة. فإذا جاء الطفل من مدرسته يشكو أترابه لأنهم يستهزئون به فيمكن الأم أن تطمئنه أن هذه العادة لن تستمر طويلاً، وأنّ في إمكانه النجاح في حياته رغم وجود هذه المشكلة، وتعطيه بعض الأمثلة عن أشخاص نجحوا في حياتهم رغم أنه كانت لديهم بعض الحركات المضحكة.
كثيرًا ما نجد أطفالاً يقضمون أظافرهم، فهل هذه عادة أم حركة لا إرادية؟
غالبًا ما تشير عادة قضم الأظافر إلى أن الطفل يمرّ بمرحلة من التوتر أو حدوث تغيّر كبير في محيطه الاجتماعي.
إذ يتفق الاختصاصيون على أن قضم الأظافر يشير إلى تغيّر في حياة الطفل، قد يبدو بسيطًا بالنسبة إلى الراشد ولكنه بالنسبة إلى الطفل كبير جدًا، فمثلاً رحيل صديقه المقرّب، مدرّسة قاسية، أو أخ مريض... وقضم أظافره يخفف التوتر الذي يشعر به، ولكن في بعض الأحيان يكون السبب بسيطاً جدًا وهو أنه يقلّد صديقاً له في الصف يقضم أظافره.
وفي هذه الحالة على الأم أن تتحدث إلى والدة الطفل الذي يقضم أظافره.
كيف يمكن الأم مساعدة طفلها على التخلّص من هذه العادة؟
من المهم أن تعرف الأم سبب قلقه وتتحقّق من المشكلة بأن تسأله بشكل غير مباشر عما يشعر به لتعرف أسباب قلقه، كما عليها أن تتواصل مع الحضانة أو المدرسة التي يرتادها وتسأل المدرّسة هل لاحظت تغيّرًا يجعل الطفل يشعر بالألم.
أما إذا أدى قضم الأظافر إلى نزف، فعلى الأم استشارة اختصاصي نفسي ليساعدها في اكتشاف أسباب التوتر والقلق الشديدين التي لم تستطع اكتشافها وحدها، ويكون ذلك من خلال جلسات عدة يخضع لها الطفل.
وإذا تحسّن الأخير على الأم تشجيعه وتبقى إيجابية معه وإن واجه بعض النكسات، كما عليها ألا تتردد في التحدث إليه عن بعض المشكلات التي تعانيها، فهذا يجعله يشعر بالارتياح.
ذكرت أنه قد يكون سبب الحركة اللا إرادية خللاً في الجهاز العصبي. ماذا على الأهل أن يفعلوا في هذه الحالة؟
إذا ثبت أن الطفل لا يقلّد أحدًا أو أنه لا يعاني مشكلة نفسية فهذا مؤشر لأنه يعاني تشنجًا عضليًا، عندها على الأم عرض الأمر على طبيب الأطفال الذي ينصحها بالعودة إلى الاختصاصي في الأمراض العصبية، ويكون علاج التشنجات جزءًا من علاج المرض الذي نتجت منه.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024